اللواء - لقـاء صيـدا الثقـافي والبدايـة الجيـدة كيف يمكننا توحيد المناخ الثقافي في لبنان ؟! - نجيب البعيني
لقـاء صيـدا الثقـافي والبدايـة الجيـدة
كيف يمكننا توحيد المناخ الثقافي في لبنان ؟! *
نشطت في الأونة الأخيرة ، المساعي الحميدة ، والجهود الحثيثة ، لإعادة سبل النشاط الثقافي والأدبي إلى ما كان عليه قبل سنوات الحرب ، من نمو وانتعاش وحركة، قدر المستطاع ، وإذا لم تكن (العودة) جامعة وشاملة ، بحسب ما يتمناها كل مخلص ومحب ، فعلى الأقل ، إلى الحد الأدنى الذي يجب أن يكون .
وقد وجّه المركز الثقافي للبحوث والتوثيق في مدينة "صيدا" الصامدة ، والصابرة، منذ فترة وجيزة ، دعوات إلى أكبر عدد ممكن من الهيئات والمؤسسات الثقافية الموجودة على الساحة اللبنانية ، والتي تمارس حالياً نشاطاتها وأعمالها ، وجهت إليهم "بطاقات دعوة" لحضور "اللقاء الثقافي الأول" في قاعة محاضرات جمعية دار رعاية اليتيم ، في صيدا ، من أجل تحريك الوضع الثقافي العام ، بعد جمود فكري طال أمده . وهذا ما كنا نطالب به مراراً وتكراراً عبر منبر هذه الصفحة الثقافية ، المتواضعة ، وعبر جرائد أخرى ، وفي مناسبات ولقاءات أدبية .
وقد عقد فعلاً هذا اللقاء بتاريخ 3 شباط من هذا الشهر 1989 . في جو أخوي ومحبة صادقة ، وضمّ مثقفين وهيئات وشخصيات وحركات ونوادي ثقافية واجتماعية وأدبية وفكرية ، من مختلف المناطق ـ تقريباً ـ ما عدا المجلس الثقافي للمتن الشمالي، وبعض (حركات ثقافية في الشوف وعاليه والمتن الجنوبي). وكان موضوع اللقاء الذي ركّز عليه هو :
" الثقافة والمؤسسات الثقافية ، بين الواقع والمستقبل : تجربة ذاتية". وكان الهدف الأول والأساسي من عقد هذا اللقاء الثقافي العام ، وكما وضحه المسؤولون والمشرفون عليه ، هو الإسهام الفعلي ، والمشاركة العملية مع المؤسسات الأخرى والجمعيات الثقافية إلى تحقيق ما يلي :
ـ تحريك العمل الثقافي العام وتنشيط دوره في ظل الظروف الراهنة .
ـ تبادل الخبرات الثقافية من خلال الممارسة العملية .
ـ توضيح خطوات ونشاطات مستقبلية .
وقد عولج هذا الموضوع من نقاط ثلاث هي :
أ ـ مفعوم الثقافة والعمل الثقافي .
ب ـ النشاطات التي مارستها هذه الجمعيات الثقافية والاجتماعية ، الصعوبات والنتائج التي توصلت إليها . ماذا حققت وما هي تجربتها ؟
ج ـ الخروج بتصور نظري وعملي لمشروع ثقافي مستقبلي للهيئات الثقافية المشاركة .
وقد ترك الباب مفتوحاً ، وعلى مصراعيه ، وبانفتاح كلي ، لكل المشاركين ، بأن يقدموا ورقة عمل أو دراسات وافية كافية ، بالسبل المطلوبة ، والواجب اتخاذها من أجل تحقيق الغاية المثلى والهدف الأسمى في بناء الوطن على أسس قوية وصالحة ، على أن تتكرر اللقاءات والاجتماعات لاحقاً للوصول بنتائج إيجابية يكون لها الصدى المستحب في نفوس المثقفين والمفكرين والأدباء وأهل الفكر في لبنان . طبعاً أن الوقت المسموح به للتكلم أمام الجميع ، حدد بوقت معين ، نظراً لأهمية وحجم اللقاء .
ومهما يكن من أمر . فإن المطلوب في الوضع الراهن ، هو تضافر الجهود وتكاتف الأيدي ومد يد التعاون مع الجميع ، بدون استثناء ، للإدلاء بآرائهم وتقديم مقترحاتهم ضمن أجواء ديمقراطية وأخوية ، إن المشروع الأهم الذي نراه ، وطبعاً كل العاملين في هذا الحقل هو :
"تحقيق المشروع الثقافي الكبير" بإنشاء "مجلس أعلى للثقافة والفنون" يكون مرجعاً للجميع . والعمل على توحيد لبنان بكل فئاته وطوائفه ، والقضاء على كل من يعمل لوضع العراقيل والصعوبات أمام تماسك الوطن وجمع شمله وتوحيد قواه بين جميع اللبنانيين .
إن هذا العمل الذي يقوم به المركز الثقافي للبحوث والإنماء في "صيدا" لاقى استحساناً وقبولاً شاملاً عند المثقفين والمشتغلين في القضايا الأدبية والتربوية. ولا بدّ هنا ، على هامش المؤتمر ، من إبداء بعض الملاحظات والاقتراحات التي نبديها ونطرحها للبحث بها مستقبلاً ، وفي اجتماعات لاحقة هي :
1 ـ العمل على تكريم العلماء والأدباء والشعراء الراحلين ، بإقامة حفلات ذكرى لهم بعد الممات ، اعترافاً بفضلهم وعرفاناً بتراثهم .
2 ـ تنظيم سلسلة من المحاضرات وعقد الندوات وتبادل الآراء المفيدة في مختلف الشؤون الثقافية والاجتماعية والإنمائية والأدبية .
3 ـ العمل على التوعية الكاملة بين المواطنين ، والتربية الصحيحة بين الشباب.
4 ـ إنشاء "مجلس أعلى للثقافة والفنون" يضم جميع المجالس الثقافية والأندية والجمعيات تكون مهمته رعاية شؤون الثقافة والفن .
5 ـ تشجيع إنشاء المكتبات الخاصة والعامة في جميع المدن والقرى .
6 ـ فتح المجال أمام المواهب المغمورة وتوفير طاقة التنمية لمواهبهم الدفينة .
7 ـ العمل على إنشاء "تعاونية للطباعة والنشر والتوزيع" تعنى بنشر التراث وطبع الكتب النفسية .
8 ـ تشجيع تأليف الفرق الفولكلورية ، والموسيقية ، والمسرحية ، والرياضية ، وفنون الرسم والنحت ، وتشجيع الصناعات اليدوية والحرفية ، وإيجاد أسواق لبيع تلك المنتجات وتسويقها إلى الخارج .
* * *
في هذه العجالة أحب أن أختتم :
إلى المركز الثقافي للبحوث والإنماء في "صيدا" الذي وجّه الدعوة وكان الرائد والسباق إلى هذا العمل وهذا المشروع ، وأخذ هذه المبادرة الشجاعة . نوجه إليه تحية إجلال وإكبار لخطوتهم الحثيثة هذه ، والتي نشجعها ونرجو لها الاستمرارية لأنها دليل صحة وعافية . بالرغم من وجود بعض الثغرات ، آملين من القائمين على هذه المؤسسة الزاهرة أن تشمل دعوتهم هس\يئات ثقافية أخرى ليكون المؤتمر أعم وأشمل وليغطي مساحة ثقافية لجميع المناطق اللبنانية .
بوركت خطواتكم ، أيها القائمون عليها . ونقول لكم بالفم الملآن : إلى الأمام ونحن معكم .
نجيب البعيني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ* ) جريدة اللواء بتاريخ 18 شباط 1989