د. دندشلي - ملامح الزعامة الإنسانية الاجتماعية في شخصية نزيه البزري السياسية
ملامح الزعامة الإنسانية الاجتماعية
في شخصية نزيه البزري السياسية
* بعض الملامح أو الصفات البارزة في شخصية نزيه البزري الإنسانية والاجتماعية والسياسية من حيث منطلقاتها وأبعادها في ظروف المرحلة التاريخية التي ظهرت فيها، وما مدى تأثرها بالواقع الاجتماعي لمدينة صيدا وتأثيرها في سياق تطورها التاريخي:
* إن شخصية نزيه البزري الإنسانية ـ الاجتماعية ـ السياسية، إنما هي من الشخصيات، أو الزعامات السياسية البارزة والمميَّزة التي تأثرت بواقعها الاجتماعي إلى أبعد الحدود وأثّرت فيه، وبالتالي لعبت دوراً فاعلاً في تاريخ صيدا الاجتماعي والسياسي المعاصر في مرحلة زمنية طويلة تمتد على مدى ثلاثة أرباع القرن العشرين تقريباً.
* لذلك، فقد نشأت هذه الزعامة الإنسانية السياسية واستمرت أحد مرتكزات العمل السياسي والوطني واستلمت قيادته في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي ومواجهته، وتجاوز تأثيرها المجتمع الصيداوي والجنوبي إلى اللبناني وحتى العربي وطنياً وسياسياً وأيديولوجياً.
في الحقيقة والواقع، إن زعامة نزيه البزري وشخصيته السياسية والإنسانية تضعانا في تماس مباشر وتفاعل جدليّ مع التطور التاريخي الوطني والاجتماعي والسياسي لمدينة صيدا ومُحيطها منذ بعد الحرب العالمية الثانية ولعقود عديدة.
* ومن هذه الصفات التي كان يتمتع بها نزيه البزري كطبيب إنساني ورجل سياسي، وجعلت منه، رغماً عنه، زعيماً سياسياً دون مُنازع في المجتمع الصيداوي المحلّي أو المجتمع الوطني العام هي:
1ـ الصفات الشخصية: فقد كان نزيه البزري دائماً وأبداً، أثناء عمله المهني ونشاطه الوطني السياسي على تماس مباشر واتصال دائم بالجماعات المحيطين به، بالناس كل الناس وفي مقدِّمهم مرضاه.. ومن شروط الزعامة السياسية والاجتماعية والإنسانية أن يكون ناجحاً في مهنته وعمله ومُحباً لهما. هذا إذا لم يكن مُتفانياً وبارعاً وبخاصة في اختصاصه. وهذا ما كان مشهوداً للدكتور نزيه البزري طوال حياته، وحتى في أثناء عمله السياسي...
* يضاف إلى ذلك كله، وإلى جانب متابعته الدائمة لما يحدث من جديد في عالم الطب والاكتشافات الحديثة، فقد كان الدكتور نزيه البزري واسع الاطلاع التاريخي والفكري والثقافة الاجتماعية، وعارفاً بشؤون مجتمعه ومُحباً له إلى أقصى الحدود، وعلى معرفة بحاجاته في حاضره ومستقبله. مما يدفعه ذلك كله ـ عن قناعة واقتناع وإيمان، إلى أن لا يخرج على الأعراف والتقاليد والمعتقدات السائدة في محيطه وبيئته الثقافية العامة.
2ـ الصفات العقلية: من المعروف عن الدكتور نزيه البزري أنه كان يتمتع بذكاء حادّ، ورجاحة العقل والتفكير الرصين، وذاكرة قوية. فقد كان ذا شخصية مسؤولة، متابعة، خصوصاً في اختصاصه ومهنته، وصاحب تحمّل المسؤولية، في كل الظروف والمناسبات، وذا قناعة ثابتة لا يحيد عنها إلاّ إذا ثبت عكسها. كان دائماً يحاول أن يكون مُبدعاً خلاّقاً في رؤيته اللمّاحة لحاضره وتصوّره لمستقبل مجتمعه، ضمن الإمكانيات والمعلومات المتوافرة لديه. ويشمل ذلك كله، تمتع "الحكيم" برأيٍ سليم، حصيف وسلوك، صادق أمين وصريح، لا تَكلُّف فيه أو تزييف.
فقد كان الدكتور نزيه البزري يعيش هموم مجتمعه، ويقوم، أو يحاول أن يقوم بخدمته دون غرض أو مأرب شخصي، بمعنى أن الجانب الأخلاقي والإنساني ـ وهنا أشدِّد على هذا الجانب الأخلاقي الإنساني ـ الذي هو يتحكم في تصرفاته وسلوكه وعلاقاته وأفكاره.
3ـ الصفات المعنوية: أخيراً هناك جانب في شخصية الدكتور نزيه البزري الاجتماعية والإنسانية وبالتالي زعامته السياسية بالغ الأهمية ـ وقد لا يعرفها الكثيرون ـ وهو أنه ذو ثقة بالنفس عالية، وحكمة في الرأي سديد ـ وأنا شاهد على ذلك أثناء الاحتلال الإسرائيلي لصيدا وقيادته عمل المقاومة السياسية والشعبية والمدنية ـ. بالإضافة إلى ذلك، وكما هو معروف، الإخلاص في مهنته وسلوكه وعلاقته مع الآخرين. فقد كان قوي الشخصية دون إفراط أو غرور، شجاع شجاعة أدبية وأخلاقية في مواقفه دون تهوّر أو شطط، ديمقراطي في تفكيره وسلوكه دون انفلاش..
وأخيراً وليس آخراً، فقد كان "الحكيم" مُنفتحاً على الناس، كل الناس، لبقاً، عطوفاً، أنيقاً في مظهره وخُلُقه، في صحته وسلوكه، ومتواضعاً في داخليته... جميلاً في صورته وخِلْقته، حسن الحديث بلغة مفهومة من الجميع، ووضوح وصدق وصراحة في نفسيته وفي كل حركة من حركاته أو تصرّف من تصرّفاته.