مشاريع صيدا العمرانية - المهندس رهيف فياض (1)
كلمـة
المهندس المعماري رهيف فيّاض
كتـاب
مشاريع صيدا العمرانية
ما لها، وما عليها، ماضياً وحاضراً
وقائع الندوات والمحاضرات التي أقامها
المركز الثقافي للبحوث والتوثيق في صيدا
طوال شهر آذار من العام 1997
الجـزء الأول
I
المكانة التاريخية لصيدا، صنعها الالتقاء بين "عبقرية السكان" و"عبقرية المكان"،
القول لعبد العزيز التويجري.
السيدات والسادة،
نطلق اليوم كتاباً،
المناسبة حدثٌ.
كلُّ كتاب هو حدثٌ بذاته.
أما أن يحتضنَ كتابٌ، طموحاتِ مدينةٍ فريدةٍ بموقعها الجغرافيّ والطبيعيّ،
أن يحتضنها بتاريخها العريق الملهِم، وبدورها المميَّزِ في الحياةِ الوطنيّةِ المعاصرةِ،
أن يحتضِنَ همومَ ناسها، وتعلُّقهم بمشاريع عمرانية، يريدونها حريصةً على حماية مدينتهم التاريخية، فتجعل منها رافعة لتطوُّر مديني متوازن بين البر والبحر والمجتمع، كما جاء في ندوة المدن الساحلية التاريخية الصغرى،
فالمناسبة مهيبةٌ،
والحـدث جللٌ.
II
الكتاب الذي نُطلقه اليوم، هو الجزء الأول من موسوعةٍ بثلاثة أجزاء، يفوق عدد صفحاتها الألف والأربعماية صفحة. تعرضُ الموسوعةُ بأجزائها الثلاثة، وقائعَ سبع ندوات أقامها "المركز الثقافي للبحوث والتوثيق في صيدا"، ابتداء من الثامن من آذار من العام 1997، ولغاية الخامس والعشرين منه.
في النَّدوة الأولى: مشروع البولفار البحريّ، والمباراة المخصّصة لإعداد مخطط توجيهي ينظِّم الواجهة البحرية لمدينة صيدا من نهر الأوَّلي حتى سينيق، على أن يكون عصب المباراة، تنظيم الواجهة البحرية للمدينة التاريخية.
وفي النَّدوة الثانية: عرضُ مشروعَيْن لمشاركَيْن في المباراة، نوَّهت بهما لَجنة التحكيم.
وفي النَّدوة الثالثة: تأثير المشاريع العمرانية في التراث المعماريّ والحضاريّ للمدينة.
وفي النَّدوة الرابعة: تواصل النسيج العمرانيّ في التنظيم المدينيّ لمدينة صيدا، وموقع الآثار والتُّراث في هذا التنظيم.
وفي النَّدوة الخامسة: تأثير مشاريع صيدا العمرانية المطروحة، في البيئة الاقتصادية والاجتماعية للمدينة.
وفي النَّدوة السادسة: تأثير هذه المشاريع، في البنية الديموغرافية، وفي الحراك الاجتماعي في المدينة، إلى تأثير هذه المشاريع في البيئة الطبيعية بشكل عام، وفي الشواطىء بشكل خاص،
في النَّدوة السابعة: في الموسوعة بأجزائها الثلاثة، نصوصُ المقدِّمين في النَّدوات، ونصوص المحاضرين، ونصوص المعقِّبين، أي ما مجموعه ثلاثة وعشرون نصَّاً أساسياً، تناولت بالعمق محاور النَّدوات التي صيغت كلها في ضوء العنوان العريض الواحد وهو:
مشاريع صيدا العمرانية وتأثيراتها:
* في تراث مدينة صيدا القديمة، الحضاريّ، المعماريّ، الأثريّ والتاريخيّ.
* في الواقع الاقتصاديّ والاجتماعيّ في مدينة صيدا.
* وفي الوسط البيئيّ والجغرافيا الطبيعية والبشرية في مدينة صيدا.
III
أعود إلى الكتـاب الذي نطلقـه اليوم، مكـرراً أنه الجزء الأول من الموسوعة.
في هذا الجـزء:
ـ وقائع النَّدوة الأولى التي عُقدت في 8 آذار من العام 1997.
ـ ووقائع النَّدوة الثانيةُ التي عُقدت في 15 آذار من العام 1997 أيضاً.
ـ ووقائع النَّدوة الدولية للمدن الساحلية التاريخية الصغرى، التي عُقدت في صيدا
ابتداءً من 28 أيار من العام 2001 ولغاية 31 منه.
النَّدوة الأولـى:
كنا قد أشرنا في بداية هذا النص إلى الإطار العام للنَّدوة الأولى وإلى مضمونها.
* فموضوعها المحدَّد بدقة كان، "وجهة نظرٍ في مشروع البولفار البحري، وتنظيم الواجهة البحرية لمدينة صيدا".
* وشعارها: من أجل حوار ديموقراطي حقيقي، من أجل مشاركة وطنية واعية وفاعلة، من أجل بناء مجتمع إنسانيّ يعيش فيه الإنسان، بكامل إنسانيته، بكامل حريته.
* وأما وقائعها: فقد بدأت بكلمة تقديمٍ للدكتور مصطفى دندشلي، الذي أعادنا إلى البدايات،
ـ إلى بدايات تأسيس "المركز الثقافي للبحوث والتوثيق في صيدا" في العام 1973 ـ 1974 من القرن الماضي، تحت اسم "لجنة الدراسات الإنمائية"، التي طَرَحتْ بشكلٍ مبكرٍ موضوع "مشروع مرفأ صيدا"،
ـ إلى مرحلةِ التأسيس الثانية للمركز، وقد تنوَّعت في نشاطاته الموضوعات بين العام 1981 والعام 1988، من التعليم والتفاوت الاجتماعي في صيدا، إلى وثائق الاجتياح الإسرائيلي إلى…. إلى المحافظة على البيئة، إلى اقتصاديات صيدا في محيطها الريفي….
* وعنوان المحاضرة الأولى، وهي المادة الرئيسة في هذه الندوة، كان: "تنظيم الواجهة البحرية لمدينة صيدا في المباراة مدخل، وفي التقويم وجهة نظر".
عَرَض فيها المحاضر المشاريع السبعة التي تقدَّمت، ومعايير التحكيم التي صاغتها لَجنة الإشراف على المباراة، ومداولات لَجنة التحكيم في اجتماعاتها الأربعة، وتقويمها الأول، وتقويمها الثانـي.
وانتهى المحاضر بتلاوة نص قرار الَّلجنة، بحجب الجائزة الأولى، ومنح الجائزة الثانية مرتَيْن، ومنح الجائزة الثالثة مرة واحدة. كما تلا توصيات اللَّجنة، وجوهرُها إعادة صياغة مشروع واحد معدٍّ للتنفيذ، يتضمن الإيجابيات الموجودة في المشاريع الثلاثة المنَّوه بها،
ويبتعد عن سلبياتها.
* وكان التعقيب، للوزير والنقيب الراحل المهندس بهاء الدين البساط.
* تبع ذلك، نقاش عام ساهم فيه كثيرون. ويعرض الكتاب بدقة ملخَّصاً شاملاً للنقاشات العامة.
الملاحق والوثائـق.
ثم يعرض الكتابُ في توجُّهٍ واضحٍ لإغناء النَّدوة، كلَّ الملاحق والوثائق العائدة إلى موضوعها الرئيس، وأهم هذه الوثائق:
* محاضرة النقيب الراحل بهاء الدين البساط: وعنوانها، أضواءٌ على مشاريع الأوتوستراد، والبولفار البحري، ومرفأ صيدا، التي ألقاها بتاريخ 16/12/1995، ووقائع المناقشة التي تبعتها.
* الملاحق والوثائق الرسمية، حول مشروع المرفأ الجديد والأوتوستراد، والبولفار البحري:
ـ من محضر جلسة مجلس الوزراء المنعقدة في 23/8/1995،
ـ إلى المرسوم رقم 7593، القاضي بإنشاء شركة عقارية مغفلة لبنانية (ش.م.ل) باسم "الشركة اللبنانية لتطوير ساحل مدينة صيدا"، وتصديق نظامها الأساسي،
ـ إلى المرسوم رقم 7691، حول تصديق التعديل، وتصحيح الأخطاء الواردة في النظام الأساسي للشركة المذكورة،
ـ إلى كافة وثائق إطلاق المباراة لتنظيم الواجهة البحرية لمدينة صيدا،
ـ إلى إعلان نقابة المهندسين عن المباراة ودعوة المهندسين المختصين إلى المشاركة فيها،
ـ إلى كافة الوثائق الصادرة عن لَجنة التحكيم، من المقارنة السريعة والاستنتاجات الأوليَّة، إلى التقويم النهائي ومنح الجوائز، إلى التوصيات.
النَّدوة الثانيـة:
أما النَّدوة الثانية فقد عُقدت في 15 آذار 1997، وكانت بصوتَيْن.
* حيث عرض الدكتور غازي مكداشي، مشروعه (بمشاركة المهندس يوسف سلام) لتنظيم الواجهة البحرية لمدينة صيدا. وكانت لَجنة التحكيم قد منحته الجائزة الثانية.
* كما عرض المهندس فادي القطب، مشروعه، الذي مُنح الجائزة الثالثة.
* والتقديم في هذه الندوة، كان للمهندس محمود دندشلي متحدثاً باسم "المركز الثقافية للبحوث والتوثيق"، وباسم "مجموعة المهندسين الصيداوين"، المتابعين بمثابرة لافتة، المشاريع العمرانية المطروحة.
* نجد كل ذلك، في الكتاب الذي نطلقه اليوم. كما نجد فيه أيضاً عَرْضاً دقيقاً للنقاش العام الذي تلى المتحدثَيْن. وفي هذا النقاش مداخلةٌ طويلةٌ للدكتور محمد علي عبد العال إبراهيم، عميد كلية الهندسة المعمارية في جامعة بيروت العربية. وتعليق كل من مدير الندوة المهندس محمود دندشلي والدكتور مصطفى دندشلي، وآخرين.
الملاحق والوثائق.
* وكما في عرضه لوقائع النَّدوة الأولى ولوثائقها الرسمية،
يعرض الكتاب، في توجُّهِه لإغناء النَّدوة الثانية، كافة الملاحق والوثائق الرسمية:
ـ من رسالة "مجموعة المهندسين الصيداويين" إلى النائبة السيدة بهية الحريري، ورسالتهم إلى النائب السيد مصطفى سعد،
ـ إلى وقائع اللقاء الموسَّع حول الأوتوستراد، الذي عُقد في مقر بلدية صيدا، والذي ظهر فيه الإنقسام الصيداويّ حول مسار الأوتوستراد. وتبلور انقسامُ المشاركين في اللِّقاء حول مسار الأوتوستراد، بالأصوات المختلفة، والمتعدِّدة المواقع التي تناولت هذا المسار.
ـ ويذكِّرنا الكتاب بأن النقاش المستجد حول الأوتوستراد، هو في الواقع نقاشٌ عتيق، وقد مر بمراحل متعدِّدة، ابتدأت في العام 67 مروراً بالعام 86، وصولاً إلى العام 94 من القرن الماضي.
* وبالعودة إلى "مشروع تنظيم الواجهة البحرية لمدينة صيدا"،
يعرض الكتاب الوقائع التفصيلية للقاء الموسع الثاني المخصَّص لهذا المشروع، والذي عُقد في قاعة المعارض في مقر بلدية صيدا. استمر اللِّقاء تسع ساعات في جلستين.
ـ استهل اللقاء رئيس البلدية المهندس أحمد كلش،
ـ تبعته النائبة السيدة بهية الحريري في كلمة قصيرة.
ـ ثم تقرير المعمار رهيف فياض ممثلاً لجنة التحكيم، الذي تضمَّن عرضاً لاجتماعاتها الأربعة من 11 تشرين الثاني في العام 1996 ولغاية 27 منه، وعرضاً مفصَّلاً للمشاريع السبعة المشاركة، وتفصيلاً دقيقاً لمعايير التحكيم، وتلاوةً لقرار اللَّجنة، وفيه منح الجوائز، والتوصيات.
ـ ثم عرض كل من المهندسين يوسف سلام، وراسم بدران، وفادي قطب، مشروعه.
نجد كل هذه الوقائع مفصَّلةً في الكتاب، إلى جانب المناقشة العامة التي تلت، وشارك فيها جميع الحاضرين، من مسؤولين في مواقع مختلفة ومتناقضة، ومختصين في الآثار، والتُّراث، والاجتماع، والهندسة، والتنظيم المُدني، والعمران، ومهتمين متنوعي المنطلقات والتطلعات.
ـ يعرض الكتاب كل هذه المواقف، في أربع وعشرين صفحة، بحرصٍ موضوعيٍّ لافتٍ.
ـ وفي نيسان من العام 2001، كما ورد في الكتاب، أقيم في مقر بلدية صيدا، معرض لوثائق "مشروع تنظيم الواجهة البحرية للمدينة"، الذي أعدَّه المعمار راسم بدران، بتكليف من المديرية العامة للتنظيم المُدني، وسمّي في حينه "المشروع الأولي".
استمر معرضُ وثائق المشروع أكثر من أسبوع، وصدرت تعليقات ممثلي الاتجاهات المتناقضة عليه، وقد نشر معظمها في الصحف اللبنانية.
ـ فعُقد إثر ذلك في مقر بلدية صيدا، لقاءٌ موسَّعٌ ثالثٌ، ارتدى صفة "ورشة عمل لدراسة مشروع راسم بدران الجديد"، المطلوب اعتمادُه من المديرية العامة للتنظيم المديني، ووضعه موضع التنفيذ.
شارك في ورشة العمل الجميع، من مجلس بلدية صيدا حيث حضر رئيسه، ومن المديرية العامة للتنظيم المديني حيث حضر المدير العام، ومن أعضاء سابقين في المجلس البلدي للمدينة، وعدد كبير من المهندسين المهتمِّين.
ـ يوثَّق الكتاب كلَّ النقاشات، ويستعرض بدقة وتفصيل كلَّ المواقف التي انطلقت من ورشة العمل المذكورة، وذلك في ستين صفحة كاملة.
* وأهم ما جاء في هذا التَّوثيق، المعد بمهنية عالية:
ـ عَرضٌ كامل لمتابعة الصحف لورشة العمل الحدث: في السفير، والنهار، والمستقبل، والديار، واللواء، والكفاح العربي، وربما غيرها أيضاً وقد غَفِلتُ عنه، وذلك ابتداءً من 10 أيار 2001 ولغاية 19 منه.
ـ عَرضٌ لاجتماع المهندسين في صيدا، الذي دعت إليه "مجموعة المهندسين الصيداويين" وشارك فيه كما جاء في الكتاب، خمسون مهندساً ومهتمون آخرون.
حيث رأى المجتمعون أن مشروع رامز بدران الجديد، يشكّل خروجاً كاملاً عن توصيات لجنة التحكيم، وكأن المباراة لم تحصل، وتوصيات لَجنة التحكيم لم تصدر. وهو يناقض بالكامل توصيات منظمة اليونسكو، ويتجاهل تحذيرات المسؤولين فيها بعدم إدراج مدينة صيدا التاريخية في لائحة التراث المبني العالمي، إذا تمَّ قضم الشاطىء الرملي، وفُصِلت المدينة عن بحرها، واستُحدِثَ قطبٌ جديد عند المدخل الشمالي لصيدا، يوازن أو يوازي القطب الوحيد على امتداد الشاطىء من نهر الأوَّلى إلى سينيق، وهو النتوء في البحر الذي تقوم عليه مدينة صيدا التاريخية، وتواصلها معه عَبر تاريخها الطويل.
ـ عَرضٌ لوثيقة "مجموعة المهندسين الصيداويين"، حول الطريق الساحلي السريع، وتنظيم الواجهة البحرية لمدينة صيدا، الصادرة في 21/5/2001، أي على مسافة أيام معدودة من انعقاد "ندوة المدن الساحلية التاريخية الصغرى" التي عقدت في صيدا في آخر شهر أيار من العام 2001.
ـ عَرضٌ لتعليقات بعض الشخصيات الصيداوية على مشروع راسم بدران الجديد يذكر منها الكتاب، تعليق كل من النقيب والوزير السابق أمين البزري، والمهندس هلال قبرصلي رئيس بلدية صيدا، والمهندس محمود دندشلي أمين السر السابق في نقابة المهندسين.
ـ عَرضٌ لمحضر اجتماع لَجنة التخطيط والأشغال والتنظيم المديني المنبثقة عن مجلس بلدية صيدا في 1/9/2004.
أما الملاحق الرئيسة والوثائق الأساسية المرافقة لأوراق عمل النَّدوة الثانية، وكل ما أنتجته من مواقف وتصريحات ونشاطات:
* فقد تمثَّل بالوثائق شبه الكاملة، للنَّدوة الدولية للمدن الساحلية التاريخية الصغرى، والتي عرضها الكتاب في ما يزيد عن ماية صفحة كاملة.
* عُقِدَت النَّدوة الدولية في صيدا، من 28 أيار 2001 ولغاية 31 منه، بدعوة من مجلس بلدية صيدا، ومنظمة اليونسكو، ومؤسسة الحريري.
* كان للندوة محاور ثلاثة:
1 ـ البيئة الساحلية والبحرية والبرية،
أي إبراز قيمة الموارد الطبيعية، والثقافية، والمحافظة عليها.
2 ـ تراث المدينة القديمة وآثارها،
أي الاندماج المديني، بوجه تحدِّي التنمية الاجتماعية ـ الثقافية، والسياحية.
3 ـ تعبئة الموارد المعمارية والمدينية،
أي إعداد مخطط تنظيمي جديد للمدينة بكاملها.
* وكان عنوانها:
المدن الساحلية التاريخية الصغرى،
التنمية المدينية المتوازنة، بين البر، البحر، والمجتمع.
* وبعد تسجيله للعنوان وللمحاور، يستعرض الكتاب بمهنيَّةٍ واضحةٍ، كلَّ ما قالته الصحف عن النَّدوة الدولية، من 29 أيار حتى أول حزيران 2001، في اللواء والمست قبل (عدة مرات) والسفير، وغيرها.
* ثم يستعرض الجلسة الافتتاحية، وورش العمل الثلاث، والجلسة الختامية، ومداخلة وزير الثقافة فيها، والمقترحات الصادرة عن النَّدوة، والتوصيات الصادرة عن ورش العمل الثلاث. ويتوقف الكتاب عند إعلان صيدا حول "اعتماد الحادي والثلاثين من شهر أيار من كل سنة، يوماً عالمياً للآثار البحرية، وإطلاق "مشروع ورشة شباب وتضامن".
* وينتهي الكتاب،
بعرض لمداخلة راسم بدران حول مشروعه الجديد،
وبأجزاء هامة من وثيقة عمل قدمها جان ـ بول تالمان باسم اليونسكو وجاءت في الكتاب في اثنين وعشرين صفحة، وبعدة شهادات، وتعليقات وأحاديث لمسؤولين ومهتمين، نُشرت في الصحف، بين أول شهر حزيران ومنتصف شهر آب من العام 2001، أهمها الحديث مع الأمين العام المساعد للثقافة في منظمة اليونسكو، عز الدين بشاوويش.
IV
الصورة الفوتوغرافية في الكتاب.
وللصورة الفوتوغرافية دورٌ هامٌ في الكتاب. إنها أحد مكوِّناته الرئيسة.
فهي ترافقُ النصَّ للإيضاح، كما في سائر الكتب العلميَّة. نراها شاملةً هنا، وجزئيةً هناك.
أو أنها أداة للتعريف بالأمكنة، فهي النص البصريّ يكمِّل النص المكتوب، فيصنعان النصَّ الكليَّ الموحَّـد.
أو إنها الحكواتي التُّراثي، يجلس على الصخور المتبقية، ويجول في ثنايا التاريخ:
فيفشـي لنا بأسرار البحر، هامساً بأن مياهه كانت تدخل من النوافذ إلى البيوت لتغسل بلاطها،
أو يَروي حكايا الصبية الذين كانوا لا يغادرون بحرهم أيام العيد، لا في النهار ولا في الليل،
أو يقف، ليدلَّ بعصاه، على أمكنةٍ قبالة قلعة البحر، كان الصيادون يُنزلون منها قواربهم الجديدة إلى البحر.
أو أنها، رفيقة عالم الآثار، ينظر إلى صيدا التاريخية من قوس نافذة في قلعة البحر الدهرية.
أو أنها الشاهد على التحولات الفجَّة التي حملتها الحضارة المعاصرة، حيث أصبح درب النُّزهة البحرية الذي حلم به الصيداويُّون، مرآباً ضخماً للسيارات من كل القياسات.
أو أنها دليل الزائر إلى أمكنة الذاكرة التي تبقى حلوة، وإن ممزوجة بمرارة الواقع.
أو أنها عين الفضوليّ المتنزه في الزواريب المتعرجة الضيقة، يحني رأسه أحياناً ليعبر إلى فناء داخلي مفاجىء، فيه نافورة ماءٍ ودرجٌ خارجيٌّ لصيق الجدران الحجرية، كم تمنّى لو يتسلَّقه ليرى التاريخ من فوق.
الصورة في الكتاب لا تنفصل عن النصِّ، إنها نصٌّ بصريٌّ، إنها نصٌّ نراه.
V
وللكتاب قيم متعدِّدة.
وللكتاب قيم متعدِّدة،
له قيمة منهجية واضحة،
نلمسها في تجميع عناصر البحث،
وفي اختيار موقعها في السياق العام لِبنية النصِّ،
وفي تحديد دورها في صياغة مضمونه، انطلاقاً من الموضوع الرئيس، وصولاً إلى كلِّ ما يتفرَّع عنه، أو يتصل به.
وله قيمة معرفية صافية،
فهو، إلى جانب عرضه للنصوص الرئيسة وللوثائق الرسمية، يعود إلى الينابيع، ينهل منها،
ينقلها أحياناً من لغة إلى أخرى،
يُلخِّصها، ويقدِّمها مادةً معرفيةً خالصةً، وزاداً لكل باحث ومنقِّب.
وله قيمة توثيقية هامة،
إذ تجد في الكتاب،
كل ما صدر حول المادة الرئيسة موضوع البحث،
من الردود السريعة،
إلى الشهادات المكتوبة،
إلى وقائع السجالات الساخنة،
إلى ما نشرته الصحف حول الموضوع.
وله قيمة مرجعية أكيدة،
فهو المرجع الوحيد الذي يضمُّ في صفحاته كلَّ الدلالات على المسار المتعرِّج الذي سلكته قضايا إنمائية شاملة، وثيقة الارتباط بالاجتماع الصيداويّ والوطنيّ، خلال سنين عديدة.
إلا أن قيمة الكتاب الرئيسة،
تبقى بأنه اختار بين نهجَين متعارضَين:
ـ هل إنِّ الإعمارَ هو عمليةُ استثمار ماليٍّ صافية….؟ عمليِّةٌ عقارية….؟
أو إنه إعمارٌ بالناس وللناس….؟
ـ هل يصحُّ الإعمارُ بالتهام التُّراث، والبيئة، والبحر؟…. في كما مثالَي بيروت وصيدا….؟
ـ أو أن الإعمار الذي يصحُّ، هو الإعمار القائم على التوازن بين البحر والبر والمجتمع…؟
كما جاء في عنوان ندوة المدن الساحلية التاريخية الصغرى…؟
لا يُخفي الكتاب انحيازه للناس،
ولا يُخفي احتضانه إعماراً إنسانياً تنتُجُ عنه تنميةٌ تدوم.
IV
في خضمِّ ما سمِّي بسنوات الإعمار في منتصف التسعينات من القرن الماضي، كتبتُ مقالةً نشرتُها في "ملحق جريدة النهار" في تشرين الثاني من العام 1997 بعنوان "العمارة الغانية والإعمار الموجع".
وتتابعت مقالاتي، وصدرت في العام 1999، في كتاب سميته:
"العمارة الغانية والإعمار الموجع".
الكتاب الذي نطلقه اليوم يرصد التحوُّلات الكبرى التي جرت
في زمن العولمة ـ الأمركة،
ويوحي، لا بل يستشرف، ويقرأ في المستقبل، فيرى أنه، وبعد عشر سنوات على صدور الكتاب الذي ذكرت، ستُصبح الغانية عاهرةً، وسيصبح الموجِع مدمِّراً.
نطلق اليوم أيها السيدات والسادة،
ناتج عملٍ مؤسساتـي جادٍّ محترفٍ، قام بـه
"المركز الثقافـي للبحوث والتوثيـق" في صيدا.
وعليَّ، كي أكون منصفاً، أن أقول إنه عملٌ قام به فردٌ بمفرده، هو رئيس المركز الدكتور مصطفى دندشلي. فللصديق الدكتور مصطفى دندشلـي، تهانيَّ الحارة على هذا الإنتاج الضخم،
ولـه كـل الشكـر
بيروت في 2/4/2008