الأحزاب الجديدة والمجتمع التقليدي في الجنوب اللبناني
الأحزاب الجديدة والمجتمع التقليدي
في الجنوب اللبناني
إن الأحزاب في الجنوب هي بصورة عامة أحزاب مدينية في مجتمع ريفي زراعيّ تقليديّ. والمدن الناشئة في هذا المجتمع، في المرحلة التي نتحدث عنها (ما بين الحربَيْن وبعد الحرب العالمية الثانية مباشرة)، هي مدن قروية: بنت جبيل، النبطية، صور، حاصبيا، مرجعيون، جزين، وأخيراً صيدا. وهذه "المدن" طابعها طابع قـروي، لا وجود للقطاع الثالث فيها، ولا للبِنية التحتية: كهرباء، مياه، تلفون، شبكـة الطـرق، إلخ… أو أن وجودها في صيدا مثلاً هزيل جداً، لا يكاد يُذكـر. من هنا على سبيـل المثـال فقط، كانـت تسمـى صيدا: قرية كبيرة، أو مدينة صغيرة ناشئة…
وهكذا، فاعتمدت الأحزاب السياسية الجديدة، في معظمها (الشيوعي، الحزب السوري، البعثي) في بِنيتها التنظيمية واستوحت في أيديولوجيتها ومظاهرها النَّمط الحزبي الغربي، وذلك في التسميات والتقسيمات الإدارية الداخليـة: على سبيـل المثـال، منها من استوحى مفهوم الحزب اللينيني (الحزب الشيوعي + حزب البعث إلى حدٍّ ما) أو مفهوم الحزب الفاشي (الحزب السوري القومي، حزب الكتائب).. وإن العناصر الحزبية الأولى/ القيادات الأولى: عناصر من "المثقفين"، معلمين، موظفين، طلاب مدارس تكميليات وثانويات/ دور المدارس في المدن الرئيسية: صيدا ، حاصبيا، مرجعيون: الإرساليات الأجنبية.
هذه الحزبية الجديدة أو الحديثة على النمط الغربي: كيف تفاعلت مع البيئة الاجتماعية التقليدية التي هي في الواقع بيئة ريفية، زراعية، دينية ( طائفية، مذهبية)؟!… بمعنى آخر، هل استطاعت أن تكون حقيقة أحزاباً حديثةً في بِنيتها الاجتماعية وفي برامجها السياسيـة، وفي هيكليتها التنظيمية في مجتمع ريفي تقليدي ديني محافظ؟!…
أيديولوجية هذه الأحزاب "الحديثة" أو الجديدة في الجنوب: اشتراكية أو قومية أو وطنية لبنانية، كانت ترفع في شعاراتها مبادئ الحداثة والتقدم والمعاصرة والديمقراطية والحرية والمساواة ونبذ الطائفية والمذهبية، هل أثَّرت فعلاً وحقيقةً في طبيعة هذا المجتمع الجنوبي وفي بِنيته السياسية والاجتماعية، وإلى أيِّ حدٍّ، أم أنها تكيفت مع نمط التقليد الاجتماعي السائد أو الدكتاتورية العائلية المسيطرة؟!.. أم أنها نتيجة لذلك كله كانت تحمل بذور تناقضاتها منذ البداية في ذاتها؟!..
* هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإنه من الملاحظ بصورة عامة أن الأحزاب في الجنوب اللبناني بقيت في مرحلة ما بين الحربين وبعد الحرب العالمية الثانية وحتى اندلاع الأحداث الدموية 1975، بقيت قليلة الأعضاء القيادية نسبياً، قليلة العناصر الحزبية المناضلة إجمالاً. وإن استطاعت في بعض الأحيان والمراحل أن تجمع أجواء كبيرة من الأصدقاء والأنصار والمؤيدين كثيري التأثير والفاعلية: مثلاً، حزب البعث 57، معروف سعد، صيدا/ حركة القوميين العـرب: محمـد الزيـات 68 صور/ الشيوعي 68/72 في الجنوب، الانتخابات/ الكتائب 57 ـ 58، جزين مغدوشة، إلخ…/، ولكن هذه الأحزاب في الواقع بقيت قليلة العدد من حيث القيادات المناضلة والعناصر المنتمية، وضعيفة البِنية/ أو الهيكلية التنظيمية.
غير أنهـا، مع كلّ ذلك، قـد كانـت دائماً، مع قلّـة أعضائهـا، تلعب دور ما يُسمى باللغة السياسية الفرنسية (ajit. Prop)، عنصـر تحريض جماهيـري إعلامي، عامل تحريضـي سياسـي واجتماعـي بالغ الأهميـة: 1 ـ في الانتخابات، 2 ـ تحديد الأهداف والمطالب والشعارات، 3 ـ في المظاهرات الطالبية، الفلاحية والجماهيرية عموماً.
ومن حيث التأثير الأيديولوجي، من جهة كان هناك تأثير واسع من الناحية السياسية: مفهوم الاستعمار، الأمبريالية، الاشتراكية، العدالة الاجتماعية، الاشتراكية العلمية، العروبة، الوحدة العربية، إلخ.. ولكن من جهة أخرى كانت هذه الأيديولوجيات كالغثاء أو الزيد لا يلبث أن يزول، ويعود أصدقاء الحزب أو العضو الحزبي إلى موقعه الاجتماعي والطائفي والمصلحي….
* إنّ الوقـت الآن أثمـن من أن نضيّعـه فـي الصـراع على النفوذ السياسي، وعلى الخلافـات الغيبيَّة والحرتقـات السياسية والحساسيات الانفعالية التافهة.. فما دمنا هكذا: قصيـري النظـر، نتخبط فـي واقعنا التقليدي، وصراعاتنا الشخصية العائلية، ومصالحنا الذاتية والأنانيـة، فإنّ التخلف الفكري والسياسي سيظل يلاحقنا، ويداهمنا في عقر خواصنا ويمسك بتلابيب تطورنا…
فإن المطلوب الآن وضعُ تصوّر سياسيّ جديد، وإرساءُ أسس منهجية سياسية مستقبلية، تضع حداً لأزمة الأحزاب الحالية، وتُطلق أفكاراً جديدة، وتصوّرات جديدة للخروج من الأزْمة، وتهيئة حياة حزبية مستقبلية جديدة..
الاستقلاليون ـ ثنائيـة: قابلة بالكيان اللبناني [ المسيحيون]
رافضة للكيان اللبناني [طوائف إسلامية]
الوحدويون ـ الأحزاب الرافضة: قومية عربية + سورية + اشتراكية + شيوعية
ـ القابلــة: محافظة (كتائب) أحزاب تقليدية
* ما هي الأحزاب التي نشأت وتشكلت ضمن إطار دولة لبنان الكبير ومن ثمّ في الجمهورية اللبنانية (1926) في الجنوب؟
* يمكننا أن نقسّم الأحزاب الناشئة بحسب الموقف من الانتداب:
القابـل للانتداب الفرنسي الكيان اللبناني + الاستقلال.
الرافـض للكيان اللبناني الكبير الجديد مع الوحدة السورية.
القابل بالكيان اللبناني الاستقلال الرافض للانتداب