الجمهورية - في مذكّرة سرّيّة للسفارة الأميركيّة في لندن: لا خوف على المصارف البريطانيّة من ديون دبي
الجمعة 10-6-2011
في مذكّرة سرّيّة للسفارة الأميركيّة في لندن:
لا خوف على المصارف البريطانيّة من ديون دبي
على رغم أنّ المصارف البريطانية متورّطة أكثر من المصارف العالمية في إقراض دولة الإمارات العربية المتحدة، فإنّ الأثر المحتمل لمشكلات ديون دبي في القطاع المصرفي في المملكة المتحدة، لا يُرجّح أن يكون ذا أهمية كبيرة، على حد تعبير المصرفيين الذين اعتبروا أن الضجة الإعلامية التي أعقبت إعلان شركة دبي العالمية عن تأجيل مدفوعات الديون المستحقة، إضافة إلى التكهّنات بحصول أزمة مالية ثانية، غير مبرّرة. وفيما يبقى حجم الأصول التجارية لشركة دبي العالمية في المملكة المتحدة مجهولا، فإنّ موجة بيع الأصول في المملكة ليس مرجحا، ذلك حسب تقارير في صحيفة وول ستريت جورنال التي نقلت عن مسؤول في "دبي العالمية" قوله إنّ معظم ممتلكات الشركة في بريطانيا مرتبطة بشركات خارجية (offshore)، ما يجعلها محصّنة من عمليات البيع.
لكن هناك عامل قلق آخر يساور القطاع المصرفي البريطاني يرتبط بمدى قدرة حكومة الإمارات على ضمان ديون دبي. وفي هذا الإطار يرجّح محللو "جي بي مورغن" في بريطانيا أنّ دبي ستستمرّ بتلقي الدعم من الحكومة الإماراتية ومن إمارة أبو ظبي أيضا لتتمكّن في نهاية المطاف من الوفاء بجميع مستحقاتها.
في مذكرة سرية رقم 09london2710 بتاريخ 4 كانون الأول 2009 موجهة من السفارة الأميركية في لندن، أفيد أنّ حجم تورّط المصارف البريطانية في ديون شركة "دبي العالمية" يبلغ نحو 5 مليارات دولار، ما يجعلها أكبر مقرض أجنبي للشركة الإماراتية.
وفي المرتبة الأولى يأتي مصرف رويال بنك أوف سكوتلند (rbs) بملياري دولار، حسب صحيفة "فايننشال تايمز".
وقد يكون كل من "رويال بنك أوف سكوتلند" المملوك بأغلبيته للدولة ومصرف "باركليز" من أكثر المتضرّرين نظرا إلى تعرّضهما لخسائر على الصعيد العالمي.
وقد بلغت ديون الإمارات العربية المتحدة المستحقة للمصارف البريطانية 49,5 مليار دولار في حزيران، حسب البنك الدولي للتسويات (BIS)، مقارنة بـ10,6 مليارات دولار للولايات المتحدة و11,3 مليارا لفرنسا و9 مليارات لليابان.
وفي العام 2008، كان مصرف "إتش أس بي سي" hsbc الأكثر تورّطا في ديون الإمارات، إذ قدّرت جمعية المصارف في الإمارات حجم القروض بـ17 مليار دولار. فيما جاء مصرف "ستاندرد شارترد" في المرتبة الثانية بعد "إتش أس بي سي" كأكبر المصارف الأجنبية تورّطا في ديون الإمارات بقيمة 7,8 مليارات دولار. ومن ثم جاء كل من "رويال بنك أوف اسكتلند" و"باركليز" (عبر مصرف إيه بي أن أمرو abn amro) بديون بلغت 3,6 مليارات و2,2 مليار دولار على التوالي.
وفي المقارنة، احتل "سيتي غروب" المرتبة الأولى في ما يتعلق بالمصارف الأميركية المعرضة لديون الإمارات مع 1,9 مليار دولار.
وفيما تبدو هذه الديون كبيرة في المطلق، إلا أنها بالنسبة إلى حجم المؤسسات المُقرضة تعتبر صغيرة نسبيا، مقارنة بمجموع قروضها العالمية.
وقد أبرزت مذكّرة بحثية لمصرف "جيه بي مورغن" بتاريخ 27 تشرين الثاني أنّ ديون الإمارات تشكل نسبة 1,8 في المئة من إجمالي قروض مصرف "إتش أس بي سي" و 4,4 في المئة من إجمالي قروض "ستاندارد شارترد" و0,4 في المئة من إجمالي قروض "باركليز" و0,4 في المئة من إجمالي قروض "آر بي أس".
وبناء على ذلك خلص المحلّلون في "جيه بي مورغن" إلى أنّ خطر التعرض المباشر لمصارف بريطانيا ليس مدعاة للقلق.
وقال بول شيسنول الرئيس التنفيذي للسياسة المالية في جمعية المصارف البريطانية (bba) أنّ الضجة الإعلامية التي أُثيرت عقب إعلان شركة دبي العالمية عن تأجيل مدفوعات الديون المستحقة، إضافة إلى تكهنات بعض الصحف حول احتمال حدوث أزمة مالية ثانية، غير مبرّرة.
كما يبدو أن مؤسسة التصنيف الائتماني "فيتش" توافق الرأي مع "جي بي مورغن" وجمعية المصارف البريطانية، إذ إنّها قررت بتاريخ 1 كانون الأول عدم تعديل تصنيفها للمصارف البريطانية الرئيسية.
ولكن، على رغم القلق المحدود حول تورّط المصارف البريطانية مباشرة في ديون الإمارات، قال شيسنال إنه قلق من أنّ أزمة ديون دبي قد توحي بموجة ركود عالمية. واعتبر أنّ هذا القلق غير المباشر هو أكبر بكثير من المشكلات التي يثيرها التورُّط المباشر بالديون، ويمكن أن يكون له تأثير أكبر في القطاع المصرفي في المملكة المتحدة.