الجمهورية - عون: لا خيار أمام نصرالله سوى الانصياع لأوامري بعد السلام مع اسرائيل ستسقط مبررات حزب الله
الجمعة 10 حزيران 2011
عون: لا خيار أمام نصرالله سوى الانصياع لأوامري
بعد السلام مع اسرائيل ستسقط مبررات حزب الله
جاء في مقدمة مذكرة تؤرّخ لاجتماع بين السفير الأميركي السابق جيفري فيلتمان والنائب ميشال عون، أنّ كلّ الذين يعتمدون على دور ميشال عون في إيجاد الحلول للأزمات إنّما يهلوسون، مؤكّدة أنّ عون لم يشارك يوما في "صناعة الملك" لأنه يعتبر نفسه الملك. وأضافت أنّ الرجل الذي ركّز في شكل كثيف طوال عقود للوصول إلى كرسي الرئاسة كان يأمل في فشل السوريّين بإيصال ميشال سليمان إلى قصر بعبدا ويرغب في حصول فراغ بعد انتهاء ولاية لحّود، بحيث تتحوّل أهدافه إلى يقطينة سحرية منتصف ليل 23 تشرين الثاني ويحشد المسيحيّين إلى جانبه عبر اتّهام المسلمين وفريق 14 آذار بسرقة المركز المسيحي الأوّل. وخلصت إلى أنّ عون غير مستعدّ للتضحية بأحلام الرئاسة من أجل إنجاح برنامجه السياسي، أو حتى في سبيل إيجاد الحلول في أوقات الأزمات.
ففي مذكّرة سرّية تحمل الرقم 07BEIRUT1678 صادرة عن السفارة الأميركية في بيروت في 26 تشرين الأوّل 2007 جاء أنّ السفير فيلتمان أوجز التحليلات الأميركية المتعلقة بوضع لبنان الراهن، مشيرا إلى أنّ أيّا من الخيارات لا تبدو أنها تسهم في وصول عون إلى رئاسة الجمهورية، فأجاب ضاحكا: "لا يمكن لأحد أن يقول لي لماذا لا يجب أن أكون رئيسا" معبّرا عن ثقته الكاملة بوصوله إلى الرئاسة. وأضاف السفير أنّ كلّ التعليقات الغامضة الصادرة عن ممثلي حزب الله وكلّ مراجع وسائل الإعلام المنحازة إليه، لا تشير إلى أنّ حزب الله يدعم فعلا ترشّحه إلى الرئاسة، فأجاب عون أنّ الانتخابات "ستضع حزب الله في الزاوية" ولن يكون هناك من خيار أمامه سوى دعمه لأنّ أهمّ عامل لدى الحزب هو الشعبيّة، وإذا دعم أيّ مرشّح آخر فسيخسر شعبيته وسيعاني تآكلا في شرعيته. وأكمل عون قائلا: "أنا أتمتع بشعبية حسن نصر الله وحتى أكثر" بين شيعة لبنان، ولذلك لن يجرؤ على المجازفة بموقعه عبر تحدّي إرادة الشارع الشيعي، إضافة إلى ذلك، فإنّ ولاء نصر الله القسري له هو إشارة لمصلحة رئاسة الأخير، كما أنّ نتيجة العاطفة الشيعيّة تجاه عون لن تعطي نصر الله أيّ خيار آخر سوى الانصياع لأوامر عون الرئاسية. فسأل السفير، هل سيأمر عون بنزع سلاح حزب الله؟ فردّ قائلا: ليس فورا، ولكن حالما يشعر الشيعة بأنّ لديهم "الثقل المناسب" داخل الحكومة وفي رئاسة الجمهورية لن يتمسّكوا بسلاحهم، وإنّما سيحتكمون إلى الدولة. فسأل السفير، هل ستسمح سوريا وإيران لحليفهم الاستراتيجي بهذا القدر من الحرّية؟ فأجاب عون أنّ الشيعة سيكتشفون أن ليس أمامهم أيّ خيار، وليسوا في حاجة إلى الخوف من مسألة نزع سلاحهم في ظل رئاسة عون.
وكرّر السفير أنه لا يرى أيّ سيناريو يصبح فيه عون رئيسا للجمهورية، وسأل هل سيخاطر عون بكتلته ومبادئه عبر وضع "كلّ البيض في سلّة الرئاسة"؟ فكان الردّ أنّ برنامج عون من دون رئاسة عون ليس فيه نفع. وأضاف: "ربّما سأختفي" إذا كان النظام اللبناني معطّلا إلى درجة أنّ أكثر زعيم شعبي مسيحي لا يمكنه الوصول إلى قصر بعبدا، فحينها لا يستحق لبنان خدمة الجنرال عون ووطنيّته". وأشار إلى أنّه لا يقبل أن يصبح "عاجزا سياسيّا"، ولم يبدِ أيضا أيّ استعداد للتضحية بأحلام الرئاسة من أجل إنقاذ برنامجه السياسي أو لعب دور نافذ عبر وسائل أخرى، وقال: "لقد انتظرنا 15 سنة ويمكننا أن ننتظر 15 سنة أخرى".
وخلال الاجتماع سأل السفير، هل لدى عون أيّ خطط احتياطيّة في ضوء المشاكل الرئاسيّة، فأعاد طرح فكرته القديمة المتمثلة في "حكومة إنقاذ مرحليّة" تحلّ محلّ حكومة السنيورة وتتولّى السلطات الرئاسية بعد انتهاء ولاية إميل لحّود. وأضاف أنّ المهامّ الأوليّة لهذه الحكومة تكون تنظيم انتخابات تشريعيّة مبكّرة بموجب قانون انتخابي جديد من أجل عكس السياسات اللبنانيّة الحالية في شكل واضح، وبعد ذلك يتمّ تنظيم الانتخابات الرئاسية يليها مجلس نيابي جديد.
وردّا على هذا الطرح قال السفير إنّ فريق 14 آذار لا يمكن أن يقبل بهذا الانتحار السياسي، فردّ عون قائلا: "هذه هي الطريقة الوحيدة إذا لم يقبلوا رئاسة عون".
ثم حاول السفير استنباط توقّعات عون لأحداث الأسابيع المقبلة، فقال عون: إمّا أصبح رئيسا للجمهورية، وإمّا تشكّل حكومة إنقاذ، أو "ستقع المشاكل". وسأل السفير، هل يمكن لجهود الحوار بين الأطراف اللبنانيين الوصول إلى نتائج وحلول؟ فتوقّع عون أنّ هذه الاتصالات مع فريق 14 آذار لن تأتي بأيّ نتيجة، مبديا استعداده للتعامل في شكل بنّاء مع سعد الحريري، ولكن فقط "بعد أن يبرهن سعد أنه جدّي"، مضيفا أنّ الحريري"لا يعلم ماذا يريد، وعندما يعلم يعرف أين يجدني". وبالنسبة إلى وليد جنبلاط قال عون إنه لن يلتقي به قبل أن يخفّف من حدّة خطابه ضدّ حزب الله، معتبرا أنّ مقابلة جنبلاط حاليّا ستضرّ بموقعه بين الشيعة من دون كسب شيء في المقابل. أمّا عن سمير جعجع فكان ردّ عون مجرّد حركة رفضيّة بيده من دون أيّ تعليق، كما أشار إلى أنّ الاجتماع الأخير مع أمين الجميّل "لم يكن جدّيا".
وردّا على سؤال عن دور البطريرك صفير، أجاب عون أنّ الاجتماعات بين اللجان المشتركة من فريقي 14و8 آذار والبطريرك هي "لعب أولاد وتمارين طلّاب"، مشيرا إلى أنّه ماروني ملتزم، ولكنه "ضدّ تدخّل رجال الدين في الأمور السياسيّة". وانتقد عون البطريرك صفير واصفا إيّاه بـ"العجوز جدّا" و"المرتبك جدّا" وقال إنّ على صفير التقيّد بالدين وترك السياسة للسياسيّين، خصوصا بعد أن برهن أنه سياسي فاشل. وعندما شرح السفير أنّ البطريرك سبق وأعلن أن لا نسيب لحود ولا ميشال عون يجب أن يصلا إلى رئاسة الجمهورية نظرا إلى رفض نصف اللبنانيين لهما، قال عون إنّ صفير سبق وسبّب الكثير من الأذى عبر تدخّله في السياسة، قائلا: بِغضّ النظر عن طلب البعض مشورة البطريرك، فإنّ دور صفير هو ديني وليس سياسيّا".
وفي سياق آخر، تساءل السفير هل يعرّض رفض عون لـ أمين الجميّل وسمير جعجع والبطريرك صفير رئاسة الجمهورية للخطر من خلال إفساح المجال أمام المسلمين، وفي شكل خاص سعد الحريري ونبيه برّي في اختيار رئيس الجمهوريّة الجديد عبر إبرام صفقة تصبّ في مصلحتهما الخاصّة وليس في مصلحة المسيحيين عامّة. واستكمل السفير سؤاله قائلا: ماذا لو وافق البطريرك على حتميّة وصول ميشال سليمان إلى الرئاسة؟ أوليس من الأفضل لـ عون لعب دور حاسم في تقرير هويّة الرئيس عوضا عن السماح لـ سليمان بأن يكون الخيار السوري الوحيد المفروض على لبنان؟ فأجاب عون أنّ المشكلة مع سليمان جزء منها مصري وجزء سعودي، فالرئيس المصري استقبل سليمان في القاهرة استقبال الرؤساء كما أنّ السعودية قامت بتوجيه دعوة إليه، وأضاف أنّ كلّ هذه الزيارات هي "مقابلات لوظيفة رئاسة الجمهورية"، قائلا للسفير الأميركي: "أطلب من أصدقائك العرب والأوروبّيين" عدم دعم سليمان، فردّ السفير أنه لا يزال في استطاعة عون منع رئاسة ميشال سليمان من خلال العمل مع قادة 14 آذار، ولا سيّما مع سمير جعجع من أجل وضع أسماء المرشّحين المقبولين، فردّ عون "أنا هو مرشّح التسوية".
ولأوّل مرّة خلال الاجتماع بادر عون للتحدث طويلا عن سياسة الولايات المتحدة الأميركيّة الاستراتيجية في لبنان التي تدعم بناء دولة قويّة تعيش في حال سلام مع كلّ جيرانها وخاضعة لحكم القانون، شارحا كيف تتلاقى هذه النظرة في كلّ جوانبها مع نظرته الاستراتيجية الشخصية، لكن الاختلاف كامن في طريقة التنفيذ. وأشار عون إلى أنّ مرشحي 14 آذار للرئاسة أمثال بطرس حرب مستعدّون للمساومة على قرار الأمم المتحدة الرقم 1559، أمّا هو على العكس، فهو مؤمن بهذا القرار الذي يدعو في شكل واضح إلى نزع سلاح كلّ الميليشيات في لبنان. وأضاف عون أنّ القرار 1701 لا يحتوي على لهجة واضحة وقوية متعلقة بالسلاح الفلسطيني، مشيرا إلى أنّ حزب الله يحكم قبضته على شيعة لبنان عبر التلاعب بالمخاوف، وحالما يحقق عون السلام بين لبنان وإسرائيل، وبعد رحيل حكومة السنيورة، فحينها لن يكون لدى حزب الله أيّ عدو من أجل حشد الدعم. فعلّق السفير أنّ حزب الله يصنع الأعداء متى يريد وكيفما يحتاج، فردّ عون على كلام فيلتمان قائلا: "اتركوا حزب الله لي.