الأخبار - واشنطن لتل أبيب: مساعدة لبنان عسكرياً رهن موافقتكم
الجمعة 8-4-2011
واشنطن لتل أبيب: مساعدة لبنان عسكرياً رهن موافقتكم
الدافع الأهم للدعم الأميركي للجيش اللبناني يكمن في الرهان على تمكينه من مواجهة حزب الله. هذه هي النتيجة التي يُفضي إليها تصفح الوثائق الصادرة عن سفارة الولايات المتحدة في تل أبيب. دافع يرضي إسرائيل لكنها تخشى تسرب المساعدات الأميركية إلى حزب الله في نهاية المطاف
محمد بدير
تكشف وثيقة تحمل الرقم 07TELAVIV867 مدى الحرص الأميركي على عدم تجاوز إسرائيل في مسألة تقديم المساعدات العسكرية للجيش اللبناني، مهما كان نوع هذه المساعدات. بحسب الوثيقة، يخبر السفير الأميركي في إسرائيل، ريتشارد جونز وزير النقل والمسؤول الإسرائيلي عن ملف الحوار الاستراتيجي بين البلدين، شاؤول موفاز، أن واشنطن «تعتزم إمداد الجيش اللبناني بالعتاد العسكري، وقد سُلمت نسخة بلائحة المعدات إلى مكتب وزير الخارجية الإسرائيلي وإلى وزارة الدفاع لمراجعتها».
ويشرح جونز أن «اللائحة تتضمّن أجهزة لاسلكية مشفرة، ومناظير للرؤية الليلية، ومضادات للدروع، وهي أجهزة تعدّ أقلّ فعالية من تلك التي كان يمتلكها الجيش سابقاً». بعد ذلك يتمنى أن «تسمح إسرائيل بتسليم هذه المعدات إلى الجيش اللبناني» ويشفع تمنّيه بما يُشبه شهادة حسن سلوك يقدّمها عن الجيش اللبناني الذي «نحن واثقون من أنه سيحترم القيود بشأن معداتنا ويمكننا نقل أي تعليق لديكم بشأن بعض المعدات المعيّنة». يضيف مبيّناً خلفيات النوايا الأميركية حيال هذا الملف بالقول إن «الولايات المتحدة تريد تعزيز قدرات الحكومة اللبنانية كي تتمكن من التصدي لحزب الله والميليشيات الأخرى». موفاز علّق على مطالعة السفير محذراً من أنه «بحسب معلومات إسرائيل، الشيعة يمثلون 50% من الجيش اللبناني، وقد يصعّب هذا الأمر مهمة الجيش عند تصديه لحزب الله».
التطمينات الأميركية لم تُفلح في إسقاط الاعتراضات الإسرائيلية التي شكلت، بحسب الوثيقة الرقم 08TELAVIV1693، محور النقاش في الشأن اللبناني الذي شهده اجتماع عُقد في 16 تموز 2008 بين نائب وزيرة الخارجية الأميركية، جون رود، ومسؤولين إسرائيليين. قال هؤلاء إنهم «يعتقدون أن معداتٍ كمناظير القنص والصواريخ المضادة للدروع والمناظير الليلية قد تُستخدم ضد إسرائيل، لا ضد حزب الله على الإطلاق».
الموقف نفسه عبّر عنه المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية، بنحاس بوخارس، خلال اجتماع مع السفير الأميركي في تل أبيب، جايمس كاننغهام، في أيلول عام 2008 (وثيقة 08TELAVIV2236). بوخارس «شكك (في جدوى) القرار الأميركي بشأن تعزيز قدرات الجيش اللبناني وقال إنه كان يأمل أن تتوصل إسرائيل والولايات المتحدة إلى اتفاق بهذا الشأن». أضاف متسائلاً بلهجة مستنكرة «من هي الجهة التي نظن أن الجيش اللبناني سيحاربها، وما هو المغزى من تزويدهم بمناظير رؤية ليلية ومناظير للقنص؟ هذه المعدّات ستقع بين أيدي حزب الله في نهاية المطاف». ولفت بوخارس إلى أنه «قبل الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، كان حزب الله يستخدم بنادق القناصة لتدمير أجهزة الاستشعار (الإسرائيلية) قبل شنّه هجمات على مواقع الجيش الإسرائيلي».
وفي كل الأحوال، فإن «جيش الدفاع الإسرائيلي لا يعتبر الجيش اللبناني ضمن معسكر المعتدلين، بل انعكاس للمجتمع اللبناني». وبحسب العميد فريد بولاك (وثيقة 08TELAVIV2247) «في الحدّ الأدنى، يجب تحديد معايير واضحة بشأن دعم الولايات المتحدة للجيش اللبناني، الأمر الذي يتطلب من الجيش تطبيقاً أفضل لقرارات مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك تأمين الحدود وملاحقة حزب الله».
القلق الإسرائيلي من تسليح الجيش اللبناني بقي على حاله، بحسب ما تظهر وثيقة تحمل الرقم 09TELAVIV1688. الوثيقة تتضمّن محضر اجتماع بين مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون العسكرية والسياسية، أندرو شابيرو، وعدد من المسؤولين الإسرائيليين خُصّص لبحث التعاون العسكري والسياسي بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل. خلال النقاش، تطرق المجتمعون إلى الوضع اللبناني الذي كان قد عبر للتو استحقاق الانتخابات النيابية بنتائجه المعروفة. المسؤولون الإسرائيليون طلبوا، باسم حكومتهم، من الوفد الأميركي إعطاءهم فرصة «لمواصلة النقاش بشأن خطط الولايات المتحدة المتعلقة بالجيش اللبناني». حاول شابيرو تسويغ الموقف الأميركي بهذا الشأن، فرأى أن «الانتخابات اللبنانية كانت بمثابة نقطة تحوّل ورفض لحزب الله ولإيران الراعية له». بناءً على ذلك، قال إن «الحاجة إلى تعزيز المؤسسات اللبنانية، ومن ضمنها مؤسسة الجيش، هي أكثر أهمية من أي وقت مضى». وأضاف «الجيش اللبناني أظهر، حتى الآن، صدقية قوية تجاه منظومات الأسلحة الأميركية التي نُقلت إلى لبنان». الرد الإسرائيلي جاء على لسان المدير العام لوزارة الدفاع، بنحاس بوخارس، الذي أقر بأن «نتائج الانتخابات في لبنان كانت إيجابية، لكنه لفت إلى أن نفوذ حزب الله لا يزال قويّاً. وأضاف محاججاً أن بعض المعدات، كطائرة سيسنا والطائرة بدون طيار من طراز «رايفن» تفتقر إلى معايير التعديل الكافية، ما يخلق احتمال وقوع حادث على طول الحدود اللبنانية – الإسرائيلية». بدوره أبدى رئيس القسم الاستراتيجي في شعبة التخطيط بالجيش الإسرائيلي، العميد يوسي هايمان، موافقته على «لزوم تعزيز المعتدلين والجيش اللبناني» لكنه أعرب عن «قلق عميق يساوره بشأن التنسيق الجاري بين حزب الله والجيش اللبناني» ورأى أن «دعماً كهذا للبنان يجب أن تصحبه جهود لوقف عمليات تهريب الأسلحة وإضعاف مباشر لقدرات حزب الله».
وشكك هايمان في درجة انتفاع الجيش اللبناني من هذه المنظومات، وقال «إن الحكومة الإسرائيلية سيسرّها إجراء نقاش عميق حول مخططات الولايات المتحدة الاميركية واستراتيجيتها الكاملة المتعلقة بالجيش اللبناني»، مقترحاً إجراء المزيد من المحادثات في وقت لاحق، الأمر الذي وافق عليه شابيرو.
من جهته، رأى مدير الدائرة السياسية الأمنية في الوزارة، عاموس غلعاد، أن «الحكومة الإسرائيلية لا تعتقد أن الجيش اللبناني سيقوم بمهاجمة إسرائيل». إلا أنه، نظراً للعلاقات بين حزب الله والجيش اللبناني، متيقّن من أن جيش الدفاع الإسرائيلي، في نهاية المطاف، سيواجه الجيش اللبناني عند أي صراع سينشأ مع حزب الله». ورداً على تساؤل شابيرو عن الأسباب التي أدّت إلى فوز قوى 14 آذار في الانتخابات، قال محللو مركز البحوث السياسية في وزارة الخارجية الإسرائيلية إن «نتائج الانتخابات هي حصيلة عوامل عديدة، منها تدفق المال السعودي وهشاشة معسكر المعارضة» معتبرين أنه «لم يطرأ أي تغيير جوهري في الميدان السياسي رغم الفوز الكبير لحركة 14 آذار.. فحزب الله لا يزال يمتلك حق النقض بشكل غير رسمي على سياسة الحكومة».
مقالات أخرى لمحمد بدير:
• ينابيع تسليح حزب اللّه لم تجفّ والحرب المقبلة محورها تل أبيب
• هكذا أرادت إسرائيل أن تكون القوّة الدوليّة في لبنان
• إسرائيل تهدّد الفلسطينيين بخطوات أُحادية
• إسرائيل تقوّم النتائج: على سوريا أن تدفع ثمن دورها في الحرب
• عندما وقعت إسرائيل في حبّ السنيورة
نسخة للطباعةأرسل لصديق
العدد ١٣٨٣ الجمعة ٨ نيسان ٢٠١١
المال والسلاح
سياسة