إشكالية الثقافة ودور المثقف في لبنان، بين النظرية والممارسة: رؤية مستقبلية
التاريخ في 15 أيار 1995
ألقى الدكتور مصطفى دندشلي محاضرة تحت عنوان: "إشكالية الثقافة ودور المثقف في لبنان، بين النظرية والممارسة: رؤية مستقبلية"، في قاعة محاضرات المركز الثقافي للبحوث والتوثيق في صيدا.
استهل الدكتور دندشلي مداخلته بالإشارة إلى أن مفهوم الثقافة والمثقف حديث الاستعمال في أدبياتنا، فنحن لا نعرف معرفة دقيقة وتفصيلية تاريخية هذا الاصطلاح، إنما معرفتنا به تبقى محصورة في نطاق اللغة ومن خلال المعرفة التجريبية الشائعة، فلا تاريخ لمفهوم الثقافة والمثقف عندنا بمعناه الحديث.
ثم عرض مفهوم الثقافة في: علم الاجتماع والأنتروبولوجيا، فهو مفهوم شامل لحياة الإنسان المادية والعملية والروحية والعقلية والسلوكية وهو بهذا المعنى يتعارض مع مفهوم الغريزة وتصبح الثقافة هي كل ما يكتسبه الإنسان وتصبح هنا الثقافة والحضارة وتستخدم بمعنى واحد. أما الثقافة بمعناها الخاص والسائد فهي التطور الفكري والروحي والعقلي والعلمي، ومدى هذا التطور في مجتمع ما أو بيئة اجتماعية معينة. هنا تشمل الثقافة المعارف على أنواعها والعلوم الإنسانية على اختلافها من آداب وفنون وفلسفة، إلخ…
ثم توقف الدكتور دندشلي شارحاً ومفسراً عند مفهوم المثقف منذ بدايته الأولى عام 1892 في الفكر الفرنسي وقال: "المثقف هو الإنسان الذي يرى المجتمع من منظار نقدي ويستخدم خطاباً نقدياً: معارضة دائمة للسلطة القائمة، السلطة السياسية والاجتماعية والفكرية ولكل ما له علاقة بقضايا المجتمع والإنسان. ويُعرف المُثقف من خلال عمله النقدي، والممارسة الفكرية والعملية من أجل تغيير المجتمع والسلطة فيه، لذلك فإن مهمة المثقف ودوره الفكري والسياسي أن يساعد المجتمع على أن يعي ذاته ويظهر له عيوبه… وأن يشجب ويستنكر ويعترض فليس هناك من ينجو من النقد، من هنا فإن مفهوم المثقف مناقض في معناه وفي جوهره وفي أصل نشوء هذا الاصطلاح.
وختم الدكتور دندشلي بطرحه السؤال من هو المثقف؟ فقال: "هو ذلك الإنسان الذي يلتزم التزاماً عميقاً بقضايا مجتمعه ويدركها إدراكاً واعياً حتى يستطيع أقله نظرياً أن يتحكم بمختلف جوانبه، فالمثقف هو الذي يعيش في صميم الواقع لا بعيداً أو غريباً عنه، هو الذي يعيش ظروف المجتمع ويطمح دائماً نحو الأفضل ومن أجل بناء "إنسانية الإنسان".