مسيرة حياة الدكتور نزيـه البـزري من خلال المعايشة والتجربة الشخصية
مقابلـة مع
الحاج إسماعيل محمد حبلي
(المهنة لحّام)
التاريـخ: يوم السبت الواقع فيه 13 أيار 1989
الموضوع: مسيرة حياة الدكتور نزيـه البـزري
من خلال المعايشة والتجربة الشخصية
الإشراف والتوجيه: د. مصطفى دندشلي
* * *
س: … متى كانت بدايات معرفتك الأولى بالدكتور نزيه البزري؟
ج: … أولى معرفتي بالدكتور نزيه البزري، قد كانت من طريق بلدية صيدا. فأنا لحّام، واللّحام له علاقات عمل مع رئيس البلدية أو مع موظفي البلدية. والبلدية كانت تفرض أو تصدِّر قوانين أحياناً جائرة على الناس تضرُّها. فكان هناك مَن يتَّبع هذه القوانين، وهناك مَن يعترض عليها. ومَن يصعب عليه أمر من الأمور، كان يذهب إلى رئيس البلدية للشكوى والاستعانة برأيه وصلاحياته. وكان الدكتور نزيه البزري، كرئيس للبلدية، يجتمع بالناس ويستمع إلى شكواهم وإلى اعتراضاتهم. وبصفته رئيس بلدية وهو مواطن صالح خاصة، كان يسعى دائماً إلى مساعدة الناس وإنصافهم وحلِّ مشاكلهم، قدر المستطاع وضمن صلاحياته، وذلك لأنه كان قانونياً إلى أبعد الحدود.
عندما كان شاباً صغيراً، ويدرس في مدرسة المقاصد الخيرية الإسلامية، وعند مروره يومياً من هنا (من أحياء صيدا القديمة وحيّ المصلبية) إلى مدرسته القريبة جداً من هذا المكان الشعبي، ومن أمام دكانة الملحمة، كانت الناس تقول، فيما بينها، هذا هو الطالب نزيه البزري. ومهما يكن الإنسان، لا يمكن أن تتابع حياته وهو بعيد عن الأنظار. فعندما أصبح رئيساً للبلدية، لَمَع نجمه بالنسبة إلى تقديم الخدمات الإنسانية والاجتماعية، وظهرت للناس وللفئات الشعبية داخل صيدا القديمة، دماثة أخلاقه، وبرز أكثر فأكثر على أنه طبيب صيدا بأسرها، للخاصة والعامة، ومَن يطلبه وفي أيّ وقت، فكان دائماً يُلبّي الطلب.
وبسبب مهنته، مهنة الطب التي يمارسها بنجاح دائم، تعرَّف هو نفسه إلى جميع الفئات الاجتماعية في المدينة، وفي صيدا القديمة تحديداً. فدخل جميع المنازل، وأصبح لديه شهرة في مزاولة الطبابـة وبالتالي شعبيـة بيـن الناس، ومعارف وأحباء كثيرين وأمسى له ثقل (معنوي واجتماعي) في البلد. وقد لعبت مهنة الطب دوراً مهماً، وقد ترك من خلالها تأثيراً كبيراً في الناس، وبالتالي دوراً في دفعه لخوض العمل السياسي وترشيحه للانتخابات وفوزه كنائب عن مدينة صيدا. وكان العمل السياسي (بعد الحرب العالمية الثانية، وبعد الاستقلال اللبناني، وبعد إجراء دورتَين انتخابيتَين نيابيَّتين) قد تطوَّر (ومعه وعي الناس، وبخاصة وعي الفئات والجماهير الشعبية والطبقات الوسطى النامية). وكان ممثل صيدا بعد الاستقلال ونائباً عنها هو رياض الصلح، ولكنه كان مقصِّراً بحق صيدا ومن ناحيتها، سياسياً واجتماعياً.
وهنا يشير السيد إسماعيل حبلي إلى أنه في المهنة كلحّام، وفي داخل صيدا القديمة، وفي دكانه الكائن في قلب حي المصلبية، منذ العام 1936. ويقول: إنني لم أعرف الدكتور نزيه البزري إلاّ عندما أصبح رئيساً للبلدية. فأنا رجل أحب السلام، والدكتور نزيه البزري إنسان مُسالمٌ. والإنسان يلوف على مَن هو مثله. وبالنسبة إليّ، فإنه كان قد قدَّم خدمات عديدة.
س: … كيف يمكن أن توضِّح لنا المراحل السياسية التي مرَّ بها سياسياً الدكتور نزيه البزري؟
ج: … أولاً ترشيحه ضد رياض الصلح عام 1951. هذا من جهة ومن جهة ثانية، أنا وأهل صيدا كلهم وقفوا إلى جانب الدكتور نزيه البزري في ترشيحه ضد رياض الصلح، لأن رياض الصلح أولاً: ابن صيدا البار ولا يمكن لأحد أن يشك في وطنيته. ولكنه أخطأ بالنسبة إلى صيدا وأهمل شؤونها وسلَّم مقدَّرات مدينة صيدا ومصالحها لأناس استغلوها. وهناك أيضاً المنح الدراسية التي كانت توزَّع توزيعاً غير عادل، وذلك على الأصحاب وليس على الكفاءات العلمية والدراسية. فأنا كمواطن من صيدا، تهمني جداً مصلحة صيدا التي كان حقَّها مهدوراً أيام رياض الصلح. وكان رياض الصلح يتحدث كثيراً عن الإصلاح والتطوُّر ويُعطي وعوداً. ولكنه لم ينفِّذ منها إلاّ القليل والسطحي جداً، وكان يتذرع بأسباب شتى للاعتذار، لمن كان قد وعدهم بالمساعدة ولم يفِ بوعوده معهم (مثلاً منحة الشيخ مصطفى الشريف أو ابنه عفيف).
الدكتور نزيه البزري كان لا يزال مبتدئاً، ولكن رياض الصلح في أوج زعامته وعظمته. وهو ابن صيدا البار، فكان يجب عليه أن ينفِّذ ما يقول وأن يُعير انتباهاً إلى بلده صيدا أولاً. إلاّ أن وعوده بقيت حبراً على ورق، وبقيت وعوداً في الهواء، لم ينفِّذ منها شيئاً. فأيدنا الدكتور نزيه البزري لأن صيدا، وهي تحت يد (أو نفوذ وسيطرة) رياض الصلح، كانت ضحية لأتباعه المحلِّيِّين ولوعوده، إضافة إلى أسباب سياسية أخرى. إن صيدا هي التي وضعت رياض الصلح بالصورة، عندما ظهر الدكتور نزيه البزري. فكانت الجماهير الصيداوية عامة تتململ في المدينة من الجوّ السيِّئ السائد أيام نيابة رياض الصلح. لذلك التفَّ الشعب الصيداوي حول نزيه البزري، إضافة إلى رصيده الاجتماعي ومحبة الناس له وتقديرهم إياه كطبيب إنساني.
س: … بماذا كانـت النـاس تتعـرف إلى الدكتـور نزيه البزري، وماذا كان يمثل بالنسبة إليها؟!…
ج: … عندما برز الدكتور نزيه البزري، كان يُعتبر، بنظر الناس جمعاء، طبيب صيدا الأول، وكطبيب إنساني في المدينة. وبالفعل، فقد أخذ هذا اللقب عن جدارة، نظراً لكفاءته ولإنسانيته ولخدماته الجليلة في ميدان الطب. وقد كان معروف سعد في بداية طلعته (؟)، أو ظهوره كناظر في كلية المقاصد. وكان يأتي مرات عديدة إلى دكاني، وكان قد اعتقل عدداً من المرات كذلك. وساعدنا كثيراً بالنسبة إلى عرب المسلخ. ومشى جنباً إلى جنب رياض الصلح، ومعارضاً ضد نزيه البزري، ولكنه أيده، عندما ترشح كاظم الصلح في صيدا بدعمٍ من نزيه البزري… وبعدها تطوّرت السياسات بين الاثنين….
س: … ما هي الظروف التي جعلت معروف سعد يترشح عام 1957 ضد نزيه البزري؟!..
ج: … بداية، ظهور معروف سعد مجاهداً، وقدَّم خدمات جليلة لمدينة صيدا ومساعدات عظيمة. وصيدا تحفظ الجميل. وهناك مثل شائع يقوله رياض الصلح عن صيدا: صيدا حمامة بيضاء وديعة، ولكن منقارها من البولاد". أي أن صيدا مسالمة ولا تنسى المعروف، ولكن الويل لمن يحاول النيل منها، فمنقارها من بولاد. وقد برز معروف سعد عام 1936، وظهر بمظهر جميل جداً كمناضل وبمستوى شعبـي قريب جداً إلى قلوب الناس. وصيدا حفظته ولا زالت حتى الآن، كما هي تحفظ نزيه البزري.
وبعد قيام ثورة 1952 (ثورة يوليو) في مصر، وبروز نجم جمال عبد الناصر وبروز التيار القومي العربي والنهضة القومية في الوطن العربي، لمست صيدا هذا التيار وكانت تريد أن تمشي وراء زعيم وطني قومي، وآنذاك كان نزيه البزري عضواً في الحكومة، وزيراً للصحة. ومَن كان يريد أن يخدم الشعب والبلد، كان يجب أن يبتعد عن الحكومة وأن يستقيل منها. وكان رئيس الجمهورية حينذاك كميل شمعون، وكل من يدخل الحكومة ويكون وزيراً فيها، كان يحسب على شمعون، ويكون إنساناً غير عروبي. والعروبي هو الذي يدعم الشعب العربي. وانتمى معروف سعد إلى عبد الناصر ومشى في التيار العروبي. ومالت الناس بمجملها إليه. وكان التيار الشعبي القومي ضد الحكم الشمعوني الأميركي. ولكن بقي الحب لنزيه البزري كطبيب وكابن صيدا. في حين أنه مَن كان بارزاً في الساحة السياسية والقومية، هو معروف سعد، إذ إن الخلاف أو المعارضة كانت ضد الحكومة. وكان الشعب يرى أن كل مَن يساير ويماشي الحكومة، إنما هو غير عروبي (وغير وطني وغير عروبي). وقد كان شمعون محسوباً في السابـق على أنه وطني (وفتى العروبة الأغر…)، ولكنه بعد أن أصبح رئيساً للجمهورية، تغيَّرت نظرة الناس إليه، وخصوصاً عندما هاجم أو لم يؤيد سياسة وفكر جمال عبد الناصر. عندهـا، ازداد الالتفاف حول معروف سعد وشدّت الناس إليه، وابتعدت عن الدكتور نزيه البزري لبقائه في الوزارة.
س: … ألم يحاول الدكتور نزيه البزري توضيح موقفه للناس؟.
ج: … لقد حاول كثيراً وأوضح كثيراً من الأشياء والمواقف، إلاّ أن التيار السياسي عندما يمشي وينطلق وفي أول فورته، يأخذ كل شئ من أمامه، الأخضر واليابس. وجمال عبد الناصر زعيم عروبي (ومعادٍ للسياسة الغربية في المنطقة العربية في حينه) ومعروف سعد ينتمي إليه. وكميل مشعون وسياسته ومَن يدور في فلكه، كانوا يُعدون من المشبوهين والمؤيدين للسياسة الغربية والأميركية في المنطقة العربية.
ولكن نزيه البزري أبعد من أن يكون غير وطني ولا أحد يشك في عروبته ووطنيته. ولكن الظروف القومية العامة التي استجدت على الساحة السياسية والعربية، كانت قد سمحت وفسحت المجال لفريق سياسي قومي عروبي أن يتفوق على الفريق الآخر. والناس ضمن هذه الظروف القومية والوطنية، هي التي دفعت معروف سعد للترشيح في وجه نزيه البزري، رغم تضحياته الكثيرة تجاههم.
س: … هل يمكنك أن تقول إن الدكتور نزيه البزري في بداياته السياسية الأولى، كان قد ساير السياسة التابعة لرئيس الجمهورية آنذاك، كميل شمعون؟..
ج: … لا، لم يمش معه بصفته وزير الاقتصاد، حسب رأيي الشخصي. إن الدكتور نزيه البزري حاول أن يخدم بلده صيدا، وذلك عن طريق أن يدخل إلى الوزارة كي يقوم بتنفيذ المشاريع، وذلك أسهل عليه من أن يكون خارج الحكومة. وهذا ما حصل. إلاّ أن الناس لم تكن لتستوعب هذا الموقف، بل إن الصورة الواضحة أمامها هي أن الرئيس كميل شمعون غير وطني وغير عروبي (ومرتهن للسياسة الغربية وفي مقدمتها السياسة الأميركية في المنطقة). فكل مَن يمشي معه ويؤيده، فهو مشبوه من الناحية الوطنية. بالطبع، ليس كل الطبقات أو الفئات في صيدا، أخذت هذا الموقف من الدكتور نزيه البزري. بل أيَّدت الناس وسارت وراء مَن يتَّبع أفكار ونهج جمال عبد الناصر فقط، أي معروف سعد في صيدا. وحاول الدكتور نزيه البزري توضيح موقفه: إنه دخل الوزارة لخدمة الناس فقط، ولكن التيار كان جارفاً، فغلبه.
س: … لمـاذا لـم يحـاول الدكتـور نزيـه البـزري أن يماشـي أو أن ينتمـي إلى التيار الناصري؟!…
ج: … هو لم ينتقد ولم يهاجم في أيِّ وقت من الأوقات سياسة عبد الناصر ولا مواقفه الوطنية والقومية. ولكن قد اتخذ هذا الموقف بالنسبة إلى مصلحته كرئيس بلدية ووزير الاقتصاد. وهو عندما اختير لهذا المركز، فضل أن يكون وزيراً، كي تسهل عليه خدمة الناس، ولأن الوزارة تزيد من صلاحياته، وكان هو دائماً تحت وضمن القانون. وهناك العديد من الشخصيات السياسية التي كانت محسوبة وتدَّعي العروبة (تقي الدين الصلح ورشيد الصلح مثلاً) كانوا في الوزارة. فلماذا لا يدخل هو الوزارة ويخدم منطقته من مركز أعلى وقوي.. ولكن بعض الناس كان ينظر إلى هذا الموقف نظرة أخرى. فهو، أي الدكتور نزيه البزري، لم يسر في ركب شمعون ولم يهاجم فكر ولا سياسة عبد الناصر. وحتى الآن لم أسمع منه تذمُّراً حول هذا الموضوع (أي موقف معادٍ لسياسة عبد الناصر، على الرغم من وجود أخطاء كثيرة). إلاّ أن الوضع العام والسائد آنذاك، والذي كان هو فيه، أجبره على الدخول في الحكومة. فأنا وكثيرون غيري استوعَبْنا هذه النقطة. ولكن غيرنا كثيرون أيضاً، كانوا يقولون عنه: إنه "شمعوني". وكل من يحاول الحديث مع شمعون فهو خائن. فكيف الحال مع الدكتور نزيه البزري، وهو الوزير في الحكومة في عهد شمعون. لقد دخل نزيه البزري في وزارات عديدة، وكان غيره سياسياً أخطر منه، وهم من الذين يدَّعون الوطنية والعروبة في بيروت، وكانوا يتمنوْن أن يحتلوا مركز الدكتور نزيه البزري.
س: … لم تكن لدى الدكتور نزيه البزري الحنكة السياسية ولا العلاقات المُهمَّة الكبيرة، عندما ترشح للنيابة، هل يمكن أن تعطينا صورة حين بداية مواقفه، كيف كانت، ناضجة، سليمة، عميقة، أم غير ذلك؟.
ج: … بصفته كطبيب إنساني، كانت قد رشحته الناس والجماهير الصيداوية بصورة عامة لرئاسة البلدية، وأيَّدته بحماس كبير، عندما خاض المعركة السياسية منذ البداية وانتخبته فيما بعد نائباً عن مدينة صيدا. وهو في السابق لم يترك بيتاً في صيدا إلاّ ودخله بصفته طبيباً. وله الكثير الكثير من الخدمات الاجتماعيَّة والإنسانيَّة المجانيَّة. ومعروف منذ أن مارس مهنة الطب في مدينته وطوال فترة زمنية طويلة، من جميع فئات الشعب الصيداوي دون استثناء، وبخاصة الطبقات الشعبية والفقيرة، لذلك عُرف كمواطن صالح، جيد وممتاز. فَقبِل المركز السياسي، ولكن رغماً عنه. (شخصيته الذكية ساعدته أيَّما مساعدة لاستيعاب السياسة والعمل السياسي بسرعة). والواقع أنه لا يولد الإنسان سياسياً، وسياسياً محنَّكاً. فقد كان الدكتور نزيه البزري بادئ بَدء طبيباً، ومن ثمَّ رئيساً لبلدية صيدا، بعيداً عن السياسة العميقة من حيث الخبرة المحنكة، حتى غدا بعد ذلك السياسي الأول في صيدا، وممثلها الأول.
من هنا، ولهذا أقول: إن الأيام والليالي تعلِّم وتُنضج، وتزيد خبرة ومعرفة، وبخاصة إنسان مثل الدكتور نزيه البزري، الإنسان الذكيّ، ذكيّ جداً، ذكيّ بكل المقاييس والأساليب، ذكيّ فهماً وإدراكاً ووعياً، وليس في مجال الطب وحده، بل أيضاً في معاشرة الناس ومعرفة أحوالهم والتعاطي معهم. وله قدرة فائقة على فهم الناس وشؤونهم وشجونهم، ومعرفة داخلهم وخباياهم: بمعنى أن لديه فراسة، يحلِّل شخصية الفرد من خلال نظرته إليه، فيدرسها بشكل جيد جداً…
وأنا، من جهتي، أعتقد أنه لم يكن الدكتور نزيه البزري يفكر في البداية في العمل السياسي بمعناه التقليدي العادي الانتخابي. ولكن الأيام والظروف هي التي دفعته إلى خوض غمارها، ومهما تكن النتائج أو الاحتمالات في نهاية الأمر. وحتى لو لم يكن لديه أية معلومة أو معرفة أو تجربة عميقة بالسياسة، إلاّ أنه وبصفته إنساناً كان دائماً محتكاً بالناس وشخصاً ذكياً، فلا يصعب عليه التَّمرُّس في الخبرة السياسية. وأنا لا أقول إنه كان بارعاً في السياسة وفي المعترك السياسي، ولا كان رجلاً من رجال السياسة التقليديين في البلد، بل ظهر منذ البداية كرجل إنساني، وليس رجل سياسة في أول الطريق. ولكن الآن أصبح سياسياً وطنياً مُخضرماً ومحنكاً وجيد جداً في المجال السياسي والعمل الإنساني على حدٍّ سواء.
وأعتقد أيضاً أن الإنسان له ظروفه كي يظهر على الساحة السياسية دون أن يكون له الاستعداد الكافي لهذا الظهور. فالظروف المحيطة، العامة والخاصة، هي التي تجعله يظهر (ويلعب دوراً معيَّناً، في هذا المجال أو ذاك) ويستمر فيه…. وإن ذكاء وفراسة الدكتور نزيه البزري هما اللذان جعلاه إنساناً سياسياً محنكاً. وكثير من السياسيين والشخصيات السياسية (أو الاجتماعية أو الطبية، في محيطه المحلي وبيئته السياسية) كانوا قد ظهروا قبله ومعه وبعده، وعاصروه، ولكنهم سقطوا في طموحهم السياسي وهبطوا وتدهوروا. إلاّ أنه هو (نزيه البزري)وبفضل ذكائه وشخصيته الاجتماعية القوية وحضوره الإنساني المميَّز، ما زال محافظاً على مركزه منذ البداية وحتى النهاية. وصامداً في وجه كل الأزمات والخضّات السياسية والأمنية التي واجهته وتعرَّض لها، وذلك خلال الأحداث اللبنانية والحرب الأهلية والاجتياح الإسرائيلي والاضطرابات الأمنية الخطيرة التي مرّ بها لبنان وصيدا بالذات، مثلاً، حرب شرق صيدا" (1985)، أثناء ذلك كله، بقي الدكتور نزيه البزري صامداً، لم يترك منزله ولم يترك صيدا ورفض التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي.
س: … ألم يكن سبب استمراره يعود إلى كونه طبيباً، وبهذه الصفة أقام علاقات جيدة وتواصل وثيق مع الفئات الشعبية والجماهير عامة؟
ج: … إن ظهوره وبروزه وثباته في الساحة وفي نطاق صيدا، يعود بالطبع إلى الرَّكيزة الأساسية أو الخميرة الاجتماعية والإنسانية التي أسسها من خلال تعاطيه الحسن كطبيب، مع الناس وبخاصة الفئات الشعبية (والشجرة لا تنبت ولا تزهر إلاّ إذا كانت الأرض جيدة ومعدنها صلب). وصيدا لا تنكر هذا الجانب: فلا يوجد مريض في صيدا إلاّ وعاينه، في وقت من الأوقات الدكتور نزيه البزري، هو وسائر أفراد عائلته. وليس هناك من بيت ـ خصوصاً داخل صيدا القديمة ـ لم يدخله كطبيب، لمعاينة مريض أو مريضة. إضافة إلى أنه لم يكن يلتفت إلى المادة. ومن خلال هذه القاعدة انطلق انطلاقته القويَّة الأولى واستمر فيها.
س: … ما رأيك، بصراحة، في الانتخابات العامة اللبنانية والمعارك الانتخابية النيابية في لبنان عموماً وفي صيدا خاصة وذلك من عام 1960 إلى عام 1972؟
ج: … إن الانتخابات تقوَّم حسب الظروف التي كانت تجري فيها، من عهد صائب سلام الذي كان يؤيد رياض الصلح. فالمرشح عندنا كان يتأثر أو يتبع السياسة السائرة في بيروت. فنحن هنا في صيدا، مَن كان له سلطة أو قوة فاعلة في بيروت، كان يترشح عندنا في المدينة التي كانت تتبع انتخابياً دائرة الجنوب. فالسياسة في بيروت كان لها تأثير كبير في السياسة المحليَّة المتبعة في مدينة صيدا، مهما كان موقف شعب صيدا ضد هذه السياسة. مثلاً، في عهد الرئيس صائب سلام، كان الدكتور نزيه البزري مرشحاً عام 1972 ضد النائب معروف سعد. أيد صائب سلام ترشيح الدكتور نزيه البزري في صيدا ضد معروف سعد. نجحت صيدا بترشيحه وصمدت. وأيضاً حسب السياسة الخارجية، فيمكن أن تنهار حسب الظروف السياسية التي تدعم كلاً من المرشحين. من له أنصار أكثر يدعمه الوزراء. فمهما كان للمنطقة موقفها ورأيها، إلاّ أن الظروف الخارجية، أي من خارج المنطقة، فهي التي لها تأثير كبير إجمالاً في الوضع السياسي المحلي.
س: … هل كان للناس أو للجماهير من تأثير في الانتخابات؟
ج: … إن سياسة صيدا تنبع من داخل صيدا. إلاّ أن هناك ظروفاً تؤثِّر في سيرها. فقد صمدت صيدا كثيرا. ولكن عندما يكون التدخل من قِبَل سلطة كبيرة، تنفيذية أو تشريعية أو "مكتب ثانٍ"، يتغير الأمر. صيدا لها رأيها الخاص، تحفظ الجميل ولا تنسى مَن يخدمها على مرّ الزمن. كان جو الانتخابات حماسي بشكل كبير، رغم أن صيدا مدينة مسالمة. فقد كانت قوة كل من الدكتور نزيه البزري ومعروف سعد متعادلة إلى حدٍّ كبير، رغم التنافس الشديد بينهما، إلاّ أنهما كثيراً ما كانا يلتقيان ويجتمعان في أيِّ منزل أو أي مجتمع، فيتحدثان معاً دون حزازات سياسية. ففي كل بلد ديمقراطي، هناك حزازات، وليس فقط في صيدا أو لبنان. وكانت تُستغربُ جلساتهما المشتركة. ولكن الخلاف الشديد، كان يقوم بين أنصار وأتباع كل منهما. وتمرُّ فيما بعد الانتخابات بسلام. فشعب صيدا، كما نقول، بطبيعته شعب مسالم.
كانت صناديق الاقتراع موزَّعة حسب الأحياء والحارات في مدينة صيدا القديمة، وأيام الانتخابات، كانت تحدث عمليات عنف أو حزازات كثيرة. مثلاً عائلة في حي تؤيد مرشَّحاً آخر، وتريد الذهاب إلى ذلك الحي لتؤيّد مرشحها. كانوا يعترضونها وتحدُث خلافات وصدامات وأشياء من الاستفزاز وأشياء غير ذلك (أي منع الناخبين أو اعتراضهم من الذهاب إلى الأحياء التي ينتخبون فيها…). مثلاً، أنا، عائلتي، كنا منقسمين، البعض مع معروف، والبعض الآخر يؤيد نزيه. (أنا مع الدكتور نزيه البزري، وأولاد أختي من آل الغزاوي مع معروف سعد). ولكن عام 1972، أُخرجت صناديق الاقتراع من داخل المدينة القديمة، وتمَّ التصويت في شارع رياض الصلح، أي من خارج قلب المدينة القديمة وكانت النتيجة نجاح الدكتور نزيه البزري، وفشل معروف سعد.. وسرت إشاعات كثيرة بين الناس. وكانوا يقولون مثلاً إنه كان داخل الصناديق "سحراً" كي ينجح الدكتور نزيه البزري، ويفشِّل معروف سعد وإن هناك "صناديق خطفت بواسطة السحر". وهناك تزوير في النتائج. وقد اعترض الناس في البداية عندما نقلت صناديق الاقتراع إلى خارج المدينة القديمة. وعملية الفرز كانت تبدأ في موعد محدَّد بحضور ممثلين تابعين للفريقين. ويبدأ الفرز حسب كل منطقة. وبدأت الأقاويل، خاصة أنه عندما أُخرجت الصناديق ونجح الدكتور نزيه البزري، فقالوا إن هنا تلاعباً بالنتائج والأصوات، وذلك بحسب مزاعم المعارضين…
س: … هل كان هناك عائلات تؤيد نفس المرشح، أم أنها تنقسم على نفسها، كما هي حال عائلتكم، على سبيل المثال؟.
ج: …لا أقـدر أن أجرَم في هذا الأمـر، وإنما أقـول إن العائلات الغنية كانت تؤيد الدكتور نزيه البزري، والعائلات المتوسطة منقسمة بينهما، أما الطبقات الشعبية فكانت في أغلبها تؤيد معروف سعد. ولكن هناك أيضاً تداخل واضح… أذكر هنا حادثة حصلت معي شخصياً: كنت ذات يوم في الملحمة قبل الانتخابات بفترة. فتفاجأت بوجود معروف سعد يدخل إلى الدكان ويغلق الباب وراءه ويقول لي: "إنك تؤيد نزيه وأعرف ذلك ولا أعترض، ولكن إياك أن "تقترب" من أخوتك". فقلت له: "لا، يا أستاذ، كلنا تحت رايتك..". ولم يدع أحد يدخل علينا.
س: … ما هي إنجازات الدكتـور نزيـه البـزري، برأيـك، وما هي أيضاً الاخفاقات التي اعترضته؟
ج: … إن الدكتور نزيه البزري كان قد خدم صيدا خدمات خليلة. فمثلاً، على صعيد المنح الدراسية. وهناك الخدمات التي قدمها إلى دار رعاية اليتيم عن طريق السيد أبو فاروق (رياض) الجوهري (مؤسس ورئيس الجمعية). عندما كانوا يجمعون المال له (للميتم)، كانوا يجمعون بالخمسة قروش. والعشرة قروش. ولكن عندما كان الدكتور نزيه البزري وزيراً، مثلاً، كان يدعو أحد الأمراء العرب أو الأغنياء من العرب لزيارة "الميتم". وهنا يتبرع هذا الزائر بمبلغ من المال يزيد على العشرين ألف ليرة لبنانية وأحياناً يصل التبرع إلى أكثر من ذلك، إلى الخمسين ألف ليرة. ويُعتبر الدكتور نزيه البزري بأنه هو الذي "صنع" (وضع) حجر الزاوية والدعامة الأساسية لهذه الجمعية من حيث النشوء والتطور. لذلك سُمِّي منذ البداية الرئيس الفخري للميتم وباني الصرح القويم لهذه المؤسسة العريقة في صيدا. ولا أحد ينكر ذلك حتى أعضاء مجلس دار رعاية اليتيم أنفسهم. وكرئيس بلدية صيدا، كانت البلدية قَبْله تُستعمل وتُستغل للمآرب الخاصة. وكان هناك فلتان في المسؤولية والانضباط. وكان هناك استبداد. فجاء الدكتور نزيه البزري والمجلس البلدي معه، وحاولوا أن يصلحوا الأمور، وأوقفوا كل هذه الأساليب غير القانونية ونظَّموا الأمور من الناحية الإدارية والانضباطية. وكانت الأوامر والقرارات لا تنفَّذ إلاّ بمعرفة ومراقبة الدكتور نزيه البزري، رئيس البلدية. والحقيقة، فقد كان بعيداً كل البعد عن الاعوجاج وخرق القوانين وحب المال. فهو معروف للناس جميعاً في صيدا وفي غير صيدا، بنزاهته واستقامة أخلاقه. وقد دخل الوزارة أكثر من مرة وخرج منها كما دخل: نظيف الكف، عفيف النفس، وليس كما كان كثير من السياسيين يدخلون الحكم ويخرجون منه.
وعندما دخل البلدية، نظَّمها وساوى بين موظفيها والناس بشكل عام. وصار يخدم الناس وإنما بصورة قانونية ونزيهة. فقد تابع وأكمل الدكتور نزيه البزري ما كان قد بدأه رياض الصلح من مشاريع: وضع حجر الأساس للبلدية، ترميم القلعة، وأوتيل طانيوس (صيدون)، بناء المستشفى الحكومي، تعبيد شارع رياض الصلح، إلخ… كما أنه نفَّذ كثيراً من المشاريع التي كانت نائمة في الأدراج، وذلك لاعتبارات سياسية. فكان ينفِّذ ما يستطيع وما يقدر تنفيذه. وما لم يتمكن من تحقيقه أو تنفيذه، كان يخدم، خصوصاً وأن منطقة الجنوب اللبناني وصيدا من ضمنها، كانت منطقة يستغلها كبار السياسة. أنا متأكد أن الدكتور نزيه البزري لم يستطع أن يقدم شيئاً ذات أهمية كبرى لصيدا وقصَّر في ذلك، سواءٌ على الصعيد السياسي والاجتماعي والتنموي، بل بالعكس، وخاصة في الواقع الجنوبي الاقطاعي، فلا يمكنه أن ينفِّذ المشاريع مائة بالمائة، بل كان يحاول ويبذل جهداً كبيراً، وقد نفَّذ ما يمكن تنفيذه بحسب طاقته (والظروف السياسية والاجتماعية المحيطة)، وقَدّر قدراته وصلاحياته وميزانية البلدية: أي تبعاً للظروف وليس تقصيراً منه شخصياً.
س: … لمن الأرجحية العائلية في صيدا؟
ج:… الكل يعرف أن البلد (مدينة صيدا) طائفتان: طائفة داومت واستمرت مع الدكتور نزيه البزري وطائفة أيدت معروف سعد. وكان معروف سعد يجلس مع الناس ومع الطبقة الشعبية: صناعيين، حرفيين، حدادين، إلخ… يأكل معهم، يسير بجانبهم في الشوارع والحارات. أما الدكتور نزيه البزري، فكان في منزله ويأتي إلى البلد (المدينة القديمة) لمعالجة المرضى، ذلك أنه إنساني من الدرجة الأولى… ولكن في الطبقة الشعبية داخل مدينة صيدا القديمة، كان معروف سعد يستقطب نحو 90% منها، والباقي للدكتور نزيه البزري، بينما خارج البلد، 90% من الأهالي للدكتور نزيه البزري والباقي لمعروف سعد، أي هناك تعادل في الرأي العام الصيداوي. الأحياء الشعبية في صيدا إجمالاً مع معروف سعد: رجال الأربعين، المصلبية، البحر، السراي… (وجهة النظر هذه والتقسيمات على هذا الشكل، غير صحيحة بصورة مطلقة، وإنما هذا يخضع لتصور شخصي: إنسان عادي طيِّب ويعيش وعاش طوال عمره داخل صيدا القديمة، فيجب التصحيح).
البلد في الداخل كانت مع معروف سعد. لماذا؟… مثلاً: إذا شبَّ حريق في مكان ما في أحد البيوت، الناس ينادون لمعروف سعد. وفي إحدى المرات، ارتفع البحر وهاج وأحدث أضراراً، فخلع معروف سعد حذاءه ونزع سرواله ونزل في ماء البحر كي ينقذ من الغَرق بعض البحارة والقوارب، بينما الدكتور نزيه البزري، فقد كانت خدماته طبيَّة وإنسانية واجتماعية…
س: … في أيهما نجح الدتور نزيه البزري، في الطب أم في السياسة أم في كليهما؟…
ج: … أعتقد أن الدكتور نزيه البزري نجح نجاحاً كبيراً كطبيب أكثر منه كسياسي. ولكن كسياسي برز في آخر حياته. يعني في أول حياته السياسية، لم يكن ذلك السياسي الكبير. أما الآن، فهو من المحنكين المتعمقين في العمل السياسي.
س: … ما هي الجوانب الحسنة التي تعجبك بالدكتور نزيه البزري والصفات التي لا تعجبَك فيه؟..
ج: … أخطاؤه: في أول الأمر، كان يتصف بالشعبية، دائماً بين الشعب. أما فيما بعد، فقد ابتعد عن داخل البلد (صيدا). فقد كان مثل معروف سعد دائماً في البداية داخل صيدا القديمة وبين الناس. وأعتقد، لأنه طبيب، ليست له الخشونة كي ينزل إلى داخل البلد. وأيضاً الوضع الأمني، كان له دور كبير. وكان بيته يُطرق في منتصف الليل ويخرج مع الشخص كي يعاين مريضاً ويعالجه، وكان دائماً يلبي الخدمات. ولكن، في آخر فترة وكرجل إنساني، ما زال مستمراً في عمله الطبِّي. لذلك ليست لديه تلك الميليشيا لتحرسه، لم يظهر أو يوجد داخل المدينة، مما أثَّر كثيراً في مجرى حياته السياسية. ولكنه، أعود وأكرر، كرجل إنساني ما زال مواظباً في متابعة مهنته الطبيَّة، إلاّ أنه ابتعد عن الدخول إلى المدينة قليلاً. إلاّ أنه بعد عام 1975 لم ينزل إلى الشعب داخل البلد (صيدا)، على أثر اغتيال معروف سعد. لهذا، فإن بعض الناس يرى أن هذا التصرف، من الناحية الأمنية، القصد منه الحفاظ على حياته، ولكن البعض الآخر يعتبرها استعلاءً وتكبراً وكبرياءً.
وبالفعل، فقد حاولوا اغتياله مرات عديدة، ومرة لحقوا به لاغتياله إلى الجامعة الأميركية في بيروت. ولم تنجح هذه المحاولات، لذلك لم يعد ينزل إلى داخل البلد، مثله في ذلك مثل كل الناس. أصحاب المواقف والمراكز الحساسة، يقولون عنه إنه متكبرٌ، ويتفاجأون عند ذهابهم إلى منزله، وعيادته في منزله، فيستقبلهم، ويستقبل أيَّ شخص وكأنه صديقه منذ 20 سنة. (تعليق: صفة شخصية: إنه ليس متكبراً، بل يحطاط كإنسان له مركز اجتماعي كطبيب وسياسي في آن).
س: … ما هي العوامل الأساسية المساعدة في رأيك، كي يصبح الفرد في مجتمعنا رجل سياسة أو زعيماً سياسياً؟..
ج: … بالنسبة لصيدا، أهم عامل لنجاح المرشح هو الاهتمام بمصالح الشعب وتنفيذها والخدمات العامة. إن صيدا تنظر إلى مصالحها الخاصة، والإنشاءات، والتعمير، أكثر ما تنظر إلى السياسية، لأنها ليست بلداً تجارياً كبيراً (بل هي مدينة تجارية بامتياز، وإن بصورة مصغرة!!!). وليست صيدا العاصمة في لبنان كي يخرج منها رئيس الوزراء ووزراء وغير ذلك. إنما تنتظر صيدا، مثلاً، أنا كصناعي: أن يؤمِّن لي حياتي المعيشية والاجتماعية، أنا وعائلتي، والتعليم والخدمات والأمان والاستقرار والمعيشة المستقرة. وهذا ما يطلبه الفرد في صيدا في حياته. وأعتقد أن هذا أول مطلب يمكن أن يفكر به الشخص في صيدا. ثم، وبعد ذلك، يعود وينتقل إلى الأمور السياسية والميول الأخرى. فالميول السياسية بالنسبة إلى صيدا، تأتي بعد تأمين المعيشة وحاجات الفرد وإصلاح البلد وتعميرها. فالناس، أي أهالي صيدا، تنظر للدكتور نزيه البزري ليس كسياسي، بل كمصلح عظيـم، وتحفظ له جميلـه لما قدَّمه وقدَّم لصيـدا من إصلاحـات. وصيدا تعترف أنه كالمنقذ الذي أنقذ الناس من كثير من العلل والأمراض والخراب، وأدخل تحسينات من الناحية الصناعية والتجارية.
س: … ما هي، أو كيف كانت اتجاهات الدكتور نزيه البزري السياسية؟..
ج: … السياسة الحاضرة (أي عام 1989) هي سياسة ضغوط، ومعروف مَن هو الضاغط الأكبر في هذا البلد. والدكتور نزيه البزري معلوم ومعروف بين الناس ضمن أي تيار سياسي يسير. ويمكن أن نحبِّذ سياسته، عندما تكون سياسته إصلاحية، ومواقف سياسية واتجاهات اجتماعية تؤثِّر من غير أن يكون هناك ضغوط، عندها يمكن أن يقول الإنسان رأيه السياسي صراحة، وليس الآن.