كلمة المناضل - السابع من نيسان والتحدي المفروض
كلمة المناضل العدد 259 آذار ـ نيسان 1993
السابع من نيسان والتحدي المفروض
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
تحمل ذكرى التأسيس معاني يصعب حصرها في عقول الرفاق البعثيين ، لما لهذه المناسبة من مدلولات في حياة حزبنا وشعبنا العربي على مدار السنوات المنصرمة ، ولما يعلق عليها من آمال في الآتي من الزمن ، فالحزب كان وما زال الأداة القوية التي حولت آمال الجماهير إلى واقع معاش تحس به من خلال المنجزات الكبيرة والكثيرة التي تحققت في مدى عمر الثورة . ويزداد الشعور والإحساس بالحزب أكثر عندما تنظر هذه الجماهير إلى ما يجب أن يتحقق في المستقبل كي يستقر الحال وتطمئن النفوس التي تسعى إلى تحقيق كل الأماني القومية في وحدة الأمة وفي الخلاص من الاحتلال الصهيوني وإعادة الأرض وإقرار الحقوق القومية العربية في فلسطين وخارجها .
إن الدور الذي اضطلع به الحزب قبل قيام الثورة في سورية وإبان الثورة وبعدها وخصوصاً الدور الذي لعبته سورية بعد الحركة التصحيحية عام 1970 جعلها مفتاح كل حل في الصراع الحضاري القائم بين الأمة العربية والصهيونية ، وكان فكر الحزب وتراثه ودوره القيادي عاملاً حاسماً في هذا المجال . والرفاق البعثيون يعون جيداً مهماتهم ومسؤولياتهم ودور حزبهم في التصدي لكافة أشكال التآمر التي حاولت القوى المعادية إحاطة سورية الثورة بها ، ولولا وقفتهم الحازمة ودماؤهم الطاهرة التي سالت في سورية ولبنان ومناطق أخرى ، لولا ذلك لاجتاحت المؤامرة الوطن العربي بأكمله ، واستباحت الصهيونية وحلفاؤها وعملاؤها بقاع الوطن المختلفة .
لقد أرادت القوى المعادية ضرب الحزب وقيادته وتهميش دوره في الحياة الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية في سورية وخارجها ، كي يتاح لها فرص تمرير مؤامراتها ، لكن تماسك الحزب وصلابة مناضليه وإيمانهم بحزبهم ودوره التاريخي كان أقوى من المؤامرة التي تحطمت على صخرة ذلك الإيمان والتماسك والوحدة .
والحزب اليوم ـ كما كان دوماً ـ بمجموع مناضليه جاهز لتنفيذ كافة المهمات الوطنية والقومية المطروحة عليه ، وعلى استعداد دائم للتضحية ، وسيكون دائماً في طليعة الجماهير للدفاع عن آمالها وأهدافها ومبادئها .
أن المهام الملقاة على البعث العربي الاشتراكي ما زالت كبيرة جداً فهي بمقدار آمال الجماهير التي لا تقف عند حد ، وتحتاج إلى عمل وجهد وداب بشكل دائم ، لأن الحياة في تجدد وتطور وتحمل كل يوم أمرا جديداً للمواطن الذي يعيشها ، وتحمل معها كذلك تحديات تفرضها أطماع الدول المعادية القريبة منا والبعيدة عنا ، وتحمل لنا كذلك تحديات فكرية وسياسية وتنظيمية جديدة في الوطن العربي الزاخر بمثل ذلك .
أن الطريق الوحيدة لمواجهة تلك التحديات والصعوبات والمخاطر تتمثل في استيعابها ووضع الخطط الكفيلة بمواجهتها ، فنحن الآن في عالم متغير وبشكل متسارع وتتعرض فيه كثير من النظريات والأنظمة والأحزاب إلى تحديات جوهرية سواء من حيث الأفكار والعقائد من جهة ، أو أساليب التنظيم والعمل والممارسة من جهة أخرى ، وعلى كافة الرفاق والقيادات بمختلف المستويات التفكير جدياً في هذه المسائل الكبرى .
إن مواكبة الحزب لحاجات الجماهير ومتطلباتها ومعالجتها وتمثلها والعمل من أجل تحقيقها في زمن معين أمر ضروري ، ويشكل عاملاً مهما في تطور الحزب وتحديث تفكيره ومعاصرته للزمن الذي يعيشه ، كذلك الأمر بالنسبة لبنيته التنظيمية وأساليب عمله ووسائلها ، فمعايشته لتطورات العصر ومواكبته لطرائقه العلمية الجديدة وسرعته في اكتساب المعارف الجديدة يجعله قادراً وبسرعة على التكييف مع المتغيرات الكبيرة التي حدثت خلال العقد الماضي .
إن ذلك جميعه لن يحدث دون إيمان الرفاق المطلق بحزبهم وعقيدته القومية الاشتراكية وقدرته على الاضطلاع بدوره الرائد لإنجاز ما هو مطلوب منه ، وذلك أمر يقع على عاتق كافة الرفاق البعثيين بلا استثناء ، ويقع أول ما يقع على عاتق القيادة التي تحمل مسؤولية قيادتهم وتوجيههم وتكليفهم بما يجب القيام به في الوقت الذي فرض فيه التحدي نفسه ، وثقة الرفاق بحزبهم وبقياداتهم ثقة لا حدود لها .