كلمة المناضل - يوماً بعد يوم تتصاعد حدة الهجمة الإمبريالية الصهيونية العنصرية على وطننا العربي مستهدفة كما هو معروف إحكام سيطرتها وتعزيز مواقعها في أجزاء الوطن
كلمة المناضل العدد 198 تموز 1986
طريق الحياة .. هو طريق الصمود والتصدي
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
يوماً بعد يوم تتصاعد حدة الهجمة الإمبريالية الصهيونية العنصرية على وطننا العربي مستهدفة كما هو معروف إحكام سيطرتها وتعزيز مواقعها في أجزاء الوطن . وكما يعرف الرفاق فأن الهدف الصهيوني النهائي ليس فقط احتلال فلسطين بل إنشاء "إسرائيل الكبرى" من النيل إلى الفرات وبالتالي إخضاع الوطن العربي بأجمعه للسيطرة الصهيونية وإلحاقه بركب الإمبريالية العالمية .
ولا يتم ذلك إلا إذا أوجدت الصهيونية مرتكزات فكرية لها داخل الوطن العربي واستطاعت أن تتغلغل في أجزاء متعددة ومتباعدة أحيانا حتى يتم لها إحكام الطوق على الجماهير العربية وزعزعة وجدانها في أكثر من قطر وذلك لخلق حالة من الانكسار والإحباط كي يسهل عليها اختراق الجدار الذي تحصنت خلفه الجماهير العربية طيلة نصف قرن من الزمن ، ويترافق ذلك كله بأعمال عدوانية عسكرية تقوم بها الإمبريالية والصهيونية في مواقع متعددة من الوطن وذلك لزيادة حدة الانكسار وما يترتب على ذلك من مواقف نفسية ومعطيات مادية في الواقع العربي إضافة إلى زعزعة البنية الداخلية لتلك الأقطار عن طريق الضغوط الاقتصادية والأفكار الغربية التي تتسرب باستمرار إلى جسم الأمة العربية .
ويرافق تلك الحالة التي أوجدتها الإمبريالية والصهيونية ، حالة أخرى ، أحاطت بالجماهير وقواها الوطنية والتقدمية أوجدها انحراف قسم من القوى التي كان يفترض أن تكون مكافحة في صفوف الجماهير ومقاومة لمخططات الصهيونية والإمبريالية ووقوفها في الصف المعادي للأماني العربية والقومية وخروجها من خندق الجماهير الكادحة إلى الخندق المضاد ، كما حدث في بعض فصائل الثورة الفلسطينية خصوصاً وبعض القوى القومية العربية عموماً .
لقد كان أحدث تلك التطورات التي حدثت في الوطن هو استقبال ملك المغرب لرئيس وزراء العدو الصهيوني وهذه الخطوة الخيانية إن استهدفت شيئاً فهو تثبيت مواقع العدو ليس في مشرق الوطن فحسب ، بل وفي مغربه أيضاً لأحكام الطوق كما ذكرنا على الجماهير العربية هناك ولأن في مغرب الوطن عدداً من الدول والقوى أعضاء جبهة الصمود والتصدي التي لم تستطع الإمبريالية الأميركية إخضاعها حتى بالعدوان المباشر عليها لذلك لا بد من إيجاد وسائل أخرى تمكنها من تحقيق هدفها .
على الرغم من ذلك كله فهناك في هذا الوطن قوى تعرف جيداً ماذا تخطط الإمبريالية الصهيونية لهذا الوطن ولجماهيره ولمستقبله وهي تدرك تمام الإدراك أن أحد أهم عوامل الصمود ومقاومة تلك الغزوة هو معرفة أهدافها ووسائلها وأساليبها وأدواتها لأن ذلك يشكل مرتكزاً مهما لمعرفة أدوات التصدي ووسائله وأساليبه أيضاً ، إضافة إلى امتلاك النظرة الاستراتيجية واستقراء أهداف الجماهير العربية وتطلعاتها والالتزام النهائي بتلك الأهداف .
لقد كان حزبنا أحد أبرز تلك القوى الأساسية في الوطن العربي وربما أولها التي وعت أهداف الإمبريالية والصهيونية العنصرية وحذرت القوى والأنظمة من مخاطرها وعمل وناضل وما يزال في هذا الاتجاه وهو يقود الآن جبهة عريضة من الجماهير والقوى التي تلتزم بهذا الخط الوطني والقومي الصحيح .
إن ما يتعرض له الحزب ومناضلوه في أجزاء الوطن المختلفة وفي سورية البعث على وجه الخصوص من ضغوط سياسية وعسكرية واقتصادية وفكرية ما هو إلا جزء من الضريبة التي يدفعها الحزب ومناضلوه وجماهيره من أجل الهدف النهائي وهو تحرير الوطن وحرية جماهيره ووحدتها ، إن النضال الذي يخوضه الحزب على مختلف الصعد وفي جبهات عدة سواء كان سياسياً أو عسكرياً أو فكرياً أو في مجال تطبيق النظرية التي يحملها ويلتزم بها في تثبيت الأفكار القومية الاشتراكية التي يناضل من أجلها سواء كان ذلك داخل القطر العربي السوري الذي يقود ثورته أو خارجه في جبهات الوطن المتعددة . أن ذلك النضال يكشف باستمرار عن وجود طاقات هائلة لدى الجماهير ويبرز مجالات عطاء واسعة لديها لو استخدمت الاستخدام الصحيح ووضعت في طريق التحرير والوحدة والبناء الاشتراكي في أجزاء الوطن المتعددة فيما لو توافرت القيادة الصحيحة لتلك الطاقات ، لكانت مسألة مواجهة الاحتلال ومقاومة الغزوة مسألة أسهل مما هي عليه الآن ولكانت خسائر الوطن ومواطنيه ونزيف دمائهم وثرواتهم أقل بكثير مما هي عليه الآن .
إن حزبنا حزب البعث العربي الاشتراكي وبفضل دعم الجماهير العربية عازم على مواجهة كل ذلك والتصدي لكل مشاريع ومخططات وأهداف القوى المعادية سواء منها ما هو مباشر يهدد الوطن ، أو غير مباشر يساعد القوى المعادية في هجمتها ، ومهما تطلبت تلك المواجهة من تضحيات فالجماهير بقيادة الحزب قادرة على تقديم ذلك لأن أملها في الانتصار مؤكد ، وعزمها على مواجهة قدرها ثابت لا يتزعزع ، لأن في ذلك طريق حياتها ومستقبلها وعزتها .