تاريخ نشوء و تطوّر الحزب
مقابلة مع
السيد رفلة أبو حمزة
تاريخ المقابلة : الجمعة في22/3/1992
المـوضـوع : تاريخ نشوء و تطوّر الحزب
الشيوعي في الجنوب اللّبناني
أجرت المقابلة: سكنه حيدر
* * *
ألإسم: رفله أبو جمرة
ألوضع الاجتماعي: عازب
ألمهنة:خيّاط
س_أذكر لنا العوامل الّتي أدّت إلى انتسابك لمنظّمة الحزب في الجنوب ؟
ج_وقعت الحرب العالميّة الثّانية عام 1939، كنت في بداية عمري بعمر المراهقة، في ذلك الوقت تحسّنت العملة العثمانيّة و صلت إلى خمسة ليرات، فتحسّنت أسعار المواد الغذائيّة. كان هناك شخص من آل النعناعة، يحضّر لمظاهرات و يقوم بها. شعارات هذه المظاهرات، إجتماعيّة، من أجل تحسين الأجرة و الوضع المعيشي. كنت أشارك في هذه المظاهرات و من شعاراتها الّتي كانت تُردّد: بدنا نأكل جوعانين، ما معنا حق ربطة طحين. و شعار آخر: يومية العامل عشرين، ما بتكفي حق رطل طحين... كنت حينها عندما أسمع شعارات المظاهرة أنضم للمشاركة فيها.
النعناع كان رئيس نادي الكشفي للشباب و الرياضة، و يتم تدريب المنتسبين تدريب عسكري، له انتماء سياسي و هو تابع لحزب النجادة، في حينها كانت طروحاته مقبولة فضمت جماهير كثيرة. هيئة الوحدة السورية كانت آنذاك مطروحة من أعضائها جورج حشما بزي و أحمد بزي في صور. أهدافها، التركيز على الوحدة السورية و ضد الانتداب الفرنسي، كنّا نشارك فيها وبمظاهراتهم . وقتها كنّا نقف وراء حيطان جنينة أو حديقة البلدية في صور لنراشق الفرنسيين.
*الظروف الاجتماعية:
-أنا من بلدة حاصبيا، جدّي هاجر الكفير عام 1860، ترك الكفير مع سليم أبو جمرة. كل الأورثوذكس جاءوا إلى مناطق شيعية و من جملتهم جدي، كان عنده صبيَين أبي و عمّي، وجاءوا إلى صور بالصّحاحير على البغال، ثمّ تزوّج أبي من بيت المجدلاني (أبو أمّي بحّار) أبيه يشتغل في تصنيع الذّهب(صياغة الذّهب). ثمّ اضطرّ للخدمة الإجباريّة مع الأتراك في الحرب. ثمّ عندما عاد وُضع على التران(القطار) فتعلّم تصليح الموتورات، ثمّ عاد ليعمل في الذّهب ثمّ في مطاحن القمح عند ناس من صور من آل حلاوة. و كان هو من يصلّح موتورات هذه المطاحن، وكان أبي واقف جنب المطحنة فلقط القشاط في وقتها فلفته، ممّا كسر رجله ثمّ عولج و أصبح يمشي على العكازات ـ هذه الظروف ساعدت وساهمت على تردّي الوضع الاقتصادي ممّا اضطرّني لترك المدرسة و كنت بعمر 12 سنةٍ. تعلّمت عند البروتاستنت في الإنجيليّة. كنت مع إخوتي البنتين. كان هناك قانون للصبيان و آخر للبنات، و عندما يصبح عمر الصّبي 10 سنوات يطلع من المدرسة لأنّها للبنات . اضطرني لترك المدرسة و التحقت بمدرسة الكاثوليك في هذه المدرسة كانت مختلطة و فيها الكثير من الشيعة، إنما المعلمين أجانب و معهم لبنانيين. يشرف على المدرسة إنكليز بريطانيين ، قضيت 3 سنوات في المدرسة الكاثوليكية حتى السيرتيفيكا، اضطريت لتركها تحت ضغط القسط و الظروف الاجتماعية المتردية.
بعد ترك المدرسة اضطريت اتعلّم مهنة الخياطة. في عام 1936 قصدت فؤاد تمساح من صور لتعلّم الخياطة و بقيت عنده حتى وقعت الحرب العالمية الثانية (الوالد متعلم القراءة و الكتابة و الوالدة أبيها بحار غير متعلمة لقلة المدارس آنذاك)...
حدثت الكثير من الأسباب الّتي أدّت إلى مظاهرات كثيرة، أساس هذه المظاهرات صاحب نادي الشباب للرياضة "خالد نعناعة" الذي طرح شعارات اجتماعية اقتصادية. عندما يرتفع سعر القمح و غيره مثلاً عندما يرتفع سعر الكيلو نصف ليرة يُؤدّي إلى حدوث مظاهرات...
- في ذلك الوقت كان حزب الكتائب مَوجود، كان الياس ربابة يأتي إلى صور و يعمل حلقة تثقيفيّة و يطرح فيها طروحات حزب الكتائب، أنا حضرت جلستين، أثناء الحلقة يُوزّع شعار الكتائب وهو "الأرزة" لكنني لم أقبل بها فقلت لهم، انا أريد حزب جماهيري يناقش الوضع الاجتماعي. أبي و أمي لم يعارضوا أبداً و كان أبي شعبي جداً، و لم أشعر مرّة بأنّ لأبي و أمّي موقف طائفي و لا يتحدثان عن الحرب الطائفية التي حدثت بقينا في هذا حتى سنة 1943.
عام 1943 نزلت مظاهرات كثيرة. كانت عصبة مكافحة الفاشية عندما دخل الاتحاد السوﭭياتي الحرب، تشكلت هذه القضيّة.
في حينها كان لفؤاد تمساح أخ اسمه مصطفى، تعلّم في عاليه و عندما أنهى تعليمه أتى إلى صور و شكّل الحزب القومي السوري. كان يعمل عند فؤاد تمساح حوالي 5 شباب. يأتي أخيه مصطفى و يتكلّم كثيراً عن أنطون سعادة و يعمل على ترويج الأفكار عن الحزب القَومي السوري و عن نشاطاته. كان رفلة أبو جمرة يرفض هذه الأفكار و يقول له أنت تريد أن ندخلك في الحزب. لكنّه يرفض ذلك. وبهذا الوقت لم نكن بعد نعرف بالشيوعيّة .
عندما وقعت الحرب انقسمت الجماهير إلى قسمين: قسم مع ستالين و القسم الآخر مع هتلر لأنّه "قبضي" ممّا دفع بعض الفقراء للتأثر بشخصيته إنّما لا يعرفوا معنى الفاشية . لكن نحن (رفلة...) عندما علمنا و سمعنا عن ستالين و عن الدولة الاشتراكية و أنّها دولة الفقراء و أتباع ستالين يُسمّوهم بالبولشفيك، عرفنا بهذه الدّولة الاشتراكيّة و بالشّيوعيّة بعد الحرب العالميّة الثّانية.
سنة 1939 وقعت الحرب العالميّة، بقيت(رفلة أبو جمرة) عند فؤاد تمساح أعمل عنده بالخياطة حتّى عام 1943. كان عمري آنذاك 22 سنة, كان لفؤاد تمساح جارٌ اسمه سميح الصعيدي ترك المدرسة و انتسب للحزب الشّيوعي مع نقولا شاوي و فرج الله الحلو و كان قد سُجن معهم خمس سنوات. و قد أفرج عنهم عندما بدأ هتلر يجتاح ليدخل الاتحاد السوﭭياتي في الحرب لصد الاجتياح. مما ساعد على الإفراج عن المعتقلين من قبل سلطات الانتداب...
س_الوضع الاجتماعي لكوادر الحزب في صور؟ عمال ...برجوازيين
ج_كان في مدينة صور بحارة فقراء كثيراً و عمال حرفيين و طبفة من تجار حبوب قرب المرفأ و المحلات كلها مستودعات...
كان يأتي يومياً من القرى جمال تحمل الغلة من الحبوب(خروب زعترـ تين يابس) فأهل القرى يأتون بهذه المواد حتى يتم بيعها و تسفر أحياناً إلى مصر و فلسطين و أبي كان يعمل في ذلك... إذاً طبقة من التجار الوسطاء...
س_من تعاطى مع الانتداب هل هم من عائلات معروفة...
ج_الكثير الذين نزلوا إلى الشارع للمشاركة في المظاهرات أعرفهم و كانوا ينادون بالوحدة السورية و بالمطالب المعيشية.
الذين تعاملوا مع الانتداب الفرنسي أغلبهم من المسيحيين خاصة، التجار الوسطاء،هذا لا يعني بأن كل المسيحيين تعاملوا مع الانتداب إنما الكثير منهم شارك بالمظاهرات التي نادت بالوحدة السورية والمطالب المعيشية و مسؤول عن ذلك (المظاهرات) أحمد بزي و جورج شمندي (أرثوذكسي) و سليم أبو جمرة و غيرهم...
س_التوزيع السكاني(الطائفي)
ج_الحي الغربي في صور مسيحي. كنيسة الكاثوليك تقسم الحي المسيحي إلى الشمال ومن الكنيسة حتى الجنوب شيعة.إذاً شيعة مع مسيحيين (روم _أرثوذكس_كاثوليك_موارنة...) ولم يكن هناك من نعرات طائفية أبداً. إنما الأرثوذكس أكثرهم من خارج صور مثل جورج الشمندي من ميمس كذلك "الشداد" من منطقة حاصبيا..
أبو جمرة من الكفير هؤلاء كانوا يعيشون مع الدروز و عند الأحداث (1868) هاجروا إلى صور في هذه الفترة (1939-1943) كان حزب الكتائب كان هناك من تبشير لحزب الكتائب من قبل الياس ربابة لكن لم ينتشر بعدها ...إلى جانب ذلك كانت حركة أو شباب الوحدة السورية ومنهم سليم أبو جمرة الذي نادى بالوحدة السورية...
س_هل تأثرت بسليم ابو جمرة...
ج_ هذا أكيد لقد تأثرت بسليم أبو جمرة في تلك الفترة كان لحزب النجادة وجود ... في تلك الفترة حبس و اعتقل سليم أبو جمرة الذي نادى بالوحدة السورية في المظاهرات. و في أثناء الانتخابات نزلت مظاهرة نادوا فيها منا عادل و سليم واينس الإيراني (بنت جبيل) هذه المظاهرات تسد الشارع... وهؤلاء يتكلموا عن البولشفية و الاتحاد السوﭭياتي. إنما بدأ الحديث عن ذلك عندما بدأ الاتحاد السوﭭياتي الحرب مع فرنسا و بريطانيا. و في تلك الأثناء كان في السجن فرج الله الحلو و مصطفى العريس ...
س_القضايا المادية. هل كانت سبب من أسباب دخولك الحزب...؟
ج_تركت المدرسة و كان لدي الرغبة في إكمال تعليمي، كانت أمي قد اتصلت بالخوري حتى ترسلني إلى دير المخلص مع شخص من آل السعادة قلت لها لاأريد الذهاب . مما اضطرني إلى اللجوء إلى تعلم الخياطة...
عندما عملت عند الخياط كان يعطيني 10 قروش أعطيها لأمي حتى عام 1943 فتحت محل فأصبح يأتي إلى المحل سميح الصعيدي كل يوم لزيارتي و عندما أطلق سراح رفاقنا، قيادة الحزب قوي نشاطهم السياسي في ذلك الوقت كانت عصبة مكافحة الفاشية. سميح الصعيدي أوعى مني قال لي: شو رأيك ننزل إلى بيروت و نتكلم معهم (أبوه محامي تعلم أيام الأتراك) بشأن تأسيس و تشكيل منظمة للحزب في الجنوب. نزلنا إلى بيروت على مكتب الحزب التقينا بفرج الله الحلو فتكلم معه سميح الصعيدي بشأن تشكيل فرقة تمثيل و نادي رياضي. أثناء عودتنا حملنا معنا مطبوعات _صوت الشعب_ و قلنا لهم نريد إرسال صوت الشعب باستمرار في أواخر 1943، كانت ترسل المطبوعات في الأوتوبيس التي يسلك خط بيروت حتى صور ثم حيفا...يرسلوا الجريدة و تباع بشكل علني و وضعت إعلان للجريدة على واجهة المحل. كانت تباع بشكل حر.
كان هناك شخص اسمه يوسف تناصي معتقل مع رفاقنا فرج الله الحلو و مصطفى العريس. ثم قمنا بنشاط و شكلنا هيئة أنا و سميح الصعيدي و خضر غزيل و حسن عز الدين وعقل شافي... و عندما علم يوسف تناصي اتصل بنا و عرف بنفسه (حلاق) كنت مع فرج الله الحلو أتى إلي و شكلنا هيئة وعندنا بوسطجي اسمه سليمان أبو زيد من مليخ (أولاده هم جوزف وحسان أبو زيد برئاسة الوزارة..)سليمان انتسب بالهيئة الفرعية. كان يعمل موزع بريد. و عقل شافي يعمل موظف على خط سكة الحديد (عامل). إذاً أسسنا هيئة فرعية.
لماذا سميت الهيئة الفرعية في صور؟ لأنها فرع من الحزب بقينا نتصل في بيروت. هذه الهيئة شكلت على أساس نادي، عندما جاء يوسف تناصي شجعنا على العمل الحزبي، في حينها كان لا يزال المستشار الفرنسي 1943 موجود.
عام 1943 أصبح الحزب يقوم بمهرجانات في سينما روكسي و سينما الامبير في مدينة بيروت. بعدها انتقل العمل في صور بشكل علني و يحتفل و بالمهرجانات في صور قرب المرفأ ندعي لها ونكلف ناس غير حزبيين و غير شيوعيين ليلقوا كلمات خطابية سميح الصعيدي وسليمان أبو زيد كلفوا ليتحدثوا عن موضوعات عن الحرب و مكافحة النازية و بهذا الوقت كان يتم بيع الجريدة و هي صوت الشعب والتي تطرح موضوعات تتعلق بالمهرجانات ... بعد الانتهاء من المهرجان يتقدم الكثير من طلبات الانتساب للحزب كل مهرجان يأتي حوالي 25 شخص للانتساب خاصة من البحارة.
*هل كنتم تدعون للوحدة السورية في صور؟
كلا كنا نطرح طروحات صوت الشعب و الحزب عامة. جاء شخص من الحزب من بيروت يحمل بطاقات معه و هو من إنطلياس هذه بطاقات عضوية للحزب. جاء مرتين إلى صور و بقينا نمارس عملنا إلى أن طرحت الأحلاف في لبنان عند انتهاء الحرب...
في هذا الوقت (1950) كان رئيس الجمهورية إميل إده، نزلت مظاهرات إلى الشارع تهتف ضد إميل إده لأنه مؤيد للفرنسيين. من بعض الشعارات التي كانت تردد : يا إده ضب العدة و بلبنان ما فيك تهدي. نردد هذه الشعارات نحن و الشعب كذلك حزب النجادة و رئيسها يدعوا للمظاهرة. كنا متفقين مع النجادة و الأحزاب الأخرى ضد الانتداب و مع الهيئة السورية وغيرهم... رئيس النجادة يشارك في المظاهرة في صور. و مظاهرة أول أيار كل الناس تشارك فيها و عند انسحاب الفرنسيين طرح موضوع الأحلاف كحلف بغداد و الناتو... كل الناس تشارك في المظاهرة ضد الأحلاف.
س_ألعلاقة مع الأحزاب و القوى الموجودة في تلك الفترة 1939-1950
ج_في تلك الفترة كان الحزب القومي السوري، يتهمون الحزب الشيوعي بأنه حزب مسيحي والحزب القومي السوري حزب إسلامي. إذاً لم تكن العلاقة جيدة، هم كانوا يعتدون علينا، يوجهون الأولاد ليرشقونا بالحجارة من قبل كل الناس أولاد ينزلون إلى الشارع ليراشقونا خاصة أعضاء من الحزب القومي خاصة بيت من آل حلاوة. مسؤول الحزب القومي كان من آل حلاوة... الحزب القومي هو الوحيد الذي واجهنا، كانوا يتحرشوا بنا ليفتعلوا المشاكل (هذا في الأربعينات..) في هذه الفترة كان عدو رفاقنا بالمئات قبل عام 1950...
س_التركيب الاجتماعي لكوادر الحزب في الجنوب(صور)؟
ج_بحارة، حرفيين، عمال. كان البوسطجي سليمان أبو زيد شاعر و إنسان مثقف وسميح الصعيدي كان يكتب في الجريدة دائماً... خضر غزيل بحار و رفلة أبو جمرة خياط، بشارة الصفدي بحار، يضعون منجل عادي و يشكو على رأسه رغيف و يحملوا "فلوكة". "ألفلوكة" على أيديهم في المظاهرة في أول أيار,
_ إقترح بشارة الصفدي (بحار) أن نؤسس مشروع للم خمس قروس، كل نهار أحد ندور على الناس لنجمع فرنك و تبرعات من الناس لدعم الحزب (شيوعيين و غير شيوعيين...).
فكرة الشيوعية كانت مقبولة في ذلك الوقت من الناس و بدأنا نطرح نفسنا كشيوعيين...
أخذنا مركز في المنشية البلدية في الطابق الأرضي غرفتين و جنينة في الطابق الثاني بيت كبير (مستشفى بشور حالياً). وقتها جاء رجل من إفريقيا و قدم مساعدة إيجار المركز(نقود). و هو من آل ثابت من مدينة صور. بقينا في هذا المركز حتى سنة 1948 /15أيار.
عندما بدأت الحكومة تفاوض من أجل الجلاء ذهب وفد من الحزب الشيوعي إلى باريس ولندن برئاسة فرج الله الحلو للاتصال بالأحزاب الشيوعية للمساعدة على انسحاب الفرنسيين من لبنان و عند عودتهم تم إنزالهم في حيفا بدل بيروت و حتى يعودوا إلى بيروت يجب عليهم المرور في الناقورة: علمنا بمرورهم حضرنا لهم استقبال في صور تم ذلك في مركز الحزب و كان الاستقبال في بيتي(رفلة أبو جمرة) و كان القاعة مليئة بالناس عند الاستقبال. في هذا الوفد كان خالد بكداش و فرج الله الحلو... بقينا في المركز و كان بنشاط الحزب كبير: نقوم بالمظاهرات عند انسحاب الفرنسيين ، كنا الطليعة في تلك المظاهرات و كانت المشاركة من الأحزاب الأخرى(1943)عند انسحاب الفرنسيين: البعض هتف لديغول.. ثم قمت و هتفت(رفلة أبو جمرة) لموريس توريز رئيس الحزب الشيوعي الفرنسي في وسط المظاهرة : و رفيق آخر مسلح أطلق الرصاص في المظاهرة ابتهاجاً.
كنا في عز نشاطنا. عام 1948 عند تقسيم فلسطين اعتقلنا مع متري حلاج (أبيه..). وكان متري حلاج متعلم و هو سكرتير المنظمة(مسيحي) موظف في شركة الريجي (لا يزال على قيد الحياة، أولاده تعلموا في الاتحاد السوﭭياتي أصحاب مستشفى بشور حالياً...) .
عام 1948/15أيار أتى الأمن العام من بيروت و اعتقلونا مع متري حلاج...
س_لماذا تم اعتقالكم؟ هل كان ذلك على أساس الموقف من تقسيم فلسطين؟ هل نفذتم سياسة الحزب العامة أم كان لكم موقف خاص؟
ج_ في ذلك الوقت أصدر الحزب بيان في شأن تقسيم فلسطين...
الاتحاد السوﭭياتي طرح دولتين(عربية_يهودية) فالتزم موقف الحزب بموقف الاتحاد السوﭭياتي.
كان القرار مركزي من بيروت ليس لنا موقف خاص بنا. نتيجة ذلك حل الحزب فتم اعتقالنا... حنا موظف خاف أبيه إذا اعتقلوه تضيع منه وظيفته...
15 أيار 1948 مباشرةً تم اعتقالنا على أساس موقف الحزب من تقسيم فلسطين ثم توقيفنا في النظارة قرب سينما كابيتول بقينا في مركز الشرطة للمساء و في الليل نقلونا "بالبوسطة" لم يسألونا بشيء ما لم نعرف إلى أين سنذهب (أنا و متري حلاج).
كان الاعتقال في كل المناطق كان الأوتوبيس مليء بالشيوعيين. انتقلنا إلى بعلبك وضعنا في الثكنة الطابق الفوقي كلٌ في سرير(تخت) من طرابلس محمد عضرة _ د. سميح علم الدين _ رينيه غنطوس(محامي) _سليم خياطة و احمد المير الأيوبي من المينا مع شخص آخر من المينا وسلام الراسي من مرجعيون و متري حلاج كان عدد الجميع 27 معتقل. بقينا في المعتقل و في كل فترة نقدم إخلاء سبيل، كان اعتقالنا بدون استجواب. بعد 4 أو5 أشهر السيد رياض الصلح بيقول ما بدي إفراج عنهم و لا أريد محاكمتهم حتى ممنوع التحقيق معهم، ردينا على أثر ذلك ببيان على قول رياض الصلح...
س_العلاقة التنظيمية
كيف كانت العلاقة التنظيمية؟
ج_ في المساء كل الأغراض نقلناها و وضعناها على مطلع الدرج و الأكل و سلمت الأغراض و قلنا نريد الاعتصام و استمر حوالي 4 أيام معتصمين علمنا بمجيء قوة درك ليطعمونا بالقوة عندما علمنا بذلك تم وضع الطعام على الباب و أقفلنا الباب. كان يوجد معنا في المعتقل يوسف خطار الحلو...
بعد أسبوع من الاعتقال أتوا بحمود قداد و (صاحب محل نوفوتيه) دام اعتقاله حوالي الأسبوع في السجن و تم الإفراج عنه من قبل صائب سلام لأنه خريج المقاصد(و سني). واستمرينا على هذه الحالة من الاعتصام .. إلاّ أن في اليوم السادس أخبرنا من الامن العام بأن محافظ البقاع و رئيس غرفة رئيس الجمهورية(بشارة الخوري) و مسؤول غرفة الرئاسة قبل المفاوضة على إخلاء السبيل. و تم فتح الغرفة للمحافظ و مسؤول الجمهورية (حيمري) صار يفاوضنا و يتكلم بأنكم مثل أولاد رئيس الجمهورية فقلنا له نريد محاكمتنا و يضعونا أمام المحكمة فإذا كنا المذنبين نحن مستعدون...عندها قال الحيمري لنا لا نستطيع الإفراج عنكم دفعة واحدة. كل يوم نفرج عن (1) أو (2). من ثاني يوم بدأ الإفراج عن د.سميح علم الدين و غنطوس. ثم بقيت مع الجميع حوالي عشرة أيام و تم الإفراج عن الجميع.
بعد ذلك عام 1949 تحول الحزب إلى العمل السري و أصبحنا تحت أنظار الأمن العام... في هذه الأثناء طرح نداء ستوكهولم هذا طالب بتحريم القنبلة الذرية (هيروشيما...). وعملنا على الإمضاء على النداء فجمعنا أكبر عدد ممكن من التواقيع فأتى البيان و أصبحنا نتبارى على جمع التواقيع. طرحت على الرفاق بأن نزور السيد عبد الحسين شرف الدين. قمنا بزيارته كان استقباله جيد و لبق أخذ النداء و كتب كلمتين عليه: يا أيها الناس ادخلوا في السلم كافة و وضع توقيعه على النداء...
كيف كان الاستقبال من قبله كرجل دين لأشخاص شيوعيين؟
مرتاح جداً و جلسنا عنده و قام بضيافتنا و رحب بنا و شجعنا على هذا العلم (جمع التواقيع...). بعد ذلك ذهبنا إلى القرى و جمعنا عدد كبير من التواقيع. و عرفنا أساليب القرى, في البدء نسأل عن المختار و شيخ الضيعة و رئيس البلدية و الوجهاء و نستمر بجمع التواقيع. بعض الناس ترفض عندما تعرف أننا شيوعيين و الكثير منهم يمضي... فجمعنا أكبر عدد ممكن من التواقيع فنقول للناس هذه من أجلكم من أجل السلم (تحريم القنبلة الذرية). أثناء الزيارات التي قمنا بها تعرفنا على أحوال القرى خاصة علاقاتنا مع العمال، خاصةً العمال الذين ينقشون في (المنقوش). هؤلاء اشتكوا من الأجرة التي يتقاضونها خاصة العمال الزراعيين على الساحل. كان العامل يتقاضى يومياً ليرتين بعد أن يعمل من الفجر حتى الغروب و صاحب البستان يضع وكيل يعطيه أجره 5 ليرات يومياً هذا يأمرهم بالعمل من الفجر حتى غروب الشمس يقول لهم حان وقت الانصراف و عند تناول الغداء يتم ذلك بسرعة و يقول لهم عندكم تنفيسة سيكارة.
تشجيع العمال على الإضراب لتحسين أجرهم ...كذلك شكوى العمال الزراعيين الذين يعملون في زراعة الموز... بدأوا يعلنون الإضراب و الشكوى من الإيجار و من المعاملة ...
بدأ عملنا في القليلة ... كل العمال بدأوا في بالعمل... يأتي المختار من كل قرية تنتخب هيئة ضيعة صغيرة و نحن نشرف على ذلك. بقيت العمال تحفر جور لزرع الموز و عند الزرع أعلنوا الإضراب و تحدثنا معهم... عندها الملاكين أرادوا المجيء بعمال من الرشيدية. لقد حذروا من أي صدام مع الفلسطينيين الذين سيأتون من الرشيدية. كنت في حينها علاقتي جيدة مع العمال الفلسطينيين تم اتصالي بهم و أخبرتهم بأن الملاكين سيأتوا لعندكم ليتم تشغيل العمال الفلسطينيين بدل اللبنانيين فتم الاتفاق معهم.
استمر الإضراب، كانت مطالبهم زيادة الأجور و تحديد ساعات العمل. كان الاتفاق مع العمال اللبنانيين و الفلسطينيين لمنع أي صدام بينهم، استمر الإضراب 12 يوماً – بفضل مساندتنا للعمال... كنت بحكم علاقاتي أنزل إلى بيروت و آتي لهم بالخبر من عمال الأفران. و كان الملاكون يرسلون الدرك لتهديدهم... و نحذرهم من عدم الصدام مع رجال الدرك و استمر الإضراب حتى اليوم الرابع عشر. في اليوم الخامس عشر اتصل الدرك بالعمال و قالوا لهم بتشكيل لجنة لتذهب إلى الملاكين ليتم حل الإضراب و تحقيق المطالب...ذهبوا إلى صور في اليوم الخامس عشر بشكل جماهيري و حملوا الرفوش و الشوك و المعاول حتى يتبين أنكم عمال زراعيين .... شكل الوفد من كل قرية عامل واحد و أي مكسب يجب قبوله و لو نصف ليرة لكن ساعات العمل يجب الإلحاح على أن تبقى 8 ساعات عمل يومياً و رفض أي قرار آخر (كنت من جملة الوفد المرسل للتفاوض مع الملاكين...)
إذاً الإضراب لم يعد يحتمل و تحقق للعمال مطالبهم زيادة نصف ليرة و 8 ساعات عمل يومياً..
*إذاً الحزب قاد التحركات العمالية؟
نعم ، المنظمة في صور كانت تنظم التحركات العمالية حتى في منطقة عدلون... كان للعمال تحرك كبير. فالعمال كانوا أساس التحرك في حينها أصبح للحزب منظمة في عدلون وحانويه (هذا الإضراب موجود في أرشيف الحزب)...
في ذلك الوقت، كانت الأرض ملكاً لملاكين كبار كآل الخليل لكن هؤلاء لم يتدخلوا في هذا الإضراب الذي تم آنذاك إنما كان التدخل الأكبر في منطقة الرشيدية. كذلك بساتين الليمون لم يتدخلوا في الإضراب الذي تم. إنما منطقة عدلون كانت منطقة زراعية كانت تزرع بالموز، هذه المنطقة كانت ملكاً لآل الفران(عدلون).
منطقة صور ملكاً لآل فرح و شداد (أرثوذكس)...
إتصلت بتنظيمات فلسطينية عام 1951 هذا قبل نشوء منظمة التحرير.
كانت بداية التحركات العمالية بداية لانتشارنا في قرى عديدة في الجنوب ... عبر مطالب العمال أسسنا لانتشارنا في القرى.
س_كيف كانت بداية انتشاركم في القرى و نشوء المنظمات؟
ج_ كانت بداياتنا بدخول القرى عبر المطالب العمالية. أسسنا لعلاقات مع العمال... في منطقة القليلة لم نستطع تأسيس لفرقة بسبب وجود للحزب التقدمي الاشتراكي بيت أبو خليل.إنما كنا أصدقاء للتقدميين.
في منظقة حانويه كان الحزب منظمة كبيرة في الخمسينات بعد عام 1951 و في السنة ذاتها(1951). في حينها كان من مؤسسي منظمة حانويه السيد حسين تاج الدين و في الأزمة سافر إلى إفريقريا ... كذلك(الأستاذ محمد...) كذلك في منطقة عدلون تأسست في ذلك الفترة : و يتم الاتصال بمنظمة صور.كان المسؤول عن هذه المنظمة الحاج علي متيرك. إنما حالياً أصبحت تابعة لمنظمة الزهراني، بعدها انتقلنا إلى قرى أخرى و منها انصارية. في ذلك الوقت كنت أذهب مع الحاج علي متيرك إلى القرى مشياً على الأقدام. بعد الحاج علي متيرك أصبح الأستاذ حسن مروة و في زرارية محمد متيرك كذلك قرية الخرايب. أثناء إضراب العمال اتصلنا بهم كذلك الزرارية. و كان للخرايب نشاط كبير لأنها قريبة على الساحل و المسؤول عن ذلك هما شابين من آل الدهيني إنما حالياً أصبحوا في حركة أمل...
في السكسكية لم يكن لي أي اتصال إنما رفاقي من عدلون كان يتم اتصالهم بهم.. في مرجعيون و بنت جبيل لم يكن لنا أي اتصال...
س_بعد ذلك هل أسستم منطقية في الجنوب؟
ج_ بعد تأسيس منظمات القرى ثم تأسيس منطقية في منطقة النبطية و سميت بمنطقية الجنوب (من كل المنظمات في الجنوب).. إنما بقيت في منظمتنا فرعية في صور حتى تشكلت المنطقية على صعيد الجنوب و أصبح لنا أعضاء في المنطقة.... و كان سكرتير المنطقية في النبطية عادل صباح. في ذلك الوقت كنت عضو في منظمة صور و كان كذلك حسين الخشن عضو معنا بعدما أتى من عكار.
من فرعية صور القدامي لم يبق إلا أنا و خضر غزيل و حنا حلاج، إلا أن خضر و حنا حلاج تركوا الحزب وقت العمل السري، حنا ترك عندما اعتقلوا أبيه فلم يتعاطى مع الحزب وأقفل المكتب.
عام 1951 عند توقيع ستوكهولم ، تمت محاكمتنا حوالي الشهرين في السجن أنا ومصطفى اندقجي و حنا فاخوري في حينها كان الياس سالم مترشح للنيابة و آل الخليل و رئيس البلدية طبعاً بتوجيه منهم حبسنا شهرين في صور مع يوسف تناصي استأنفنا الحكم رغم اتصال الأهل و المتزعمين بعدم الاستئناف حتى لا تطول فترة الحكم و ننتقل إلى صيدا.. و التزمنا بموقفنا بالاستئناف في الحكم حتى لا نطرد من الحزب عند خروجنا من السجن. و استمرينا شهر آخر في السجن في صيدا بعد الاستئناف. إلا أن حيثيات الحكم كانت جيدة و قدم المحامي بأن على كل مواطن لبناني واجب العمل من أجل السلام. (الحاكم : البستاني كان يسألنا ما هي مهمتنا مثلنا له بأننا عملنا على توقيع نداء ستوكهولم ... إذاً حيثيات الحكم كانت جيدة ...) بعدها ذهبت إلى قلم المحكمة و نقلت حيثيات الحكم إلى صيدا و أعطيت إلى الدرك و تم خروجنا و تحررنا من السجن..
بعد ذلك أصبح عملنا بشكل سري لحين وصول شمعون إلى الحكم. بعد ذلك قل عدد أعضاء منظمة الحزب في صور تحت ضغط الأهل و المكتب الثاني و المخابرات بنتيجة ملاحقتهم لنا و البعض منهم يقف على باب محلي ..
أتى الأمن العام و وجهوا تهمة بأننا نتعاون مع عبد الحميد سراج مع الحزب القومي السوري...
كذلك أيام حكم شمعون تم اعتقالي من قبل الأمن العام بعد تفتيش المنزل و المحل ونقلت إلى بيروت مع شغيل يعمل في المحل بعد ان نقل بيانات من بيروت و على القاسمية شوفار السيارة وشى عليه و أخذت البيانات منه ثم اعتقلوني بعده و انتقلنا إلى بيروت و بقينا ثلاثة أشهر... بقيت 9 أيام في النظارة كان المحقق أديب عفيش: قال لا تتفلسف عليّ كثيراً أسألك ترد عليَّ كل كلمة سألني: شيوعي؟ نعم، قال من أجل ذلك مطوّل شواربك ....
- شو بيقربك توفيق أبو جمرة؟ لا أعرفه . قال منافق، أنت تعرفه...
- وجهت تهمة لي في المحكمة من قبل الأمن العام و الدرك بتحريك و توجيه القرى. نشاطات و مظاهرات لتحريك الناس... و كانت الوشايات من رجال الدرك و الأمن العام غير صحيحة وفي بعض الأحيان من قبل رجال الدرك و الأمن العام حتى تتم ترقيتهم من رتبة إلى رتبة أعلى.
حاكم السجن قال للدركي أنت اعتقلته في مظاهرة لرفلة أو في اجتماع قال الدركي هيك تأتي المعلومات و الإخباريات عنه. سأله الحاكم شو وظيفتك معاون تعمل ذلك حتى تحصل على رتبة أعلى من معاون أتذكر ذلك تماماً كل الفترات في السجن كنت أطلع منها براءة. في سجن الرمل كنت في المحكمة العسكرية أثناء حكم شمعون في الستينات.
س_الوضع التنظيمي للحزب على المستوى السياسي و الاجتماعي :
- المرحلة بين 1948-1960
- هل أثرت الخلافات و الانقسامات في قيادة الحزب على منظمة الحزب في صور؟
ج_كنا في صور على علم بالانقسامات في تلك الفترة اتهمنا بالماويين (التوسير). يأتون لزيارتي و يتكلمون عن وضع الانقسامات في الحزب... كان رأيي آنذاك أنا مع الحزب الشيوعي اللبناني كحزب واحد و ليس حزبين و لا يجب أن يحدث هذا أبداً ..الحزب باقي.
قبل الخلافات و قبل عام 1968، كان المسؤول لمنطقة صور و الجنوب جاء لزيارتي كنت مع أختي مينرفا رفضنا بأن يتحول الحزب الواحد إلى حزبين كذلك نخلة مطران ... كانت أختي مينرفا تتصدى معي لكل محاولة لتقسيم الحزب .
س_كيف كانت آنذاك مشاركتكم في تحرك مزارعي التبغ ؟
ج_كنا نتحرك بالاتصال بهم بأبو باسم (حسن نصر الله) نقوم باتصالات شملت ذلك القرى القريبة من قانا، دردغيا، صريفا... كنا نمدد نشاطنا في قرية صريفا. الكثير من القوميين السوريين قالوا لنا – شو هيدا نداء ستوكهولم هذا يعني أنكم شيوعيين- أبيه لرامز (مسؤول في الحزب الشيوعي في منطمة الجنوب صيدا). أثناء ذلن وقعه مع إخوته...
س_متى تم التحرك بشأن مطالب مزارعي التبغ؟
ج_ قبل المظاهرة كنت أذهب إلى بنت جبيل كل نهار جمعة على موتوسيكل وقتها عقدنا اجتماع لمزارعي التبغ عند شخص من آل بزي هذا الرجل كان قد جاء من البرازيل و متحمس جداً (كان هناك شيوعي...) قال أريد تأسيس لجنة و يعمل ما في وسعه لذلك و من ثم تشكيل نقابة و من دون النقابة لا يمكن أن تنجح و قد سهرنا عنده و عند الصباح أخبرنا رجل من بنت جبيل بإبلاغنا باعتقال فلان... و أخذوه إلى صيدا بعد يومين أفرج عنه... و قد عقدنا مؤتمر في عيناتا عام 1941 و كانت ظروف العمل علنية بعد الخمسين أتى جلال بيارة إلى لبنان. نزلت من بنت جبيل إلى عيترون و حدث إثر ذلك مظاهرة ضد هذه الزيارة..
و قد حاء جلال بيارة من أجل حلف بغداد و كميل شمعون من أجل الدعوة للحلف وقتها قاموا الرفاق ثم سمعنا الدرك يمرون قرب البيت الذي نحن منه. وقتها أبو الدكتور أحمد مراد كانت علاقتي معه جيدة _تحدثت معه و قلت له الآن أذهب أنا و إياك في محل عرايش بعد الظهر_ قلت له سأذهب مشياً على الأقدام إذا وجد رفيق يذهب معي إلى شقرا عند الظهر سرت ووصلت و طرقت الباب عليهم و نمت عندهم عند الصباح سلكت الطريق القادومية إلى صور وذهب معي رجل من العباسية و هناك يوجد عمال، بعد ذلك ركبت السيارة و عدت إلى المحل بعد أن أتى الدرك إلى البيت. قدورة تكلم معي و قال لي قولي لرفلة أبو جمرة أن لا ينام في البيت. أمي أخبرتني بأن الدرك سألوا عنك، ذهبت إلى المخفر... و سألوني أين كنت مبارح قلت لهم ... كنت في بيروت أشتري جوخ للمحل...
هذا رفلة عندي حققنا معه ...
أثناء وجودي في بنت جبيل كان خليل قوصان في بنت جبيل عندما كنا جالسين في بيت شبابيكه "واطيين" (منخفضين). فأتى شاب من بنت جبيل و أخبرنا بأن الدرك أتوا ليسألوا عن رفلة أبو جمرة لأن هذا الرجل كان قد رآني لذلك أوشى للدرك...الشباب الشيوعيين طلعوا إلى سراي بنت جبيل و أنزلوا العلم التركي و حرقوه وقتها جرت مظاهرة خلال زيارة جلال بيارة و حلف بغداد و كميل شمعون من أجل الدعوة لحلف بغداد.
س_كيف كانت مشاركة الحزب في الانتخابات البلدية؟
ج_ في منطقة صور لم يترشح أحداً، موقف الكثير من صور ضد بيت الخليل كان رفلة محبوس فأتى كاظم أو أخيه عبد الرحمن لزيارة الماما و قال لها منطلع رفلة من الحبس بسبب انتخابوا. قالت أمي له خليه بالحبس يدخل سبع و يخرج أو يطلع سبعين ...
بيت الخليل و بيت آل الأسعد.., نشاطنا من أول تأسيس الحزب موقفنا معروف ، موقف صريح... آل الخليل كانوا غير محبوبين إنما الرجال المنتفعين منهم و كذلك آل الأسعد ...
و لأول مرة ترشح عادل الصباح عن الحزب الشيوعي في منطقة النبطية ثم ترشح ثانية حسين مروة في منطقة حداتا بنت جبيل كان ذلك في الستينات (بعد حكم شمعون...) ثم ترشح بعده الدكتور أحمد مراد في السبعينات... ثم ابراهيم المعلم في منطقة النبطية(كان قبل الدكتور أحمد مراد...)
إذأً شاركنا في الانتخابات عند ترشيح السيد عادل الصباح و ابراهيم المعلم... في حينها كان عندي سيارة ميتسوفيشي، كانوا بحاجة لسيارة. كنت أنا و أختي مينرفا و محمد الزيات من المفاتيح الانتخابية نجول في القرى وقت المعركتين الانتخابيتين (عادل الصباح_ ابراهيم المعلم)...
س_هل شاركتم في الانتخابات البلدية في مدينة صور؟
ج_نعم شاركنا، وقتها رشحنا في انتخابات البلدية أصله من آل سالم ثم لغوا النائب المسيحي في صور و تم نقله إلى منطقة الزهراني...
في البداية سالم كان يترشح عن صور (أخو نديم سالم...)
إنتخابات المخترة آل سالم رشحوا فضول حسون (كندرجي) و نحن كشيوعيين رشحنا متري حلاج (كانوا يخانقونا...)لم نربح بالمخترة(المختار كاثوليك...)
في انتخابات البلدية لم نفوز حتى أننا لم نرشح أحداً... في المدينة كان لكل حي مختار مثلاً حي للروم الكاثوليك، حي للموارنة و ينتخب له مختار، و كذلك حي للشيعة و مختار لهم.
بالنسبة للبلديات، تشكيل القوائم فكانوا آل الخليل على رأس القائمة و يؤمن الفوز لهم لكن كشيوعيين لم نؤيدهم أبداً ...
ثم عند تولي كمال جنبلاط وزارة الداخلية عندها أعطى تصريح للحزب الشيوعي، فأصبح الحزب علنياً..
جاءت توصية للحزب من الحزب بتأييد علي الخليل في الانتخابات، و كلفت أنا و أختي مينرفا للعمل في القرى كمفاتيح انتخابية لدعم علي الخليل ضد محمد صفي الدين، ونظمنا لجمع المال و تمويل للسيارات و جمعنا لائحة و نقود، وقتها مينرفا جمعت الكثير من الأصوات ما يوازي عمل الرجال الباقيين... إذاً كان لها دور كبير في الحزب في مدينة صور.
حتى بعد مجيء علي الخليل كنائب على مدينة صور كان أهل القرى يدعوه مثلاً على علما الشعب أذهب معهم و نحن جالسين على الطاولة و يرحبوا بنا و بأختي أهلاً و سهلاً مينرفا، لولا مينرفا لم نتعرف عليك.. إستفاد كثيرٌ من دعم الحزب، في الانتخابات و أثنائها على الصندوق قالوا هذه (مينرفا) مندوبة محمد صفي الدين فردت عليهم لا إنني مندوبة علي الخليل لذلك جمعت الأصوات...
س_كيف كان دور منظمة الحزب في النقابات؟
ج_أول ما بدأنا عملنا كنقابة الخياطين أولاً: لتحسين الإيجار شكلنا نقابة الخياطين تشمل صور و صيدا و النبطية، في صيدا لها أعضاء و لا حتى في صور و من جملتهم مينرفا في صور...
علي الحريري كان رئيس النقابة و ما زال حالياً و سنجري فيما بعد الانتخابات و ما زلنا على اتصال به.. حالياً يتم التحضير لمؤتمر النقابة...
نقابة عمال البناء، نقابة قديمة رئيسها ابراهيم سكيكي في الخمسينات و ما زال رئيسها علاقتنا معه جيدة، و جرت انتخابات منذ شهر عدنا و قابلناه... أمل تتحرك قلنا له لا يهمك عملنا على جمع انتسابات للنقابة (البناء) و عند الانتخابات كانت مشاركة رفاقنا جيدة 50 شخص انتسب للنقابة(حوالي...).
لكن أمل فرضت شخصين، شخص بعث سوري... و من رفاقنا منهم انتخب محاسب لأمانة الصندوق و آخر أمين السر و كان مرتاح لهذه النتائج إنما في البداية كان مرعوب، لأن النقابة لها مركز و من بعده يضعوا غير على رأس النقابة...
كذلك نقابة الصيادين فهي نقابة جديدية في السبعينات، حين كانت قصة تلزيم البحر "بروتين" وقتها جمعت حوالي 20 ألف ليرة من بيروت و وزعت عليها. أسسوا نقابة و أتوا على رأسها ابراهيم فران "زلمة" ياسر عرفات و قد عمل مع الفلسطينيين و أصبح من الأغنياء الكبار وبقي حتى الاجتياح كرئيس للنقابة.
من ثم بعد الاجتياح وضعت "أمل" على رأس النقابة البواب و كان "زلمتها"...
بالنسبة لنقابة العمال الزراعيين، قمنا بحملة على القرى لأجل الانتساب للنقابة، كنا نرسلهم إلى الحريري حتى يعطيهم بطاقة انتساب لكن لا يعطيهم حتى لا يأثروا على العمال، لأنه ملاك و يعمل ضد العمال، يرفض انتساب العمال للنقابة، هناك عامل زراعي (بستنجي) أراد الحصول على بطاقة انتساب لكنه لم يعطيه، مع أنها بقيت معه حوالي الثلاث أشهر، عندها العامل الزراعي قال له أنت تعمل ضد مصلحة العمال....
بالنسبة لنقابة مزارعي التبغ نحن ساهمنا في نشوء هذه النقابة و القرى التي تكثر فيها زراعة التبغ في صريفا و دردغيا ، الحلوسية طير فلسيه التفاحية كنا نتصل بهم على أساس تحضيرهم للنقابة.
نقابة عمال التبغ في الخمسينات، كنا نذهب إلى بنت جبيل معظم القرى تزرع بالتبغ ويعمل بهذه الزراعة كل العائلة كل شخص عنده دونم أو دونمين يعمل مع عائلته بدون عمال غرباء لذلك سميت نقابة مزارعي التبغ و ليست عمال التبغ لأن العائلة تعمل بهذه الزراعة. و بالنسبة للتحرك الذي كان ضد الريجي: كانوا يأخذون الدخان و يدعون بأن قسم منهم عديم المنفعة أو قسم آخر يشترون بأرخص الأثمان...
س_عمل الحزب بمنظمات رديفة؟
ج_ بالنسبة للأندية لا نهتم كثيراً، بالنسبة لاتحاد الشباب لم تكن موجودة في الخمسينات إنما تأسست في السبعينات... كذلك لجنة حقوق المرأة...
في الأربعينات، على مستوى العمل في صفوف المرأة و الطلاب، كانت موجودة لجان تابعة للحزب و غير مستقلة. كاتحاد الشباب يشترك فيه الرجل و المرأة.
كذلك لجنة حقوق المرأة نشأت في 1961 في الستينات... كنا في الحزب نوزع العمل إلى قطاعات. لجنة تهتم في شؤون الطلاب...
بالنسبة لدخول النساء إلى الحزب في الجنوب كان ذلك في الستينات و قبل هذه الفترة لم يكن له أي وجود... و أختي مينرفا كانت تهتم بذلك و معها نساء أخريات ﻜ"علية الزيات"...
كان هدفنا أن ينضم إلى لجنة حقوق المرأة و تكون لجنة وطنية تضم إسلام و مسيحيين، إنما بعض المنتسبين كانوا مستقلين ليس لهم أي علاقة بالحزب.
*و بالنسبة لبعض النشاطات الثقافية، قامت مينرفا إلى دعوة عشاء في الاستراحة دعيت لها خورية (آل خوري) و ليندا مطر باسم لجنة حقوق المرأة.
س_كيف كان موقفكم من الدين؟
ج_أنا محبوب كثيراً من الناس كطائفة مسيحية روم كاثوليك...جاء وفد لتحسين المدافن المسيحية في صور و لتشجير الجبانة و تصوينها. فكلفت (رفلة أبو جمرة). هذا دليل على الثقة...
في الأربعينات كانت الأحزاب تتهمنا بالإلحاد مع أننا كنا نذهب إلى الكنيسة لنصلي محمود ومصطفى قندجي كمسلمين يذهبون للصلاة...
على مستوى أعضاء الحزب لم تكن محسومة قضية الدين، بعض الأشخاص يناقشونا ويجادلونا في أمور دينية فلا نناقشهم، لا يوجد خلاف بيننا و بين الأديان، إنما خلافنا مع الطبقة الحاكمة والبرجوازية المستثمرة التي تضطهد الناس و هذا الموقف الصحيح...
* * *