كلمة المناضل - آذار .. من الثورة .. إلى التصحيح ..إلى التجديد
كلمة المناضل العدد 182 آذار 1985
آذار .. من الثورة ..
إلى التصحيح ..إلى التجديد
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
منذ الثامن من آذار عام 1963 وحتى الآن يشهد القطر العربي السوري وعلى مدى عشرين عاماً ونيف ، يشهد تحولات أساسية ومهمة ، سواء في بنيته الفكرية أو الاجتماعية أو الاقتصادية ، صحيح أن الحياة تحمل في سيرها التغير الا أن ذلك التحول والتغير الذي شهدته سورية أخذ طابعاً سريعاً وعاماً وشاملاً وعميقاً جداً في تشرين عام 1970 وبظل قيادة الرفيق حافظ الأسد الأمين العام للحزب رئيس الجمهورية العربية السورية منذ ذلك الوقت حتى اليوم .
لقد أمتدت ثورة البعث ليس لبناء سورية فحسب ، بل لتشمل أيضاً البنى التحتية للواقع الجماهيري العربي في أقطار متعددة من الوطن العربي حيث أصبحت أهداف الحزب ومبادئه تعم الوطن العربي بشكل أو بآخر ، وأصبحت هذه الأهداف المرحلية منها والاستراتيجية ، هي القاعدة الأساسية لمبادئ وأفكار وأهداف كثير من الأحزاب العربية وقواها الوطنية وحركاتها التحررية ، ذلك لأنها تمثل القاعدة العامة التي يرتكز عليها نضال الجماهير العربية في أقطار الوطن العربي والتي يتمحور حولها الكفاح الوطني والنضال المطلبي لكل كادح في الوطن بعماله وفلاحيه وطبقاته الشعبية المحرومة ، فالنضال من أجل الوحدة العربية قاسم مشترك لمجموع الجماهير الكادحة ، سلاح بيدها من أجل مواجهة كل الأخطار التي تحيط بالوطن من مشرقه حتى مغربه ، والكفاح من أجل الحرية مطلب كل مواطن في هذا الوطن الذي فقد حريته منذ انكسار الدولة العربية بغزو المفعول لها حتى اليوم ، ولان الحرية هي التي تفجر طاقات الفرد كما تنمي قدرة الأمة في بناء مستقبلها الذي تنشده ، والعمل المتواصل والدؤوب من أجل بناء الاشتراكية ، حياة الكادحين ، وأملهم في مستقبل اقتصادي مشرق ومتين ، هو ما يرتكز عليه النضال المطلبي للطبقات الشعبية المسحوقة في هذا الوطن الذي نهبت ثروته الاحتكارات الأجنبية والإقطاع المحلي والجشع والاستغلال الفردي المقيت الذي يمارسه بعض الطارئين على هذه الأمة ..
لذلك نرى أن أهداف البعث العربي الاشتراكي وجدت طريقها لمجموع فئات الوطن لأنها تعبر عن الحاجات الأساسية لمجموع المواطنين أيا كان موقعهم في هذا الوطن ، خصوصاً وأن الأخطار التي يتعرضون لها متشابهة ، سواء من قبل الإمبريالية العالمية أو الصهيونية العنصرية أو الأخطار المحلية التي تمثلها الطبقات المستغلة والأنظمة الديكتاتورية والقمعية واللاديمقراطية التي فرضت نفسها على الجماهير أما بحكم الوراثة أو بحكم العمالة . .
وفي سورية البعث حيث يجهد المناضلون البعثيون لبناء المجتمع الأفضل للجماهير ويسعون كي يكون ذلك المجتمع هو النموذج ، آخذين بعين الاعتبار ما يكتنف ذلك من مصاعب مع مراعاة الأوضاع الإقليمية والعربية والدولية الراهنة ، ومغلبين ما هو أساسي ، على ما هو ثانوي ، واضعين نصب أعينهم ما يحيط بالأمة من مؤامرات الصهيونية والإمبريالية العالمية وعملائهما في هذا الوطن الذي يتعرض للاحتلال والاجتياح والتقسيم والتجزئة بمختلف جوانبها السياسية والفكرية والاقتصادية والطائفية وغيرها .. في خضم ذلك كله يبرز القائد حافظ الأسد ليجسد كل معاني الثورة ، والتصحيح ، والتحرير ، والوحدة ، والكرامة ، وباختصار ليجسد فكر البعث العربي الاشتراكي ، قيما ووفاء ونقاء وسلوكا ، والتزاما بقضية الجماهير بكل ما يترتب على ذلك من ضرائب تصاعدية دفعها من دمه وعرقه وصحته وراحته ، لأنه آمن بقضية مقدسة وكرس حياته من أجلها . لذلك فليس غريباً ما شهدته سورية في العاشر من شباط يوم تجديد البيعة لحافظ الأسد ، لأن الجماهير وفيه وصادقة ، ولأنها تسير في الاتجاه الصحيح مع التاريخ والحضارة ، والتقدم والاشتراكية ، ولأنها وجدت فيه هذه المعاني كلها ، ولأنها لا يمكن أن تخطئ فاختارته ..