كلمة المناضل - عددان - الافتتــــــاحيـــة بعد بيروت .. إلى أين ؟!.
كلمة المناضل العددان 152ـ 153 أيلول ـ ت1 1982
الافتتــــــاحيـــة
بعد بيروت .. إلى أين ؟!.
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
بعد إنهاء مؤتمر القمة العربية في فاس بالمغرب مباشرة بدأت الأوساط العربية الرجعية وبعض المتحالفين معها بإطلاق التصريحات وبالونات الاختبار داعية لإحياء مشروعات رفضتها الجماهير العربية وأهم تلك المشروعات كان مشروع الأردن بإقامة ((المملكة المتحدة)) وبدأت الجهود السياسية والإعلامية في الأوساط الداعية والمؤيدة له تنصب في محاولة تزاوج المشروع الأميركي الذي أعلنه الرئيس ريغان لحل أزمة الشرق الأوسط والمشروع الأردني لإنجاب صيغة حسنة ومقبولة ترضي من يستسهل الحلول ويسير في طريق الاستسلام وبدأ الجهد يتركز في إيجاد نقاط الالتقاء بين المشروعين وبدأت الأوساط البرجوازية والرأسمالية والانهزامية والرجعية في الترويج لهذا الحل الممكن والذي يشكل الطريق الوحيد للخروج من المأزق الذي وصلت إليه القضية الفلسطينية في ظل الأوضاع العربية المتردية وفي ظل الوضع الدولي المعقد والدعم اللا محدود الذي تتلقاه ((دولة إسرائيل)) من الولايات المتحدة الأميركية .
إن اخطر ما يكتنف تلك الدعاية هي محاولات تبنيها من قبل أوساط فلسطينية مؤثرة في منظمة التحرير الفلسطينية وكذلك أوساط فلسطينية منفذة في الأردن وتمثل قطاعات لا بأس بها من البرجوازية التجارية والعقارية والرأسمالية وكذلك المحاولات التي تقوم بها تلك الأوساط لتغليف تلك الهداف السياسية الخبيثة بغلاف قومي ، وحدوي ووطني كأن يقال مثلا : أن الوحدة هدف كبير وإذا تحقق بين قطرين شقيقين فلسطين والأردن نكون قد قدمنا إنجازا كبيرا للامة العربية والوحدة القومية .
وان الضفتين بما لهما من تاريخ مشترك وعلاقات قد أصبحتا اكثر التصاقا ولهما تجربة وحدوية متميزة قبل الاحتلال الصهيوني للضفة الغربية عام 1967 وان معظم السكان في الضفة الشرقية هم من اصل فلسطيني وانه لخلاص المواطنين في الضفة الغربية من سيطرة وهيمنة الاحتلال الصهيوني فلا مانع من أن تكون ضمن أية صيغة عربية فذلك افضل من بقائها تحت ظل الاحتلال وكأن يقال كذلك انه في ظل الأوضاع الدولية الراهنة والتي لا يمكن فيها الحصول على كيان فلسطيني مستقل استقلالاً تاما فالخطوة الأفضل هي الحصول على شكل من الاستقلال آو الحكم الذاتي ولو كان في مرحلة من المراحل مرتبط بالأردن .
ودعاة هذا ((الحل)) يعرفون جيدا متطلباته سواء ما كان منها يتعلق بالعلاقات العربية أو بالوضع الداخلي بالأردن لذا فهم الآن يقومون بالتجهيز لذلك فالأردن الرسمي يجب أن يقوم بخطوة لتحسين علاقاته العربية خصوصاً مع سورية بعد أن حسن علاقاته مع النظام المصري ومعروف أن علاقاته الأخرى هي اكثر من جيدة سواء كان مع العراق أو السعودية أو أميركا وقد يكون ذلك عن طريق إجراء تعديلات حكومية واسعة وتكليف بعض الشخصيات التي يمكن لها أن تقوم بخطوة لتحسين العلاقات مع سورية والإجراء الداخلي الذي تتطلبه مثل هذه المشروعات يمكن أن يكون في اتجاهات متعددة بعضها دستوري عن طريق إحياء المجلس النيابي الأردني وإجراء انتخابات يشترك فيها أبناء الضفة الغربية ويكون ذلك بمثابة تحقيق لبعض أهداف مشروع الرئيس الأميركي لإجراء انتخابات في الضفة الغربية أو إطلاق بعض الحريات العامة والتي يمكن أن تعزز جو الثقة للتقدميين الفلسطينيين الموجودين في الأردن وبين النظام كما حدث بالعفو عن المطلوبين بعد أحداث أيلول عام 1970 في الأردن أو إطلاق بعض الحريات النقابية .
نود أن نقول أن ذلك كله لم يغير من جوهر المسألة المطروحة وهي محاولات الرجعية والإمبريالية الأميركية لتصفية جوهر المشكلة في المنطقة وهي القضية الفلسطينية ومحاولاتهم طمس الحقوق الوطنية الثابتة للشعب العربي الفلسطيني عن طريق شعارات تحاول إلهاء الجماهير عن القضية الأساسية ، ولقد أثبتت السنوات السابقة أن طريق تقديم التنازلات التي بدأها السادات قد قادت إلى احتلال بيروت ، ثانية عاصمة يستهدفون بعد هذه التنازلات .