د. دندشلي - الديمقراطية والظاهرة الانتخابية في لبنان
نـدوة
الديمقراطية والظاهرة الانتخابية
في لبنان
أيلول 1992/ في المركز الثقافي
* * *
كلمة الافتتاح
والتقديم: د. مصطفى دندشلي
… إنّنا نعلم جميعاً أنَّ مركزنا الثقافيّ، وإن كان قد تأسَّس في مدينة صيدا، لكنَّه لم يكن يوماً حركة ثقافيَّة محليَّة. ذلك أنّ نشاطنا الثقافي يشمل مساحة الوطن ككل، انطلاقاً من صيدا والجنوب اللبناني وصولاً إلى لبنان والوطن العربي.
كنّا دائماً نعمل على توسيع نشاطاتنا الثقافيَّة وتمتينها عن طريق إقامة ندوات ومحاضرات ومؤتمرات ثقافيَّة مشتركة مع روابط وجمعيات ثقافية متنوِّعة، لقد تعاونا في الأمس القريب مع "الأمسيات العامليَّة" في صور، وقبلها مع "مركز معروف سعد الثقافي" في صيدا، والآن في هذه النَّدوة، يدنا ممدودة إلى النادي الثقافيّ في كفررمان، لمناقشة معاً موضوع:
"الديمقراطية والظاهرة الانتخابية في لبنان".
* * *
الديمقراطية:
من الشائع أنَّ لبنان بلد ديمقراطيّ قيه يُطبق فصل السلطات الثلاث: التشريعية والإجرائية والقضائية وفيه الشعب يحكم نفسه بنفسه ولنفسه، عن طريق إجراء انتخابات نيابية وانتخابات بلدية دورية، أقله منذ الاستقلال وحتى عام 1972، وفيه أيضاً حرَّية الصحافة و حرية القول والرأي والاجتماع السياسيّ إلى غير ما هنالك من أمور أخرى متداولة بكثرة في منتدياتنا الثقافية والسياسية. هذا صحيح!! ولكن الصحيح أيضاً أنه يبقى ذلك على صعيد النظر المجرَّد والرأي الشائع غير المحقَّق: فهل دُرست مثلاً ومن خلال البحث العلميّ، الاجتماعيّ والسياسيّ، البحث الاستقصائي والميدانيّ، كيف تُطبق هذه الديمقراطية ميدانياً، وكيف تمارس هذه الديمقراطية على الأرض، على الصعيد العملي وفي المراحل المختلفة؟
وهل دُرست مثلاً كيف تُمارس هذه الحرية في التطبيق، ولمن تُعطي هذه الحرية أو كيف تُمارس ومن يمارسها؟..حرية الصحافة!! صحيح، ولكن هل ثمة صحافة حرَّة في لبنان؟… بل هناك حرية إنشاء الصحف والمجلات!! هذا صحيح أيضاً؟… ولكن لمن يستطيع إلى ذلك سبيلاً مالياً ونفوذاً: في الداخل والخارج!! وهذا شىء معروف، معروف من خلال التجربة و"الحسّ العام"، أو الرأي العام!
ولكن وحسب علمي، ليس هناك أيضاً في هذا الميدان من دراسات أو أبحاث ميدانية!!… وهل يمكن لهذه الأبحاث، فيما لو حصلت، أن تسمِّىَ الأشياء بأسمائها والفاعلين الحقيقيين بأشخاصهم وهُويتهم؟!…
الظاهرة الانتخابية:
هذا جانبٌ والشقُّ الآخر من الموضوع: الظاهرة الانتخابية في لبنان.. الظاهرة بمعناها العلمي: هي ترجمة لكلمة أجنبية وفرنسية تحديداً phénomène أو le fait بمعنى الظاهرة أو الواقعة أو العملية والسؤال المطروح إن كان هناك بعضُ الفروق بين مفهوم الظاهرة الانتخابية وبين مفهوم العملية الانتخابية من حيث الممارسة والتطبيق!! هذا صحيح!!…
ولكن لست أدري لماذا يتبادر إلى ذهني معنى آخر بكثير من التفكه أو التهكم، فأخذتُ كلمة ظاهرة بمعنى تظاهرة أو مظاهرة انتخابية، بكل ما تحمل كلمة مظاهرة من حركات شعبيَّة أو حشود جماهيريّة فلكلورية، كاريكاتورية هزلية على الطريقة اللبنانية التي تدخل تالياً في اللامعقول السياسي عندنا في لبنان. وإنني أدعوكم بكل جديَّة إلى التَّمتُّع بها ومشاهدتها، فهي تُعبّر خير تعبير عن واقعنا السياسيّ وعن نظامنا الانتخابي كما يجري موسمياً.
ولهذا ومن أجل طرح هذا الوضوع على مستوى البحث العلميّ ـ السياسيّ ـ الاجتماعيّ، دعونا صديقين لنا معروفين في الأوساط العلمية بأبحاثهما الرصينة في مفهوم الديمقراطية وتطبيقاتها والعملية الانتخابية وأبعادها السياسية والاجتماعية في لبنان وهما: الدكتور سامي أبي طايع والدكتور عصام سليمان.