كلمة المناضل - حــــــــول الأحــــــــداث
كلمة المناضل العدد 45 تموز 1972
حــــــــول الأحــــــــداث
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
برز في الايام القليلة الماضية ، على مسرح السياسة العربية الدولية ، حدثان هامان : التطور الجديد في العلاقات بين جمهورية مصر العربية والاتحاد السوفييتي ، وإعلان الوحدة بين مصر وليبيا . ومن الواضح أن لهذين الحدثين تاثيراً كبيراً في الآراء التي تطرح للنقاش بين الرفاق في القواعد الحزبية ، وكذلك فيما يدور بينهم وبين المواطنين على اختلاف اتجاهاتهم ، وربما ينعكس هذا التأثير على تطور حركة الثورة العربية بمجملها . ومن هنا تأتي أهمية تذكير الرفاق بفائدة العودة إلى مقررات المؤتمرات القومية في هذين البابين ، لتكون دليلهم الأمين في مواقفهم اليومية حيال الأحداث المتسارعة على المسرح السياسي ، ولتسهم مواقفهم ونشاطاتهم بتمكين الحزب من ممارسة دوره الفعال من أجل تسخير تلك التطورات لخدمة الأهداف القومية التي طالما ناضل الرفاق في سبيلها وفي مقدمتها هدف التحرير .
لقد أقرت مؤتمرات حزبنا إن علاقاتنا الدولية تبنى على أساس مواقف الدول من قضايانا المصيرية وخاصة قضية صراعنا المرير مع الصهيونية العالمية ، الأمر الذي وضعنا أمام عداء مبدئي مع الأنظمة الرأسمالية لأنها بمجموعها تقف في مواقع الحماية والدعم والتأييد للصهيونية وإسرائيل ، وهي تعتبر بالنسبة لنا ، خصما عقائديا وسياسيا في وقت واحد ، لأن السياسة الامبريالية العالمية المتحكمة بمواقف تلك الدول ، تشكل الخطر الحقيقي على حركة التحرر العربية . بالنظر لموقف الامبريالية التضامني وترابطها العضوي والمصيري مع الصهيونية وإسرائيل ، وكذلك بسبب دورها الرئيسي في حماية الرجعية العربية ، ودعمها الدائم لها في مواجهة حركة التقدم العربية .
إن ما تقدم يفترض قيام علاقات جيدة ومستمرة مع الدول الاشتراكية التي يجمعنا بها معاداتنا المشتركة للامبريالية العالمية ، ونضالنا من اجل التقدم الاجتماعي وتحقيق مستقبل افضل لشعبنا ، على أن علاقاتنا مع هذه الدول الاشتراكية ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار مبادئ الاحترام المتبادل والمحافظة التامة على العلاقات القائمة على أساس تعامل الأنداد وشركاء المصير ، والمنطلقات الواحدة في النضال ضد السيطرة الأجنبية على الشعوب بأشكالها المختلفة ، وبحيث تتم هذه العلاقات على وجه تتمكن فيه من التحرك الإيجابي الحر في صراعنا الخطير مع الصهيونية لأننا بقدر ما نقف بحزم ، ونناضل ببسالة ضد قوى العدوان و مرتكزاتها الرجعية في بلادنا ، وبقدر ما نؤيد سياسة الدول الاشتراكية الرامية إلى دحر العدوان الاستعماري على الشعوب ، وتحقيق الانتصار على الامبريالية العالمية ، بقدر ما ينبغي إن نعزز إرادتنا الحرة ، وقدراتنا الذاتية في اتباع سياسة عربية ثورية تعمل لتلبية المطلب القومي الملح ، ألا وهو تحرير الأراضي العربية المغتصبة وتطهير التراب العربي من آثار الاحتلال البغيض . أننا حريصون جدا على تعزيز صداقتنا مع الاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية ، ولكننا على يقين ثابت من أننا ((بمقدار ما نحرز من انتصارات ، بمقدار ما نستطيع أن ننمي تلك الصداقة ونطورها ، وان آية هزيمة لشعبنا تشكل خللا في معيار الصداقة مع البلدان الاشتراكية )) .
ولهذا فمسؤولية ترسيخ وتطوير هذه الصداقة لن تكون من جانب واحد ، ونأمل أن يتدارك أصدقاؤنا السوفييت الموقف ، ويقطعوا الطريق على الامبريالية حتى لا تستغل ما جرى مؤخرا فتسعر تآمرها على حركة التحرر والتقدم في الوطن العربي وفي بلدان العالم الثالث بأجمعها . إن ضرب حركة التقدم العربية يقود بالضرورة إلى انحسار حركة التقدم في آسيا وإفريقيا خاصة وفي العالم الثالث عامة ، نظرا للاهمية الكبرى والدور الأساسي الذي تحتله بلادنا في حركة التحرر العالمية ، وباعتبارها تواجه اخطر سلاح تستخدمه الامبريالية العالمية ضد الشعوب عامة والشعب العربي على وجه الخصوص ، انه سلاح الصهيونية العالمية وصنيعتها إسرائيل . ولهذا فقد بادر الحزب ومازال على استعداد للمبادرة إلى اتخاذ المواقف الإيجابية التي تخدم قضية التحرير العربية ، وفي طليعة تلك المواقف حرصه الأكيد على استمرار وتدعيم علاقات الصداقة مع الاتحاد السوفييتي ، وحزبنا يدرك بوضوح (أن بقاء الاحتلال يسيء إلى نضالنا القومي والاشتراكي في الوقت نفسه الذي يؤذي سمعة السوفييت) ويعرقل نجاح حركات التحرر لشعوب العالم الثالث ، إن جمهورية مصر العربية تشكل القوة الأساسية في معركة التحرير العربية ، وهي عضو في اتحاد الجمهوريات العربية الذي أيده المؤتمر القومي الحادي عشر للحزب ودعا إلى دعمه وتطويره ، وعليه فان موقفنا ينطلق من مبدأ العمل على ترسيخ أسس دولة اتحاد الجمهوريات العربية بما يخدم معركة التحرير، ويؤكد حرصنا على الصداقة مع الاتحاد السوفييتي من أجل تعزيز نضال جماهيرنا العربية ضد قوى العدوان والقهر والتخلف ، وللتغلب على عوامل الضعف والهزيمة . أن حزبنا الذي ناضل وما يزال يناضل في سبيل الوحدة والحرية والاشتراكية ، وأعتبر أن هدف الوحدة لا يعلو عليه هدف وأن الوحدة ثورة بحد ذاتها ـ ليؤكد اليوم تأييده للخطوة الوحدوية بين مصر وليبيا الذي أعلنه الرفيق الأمين العام للحزب معتبراً أن (أي قرار يتخذ لتعميق مضمون الاتحاد ، ننظر إليه كتعبير عن إرادة الشعب العربي في سورية ، وكتحقيق لتطلعات الشعب العربي الوحدوية ).