النهار - صحوة الأزهر بين فقه البادية والتشيّع "الأمني"
الأربعاء 20-10-2010
صحوة الأزهر بين فقه البادية والتشيّع "الأمني"
بلهجة اعتراضية سألني بعض الذين قرأوا الحوار الذي اجريته مع شيخ الازهر الدكتور احمد الطيب في "قضايا النهار" يوم الجمعة المنصرم (15/10/2010) لماذا اعتبرت لبنان وحده في احد اسئلتي بلد الفتنتين المسيحية – المسلمة والسنية – الشيعية معا، ولم اضع العراق ضمن هذا التصنيف، حيث ايضا، الى الحساسية السنية الشيعية هناك مشكلة لمسيحييه (اي لمسيحيي العراق) مع بعض مسلميه؟
جوابي هنا انه لا تنطبق على العراق حالة الفتنة المسيحية – المسلمة التي تنطبق على مصر وعلى لبنان، لسبب اساسي هو ان المسيحية العراقية ضئيلة جدا عدديا وبالتالي ليست طرفا في صراع سياسي او كنسي او اجتماعي مع المسلمين العراقيين منذ العام 1932 اي منذ تلقت محاولة التمرد الآشوري في شمال العراق ضربة عسكرية قاصمة من الجيش العراقي، لم تؤد فقط الى هزيمة اول وآخر محاولة سياسية أشورية في الكيان العراقي المولود عام 1921، بل اخرجت ايضا "المسيحية السياسية" نهائيا من الخارطة السياسية العراقية منذ ذلك الحين. ومع هذا التحول بدأ نزيف مسيحي عراقي ديموغرافي جعل اعداد المسيحيين تصل منذ خمسينات القرن العشرين الى اقل من خمسة في المئة، واليوم وبعد سلسلة النكبات العراقية الى ربما اقل من اثنين في المئة.
اذن في العراق، خلافا لمصر ولبنان، لا وجود لفتنة مسيحية مسلمة وانما بشكل واضح هناك اضطهاد اجتماعي وسياسي وديني حاصل في بعض المناطق ضد المسيحيين الذين لا حول ولا قوة لهم. بينما في مصر هم كتلة عددية – جغرافية ضخمة بالملايين (ولا اريد ان ادخل في متاهة الارقام) تجعل نسبهم قياسا الى الكتلة السكانية المصرية سواء في العاصمة او في بعض المدن من الاسكندرية الى الصعيد كما الارياف نسبا تتراوح على مستوى الاراضي المصرية بين السبعة في المئة في اقل التقديرات الى الاثني عشر في المئة في أكثرها ولكن في الحالتين هي نسب بملايين الاشخاص من اصل الثمانين مليون مصري.
هكذا باختصار: في العراق حاليا اضطهاد صرف للمسيحيين. اما في مصر ولبنان فبمعزل عن مسؤولية التطرف الاسلاموي هنا وهناك، فالحالة هي حالة "فتنة" تتحرك او تتراجع لكنها فتنة ذات تاريخ سياسي جدا في لبنان بحكم التكوين المختلف للدولة اللبنانية منذ تأسيسها وهو ديني – اجتماعي احيانا ذو مسحة سياسية بحكم الطابع التاريخي الاكثري الحاسم للدولة المصرية منذ الفتح الاسلامي كدولة – رغم اختلاف الانظمة – ذات تقاليد "سلطانية" اسلامية.
لشيخ الازهر المتنور الجديد رأي لافت لم يتح الوقت لي ان اسأله عنه سبق ان قرأته في "الاهرام" (10/7/2010) ردا على سؤال مكرم محمد احمد (نقيب الصحافيين المصريين): "هل ترقى حقوق الذمي في الاسلام الى حدود المواطنة الكاملة؟". اجاب "الامام الاكبر":
"- نعم واكثر فالجزية كانت نوعا من ضريبة الدفاع عن النفس لانهم ما كانوا يشاركون في الجندية. وقد سقطت (اي الجزية) منذ زمن لان الاقباط يخدمون في الجيش والآن يشاركون في الدفاع عن الوطن. لهم ما لنا وعليهم ما علينا". الا انه يختم: "وإن كان من العدل ان يكون منصب رئيس الجمهورية من نصيب الاكثرية المسلمة كما هو الحال في كل الدنيا"... وربما كان في ذهن شيخ الازهر "كاثوليكية" الرئيس الفرنسي (من دون نص طبعا) او بروتستانتية الرئيس الاميركي (من دون نص ايضا!) ما عدا رئيس واحد كاثوليكي هو جون كينيدي او حتى الموقع الاساسي في الدولة عندما يكون رئاسة الوزراء كما هو الحال في الهند حيث رئيس الوزراء هندوسي (ويأتي رئيس جمهورية مسلم او سيخ) او حتى الآن في تركيا رئيس الجمهورية مسلم سني (دون نص) مع ان زعيم المعارضة الصاعد، اي رئيس حزب الشعب الجمهوري، الحزب الذي اسسه كمال اتاتورك، الحزب الكبير الثاني في البرلمان هو حاليا علوي، وغير ذلك من الامثلة التي يرتبط بعضها بالطابع الواقعي "الاكثري" للدولة وبعضها الآخر كما هي الحالة المصرية بنص صريح ان "دين الدولة الاسلام".
على ان هذا ليس حاليا ما يشغل بال شيخ الازهر الجديد ولا النخبة المصرية عموما ولا حتى النخبة القبطية، خصوصا المقيمة. ففي تقاليد الدولة المصرية - سيما في العهد الملكي – تسلم رئاسة الوزراء قبطي وكان الاستقلال المصري مرتبطا – كما هو معروف – بشراكة وطنية مسلمة قبطية في عشرينات القرن المنصرم. فالمعنى الذي تأخذه "الفتنة" في مصر يتناول مستويات اخرى من العلاقات الاجتماعية الى الاحوال الشخصية. وشيخ الازهر سبق ان صرح بانه "يوافق الأنبا شنوده مئة في المئة ان الاسلام يترك للاقباط تنظيم احوالهم الشخصية".
في البروتوكول المصري لشيخ الازهر رتبة رئيس وزراء، حاليا يتولى السفير المنتدب من وزارة الخارجية رفاعة الطهطاوي (حفيد رفاعة الطهطاوي الشهير بكتابه عن الحياة في باريس في الربع الثاني من القرن التاسع عشر) والديبلوماسي الذي عمل سابقا في ايران ولبنان واوروبا موقع مدير العلاقات العامة والمستشار السياسي لشيخ الازهر. اكثر من علامة لهذا الموقع القائم مبناه الحديث داخل القاهرة القديمة، تدل على ان "مشيخة الازهر" في عهدها الجديد مقبلة على دور او على استعادة دور ديني وثقافي كبير داخل وخارج مصر ولربما بمعنى ما سيكون لهذا الدور جانب مؤشر مرتبط ايضا بمراجعة دقيقة لبعض سياسات الدولة المصرية وإن كان من المبكر استعجال التوقعات في هذا المجال. لكن ربما يصح القول ان هناك اعتبارات جوهرية متعلقة بدور الازهر كجزء اساسي من الحضور المصري الداخلي والخارجي تبدو الآن على بساط التفعيل. فمن قال ايضا انه رغم كون "الازهر" جزءا من الدولة المصرية، ليس له في اهمية نفوذه معايير كـ"مؤسسة" ذات تراث ديني عريق يختصرها شيخ الازهر الجديد بأنها التأكيد على "الوسطية والاعتدال" في الوقت نفسه الذي لا يتردد فيه بان يكرر في مناسبة سابقة – وليس في الحوار معي – على نقد ما يسميه "فقه البادية" من جهة، وعلى التحذير من محاولة المساس بالعقائد – او المذاهب – الدينية للمصريين من جهة ثانية.
في المسافة الاولى النقدية موقف واضح من ضرورة استعادة الازهر قياديته حيال التيارات الاصولية والسلفية بل حيال الوهابية التي سعت الى "تعبئة الفراغ" وفي المسافة الثانية موقف واضح في رفض محاولات "نشر التشيع" داخل مصر، التهمة المتهمة بها ايران امنيا، باعتبار ذلك خطا احمر غير مسموح تجاوزه.
لكن ثمة فارق بين هاتين المسافتين اللتين تنضح بهما احاديث "الامام الاكبر" الجديد في القاهرة، فاذا كان نقد "فقه البادية" يعبر مباشرة او غير مباشرة عن تململ "مؤسسة الازهر" من تراجع دورها القيادي الديني في العالم الاسلامي وتحديدا السني، فهو نقد يتعلق حاليا اذا صح التعبير بـ"استراتيجية دينية للمؤسسة الاكبر في العالم الاسلامي او على الاقل السني" بينما الموقف من "نشر التشيع" يتصل اكثر باستراتيجية الدولة المصرية الخارجية حيال الصراع الاقليمي والتصاعد غير المسبوق في العصور الحديثة للنفوذ الايراني الجيوبوليتيكي والايديولوجي في المنطقة.
الميزان دقيق "دولتيا" وازهريا! صحيح ان شيخ الازهر كان واضحا في حواره من حيث رفضه اي موقف تكفيري ضد الشيعة بل حسمه انه يصلي وراءهم اي وراء ائمتهم كمسلمين، فأرفق ذلك باعلان رغبته الذهاب الى العراق – وبالاخص النجف – بناء على دعوة الوقفين الشيعي والسني العراقي المشتركة التي وجهت اليه اخيرا، وهذا ما ينتظره الكثيرون على احر من الجمر (وينزعج منه ايضا البعض!).
لكن من الناحية السياسية يمكن لمراقب مثلي ان يستنتج انه ستظل مشكلة عدم استقرار "الشيعية العربية" العراقية وهي الكتلة الشيعية الكبرى في العالم العربي، عاملا قلقا امام ترسيخ دور توحيدي شيعي سني على المستوى العربي. فمن دون استقرار هذه الكتلة الشيعية العربية ضمن الدولة العراقية المستقرة، ستبقى العلاقات بين الشيعة والسنة وكأنها هي محصورة بالعلاقات بين ايران والعالم العربي. وهذا سيكون عائقا امام تعزيز ادوار مع النجف كمرجعية شيعية اساسية بل الاساسية في قلب العالم العربي، من دون اي تقليل من الاهمية الفائقة لايران كدولة كبيرة في المنطقة، في المثلث الذي يضمها مع تركيا ومصر. فالعامل السياسي مثلما انه يمكن ان يؤذي مناخ "وحدة الامة" كما يحب رجال الدين المسلمون القول، يمكن ان يفيدها، ألم يكن للدور المتوازن والموزون الذي لعبته تركيا، دولة وحكومة، في هذه الفترة من الحساسية السنية الشيعية اثر عميق في لجم هذه الحساسية عاموديا وافقيا، مثلما هو الرهان حاليا على تأثير الاندفاعة البالغة الاهمية للازهر في هذا الاتجاه.
ربما من المفيد ان اذكر هنا الواقعة التالية: فقبل فترة، وبعد زيارة وفد الوقفين السني والشيعي العراقي الى شيخ الازهر وتوجيه الدعوة له لزيارة العراق طلب شيخ الازهر نشر خبر الدعوة وموافقته عليها في نشرة الازهر الداخلية ("صوت الازهر"). المحرر الذي كتب الخبر وضع العنوان التالي له: "شيخ الازهر يزور النجف". لكن رئيس التحرير شطب كلمة النجف ووضع مكانها كلمة العراق. وكان هذا قرارا صحيحا مئة في المئة. فالموقف الرصين يتطلب الاعلان ان شيخ الازهر ذاهب الى العراق لزيارة كل العراقيين شيعة وسنة وغيرهم وليس لزيارة الشيعة وحدهم على اهمية ودلالة زيارة النجف. وقلت لمن اخبرني الواقعة انني لو كنت مكان رئيس التحرير لفعلت الامر نفسه بدون تردد.
عام 1912، كان رجل دين طموح من جبل عامل يدخل القاهرة ويمشي في الازقة الفاصلة بين الجامع الازهر وسيدنا الحسين ليتصل بالشيخ سليم البشري شيخ الازهر في ذلك الزمن (جد القاضي الدكتور طارق البشري) ويبني معه علاقة شخصية تحولت الى صداقة سمحت لهما بنسج محاورات في عقائد السنة والشيعة وضعها العاملي الزائر في كتاب سيصبح شهيرا في الحوزات الشيعية في لبنان والعراق وايران. وهو عبارة عن نقاش تفصيلي ومسهب في كل ما يتصل بخلافات الشيعة الامامية مع المذاهب الاربعة. ومع ان الكاتب حاول باقصى جهده ان ينقل وجهات نظر محاوره الشيخ البشري بأكبر أمانة متاحة حتى ان القارئ احيانا يقتنع بوجهة نظر شيخ الازهر كما نقلها محاوره ولو بايجاز، الا ان الكتاب يعتبر بالنتيجة وجهة نظر شيعية كاملة في مواضيع الخلاف.
الكاتب هو السيد عبد الحسين شرف الدين احد اكبر علماء الدين الشيعة في القرن العشرين، والكتاب هو المعروف باسمه الشهير: "المراجعات". ولا نعرف ما اذا كان الشيخ البشري قد كتب شيئا مماثلا عن هذه المحاورات العقيدية الصرف.
يحب شيخ الازهر الجديد الدكتور الطيب وبكل تلقائية ان يذكّر بأن الفروق، حتى بين المذاهب السنية الاربعة، فكيف بين السنة والمذهب الجعفري (الذي اعيد الى منهج التدريس في الازهر) ليست بالامر غير الطبيعي، بل هو طبيعي في التأكيد على التنوع كسمة تكوينية في الاسلام. وهو روى لي في الحوار معه كيف انه اراد ان يتخصص خلال دراسته الدينية في المذهب الحنفي فاعترض والده المالكي المذهب واصر على دراسته المذهب المالكي "حتى لا نختلف في ما بيني وبينه". الدكتور الطيب، الحسني الارومة، اي من ذرية الامام الحسن وبالتالي من الفئة الاجتماعية المسماة "الاشراف" في العالم المسلم السني والشيعي. وهو ابن رجل دين وحفيد رجل دين شهير في محافظة قنا في الصعيد. وهو كاسلافه من شيوخ الازهر المعتاد اختيارهم من احد المذاهب الثلاثة الحنفي او الشافعي او المالكي بحكم انتشار هذه المذاهب في المجتمع المصري، مع الفروق تاريخيا بين "حنفية" النخبة وشافعية الجمهور الاوسع (الارجح انه لم يعين "شيخ ازهر" من المذهب الحنبلي في تاريخ المشيخة؟).
في هذا الهاجس المؤمن بضرورة اعادة تفعيل دور الازهر والتي عكسها شيخنا في الحوار معه على اكثر من مستوى: النوعي الاكاديمي، التحديثي العلمي، التأصيلي التراثي، الانفتاحي التنوعي، والنقدي المقارن في علم الاديان واعترافه الشجاع بفجوة ضعف بل غياب معرفة، رجال الدين المسلمين باللاهوت المسيحي... في هذا الهاجس، يستعيد الدكتور الطيب "وثيقة الشيخ شلتوت" وهي الرسالة التي بعث بها شيخ الازهر الشيخ محمود شلتوت الى الرئيس جمال عبد الناصر يشكو فيها من "ضعف دور الازهر". فالدكتور الطيب مقتنع على ما يبدو ويصرح علنا بان النظام الحاكم في تلك الفترة "اراد اضعاف دور الازهر بعد ان اختار الاشتراكية مذهبا للحكم ليظل الازهر مجرد مسجد...".
على اني وكما فعلت خلال الحوار سأقف مجددا في مجال التأكيد على الفكر المنفتح لشيخ الازهر الجديد والآتي من رئاسة جامعة الازهر والمتخصص في فرنسا، سأقف عند كتاب "الولاية والنبوة عند الشيخ الاكبر محيي الدين بن العربي" الذي ترجمه الدكتور الطيب عن الفرنسية وهو من تأليف الباحث "علي شودكيفيتش". في هذا النوع من الترجمة ليس المترجم مجرد شاهد بل هو مساهم في الاضاءة على آفاق مدهشة في قلب التجربة التراثية الدينية تكشف ان البشر، عبر مفكريهم، يحاولون دائما فتح المنظومات العقائدية ايا تكن درجة إحكامها (الهمزة تحت الألف) الذهنية والايمانية، والمترجم يقول في مقدمته:
"مشكلة تراث ابن عربي فيما اعتقد امران:
"الاول موسوعية هذا التراث وتنوع مجالاته وحقوله المعرفية وتوزعه بين مئات المؤلفات....
"الامر الثاني الغموض الشديد الذي يستحكم من وراء تعبيرات من اجمل التعبيرات واكثرها دقة وتحديدا على المستوى اللغوي او الدلالي...".
ويتابع: "واكبر الظن ان هذا هو السبب في انشطار علمائنا الاقدمين الى طائفة مالت الى تكفير الشيخ او تفسيقه او تبديعه واخرى تغنت بمكانته العليا بين منازل الاولياء والمقربين...".
انه اذاً، في هذا النطاق الحساس بل الخطير في المجال الديني يختار الاكاديمي الشيخ ان يترجم ويقدم لقراء العربية كتاباً حول امام كبير من ائمة التراث فينقل الكاتب عن ابن العربي في الصفحة 155 انطلاقا من تأكيد ابن العربي على رتبة الولاية (وخاتم الولاية) وانما بعد رتبة النبي وخاتم الانبياء النبي محمد:
"الختم ختمان، ختم يختم الله به الولاية، وختم يختم الله به الولاية المحمدية...".
"... وكما ان الله ختم بمحمد (صلعم) نبوة الشرائع كذلك ختم الله بالختم المحمدي الولاية التي تحصل من الورث المحمدي لا التي تحصل من سائر الانبياء فان من الاولياء من يرث ابرهيم وموسى وعيسى فهؤلاء يوجدون بعد هذا الختم المحمدي وبعده فلا يوجد ولي على قلب محمد (صلعم). هذا معنى خاتم الولاية المحمدية. واما "ختم الولاية" العامة الذي لا يوجد بعده ولي فهو عيسى (عليه السلام)..." والذي عنه حسب مقولة ابن العربي يرث الاولياء ويظهرون في الازمان اللاحقة للنبي محمد.
هذا غيض من فيض ليس مجالي – ولا اختصاصي – تقويمه هنا. انما اقدم عينة منه للتأكيد مرة اخرى على نوع من التراث الغني الذي يضع – ضمن الاطار السني لا الشيعي – مرتبة "الولاية" كأحد اشكال الاختيار الالهي ويقارنها بالنبوة وهذا موضوع الكتاب المترجم الذي ادعو الى قراءته.
• • •
على توسع مواضيع الحوار مع فضيلة الشيخ ابى الوقت الذي هو ضيق دائما الا ان يحرمني من طرح موضوعات جوهرية في عالمنا المعاصر. كان على جدول اعمال اسئلتي التجربة التركية واي نوع من "الاسلام التركي" في دولة علمانية يتبلور في علاقته مع الحداثة من وجهة نظر "الازهر" وما اذا كان شيخنا متابعا لتجربة مهمة جدا في تركيا وخارجها حول "الاسلام التعليمي" المؤثر عميقا في خلفية التطورات السياسية التركية في العقدين الاخيرين بشخص الإمام فتح الله غولن، كذلك حول تجربة لا تأخذ الاهتمام الكافي الذي تستحق رغم ضخامة مسرحها البشري وخصوصية ومستقبلية آفاقها الثقافية والسياسية وهي تجربة العلاقات بين المسلمين والهندوس والسيخ في شبه القارة الهندية.
نحن نتحدث هنا عن حوالى اربعمئة مليون مسلم في باكستان والهند وبنغلادش وحوالى مليار ومئتي مليون هندوسي ومئة وخمسين مليون مسلم او اكثر في الهند وحدها. كذلك كان بودي ان اعرف اين آلت اليه نظرة "الأزهر" الى الوضع الراهن لـ"الاخوان المسلمين" المصريين.
عل المستقبل يتيح استكمال هذا النقص في زمن اهتمامات الشيخ الجديد بقضايا كثيرة كان بينها تصديه الواضح لـ"فقه الفتنة"... بل الفتنتين.
• اشكر الدكتور احمد ابو الحسن المستشار الاعلامي في السفارة المصرية في بيروت على كل الجهود التي بذلها، ومنها ترتيب الحصول مسبقا على عدد من كتب ورسائل الدكتور الطيب، كما طبعا المساهمة في توفير الاجواء الملائمة لحصول اللقاء مع فضيلته.
جهاد الزين
(القاهرة)