السفير - نجاد يشدّد على الوحدة «لكي نكون أقوياء» وسليمان يؤكد «منع غلبة فريق على آخر»
السبت 16-10-2010
«السفير» تنشر وقائع من المحادثات الرسمية اللبنانية الإيرانية
نجاد يشدّد على الوحدة «لكي نكون أقوياء» وسليمان يؤكد «منع غلبة فريق على آخر»
داود رمال
مع انتهاء زيارة الرئيس الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد إلى لبنان، انتهت معها مفاعيل التحذيرات والتقديرات المتشائمة، بعدما أثبتت القيادة الإيرانية حرصا كبيرا على مراعاة الخصوصية اللبنانية وعدم إحراج لبنان في أي موقف خارج ثوابته الوطنية المنصوص عنها في الدستور أو في «خطاب القسم» أو في البيان الوزاري لحكومته العتيدة.
وبعيدا عما أعلن في البيانات الرسمية أو التصريحات العلنية، فإن الزيارة الرئاسية الإيرانية «أسست لعلاقات وطيدة بين لبنان وإيران على كافة الصعد، ووضعت إطارا عمليا لتطوير هذه العلاقات بما يعود على لبنان بالفائدة في مناح مختلفة، كما أن نجاد كان حريصا على إنجاح الزيارة وتفويت الفرصة على المراهنين على إفشالها وتحويلها إلى شبه أزمة، وذلك عبر دعمه المطلق للمرتكزات الثلاثة التي حددها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان خلال المحادثات الثنائية والموسعة لجهة أهمية صياغة الوحدة الوطنية اللبنانية وميثاق العيش المشترك، ودعم الدولة ومؤسساتها، وتعزيز الاستقرار والسلم الأهلي، «كأساس واجب لمواجهة المخاطر والمؤامرات التي تسعى لزرع الفتنة بين اللبنانيين وإضعاف قدراتهم الوطنية الرادعة».
وإذا كانت ايران على مدى العقود الماضية قد شهدت تغييرات في انظمة الحكم فيها وصولا الى انتصار الثورة الإسلامية «إلا ان للعلاقة اللبنانية الإيرانية جذورا ضاربة في عمق التاريخ منذ زمن الصحابي أبو ذر الغفاري والشيخ بهاء الدين العاملي، في إشارة معبرة للرئيس اللبناني والتي توقف عندها باهتمام كبير نظيره الإيراني، ليضيف سليمان أن هذا الانفتاح يتناقض مع منطق الدولة المعزولة التي لا تستطيع خدمة شعبها».
ويوضح مصدر رسمي واسع الاطلاع ان الرئيس الإيراني عمد الى إشراك رئيس الحكومة سعد الحريري في كل مواضيع البحث وفي أي طرح للتعاون الثنائي تم تداوله خلال جولات المحادثات المتعددة، كما تعمد نجاد إسباغ بعد وطني لبناني جامع على الحفاوة الشعبية والرسمية التي لقيها والوفد المرافق، متحدثا عن علاقات طيبة تربط ايران بالمسيحيين والمسلمين في لبنان وجميع أنحاء العالم، مركزا على المصالح المشتركة التي يقابلها أعداء مشتركون مما يستوجب تعزيزا اكبر للعلاقات الثنائية، خصوصا وان لبنان في الخط الأمامي للمواجهة والإسرائيليون أعداء لكل شعوب المنطقة ولجميع الطوائف، للمسيحيين والسنة والشيعة والدروز، ولا يريدون ان تكون هناك سيادة للشعوب على اراضيها، وكلما تعززت علاقاتنا الثنائية فإن العدو الصهيوني يزداد يأسا وإحباطا، لافتا الانتباه الى الحجم الكبير للقدرات التي يجب استغلالها بين البلدين مبديا جهوزية إيران لذلك، «لان مصيرنا مشترك ومستقبل المنطقة يجب ان نبنيه بأيدينا»
ويتابع المصدر الرسمي أن نجاد قال المضامين ذاتها تقريبا في لقاءاته الرسمية في بعبدا وعين التينة والسرايا الكبير ومقر إقامته (الفينيسيا) وأبرز رسالة معبرة أطلقها الرئيس سليمان خلال اكثر من لقاء عقده مع نجاد ثنائيا كان او موسعا، ومفادها انه ينبغي منع الغلبة في لبنان ما بين الطوائف والمذاهب والأحزاب والإتجاهات السياسية، لأن بلدنا قائم على الحوار الدائم والتساوي في الحقوق والواجبات، وإذا حصلت فتنة لا سمح الله في لبنان، «فإن إسرائيل ستكون في غاية السعادة والنشوة خصوصا وان الفتنة لن تأخذ طابعا امنيا فقط إنما ستضرب الإقتصاد الوطني ونتائجها أخطر من تهديدات وعدوان اسرائيل».
واوضح المصدر ان نجاد تبنى بالكامل كلام سليمان لا سيما المرتكزات الثلاثة التي حددها، مبديا استعداد بلاده لمساعدة الجيش اللبناني في التدريب والعتاد الذي يحتاجه، خصوصا وان الشعب اللبناني قوي ومقاوم وجبهة واحدة ضد العدو الصهيوني «وهذه ثروة عظيمة، وفي ظل دعم القوى الكبرى للعدو يجب تعبئة قوانا وقدراتنا للمواجهة والصمود، والوحدة اللبنانية اساس في ذلك، والجميع يجب ان يشارك في بناء لبنان لأن العدو يعادي الاطياف كافة مما يوجب الإتحاد والتعاون لتحقيق الوحدة لمواجهته ومواجهة التحدي الآخر وهو التنمية، لان العدو يهدف إلى عدم تنمية دول المنطقة من هنا فإن إيران مستعدة لتلبية كل احتياجات لبنان في الجانب الدفاعي إذا طلب ذلك».
واشار المصدر الى «ان نجاد بعث ايضا برسالة معبرة الى جميع اللبنانيين عبر القيادات التي التقاها بقوله، ان الجميع عزيز علينا ونشجعكم على الوحدة ونقبل ايادي الجميع ومستعدون لتقديم اي خدمة ليبقى لبنان موحدا، وهذه الوحدة واجبة بوجه المخاطر لذلك سنكرس على ارض الواقع كل ما اتفقنا عليه برعاية من رئيس مجلس الوزراء، وإذا تطلب تنفيذ الإتفاقيات مبالغ اكبر فنحن مستعدون للتلبية».
وتعمد نجاد، حسب المصدر، الإشارة الى اتصاله بالملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز، وانه قال له يجب أن نمد مع بعضنا البعض يد المساعدة للبنان، مضيفا أن الجميع يجب ان يعمل لوحدة لبنان، ونحن لا نملي عليكم شيئا انما جئنا لنقول لكم ماذا تريدوننا ان نفعل من أجلكم مشددا على انه مع اجتماع العرب ودول الجوار لا حاجة لمساعدة من الدول الأخرى، انما الآخرون سيطلبون منا العون ولن يستطيعوا تهديد أي بلد»، ملمحا «إلى وجوب صياغة إطار دفاعي إقليمي مشترك ذي بعد تنموي».
ولفت المصدر الانتباه إلى «ان الحريري ركز خلال المحادثات على الجانب الاقتصادي مشيرا الى ان العلاقات الإقتصادية بين البلدين دون المستوى المطلوب ويجب تطويرها والإرتقاء بها، ولبنان يستطيع المساعدة في مجالات تقنيات المعلومات في حين كرر نجاد الدعوة الرسمية للحريري لزيارة ايران في اقرب فرصة ممكنة».
وخلص المصدر الى اعتبار «ان زيارة نجاد عكست استعدادا ايرانيا منقطع النظير لمساعدة لبنان والحرص عليه بتنوعه وصيغته الفريدة، كما ان القيادات اللبنانية التي عبرت عن شكرها وتقديرها للدعم الايراني، كانت حريصة على تأكيد الثوابت اللبنانية بما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا».