كلمة المناضل - عدد- هل تساوي إرهاب الأفراد مع إرهاب الدولة ؟؟
كلمة المناضل العدد 291 تموز ـ آب 1998
هل تساوي إرهاب الأفراد مع إرهاب الدولة ؟؟
الدكتور فواز الصياغ
رئيس هيئة التحرير
في خطوة غير مبررة قامت الولايات المتحدة الأميركية في الأسبوع الماضي بشن غارات جوية على أهداف مدنية في كل من السودان وأفغانستان ودمرت عدداً من المنشآت غير العسكرية وخصوصاً في السودان حيث دمرت مصنعاً حديثاً للأدوية والعلاجات الطبية .
إن العمل الأميركي عدوان صارخ على سيادة الدول المستقلة وانتهاكاً صريحاً للقانون الدولي وسابقة تقوم بها الولايات المتحدة التي تدعي أنها الدولة الحامية للقانون الدولي وتطبيقاته وقراراته ، في هذا الخصوص .
لقد ثبت بعد تلك الغارات الإجرامية أن شريعة الغاب هي الممارسات السائدة لدى المتحكمين في مقاليد السياسية والقرار الأميركيين وأن الولايات المتحدة تمارس بذلك إرهاب الدولة المدان وفي نفس الوقت الذي يدان به إرهاب الأفراد والمجموعات . إن الإرهاب الذي يمارسه بعض الأفراد والمجموعات التي يئست من عدالة المجتمع الدولي ويئست كذلك من التطبيق العادل للقرارات الدولية وانتظرت طويلاً كي تأخذ الشريعة الدولية مجراها في معالجة قضاياها ومشكلاتها إن يأسها هذا دفعها إلى الطريق الخاطئ والمدان ألا وهو ممارسة أعمال تندرج في خانة الإرهاب الفردي الذي يضر بالمواطنين الأبرياء مثلما يضر بالقضايا التي يعملون من أجلها ، إن تصوراتهم لمثل هذه الأعمال تقود إلى نتائج سلبية كبيرة ولو أنها انطلقت من يأس قانط وظلامية خانقة أوصلتهم إلى حافة اليأس .
أما وان تمارس دولة ما وخصوصاً الولايات المتحدة الأميركية هذه الأعمال الإرهابية ضد دول لم يثبت بالدليل القاطع اشتراكها في أعمال إرهابية فإن ذلك لا يمكن تبريره بأي صورة ، وإذا كان الإرهاب الفردي مداناً أصلاً فكيف للإرهاب الذي تمارسه الدول أفلا يجب أن يدان أكثر من ذلك بمرات ...؟
إن الإعمال الإرهابية التي تمارسها إسرائيل ضد المواطنين وضد الدول العربية قد لاقت الإدانة والاستنكار الدوليين . ويجب أن يلاقي عمل الولايات المتحدة هذا الاستنكار والإدانة الدوليين أيضاً .
لقد دعت سورية مرات عدة لمؤتمر دولي يحدد مفهوم الإرهاب ويدين من يمارسه في مختلف الاتجاهات الفردية أو الدولية . وإن عدم الاستجابة لهذه الدعوة يكشف عن الأسباب الكامنة وراء ذلك ، وأهمها أن تلك الدول التي ترفض تحديد الإرهاب وتعريفه ليس إلا رغبة منها في ترك المجال مفتوحاً أمامها كي تمارسه هي بنفسها على غيرها من الدول ، أو تبرر لغيرها من الحلفاء ممارسته .
إن إدانة الإرهاب أمر ضروري لكن من الضروري أكثر هو التطبيق العادل للقرارات الدولية والزام الأطراف الرافضة له ومعاقبتها على نفس السوية التي تفرض على دول أخرى ووقف سياسة الكيل بمكيالين التي تمارسها الولايات المتحدة خصوصاً فيما يتعلق بقضايا الصراع العربي الصهيوني الذي يتمحور حول ما يدعى بأنه أعمال إرهابية .