البناء - بين الأقفاص والشباك ... الصياد في شرك الدولة
بين الأقفاص والشباك ... الصياد في شرك الدولة
صيداويات - الخميس 23 أيلول 2010
البناء - صيدا:
على الرغم من اللغط حول إستخدام الاقفاص الحديدية في الصيد البحري من قبل الصيادين على طول الشاطئ اللبناني إلا أنها أصبحت الوسيلة الأكثر رواجاً نظراً لما تنتجه من صيد وفير من جهة وتخفيف للأعباء المالية عن كاهلهم من جهة أخرى، على حساب الشباك التقليدية التي بدأت تفتقد رونقها الذي يرمز إلى هذه المهنة التي إحترفها الأجداد في هذا الوطن.
وقد أثارت هذه الطريقة سجالا بين الصيادين أنفسهم اذ طالب بعضهم بالغاء قرار وزير الزراعة رقم 20/1 الصادر في 15 كانون الثاني 2009 والذي بموجبه يسمح للصيادين بإستعمال "كمبرسير" الغوص خلال عمليات الصيد البحري، على قاعدة "ان الموافقة على استعماله سيزيد الظلم وقساوة عيش الصيادين ومن استعمال الديناميت ما يؤدي الى إبادة الثروة السمكية وحرمان مئات الصيادين أرزاقهم"، بينما طالب الاخرون بعدم الغائه على إعتبار ان "الكمبرسير" هو جزء لا يتجزأ من معدات الصياد وحرمان الصياد من استعماله هو جريمة تطال الصيادين. علماً أن طريقة إستخدام الاقفاص الحديدية في الصيد البحري يتطلب في المقابل إستعمال "كمبرسير" الهواء كي يتمكن الصيادون من رفعها بالغلة التي فيها بعدما تستقر قبل يوم في قعر المياه وعلى عمق يتطلب استخدام الهواء الاصطناعي،
وتتفاوت نسبة إستخدام الأقفاص في الصيد بين منطقة وأخرى، ففي صيدا وبالرغم من وجود عدد معين ممن يستعملون هذه الطريقة، إلا أن مجموعة كبيرة من الصيادين لاتزال تحافظ على وسائلها التقليدية باستعمال الشباك لصيد الاسماك من على متن المراكب البحرية، على عكس المنطقة الممتدة من منطقة الصرفند والزهراني وصولا الى صور، التي بات جل صياديها يعتمدون على الأقفاص من منطلقات إقتصادية وحضارية لا تضر بالبحر ولا بالبيئة ولا بالثروة السمكية.
"القرش" يوضح
ويقول الريّس أبو علي وهو صياد منذ حوالى 39 عاماً أن طريقة الصيد بالأقفاص" لا تكبدهم أعباء مالية كثيرة مثلما هو الحال جراء إستخدام الشباك على اعتبارها أكثر عرضة للاضرار والتلف بسبب الاسماك الغريبة والكبيرة وتحديدا "النفيخة"، ومن كثرة النفايات والاوساخ التي تعطل محركات المراكب، دون تعويض من قبل الدولة . لافتاً إلى أن أسعار الشباك باهظة الثمن على عكس الأقفاص التي لا يتجاوز ثمنها 100 دولار أميركي كما أنها تستطيع ان تصمد في وجه التيارات البحرية .
ويوضح الريّس أبو علي الملقب " بالقرش " نظراً لما مر عليه من تجارب مع البحار وصيد الأسماك، أن التفكير الشائع لدى البعض بأن استعمال "كمبرسير" الهواء مرتبط بالصيد بالمتفجرات غير صحيح على الإطلاق، فالصياد الذي يريد أن يخالف القوانين ليس بحاجة لأي تراخيص، وبإمكانه إذا أراد الصيد بالمتفجرات، بان يغوص لتجميع الأسماك المقتولة إما على قوارير الهواء المضغوطة أو على نفسه وبدون أي معدات غوص، وهناك من يقوم بتجميع ما يطفو من الأسماك المقتولة على سطح الماء فقط من دون الحاجة للغوص تحت الماء.
بينما يرفض الكثيرون من الصيادين اي قرار للدولة بمنع إستخدام "الكمبرسير"، يعني بطريقة غير مباشرة منع الصيد بالاقفاص الحديدية لانهما مترابطان معا، لأنه قرار ظالم، في ظل الظروف الإقتصادية والمعيشية الصعبة والحرمان من الضمان الاجتماعي التي يعاني منه صيادو لبنان .لاسيما أن الضمان هو حق مكتسب لأي مواطن من قبل الدولة التي لازالت تستغبن هذه الشريحة.