المحرر - بعض المنطلقات الأساسيّة لسياسة ديغول الخارجيّة - فرنسا
رسالة خاصة للمحرر من باريس تتحدّث عن :
بعض المنطلقات الأساسيّة لسياسة ديغول الخارجيّة … (1)
باريس : من مراسل " المحرر " مصطفى دندشلي :
إنّ فرنسا تحتل مركزاً استراتيجياً وسياسياً في منتهى الأهميّة في أوروبا الغربيّة وفي حوض البحر الأبيض المتوسط . وإنّه من المتعذر التحدّث عن سياسة موحدة لأوروبا أو عن سوق أوروبيّة مشتركة ، دون الأخذ بعين الاعتبار موقف وسياسة الحكومة الفرنسيّة . وإذا كانت فرنسا قد فقدت هذا الدور الممتاز والرئيسيّ في السياسة الدوليّة ، في فترة من الزمن ، نتيجة أسباب عديدة خارجيّة وداخليّة منها التزامها أثناء الحرب العالميّة الثانية ، إلاّ أنّها عادت لتحتله من جديد وبقوة عند عودة الجنرال ديغول إلى الحكم في أواخر أيار سنة 1958 . ومنذ هذا التاريخ ، فإنّ شخصيّة ديغول وتفكيره السياسيّ قد طبعا ولا يزالان إلى حدّ كبير عمله الرئيسيّ : الجمهوريّة الفرنسيّة الخامسة . لذلك فمن الصعب بل من المستحيل تفهم أيّة ناحية من نواحي نشاطاتها الداخليّة وعلى الأخص الخارجيّة منها ، دون البحث أولاً عن المنطلقات الأساسيّة التي تحدّد مفهوم ديغول للتاريخ وللأمة وللسياسة . لذلك فمن الأهميّة بمكان كبير إلقاء بعض الضوء على كلّ هذه النواحي ، قبل المباشرة في تحديد الخطوط العامة العريضة للسياسة الخارجيّة للجمهوريّة الخامسة .
وبالعل ، فإنّ نظرة ديغول للتاريخ هي نظرة فوميّة صرفة . إنّ التاريخ ، بالنسبة إليه ، ليس صراع طبقات أو ثورات اجتماعيّة ، وإنّما هو عبارة عن صراع دائم ومستمر بين الأمم . والأمة ، في هذا الصراع " التراجيديّ "، تكون المحور الأساسيّ والثابت للمجتمعات الإنسانيّة . إنّها المحرّك الأول للتاريخ . إنّ الثورات قد تتعاقب لتحدث تغييرات جذريّة سياسيّة كانت أم اجتماعيّة ، في أنظمة الدول المختلفة ، ولكن ما يبقى مستمراً هو وجود الأمم . وفي هذا الصدد ، يفهم قول "إندريه مالرو " الكاتب والديغوليّ الفرنسيّ المعروف !.. إنّ العالم الذي نعيش فيه هو عالم مكوّن من أمم . وكلّ تفكير سياسيّ لا ينظر أولاً إلى العالم كما هو عليه ، هو تفكير غير مجدي ".
ولكن هل كلّ الأمم متساوية من حيث الأهميّة السياسيّة أو الحضاريّة ؟.. طبعاً لا . إنّ هذا يشبه شخصيات المسرحيّة ، على حدّ قول أحد الديغوليين المتحمسين ، " بيار روسي "، في حديث مطول معه : إنّ أدوار المسرحيّة ليست متساوية ، هناك أدوار رئيسيّة ، أدوار البطولة ، وهناك إلى جانب ذلك أدوار ثانويّة . ولكن كلّ هذه الأدوار من رئيسيّة أو ثانويّة ضروريّة لتكامل المسرحيّة وتسلسلها . وهكذا شأن التاريخ والعلم الحاليّ الذي نحن فيه الآن .
إن ما يقصد من ذلك بطبيعة الحال هو الوصول إلى القول بأنّ الأمّة الفرنسيّة في نهاية التحليل هي " أمة عظيمة ". " وأنّ دورها الحضاريّ هو دور قياديّ لا يمكنها أن تتخلى عنه إلاّ إذا تخلت عن نفسها ". ولكن كيف عرف ديغول هذه الأمّة الفرنسيّة ؟.. ما هي عناصرها أو العوامل التي ساعدت على تكوينها ؟..
أولاً أنّ ديغول لم يهتمّ أبداً بإعطاء تعريف عام شامل للأمة ، لكلّ أمّة . إنّ اهتمامه انصبّ في الدرجة الأولى من بحث مكونات الأمّة الفرنسّة . إنّه تبع في ذلك المدرسة القوميّة الفرنسيّة ، مؤكداً في ذلك أهميّة العوامل التاريخيّة ومهملاً إلى حدّ كبير العوامل اللغويّة والثقافيّة كما هو الحال في المدرسة القوميّة الألمانيّة .
الأمّة الفرنسيّة ، إذن ، بالنسبة لديغول ، كما هو واضح في الصفحات الأولى من كتابه الأخير ، هي هذه المجموعة البشريّة التي ارتبطت بأرض مشتركة ، وتفاعلت عَبْر العصور وتوحدت عناصرها من خلال المحن المشتركة . إنّها ترتبط في الماضي والحاضر والمستقبل برباط لا ينفصم . والدولة أو السلطة السياسيّة تأخذ في هذا المجال أهميّة كبرى : إنّها تعبير عن وجود الأمّة الفرنسيّة ، آخذة على عاتقها تراثها في الماضي ومصلحتها في الحاضر وآمالها في المستقبل .
يتضح من ذلك ، إنّ هذا المنطلق المبدئيّ القوميّ بل الشوفينيّ كان من المنتظر أن يدفع فرنسا الديغوليّة إلى أن تغالي في تثبيت توسعها الاستعماريّ وفي تأكيد سيطرتها ونفوذها على الدول الأخرى وبشكل أخص في القارة الأفريقيّة . وإذا كان ذلك لم بحدث تماماً ، فالسبب يرجع قبل كلّ شيء إلى ظروف فرنسا الخاصة عند عودة ديغول إلى الحكم .
ما هي إذن هذه الظروف الداخليّة والعالميّة آنئذ ؟..
لا نغالي كثيراً إذا قلنا أنّ فرنسا ، منذ الحرب العالميّة الثانية ، وحتى سنة 1958 ، كانت " شبه مستعمرة " أميركيّة . السيطرة الأميركيّة فيها تمتد من الشؤون الاقتصاديّة والماليّة والسياسيّة حتى النواحي العسكريّة . فعند عودة ديغول إلى الحكم ، وجد نفسه وجهاً لوجه ضدّ هذا النفوذ الأميركيّ الواسع . فأوّل شيء سعى لتحقيقه هو تخليص فرنسا من الدائرة الأميركيّة وتثبيت استقلالها . استقلال فرنسا الكامل يمكن في هذه الحال ، أن يعتبر حجر الزاوية في سياسة ديغول الخارجيّة .
ولكن التوسّع الأميركيّ ، كما هو معروف ، لا ينحصر فقط في فرنسا ، وإنّما يمتدّ ، في هذه البقعة من الأرض ، إلى كلّ أوروبا . وإنّ أيّ دولة لا يمكنها أن تدافع وتحافظ على استقلالها وعلى حرية تحركها في المجال الدوليّ ، إذا وجدت إنّ الدول المجاورة لها فاقدة لهذا الاستقلال . من أجل ذلك فإنّنا نجد أنّ الصراع الفرنسيّ ـ الأميركيّ لم يلبث أن انتقل إلى الصعيد الأوروبيّ ليشمل فيما بعد المسرح العالميّ .
لماذا ؟.. هنا يجب علينا أن نلقي نظرة سريعة على الاستراتيجيّة السياسيّة والعسكريّة للولايات المتحدة الأميركيّة بعد الحرب العالميّة الثانية ، وعلى التحديد بعد استقبال ما يسمّى بالحرب الباردة في سنة 1947 . إنّ هذه الاستراتيجيّة كانت تنصب في الدرجة الأولى على إلقاء الحصار السياسيّ والعسكريّ على الاتحاد السوفياتي ومن ثم على ما يسمّى بالمعسكر الاشتراكيّ . وهي لذلك كانت تنصف أساساً بوجهين متلازمين أو بمرتكزين متكاملين !.. من ناحية بسط السيطرة الأميركيّة على أوروبا عن طريق تثبيت وجودها العسكريّ والاقتصاديّ بشكل أو بآخر على ألمانيا الغربيّة ، ومن ناحية ثانية ، اعتماد الشرق الأوسط كمرتكز للنفوذ والتوسّع إلى الشرق الأقصى . إذن أهميّة الشرق العربيّ بالذات لم يدخل فقط في حساب السياسة الأميركيّة كمنطقة ذات موارد اقتصاديّة (البترول) هائلة ، وإنّما كذلك كموقع استراتيجيّ عسكريّ وسياسيّ في منتهى الأهميّة لسياستها الشرقيّة . ففي هذا السياق يجب فهم في الدرجة الأولى ، خلق واحتضان أميركا لدولة إسرائيل . هذا يعني بتعبير آخر أنّ ألمانيا الغربيّة وإسرائيل ، كانتا النقطتان الأساسيتان للدبلوماسيّة الأميركيّة في أوروبا وفي العالم العربيّ .
أمام هذا الأمر ، فرنسا الديغوليّة وجدت نفسها هي الأخرى مضطرة ، إذا أرادت فعلاً أن تحافظ على استقلاليتها ، أن تبني لها استراتيجيتها ليس فقط على صعيد القارة الأوروبيّة وإنّما أيضاً على الصعيد العالميّ . فقد اعتمدت لذلك في تحليلها السياسيّ على اعتبار العالم العربيّ وأفريقيا بشكل عام ، أمراً " حيوياً " بالنسبة لحياة أوروبا الاقتصاديّة ومن ثم لاستقلالها . أو بعبارة أخرى ، إذا استطاعت أميركا بسط سيطرتها على العالم العربيّ ، فإنّها في هذه الحالة يسهل عليها إخضاع أوروبا لنفوذها ، لأنّها تمتلك عندئذ في يدها حياتها الاقتصاديّة .
لهذا ، عندما انفجرت الأزمة في سنة 1965 ببناء العلاقات الدبلوماسيّة بين ألمانيا الغربيّة وإسرائيل ، وجد ديغول في ذلك أو وراء ذلك " لعبة " أميركا لحصار فرنسا سياسياً وتنفيذ جانب مهمّ من استراتيجيتها العالميّة . ردّة الفعل أمام هذا أدّت قبل هذه الفترة بقليل وفي أثنائها ، إلى الابتعاد عن أميركا والتقرب من الاتحاد السوفياتي . هاجم حرب فيتنام . اعترف بالصين الشعبيّة . أطلق هجوماً نحو أميركا اللاتينيّة وجنوب شرق آسيا ، إلخ .. كلّ ذلك تمّ بعد أن خلص فرنسا من رواسبها الاستعماريّة البالية باستقلال بعض البلاد الأفريقيّة وباستقلال الجزائر على أثر ثورتها المسلحة .
وهناك ناحية يجدر لفت النظر إليها في هذا المجال وهي أنّ السياسة الخارجيّة لفرنسا الديغوليّة كانت تتصف أول ما تتصف بالبرجمانيكة ، أي بالمواقف العمليّة الواقعيّة . هذا يعني أنّ النظريّة السياسيّة والأيديولوجيّة ، ليس لها في تفكير ديغول شأن كبير . إذ أنّ السياسة وصراع الدول، إنّما ذلك هو تعبير قبل كلّ شيء عن مصالح أو اختلاف المصالح بين الأمم . في علاقاته الخارجيّة كان ينظر إلى الأنظمة السياسيّة المختلفة ، كقوى " قوميّة " حليفة في هذا الظرف أو يمكن أن تكون حليفة ، أو معادية ، وذلك بغض النظر عن أيديولوجيتها السياسيّة أو الفلسفيّة .
ففي هذا الشأن يؤكد " بيار روسي " أنّ ما يهمّ ديغول هو مصلحة فرنسا . ولكي يستطيع أن يدافع عن فرنسا وأن يعيد لها دورها السياسيّ العالميّ ، كلّ الوسائل لديه صالحة . منطلقه السياسيّ الأساسيّ هو : " الغاية تبرّر الوسيلة "، فهو في ذلك مكيفللي . ويوضح " روسي " ذلك أكثر عندما يقول : " إذا كانت مصلحة فرنسا واستقلالها في جانب إسرائيل في الصراع الفلسطينيّ الصهيونيّ ، لكان ديغول حليف غسرائيل ".
كذلك ايضاً فإنّ تقرب فرنسا الديغوليّة من الاتحاد السوفياتي مثلاً ، لم يكن " تبنياً " أو موقفاً معتدلاً من النظريّة الشيوعيّة وإنّما كان بالدرجة الأولى كمظهر من مظاهر الاستقلال الفرنسيّ بالنسبة إلى المعسكر الغربيّ بقيادة أميركا وعلى اعتبار الاتحاد السوفياتيّ كدولة كبرى همّها الأساسيّ الدفاع عن مصالحها وتثبيت نفوذها في الدائرة التي تسيطر عليها وتعبير في الأساس عن موقف قوميّ : القوميّة الروسيّة . لذلك نرى أنّ ديغول لم يستعمل إلاّ نادراً ـ مرة أو مرتين ـ تعبير الاتحاد السوفياتيّ . وإنّ ما كان يؤكد عليه كثيراً هو : روسيا السوفياتيّة . وفي هذا السياق أيضاً يمكن أن يفهم اعترافه بالصين الشعبيّة . فهو لا يعني اعترافه بالنظام الاجتماعيّ أو الأيديولوجيّة الماركسيّة ، وإنّما الصين لديه بلد عريق يريد ويسعى قبل كلّ شيء أن يحافظ على وجوده القوميّ وعلى تثبيت استقلاله السياسيّ ليس فقط بالنسبة إلى المعسكر الرأسماليّ وإنّما كذلك بالنسبة إلى الاتحاد السوفياتيّ .
ولكن السياسة الاستقلاليّة التي انتهجها ديغول في علاقاته بالمعسكرين الرأسماليّ الغربيّ والاشتراكيّ الشرقيّ ، كانت تسعى هي الأخرى لخلق مجال حيويّ لها وبناء قوة أو كتلة ثالثة لتستطيع أن تنافس الماردين العالميين ، هذه الكتلة الثالثة هي وحدة الدول الأوروبيّة تحت الزعامة أو النفوذ الفرنسيّ . ولنجاح هذه الاستراتيجيّة السياسيّة الفرنسيّة سعى ديغول فيما سعى إليه ، إلى تخليص ألمانيا الغربيّة من السيطرة الأميركيّة وإرساء أسس التقارب بين البلدين كخطوة أولى لتنفيذ مشروع الوحدة الأوروبيّة .
وعلى كلّ حال ، فإنّ السياسة الخارجيّة الديغوليّة كانت في خطوطها العامة العريضة ، وبغض النظر عن أهدافها العميقة الخفية ، هذه السياسة كانت ـ كما يقول الحزب الشيوعيّ الفرنسيّ ـ " موضوعياً تقدمية " . ولكنّها تتناقض كلياً مع سياسته الداخليّة اليمينيّة . إنّ هذه السياسة الخارجيّة كانت تظهر " تقدمية " أو " يساريّة " نسبياً لأنّها كانت تقود حرباً ، أحياناً خفية وأحياناً أخرى علنيّة ، ضدّ التوسّع الأميركيّ في جميع أنحاء العالم . كانت فرنسا في هذه الفترة ليس فقط وعملياً ، كمثل يحتذى به بالنسبة على كثير من الدول الأوروبيّة الخاضعة للنفوذ الأميركيّ وإنّما كذلك ـ وهنا الأهميّة الكبرى ـ كعامل محرك لاستقلال دول العالم الثالث التي تناضل من أجل تحررها الوطنيّ .
من أجل ذلك كلّه ، فإنذنا نجد طوال حكم ديغول أنّ اليسار الفرنسيّ يتحبط ويتردّد ويتمزّق شيئاً فشيئاً في موقفه منه . المنظمات " اليساريّة " التقليديّة ـ عدا الحزب الشيوعيّ ـ والشخصيات السياسيّة وعلى رأسها " جي موليه " أو فرنسوا ميتران ، ظهرت وكأنّها متخلفة كثيراً وكثيراً جداً عن المواقف " اليساريّة " لديغول في سياسته الخارجيّة . لذلك ، فليس صدفة أن نجد أيضاً أنّ ما يقرب من 3 ملايين ناخب يساري قد أيّدوا ديغول في انتخابات الرئاسيّ في أواخر سنة 1965 ضدّ مرشح اليسار الموحد .
ولكن ديغول في رسم وتطبيق سياسته العالميّة الطموحة ، لم يعر انتباهه إلى ناحيتين أساسيتين ، بدونهما لا يمكن أن يكتب لهذه السياسة النجاح : من جهة القاعدة والقوة الاقتصاديّة والصناعيّة والماليّة اللازمة ، ومن جهة ثانية ، الرغبة والتأييد الشعبيّ الواسع لدعم هذه السياسة .
لهذا ونتيجة لذلك ، فإنّ الوضع الاجتماعيّ الداخليّ سواء كان منه شروط العمل والسكن أو التعليم مثلاً لا يزال في درجة من السوء كبيرة . وذلك إذا قورن مثلاً ببعض الأنظمة الاجتماعيّة في بعض البلاد الأوروبيّة كألمانيا وهولندا ... التذمر والنقمة الاجتماعيّة أخذت تنتشر ومنذ مدة طويلة لتعمّ مختلف فئات الشعب الكادحة . إنّ الفرد العادي الفرنسيّ لم يفهم أبداً كيف أنّ بلداً كفرنسا ، يعاني الكثير من أزمة السكن والشروط الصحيّة الضروريّة ، يسعى في نفس الوقت لبناء قوة عسكريّة نوويّة هي أكبر بكثير من إمكانياته الصناعيّة والاقتصاديّة الحاليّة .
من هنا يأتي إذن ما يمكن أن نسميه بالطلاق بين السياسة الخارجيّة لديغول وبين سياسته الداخليّة أو بين شخصيّة ديغول السياسيّة وبين عامة الشعب الفرنسيّ ، إنّ الصورة التي رسخت في ذهن الفرد العاديّ الفرنسيّ عن ديغول هي أنّه يريد في الدرجة الأولى بناء وتأكيد شخصيته السياسيّة التاريخيّة ، ولو كان ذلك على حساب رفع مستوى المعيشة وتحسين شروط العمل والاهتمام بتغيير البنية الاجتماعيّة البالية لفرنسا .
من أجل ذلك وعلى أساس هذا الوضع النفسيّ العام ، لاقت حركة الطلاب في أيار سنة 1968 ، الرافضة للمجتمع الرأسماليّ ، ولكلّ مظاهر السلطة الطاغية ، لاقت هذه الحركة نجاحاً سريعاً وعاماً في جميع أنحاء فرنسا وفي مختلف الفئات الاجتماعيّة ... في هذه الأزمة العميقة ، الأزمة الحضاريّة ، وجدت أيضاً بعض القوى الصناعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة المعادية لديغول والمدعوم بشكل أو بآخر من الرأسماليّة ومن المخابرات الأميركيّة ، فرصتها النادرة لتضرب هي الأخرى ضربتها . فالحلم الديغوليّ . إذن ، قد تحطم عملياً منذ حوادث أيار الطلابيّة ورسمياً بفشله في الاستفتاء الشعبيّ العام في نيسان سنة 1969 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [1] ) أنظر ، جريدة " المحرر "، 19 كانون الأول 1970 .