كلمة المناضل - عدد - رسالة قانا إلى شرم الشيخ وحدة وصمود في وجه عناقيد الحقد الصهيوني
كلمة المناضل العدد 277 آذار ـ نيسان 1996
رسالة قانا إلى شرم الشيخ
وحدة وصمود في وجه عناقيد الحقد الصهيوني
الدكتور فواز الصياغ
رئيس هيئة التحرير
بعد العمليات الاستشهادية التي وقعت في فلسطين المحتلة في كل من القدس وعسقلان وتل أبيب في آذار الماضي تصاعدت حدة الهجمة الصهيونية الإمبريالية على جماهيرنا العربية خصوصاً في أقطار المواجهة التي رفضت حتى الآن السلام الإسرائيلي وتمسكت بحق الأمة وجماهيرها في حل عادل مشرف يضمن الحقوق واستعادة الأرض والأمن والسلام الدائمين .
بعد تلك العمليات تداعت قوى العدوان لعقد مؤتمر شرم الشيخ الذي كان الهدف منه هو ضمان الأمن والسلام لإسرائيل فقط ومعاقبة كل من يجرؤ على المطالبة بحقوقه وأرضه والمطالبة بتطبيق القرارات الدولية التي أقرت بشأن الصراع العربي الصهيوني وخصوصاً قرارات مجلس الأمن 242 ، 338 و 425 والتي على أساسها عقد مؤتمر مدريد من أجل تحقيق سلام وأمن شامل في منطقة الصراع العربي الصهيوني .
لقد أدانت سورية ولبنان ذلك المؤتمر سيئ الذكر وذلك لأهدافه المشبوهة ورفضت المشاركة فيه لما له من انعكاسات سلبية على الأمة العربية وقضية الصراع العربي الصهيوني واستمرار احتلال إسرائيل للأراضي العربية والتنكر للحقوق المشروعة لعرب فلسطين واستمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان وعدم الالتزام بتطبيق القرارات الدولية .
والمؤتمر بأهدافه المعلنة والخفية من قبل إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة الأميركية كان محاولة لإنقاذ رئيس وزراء إسرائيل شمعون بيريز وتأكيد دعمه للانتخابات الإسرائيلية القادمة وهو محاولة أيضاً لكسب دعم اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأميركية من أجل تأييد الرئيس بيل كلينتون في الانتخابات القادمة فالمصالح متبادلة سواء منها ما يتعلق بالمصالح العامة للدولتين أو المصالح الانتخابية للطرفين .
لقد أعطى المؤتمر المذكور إسرائيل الضوء الأخضر لزيادة الضغط على القوى العربية المقاومة للمشاريع الصهيونية ومشاريع الهيمنة التي تحاول فرضها على العرب وأعطاها كذلك حرية الحركة في كل الاتجاهات لضرب المصالح القومية العربية مدعوة من الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها كما وأعلن للعرب الذين وقعوا مع العدو اتفاقات سلام زائفة أن أي تحرك إسرائيلي إن هو إلا المقاومة " الإرهاب " الذي يستهدفهم أ]ضاً لذا يجب عدم معارضته بل وتأييده وربما طلب منهم دفع تكاليف ونفقات مثل هذه العمليات الصهيونية الإجرامية .
وكان الاعتداء الواسع على لبنان الذي بدأ يوم 11 / نيسان / 1996 وما زال مستمراً واستهدف المنشآت المدنية والمهجرين بمجازر رهيبة لم تشهد المنطقة مثيلاً لها منذ المجازر التي ارتكبها المعتدون الصهاينة في صبرا وشاتيلا في لبنان ومنذ مجازر قبية ونحالين ودير ياسين وكفر قاسم في فلسطين ومنذ المجزرة الرهيبة التي راح ضحيتها طلاب مدرسة بحر البقر في مصر وغيرها من عشرات المجازر التي ارتكبها العدوان الصهيوني على الأمة العربية خلال عدوانه المستمر في الخمسين سنة الماضية .
لقد أظهر العدوان الهمجي الصهيوني على لبنان أن إسرائيل مدعمة من الولايات المتحدة الأميركية لا ترغب أبداً في سلام عادل وشامل على أسس ومقررات الشرعية الدولية .
وترغب فقط في الضغط على القوى الرافضة لهذه السياسة الصهيونية الإمبريالية والتي تمثلها سورية ولبنان وقوى المقاومة فيها وتتخذ من أعمال المقاومة المشروعة للاحتلال مبرراً لضرب المدنيين وقتل الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير البنى التحتية للبنان الذي بدأ يتعافى من الحرب الأهلية المدمرة التي فرضتها عليه قوى لا تريد للبنان ولا للأمة العربية أي خير أو تقدم أو استقرار .
وإسرائيل بعدوانها الجديد لا تستهدف المواقع العسكرية للمقاومة فحسب بل وطالت المؤسسات المدنية والبنى الاقتصادية والاجتماعية في لبنان إضافة إلى المواطنين العزل وذلك توطئة لهدفها البعيد والذي تخطط لتنفيذه وهي أن تكون النواة الوحيدة الفعالة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً في مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تعمل من أجله .
ورغم التحرك العالمي من جميع القوى التي أدهشتها فظائع العدوان الصهيوني على لبنان والتي طالبت بوضع حد له وإزالة أسبابه وأهمها وأبرزها استمرار الاحتلال الصهيوني لجنوبه وعدم تطبيق القرارات الدولية وعدم تحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة فقد أعلنت إسرائيل أنها ترفض أية مبادرة أخرى غير المبادرة الأميركية وترفض أي وسيط غير الولايات المتحدة وعملت وتعمل على إفشال أي جهد دولي لوقف العدوان وإدانة ما قامت به من مجازر كان أبرزها مجزرة قانا ضد اللاجئين والمهجرين اللبنانيين في مركز للأمم المتحدة والقوات الدولية حيث صعق العالم لتلك المجازر الرهيبة .
لقد أثبتت الوقائع ومجريات الأمور العسكرية والسياسية أن إسرائيل قد فشلت في تحقيق أي من أهدافها التي أعلنتها منذ بدء عملياتها العسكرية في لبنان كما أن صمود اللبنانيين بكافة فئاتهم وانتماءاتهم وقواهم ووحدة موقفهم إزاء العدوان والتصدي له بالوسائل المتعددة ودعم سورية وجميع القوى الشريفة والمحبة للسلام العادل قد أثبتت عقم السياسة التي تنهجها إسرائيل والتي شجعت عليها قرارات مؤتمر شرم الشيخ السيئ الذكر .
وإن سورية وحزبها حزب البعث العربي الاشتراكي وقيادتها وخصوصاً الرفيق الأمين العام للحزب رئيس الجمهورية حافظ الأسد الذي وقف مع لبنان في كل مراحل نضاله سواء أيام محنته الداخلية أو أمام الغزو الإمبريالي الخارجي أثناء تلك الأحداث يوم نزلت الأساطيل الأجنبية على شواطئه ، واليوم تقف سورية وحزبها وقائدها مع لبنان الشقيق وتعمل بمختلف الوسائل لإنهاء العدوان وتصفية آثاره ودحره نهائياً عن أرض الوطن وتعمل سورية مع جميع القوى الراغبة في وضع حد لهذا العدوان الهمجي وإزاحة مبرراته وخصوصاً الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني لجنوب لبنان وستخرج أمتنا وجماهيرها أقوى شكيمة وأصلب عوداً في مواجهة أي عدوان يستهدف أمنها وكرامتها وأرضها .