كلمة المناضل - عدد- في سبيل موقف عربي جديد
كلمة المناضل العدد 270 ك2 ـ شباط 1995
في سبيل موقف عربي جديد
الدكتور فواز الصياغ
رئيس هيئة التحرير
جاءت قمة الإسكندرية بين الرؤساء حافظ الأسد وحسني مبارك والملك فهد في الشهر الماضي لتضع لبنة في بناء موقف عربي موحد وجديد يأخذ بعين الاعتبار المتغيرات السياسية والاقتصادية التي يمر بها العالم وتمر بها منطقتنا العربية على وجه الخصوص .
لقد كان لتوقيع اتفاقات الصلح المنفردة مع العدو الصهيوني خلال السنة الماضية سواء كان الاتفاق الفلسطيني الإسرائيلي أو الاتفاق الأردني الإسرائيلي كان لهما تأثير سلبي واضح على مجمل الحياة العربية . وبفعل تنامي المد الضاغط على الأمة العربية التي تعيش أوضاعا صعبة في مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية .
ففي الجانب السياسي نرى الأحداث المتتالية والمتنامية التي تعصف بعدد لا بأس به من الأنظمة العربية وتكاد تشكل ضغطاً كبيراً عليها ففي الجزائر مثلاً تكاد تكون الأحداث اليومية الدامية هي القاعدة السائدة مما يضع الحكومة والبلاد تحت ضغط ورحمة الدول الكبرى وخصوصاً الولايات المتحدة الأميركية والتي أوضحت بيانات خارجيتها أنها تدعم ما توصلت له أحزاب المعارضة السياسية التي عقدت مؤخراً اجتماعات في روما برعاية مؤسسات دينية غربية معروفة وأصدرت بيانات توضح فيها خطط عملها المستقبلية وموقفها المعارض من النظام القائم حالياً في الجزائر .
وليبيا التي تعاني ضغوطاً أمريكية وغربية عديدة منذ عدة سنوات بسبب ما اتهمت به حول حادث الطائرة الأميركية التي سقطت فوق مدينة لوكربي في اسكتلندا منذ عدة سنوات مما عرض ليبيا للحصار والتدخل العسكري والمقاطعة وفرض عليها ظروفاً اقتصادية واجتماعية كبيرة تزداد حدتها يوماً بعد يوم .
ومصر التي تتحرك فيها قوى الردة بنشاط محموم ، وتحاول فيها العناصر المتطرفة المسلحة زعزعة النظام والحياة الاقتصادية مما يؤثر سلباً على الوضع الاقتصادي في الوقت الذي تقف فيه الحكومة مواقف عربية واضحة فيما يتعلق بالصراع العربي الصهيوني على الرغم مما خلفته اتفاقات كامب ديفيد من قيود ثقيلة على مصر ، إن ما يجري في مصر حالياً يبدو وكأنه عقوبة تفرضها القوى المعارضة على النظام القائم بسبب مواقفه القومية والوطنية الداعمة للحق العربي ومعارضته لما يجري من استسلام للعدو ، ومعاقبة لها على موقفها الداعم لسورية في نضالها لمجابهة الغزوة الصهيونية والاستسلام العربي الرسمي .
وفي اليمن ما زالت نتائج الحرب المدمرة التي وقعت في السنة الماضية بين الأشقاء في البلد الواحد والخسارة الاقتصادية والعسكرية والاجتماعية التي لحقت بذلك القطر العربي ما زالت ذيولها تنعكس سلباً على الحياة هناك خصوصاً في جانبها السياسي مما دفع بها إلى التحرك العسكري في الفترة الأخيرة في محاولة للهروب باتجاه إثارة نزاع مع السعودية لولا تدخل سورية السريع والجاد لوضع حداً للتوتر الذي كاد أن يؤدي إلى نزاع مسلح تكون نتائجه كارثة جديدة على الوطن العربي ، إضافة إلى الكوارث المتلاحقة الأخرى .
وكذلك في السعودية فالضغوط تتوالى عليها سواء السياسية أو الاقتصادية لإيصالها إلى موقف يدفع بها إلى الاستسلام نهائياً للسياسة الصهيونية ، فها هي تعاني إضافة لما ذكرناه عن الوضع مع اليمن من أوضاع مشابهة مع بعض الدول الشقيقة المجاورة في دول مجلس التعاون الخليجي الذي يرغب عدد منها بإقامة علاقات وتمارس كذلك سياسة كيل الاتهامات بدعم الإرهاب بهدف الهروب من مواجهة استحقاقات السلام القائم على العدل الذي تدعو له سورية وتتمسك بركائزه .
لقد وعى حزب البعث العربي الاشتراكي وقيادته في سورية أن ما يواجه الأمة العربية خطير وقاتل . وكان دائماً يوجه السياسة الصهيونية والقوى الحليفة والداعمة لها بموقف يدعو إلى الوحدة أولاً فهي وحدها الكفيلة بالصمود أمام هذا المد الخطير الذي يجتاح العالم ويستهدف أمتنا وجماهيرها تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً .
فوحدة الهدف ثم وحدة الإرادة فوحدة الأداة هي أساس المواجهة لذا فعندما دعا الرفيق الأمين العام للحزب رئيس الجمهورية حافظ الأسد ، إلى تنقية الأجواء العربية وإعادة اللحمة إلى الأمة وقواها كان بدعوته تلك يتمثل التاريخ ، وكان يعيش الحاضر ، وهو يرنو للمستقبل .
ومن هنا كان لقمة الإسكندرية أهمية كبيرة نأمل أن تستمر نتائجها حسب الآمال المعقودة عليها . فمصر عليها واجب تقوم به في مغرب الوطن وسورية لها دور في مشرقه والسعودية عليها مسؤولية في خليجه وجنوبه .
إن استمرار التعاون والتنسيق الهادف يدعم أمل الجماهير العربية على مساحة الوطن الكبير في مستقبل عربي أفضل .