صيداويات - أمن صيدا على المحك
أمن صيدا على المحك
صيداويات - الإثنين 20 أيلول 2010
محمد صالح - السفير - صيدا :
تجاوزت صيدا خلال الأيام القليلة الماضية أحداثاً أمنية خطيرة، ووجدت الهيئات السياسية والأمنية والشعبية نفسها، في عاصمة الجنوب، أمام واقع لا تحسد عليه، خاصة لجهة التداعيات التي خلّفتها عملية القتل في تعمير عين الحلوة، وتفلّت الوضع الأمني في ساحة النجمة التي تقع في وسط المدينة.
واعتبرت مصادر مطلعة أن أخطر ما شهدته صيدا خلال الأسبوع الماضي، كان مصرع أحد كوادر «الجماعة الإسلامية» في موقع «الربع الأمني الخالي» في تعمير عين الحلوة، إثر «إشكال فردي» بين شبان من المحلة وعناصر من تنظيم «جند الشام».
وتشير المصادر إلى تحرّك كافة الأجهزة، الأمنية وغير الأمنية، لسبر أغوار الحدث الأمني، ولمعرفة رد فعل «الجماعة الإسلامية» على هذا الحادث. فهل فيه استدراج للجماعة إلى فتنة مبيتة؟ وهل الجماعة في وارد أن تستدرج في مخيم عين الحلوة إلى معركة لا تريدها؟
فقد وصفت الأوساط المتابعة الحادث بكونه حمّال تداعيات بين «الجماعة» من جهة، والتنظيمات الأصولية السلفية في مخيم عين الحلوة من جهة ثانية، لكون الطرفين يشربان من منهل إسلامي واحد، ولأنه وضع الجماعة وتلك القوى، لا سيما «جند الشام»، في مواجهة مؤجلة مع بعضها البعض، لحين جلاء الملابسات التي رافقت مصرع «كادر» الجماعة.
وأكد مصدر إسلامي في صيدا لـ «السفير» حرص الجماعة على الأمن والاستقرار في صيدا ومخيماتها، رافضاً «أسلوب الاحتكام إلى السلاح»، معتبراً أن «ذلك لا يعني ضعفاً عند الجماعة الإسلامية، أو زهداً بدماء أبنائها، إنما إفساحاً في المجال لمعالجة المسألة بكل حكمة، ولسوق الفاعلين إلى العدالة. وبعدها، يبنى على الشيء مقتضاه».
أما الحدث الثاني الذي هزّ أعصاب الصيداوين وكاد يغرق المدينة في فوضى عارمة فقد وقع في منتصف الأسبوع الماضي، في ساحة النجمة، بين عناصر من قوى الأمن الداخلي وبين عدد من الشبان. وقد تطوّر الإشكال من التلاسن إلى التضارب بالأيدي، ثم بالسكاكين، فتعرّض أحد عناصر قوى الأمن للاعتداء بسكين في وجهه، ثم وقع إطلاق نار. حتى أن بعض الشبان حاولوا انتزاع بندقية عنصر في قوى الأمن! فكاد الدم أن يسيل في صيدا، لولا تدخل الجيش اللبناني في اللحظة المناسبة، إلى جانب قوى الامن الداخلي، حاسماً الموقف ومعيداً الأمور إلى نصابها.
ويؤكد شاهد عيان أن الحادث تخلله كرّ وفرّ، وهجمات وهجمات مضادة، حيث استدعت قوى الامن قوة كبيرة من «الفهود» للمؤازرة. وفي المقابل، استدعى الشبان «قوة مؤازرة» من رفاقهم من المدينة القديمة، وارتسمت خطوط تماس، فكانت معركة.. إلى أن تمكنت القوى الأمنية من اعتقال عدد من الشبان.
واستدعى الحادث تدخل قوة كبيرة من الجيش اللبناني، قدر عددها بأكثر من 250 جندياً، انتشرت في ساحة النجمة للسيطرة عليها، وفرّ ما تبقى من الشبان إلى المدينة القديمة. عندها، طاردهم الجيش وسدّ منافذ المدينة القديمة وأقفلها أمام المارة. ونفذت بعد ذلك عملية مداهمة كبرى في صيدا القديمة، استمرت حتى الصباح، وأسفرت عن إلقاء القبض على عدد من المشتبه فيهم.
وتؤكد مصادر مطلعة في صيدا أن ما شهدته المدينة خلال الأيام الماضية، «وضع الجميع أمام مسؤولياتهم، مظهّراً الحال التي يمكن أن تسود المدينة في القريب، إن لم تتم معالجتها». كما أن هذا الحادث دفع برئيس «التنظيم الشعبي الناصري» أسامة سعد إلى عقد لقاء عاجل مع قائد منطقة الجنوب الإقليمية في قوى الأمن الداخلي العميد منذر الأيوبي، لمطالبته بـ«ضبط الأوضاع الأمنية، ومعالجة المشاكل، جنباً إلى جنب مع الجيش اللبناني، من أجل تثبيت الاستقرار في المدينة وملاحقة المرتكبين، والتصرف بشدة وحزم مع هؤلاء المخلين بالأمن». وقال إنه «لا يوجد غطاء سياسي لأحد»، مشدداً على أن «أي تدخل من أي طرف لتغطية المرتكبين سيكون محل إدانة ليس فقط من قبلنا وانما من قبل كافة أبناء المدينة».
كما وضع «اللقاء التشاوري الصيداوي»، الذي عقد برئاسة النائبة بهية الحريري وبحضور الرئيس فؤاد السنيورة، هذه الحادثة على جدول اعمال اجتماعه. وأكدت مصادر في «اللقاء» أن «هذه المسألة بحثت كنقطة مركزية»، وجرت مناقشتها من زاوية «ضرورة وضع حد لأعمال الشغب التي شهدتها صيدا». وتعامل «اللقاء» مع الحادثة، بحسب المصادر، انطلاقاً من أن «مجموعة من الشباب أثاروا جواً من الشغب في ساحة النجمة، وقد أثنى اللقاء على جهود الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في ملاحقة المخلين بالأمن وحفظ الاستقرار في المدينة».
http://www.saidacity.net