الجمهورية - سوريا: النزف متواصل و"رمضان" على الأبواب
السبت 23 تموز 2011
ويكيليكس
سوريا: النزف متواصل و"رمضان" على الأبواب
مروان المتني - نيويورك
دخلت الأزمة السورية في بداية شهرها الخامس منعطفا جديدا حافلا بالخطورة مع بروز مجموعة عوامل أهمّها:
- تطوّر الحملات العسكرية والأمنية التي تقوم بها السلطات، وتحوّل بعضها اشتباكات تتلاحم فيها آليات الجيش مع مجموعات مسلحة بقذائف صاروخية ورشّاشات ثقيلة ومتوسّطة، وتسفر عن سقوط أعداد متزايدة من القوى الأمنيّة،
إتّساع رقعة المناطق الخارجة عن سيطرة القيادة، والتي يتعرض فيها الجيش والقوى الأمنية لمقاومة مسلّحة.
- تزايُد التقارير عن جرائم وتوتّرات ذات أبعاد مذهبيّة، وفي أكثر من مدينة أساسيّة.
- -تظاهرات واحتجاجات متنامية الأعداد والوتيرة في حماه وحمص ودير الزور وصولا إلى ضواحي العاصمة دمشق وداخل بعض أحيائها.
- نزول عدد من المثقّفين والممثلين المعروفين إلى الشارع أسوة بشرائح جديدة من الطبقات الوسطى والميسورة، لا سيّما في ضواحي العاصمة.
- ومع غياب أيّ مصادر مستقلة لاستقاء حقيقة ما يجري، لا سيّما في حمص والبوكمال وحماه، وإحصاء الأعداد الفعليّة للضحايا من المدنيّين والعسكريين، يبقى الثابت أنّ مسار التطوّرات ذاهب في اتّجاه المزيد من التصعيد والتدهور مع انتفاء وجود أيّ مؤشرات ملموسة إلى أمكانيّات التسوية أو الحسم، فلا الحوار يبدو منتجا، ولا محاولات الحسم العسكري تبدو مجدية، فيما شهر رمضان على الأبواب بخصوصيّاته وإيقاعه، لا سيّما مع دعوات المحتجّين إلى التجمّع يوميّا اعتبارا من بداية رمضان في ساحة الأمويين وسط دمشق ..!
- وتبقى التداعيات الاقتصادية للاحتجاجات المتواصلة لأكثر من 19 أسبوعا" محطّ مراقبة، خصوصا مع الدعوات للامتناع عن دفع مستحقّات مؤسّسات الدولة من كهرباء وهاتف ورسوم مختلفة، إضافة إلى الإضرابات المتكرّرة وتضرّر مصالح صغار التجّار في المدن التي شهدت وتشهد اشتباكات، خصوصا أنّ تردّي الحال المعيشيّة يزيد من غضب المواطنين وسخطهم. وإذا كانت معظم الدراسات تشير إلى أنّ الفقر هو السبب الأساسي للثورات، وأنّ إسقاط نظام الرئيس المصري حسني مبارك أتى نتيجة مباشرة لارتفاع أسعار المنتجات الأساسية، يبدو أنّ هذا العامل بدأ يتحوّل إلى عنصر ضاغط على النظام السوري الذي سارع، ومنذ بداية الاحتجاجات، الى إقرار مجموعة خطوات تخفّض أسعار المحروقات والمواد الأساسية في دولة يتحكّم القطاع العام بمفاصل اقتصادها.
- وفي ضوء ضبابيّة الصورة "الشاميّة" يبدو الوضع في لبنان مرشّحا للمزيد من الترقّب المشوب بالقلق، ففيما تحاول الأكثرية الجديدة امتصاص مفاعيل المحكمة الدوليّة على الشارع، وإطلاق عجلة العمل الحكومي لإعادة البلاد الى وضعية الحكم والمعارضة ضمن أصول اللعبة "الديمقرطية" المضبوطة والمدوزَنة بحسب تقاليد بلد الطوائف الـ 17، تتّجه الأنظار إلى مواقف واشنطن وبلدان أوروبية وعربية تجاه الملفّات الساخنة، كما تتّجه أيضا إلى حركة النائب وليد جنبلاط الذي خلط بتموضعه في الأشهر المنصرمة الأوراق وقلبَ موازين القوى، وتوقّفت دوائر معنية بلبنان عند مجموعة من المواقف لرئيس الحزب الاشتراكي بدءا بوصفه، من موسكو، الأزمة في سوريا بالثورة مع كلّ ما قد تحمله هذه التسمية من دلالات، وانتهاء بصورة عبوره "النهر" وانتظاره "القدَر" لجرفِ جثة عدوّه !!
- إذا كانت الثورات في منطقتنا العربية لعبة قدر بامتياز وفاجأت الجميع بمن فيهم القوى الخارجية والداخلية، وإذا كان سيل المحتجّين يشبه جرف الأمطار الغزيرة وتغييرها ملامح وطبيعة الأرض التي تسلكها، فإنّ الجهد يُبذل لتأطير هذا الجَرف، كلّ حسب مصالحه، فهل تنفع السدود التي تحاول القيادة السورية إقامتها لحماية العاصمة؟ أم إنّ قوى إقليميّة وخارجية تحاول تأجيج الطوفان ودفعه لإحداث التغيير الكامل؟
- وبحسب الميثولوجيا الأغريقية "ستيكس" هو نهر الخلود ويمثل الحدّ الفاصل بين الحياة والموت، فأيّ ضفة اليوم قد تنجو وأيّ طرف تموضع على ضفّة الهلاك؟ خصوصا أنّ هدير النهر يوحي بقرب فيضانه في زمن الأعاصير والزوابع المتواصلة؟
- فِعلاً الوضع محيِّر، وما قالته وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون عن تعقيداته هو الصورة الحقيقية التي تتحكّم بقرارات إدارة الرئيس باراك أوباما تجاه بلاد الشام، فهل تنجح وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية بقيادة الجنرال بترايوس في رسم صورة قريبة للواقع في محاولة لاستشراف المستقبل، خصوصا بعد الاجتماعات التي عقدها في أنقرة مع قيادات في المعارضة السورية؟ أم أنّ الأوضاع مرشّحة للمزيد من التصعيد والصدامات مع استعار المشاعر الدينية والمذهبية، خصوصا في ظلّ غياب أيّ إرادة حقيقية للتفاوض، وعدم وجود أيّ إطار تنظيمي واضح يؤطّر صخب الشارع السوري الهادر؟