الجمهورية - سوريا ضربت الاستقرار في لبنان لفرملة المحكمة الاسد يعتبر السلام مع اسرائيل تمديدا لعمر النظام
الخميس 14 تموز 2011
ويكيليكس
سوريا ضربت الاستقرار في لبنان لفرملة المحكمة
الاسد يعتبر السلام مع اسرائيل تمديدا لعمر النظام
كشف أحد مستشاري وزارة الخارجية السورية أن النظام الحاكم في دمشق لا يزال خائفا من تشكيل المحكمة الخاصة بلبنان، وقلق من إيجاد نفسه في موضع الإزدراء والعزلة الدولييْن، مشيرا الى أن النظام يعتقد أنه وجّه تحقيق سيرج براميرتز نحو براهين تورّط جماعات إسلامية متطرفة في لبنان. وأوضح في هذا السياق أن مخاوف النظام السوري من مسار التحقيق الدولي تفسّر الى حدّ كبير التوتر السياسي وبشائر عدم الإستقرار في لبنان، كاشفا في مسألة اتفاق سلام مع اسرائيل، أن نظام بشار الأسد يتوق للتوصل الى مثل هذا الإتفاق الذي يخدم إطالة عمر نظامه الحاكم.
ففي مذكرة سرية تحمل الرقم 07DAMASCUS22 صادرة عن السفارة الأميركية في دمشق في 9 كانون الثاني 2007، جاء أن اجتماعا عقد بين القائم بأعمال السفارة الأميركية وليام روبَك وأحد مستشاري وزارة الخارجية السورية في الشؤو ن القانونية لدى لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة، ناقلة عن الأخير أن النظام السوري متوتّر إزاء تأسيس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وشرح أن النظام يخشى العودة الى الموقف الذي عاشه في تشرين الأول من العام 2005، حين شعر بثقل الضغوط والتدقيق الدولي.
وأضاف المستشار القريب من وزير الخارجية وليد المعلم والذي يحافظ على علاقة صداقة وطيدة مع مدير المخابرات العامة علي مملوك، أن الخوف الحقيقي يكمن في أن العودة الى تلك الحال ممكنة حتى لو لم توجه التهم الى شخصيات مرموقة داخل النظام تهمة التورط في اغتيال رفيق الحريري.
وأشار المستشار الى أن النظام السوري غير منزعج كثيرا من أي تطوّر محدّد في التحقيق نفسه، ويشعر بأن طاقة لجنة التحقيق وتماسك فريق المحققين قد إضمحلّا في الأشهر القليلة الماضية، مشيرا الى أن النظام قدّم الى لجنة التحقيق معلومات كافية عن "القاعدة" وبعض المجموعات السنّية المتطرّفة الأخرى في لبنان من أجل خلق البراهين المنطقية التي تشير الى تورط هذه العناصر في عملية اغتيال الحريري، وهي طريقة عزلت ، حسب المستشار نفسه، والى حد معين، بعض الشخصيات الرئيسة في النظام السوري من امكان تورّطها في البراهين التي يتم جمعها عن عملية تنفيذ مخطط الاغتيال .
وشرح المستشار أن هذا سيدفع كل من المحقق براميرتز وأعضاء المحكمة الى بناء سيناريوهات متشعّبة حول جهات القيادة والسيطرة في العملية والتي لن تنجح في نهاية الأمر في المحاكمة.
التخوّف من المحكمة
يفسّر الوضع في لبنان
واعترف المستشار أن المخاوف السورية من تشكيل المحكمة الخاصة تفسّر الى حد بعيد، التطورات السياسية الداخلية في لبنان خلال الأشهر القليلة الماضية. وحسب رأي المستشار السوري، فإن نظام بشار الأسد يدعم في لبنان حصول المزيد من التصعيد الذي يخدم عرقلة احتمالات تشكيل المحكمة. ومع ذلك، فلدى حلفاء سوريا ارآء مختلفة نوعا ما حيال مخاطر المحكمة الخاصة، فحزب الله متوتر من اتبّاع المحكمة منهجا مفرط الحماس قد يهدد غطاء الحزب السياسي ويدفعه الى موقف طائفي علني قد يكون مضّرا سياسيا في لبنان. وأضاف أن الإيرانيين يعملون خلف الأضواء مع السعوديين من أجل وقف التصعيد في الموقف اللبناني، وهي نزعة أخرى تزعج السوريين وتتناقض مع حسابات مصالح الحكومة السورية في لبنان.
وبناء على تقديرات المستشار، فإن سوريا قد حصلت على بعض الضمانات من الروس في شأن المحكمة الدولية. ويرى أن رئيس الوزراء فلاديمير بوتين يدعم تشكيل هذه المحكمة، على الأقل نظريا. ونظرا الى موقف روسيا إزاء الشيشان، فإن الروس قلقون من السوابق القانونية في محاكم يتم تشكيلها من دون تأييد واضح من الحكومة. وأضاف المستشار أن الروس لن يدعموا أي قرار من الأمم المتحدة بتشكيل المحكمة الدولية تحت البند السابع في حال لم يتمكن اللبنانيون من احراز بعض التقدم بأنفسهم.
فريق قانوني بريطاني في سوريا
وأبلغ المستشار الى القائم بالأعمال وصول فريق من المحامين البريطانيين الى دمشق برئاسة المحامي كلير مونتغومري، ومهمته مساعدة الحكومة السورية في التعامل مع لجنة التحقيق الدولية. وأضاف المستشار أنه سبق واجتمع مع هذا الفريق، شارحا أن جهوده هي إحدى وسائل الهجوم لدى النظام في مواجهة لجنة التحقيق الدولية وتشكيل المحكمة الخاصة،مشيرا الى أن من جهوده أيضا زعزعة استقرار حكومة الرئيس فؤاد السنيورة.
إشارات هضبة الجولان
وفي ما يتعلّق بإشارات الحكومة السورية التي تعبّر عن مرونة في إعادة فتح المفاوضات مع اسرائيل، عبّر المستشار عن شكّه في تصريحات المعارضة التي تشير الى عدم رغبة الرئيس السوري، وحتى عدم قدرته في التوصّل الى اتفاق مع اسرائيل من أجل ايجاد حل نهائي لمسألة الجولان، مشيرا الى أن النظام السوري مهتمّ جدا بالتوصّل الى اتفاق كهذا، وهو قادر على تحقيقه. ومع ذلك، فإن النظام يفضّل مفاوضات مطوّلة، قائلا: من شأن إعادة إطلاق المفاوضات، توفير " بوليصة تأمين على حياة" النظام السوري، وإن احتمال الحصول على هذه "البوليصة" إضافة الى وعود مستقبلية في العودة الى الجولان، يحفزّ النظام على بذل المزيد من الجهود لإطلاق عملية السلام.
المشهد السياسي الداخلي، والإنتخابات المقبلة
وفي سياق آخر، تحدث المستشار عن الوضع السياسي داخل سوريا، مشيرا الى أن الضغوط التي تمارسها الحكومة السورية على المجتمع المدني والمعارضة، ما زالت كبيرة وساحقة. وحسب رأيه، فإن هذه الضغوط تكشف مستوى توتر النظام على رغم موقفه الداخلي المهيمن في شكل فاضح. وأشار الى أن الحكومة السورية، وبصرف النظر عن حزب البعث والأجهزة الأمنية، لا تحظى بسيطرة جيدة على العمليات السياسية على مستوى المجتمع المدني. ولكن الحكومة تبقى قادرة على استعمال القوة والإكراه في سبيل تحقيق أهدافها، وهي غير كفوءة في استخدام الأساليب السياسية الطبيعية، مشبها هذه الطريقة بـ"القبضة" وليس بالبراعة والتلاعب في الأساليب السياسية التي استخدمها حافظ الأسد في براعة كبيرة.
خوف من تزايد النفوذ الإيراني
وفي تعليق على عملية إعدام صدام حسين، قال المستشار أن الكثير من السوريين، وفي المقام الأول السوريون السنّة، غضبوا من هذه العملية التي يعتبرونها مثالا على تزايد النفوذ الشيعي والإيراني في العراق والمنطقة. ولاحظ المستشارالسوري أن النفوذ الإيراني في سوريا يستكمل انتشاره، ويسبب حالا من الإنزعاج في الكثير من الأوساط، من ضمنها العسكرية ونخبة رجال الأعمال الدمشقيين.
وعلى سبيل المثال، أضاف المستشار، يحاول النظام عدم لفت الأنظار الى التعاون مع إيران داخل الجهاز العسكري السوري، ذلك من أجل تجنّب المزيد من المقاومة، واصفا التعاون بين سوريا وايران بـ" البارز والعدواني".