الجمهورية - كيف قوّم الأميركيون "سوبرستار": العطش إلى الديمقراطية تُرجم تصويتاً
الجمعة 13-5-2011
كيف قوّم الأميركيون "سوبرستار":
العطش إلى الديمقراطية تُرجم تصويتاً
ففي مذكرة سرية تحمل الرقم 03AMMAN5339، صادرة في 22 آب 2003 عن السفارة الأميركية في عمان، جاء أنه تم الإعلان في 18 آب (عن فوز ديانا كرزون، وهي مغنية أردنية شابّة ذات إحساس عال في الغناء، بلقب "سوبر ستار" في البرنامج الذي يحمل الاسم نفسه على شاشة "المستقبل"، وذلك بعد حصولها على نسبة الأصوات الأعلى في تصويت واسع النطاق أُجري على مستوى العالم العربي.
ويرى بعض المعلّقين الأردنيين السياسيين أن العملية الانتخابية التي تمّت عبر محطة "المستقبل" الفضائية اللبنانية، والتي رشح عنها فوز كرزون على مغنية سورية بنسبة أصوات تبلغ 52 في المئة في مقابل 48، هي عملية أكثر حرية وعدالة من تلك المعهودة في المنطقة.
وفي الوقت الذي كان مجلس النوّاب الأردني منعقدا لمناقشة إعطاء الحكومة الجديدة الثقة وإصدار قوانين موقّتة، كان الجمهور الأردني يخوض نقاشا من نوع آخر...
فقد قام آلاف الأردنيين بالتصويت لابنتهم عبر شبكة الإنترنت، أو من خلال الاتصال على أرقام الهواتف المختصة. وأعقب إعلان فوز كرزون تقاطر آلاف الأردنيين إلى الشوارع للاحتفال، مطلقين العنان لأبواق السيّارات ومنشدين الأغنيات، ومسببين زحمة سير خانقة دامت ساعات عدة .
"سوبر ستار" ثقافة إمبريالية مستوردة من أميركا
سَحرَ برنامج المواهب "سوبر ستار" القومي العربي الجماهير في جميع أنحاء العالم العربي، وطغى على عناوين الصحف التي كانت تسلّط أضواء كاشفة على أزمات العراق وفلسطين، مستأثرا بأحاديث الناس وانشغالاتهم أينما كانوا. وقد نال البرنامج شهرة واسعة في الأردن، إلى درجة حملت "جبهة العمل الإسلامي" على التحذير منه، معتبرة أنه "يُلهي المواطنين عن المسائل المصيرية ويفسِد الذوق العام ويلحق الضرر بالقيم الاجتماعية". كما زعمت الجبهة أن البرنامج هو بمثابة "ثقافة إمبريالية مستوردة من الولايات المتحدة الأميركية".
جهد جماعي لمصلحة كرزون
تهافت الأردنيون للتصويت لمرشحتهم، منفقين من أموالهم الخاصة ليؤمّنوا فوزها. وفي يوم واحد صرف 55 ألف أردني نحو 750 ألف دولار أميركي على رسوم الاتصالات الهاتفية الطويلة المدى التي قاموا بها للتصويت .
نظريات أسباب الفوز وتحليلاته
وفيما نصّب عدد من الأردنيين أنفسهم سببا رئيسا لفوز كرزون، قدّم آخرون تفسيرات بديلة، إذ يعتقد البعض أن اللبنانيين المسيحيين الذي يمثلون شريحة كبيرة من جمهور تلفزيون "المستقبل"، صوّتوا لمصلحة كرزون لكي يهزموا المرشحة السورية، بعد أن استفزّهم طلب المرشح اللبناني ملحم زين، الذي وصل إلى التصفيات نصف النهائية، من جمهوره التصويت للمرشحة السورية في أعقاب خروجه من المباراة.
ووفق نظرية أخرى، فإن المشاهدين من السعودية ودول الخليج صوّتوا لديانا التي أدّت أغنيات تقليدية أكثر، وكان وزنها زائدا قليلا عَمّا ينبغي، لأنها نقيض المرشحة السورية التي تشكّل انموذجا لـ "اللبنانيات التافهات" اللواتي يعانين مرض فقدان الشهية.
وفي حين قد لا يكون "سوبر ستار" سوى برنامج تلفزيوني، إلاّ أنه برهن أن للأردنيين هوية قوية، وأنهم يستطيعون أن يتوحدوا خلف قضية وطنية عندما يكون لديهم مصدر للوحي. وقد كانت ردة الفعل المتسمة بالابتهاج، مزيجا من الاعتزاز القومي والشعور بالانفراج بعد مضي ثلاث سنوات من الإحباط المكبوت تجاه انتفاضة "الأقصى" والحرب في العراق.
وقد عبّر لنا كثيرون في الأردن عن شعورهم بالأسف حيال عدم قدرة السياسة والانتخابات في الأردن على توليد الحِس نفسه بالالتزام القومي. وقد علّق الكثير من النقاد الصحافيين، قائلين إن الأمر استلزم محطة تلفزة لبنانية لتُري العالم كيف تتم إدارة "انتخابات" (أو على الأقل استطلاع للرأي غير علمي) تتمتّع (بمستوى مقبول) من الشفافية وتحفّز على مشاركة شعبية.