المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات- الاجتماع في دار الفتوى يؤكد على الوحدة ويرفض مشروع الشرذمة والتفتيت ـ حسان القطب
ا لسبت 12 شباط 2011
المصدر: موقع بيروت أوبزرفر
الاجتماع في دار الفتوى يؤكد على الوحدة ويرفض مشروع الشرذمة والتفتيت..
بهدف السيطرة على لبنان والإمساك بالسلطة فيه، تقوم إيران وسوريا، بدعم حزب الله وحركة أمل وهما أدواتهما على الساحة اللبنانية بالعمل على شرذمة وتفتيت كافة الطوائف والقوى السياسية اللبنانية إلى شرائح وقوى ومجموعات وقيادات متناحرة ومتصارعة فيما بينها.. هذه القوى المستولدة والهجينة في سعيها لتحقيق حضورها على الساحة المحلية تقوم بالتحالف مع تلك القوى المدعومة إقليمياً، ولإثبات ولائها تمارس هذه المجموعات واجب التصدي لكل من يعارض ويرفض الهيمنة السورية وسلطة ولاية الفقيه الإيرانية عل لبنان، بإطلاق النعوت والصفات والاتهامات وحتى الفتاوى في بعض الأحيان لإرهاب تلك القوى وإقصائها عن الساحة السياسية والعمالة والتخوين أهم سلاح، إضافةً إلى التلطي خلف شعار حماية المقاومة وسلاحها.....
لذا نلاحظ أن أشد التصاريح تهجماً، وأخطرها بل وأكثرها خروجاً على اللياقات الأدبية والسياسية والأخلاقية والاجتماعية هي التي يصدرها ويطلقها حلفاء هذه القوى الميليشيوية، بل حتى أن بعضها يتجاوز منطق التاريخ والواقع السياسي والاجتماعي، وذلك حين ينادي بعضهم في المظاهرات والاعتصامات برفض التوريث في جمهورية مصر، ويتجاهل سوريا، وهو نفسه الذي يتحدث بصلافة، من أهم صفاته أنه وريث سياسي.. وعندما يتحدث بعضهم عن استخدام الدين كأداة تحريضية، نسأل لماذا يصدر بعض المعممين دون وجه حق فتاوى تفيد بتحريم المحكمة الدولية ومن يتعامل معها وهم لا يملكون من العلم الشرعي شيئاً ولكنهم يفرضون أنفسهم بقوة الأمر الواقع على دار الفتاوى وعلى جمهور اللبنانيين والمسلمين بوجه الخصوص، وهل المحكمة الدولية محكمة دينية لإدخال هذا العامل في مواجهتها، ومن الذي يستغل العامل الديني بشكل رخيص وممجوج في صراع سياسي بين فريقين أحدهم يسعى لتغييب مشروع الدولة وتكوين دويلته الخاصة ضمن مؤسسات الدولة، وأخر يسعى لوقف منطق وأسلوب الاغتيال السياسي والعبثي وتثبيت دعائم مؤسسات الدولة وتوحيد قواها وتفعيل دورها..ومن الذي يعطي بعض هؤلاء الحق، بل قل من يؤمن لهؤلاء الوسائل الإعلامية المتنوعة التي تروج لتصريحاتهم وبياناتهم حين تصدح مهاجمةً دار الفتوى أو البطريركية المارونية أو سواهما من المراجع الدينية..وكذلك المراجع السياسية وغيرها ولكن بأسلوب لا علاقة له بالمواقف السياسية ولا بالأداء السياسي.. حتى أن بعضهم يدخل الوضع الفلسطيني والقضية الفلسطينية في هذا البازار، فإذا كان حزب الله ونبيه بري ومن يتبعهما حريصين على القضية الفلسطينية إلى هذا الحد.. فليصدر نبيه بري اعتذاراً علنياً عن دوره في حصار وحرب المخيمات الفلسطينية ولذوي الضحايا الفلسطينيين الذي سقطوا نتيجة سياسات ميليشياته، خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي، وليعلن نبيه بري وحسن نصرالله التبرؤ، بل وإدانة فرق الموت العراقية التي عاثت فساداً وقتلاً بالشعب الفلسطيني اللاجئ غصباً إلى أرض العراق، وذلك عقب الاحتلال الأميركي لبلاد ما بين النهرين.. وإذا كان عنوان المعركة السياسية هو الصراع مع إسرائيل، ليطلق نبيه بري وحسن نصرالله بياناً واضحاً يطالبون فيه أمير قطر بقطع علاقة إمارته بدولة إسرائيل وإغلاق مكتب العلاقات الخاص بالدولتين ووقف استقبال المبعوثين الإسرائيليين على أرض الإمارة بدل مدحه وشكره وتجاهل علاقاته مع إسرائيل، والانتقال إلى إدانة سواه من الدول العربية ورؤسائها.. وليطالبوا سوريا بوقف المفاوضات السرية مع إسرائيل التي تدور على الأراضي التركية وعبر غيرها من الوسطاء.. إنها السياسة الكيدية والاستعلائية التي يتبعها هذا الفريق في كل ممارساته، فهو الذي يطالب بالمشاركة والتوافق حين يخسر، ويصر على ممارسة سياسة الجبر والقهر حين يستطيع... ويمعن في العمل على تفتيت القوى السياسية والدينية لإضعافها خدمةً لمشروع الهيمنة الذي يمارسه منذ عقدين ونيف من الزمن لصالح سوريا وإيران.. حتى أن وزير خارجية أمل وحزب الله علي الشامي الذي لاحظ وبسرعة زيارة السفيرة الأميركية إلى زحلة .. لم يلحظ مطلقاً زيارات السفير الإيراني لوزارات ومؤسسات إعلامية واجتماعية ومشاركته في احتفالات تمجد الثورة الإيرانية وبطشها بالشعب الإيراني المظلوم والمقهور والممنوع حتى من التظاهر تأييداً للشعب التونسي والمصري...
من هنا جاء اجتماع دار الفتوى الذي ضم كافة القوى الممثلة للطائفة السنية الدينية والسياسية في لبنان ليؤكد على ثوابت أساسية وطنية أهمها تعزيز العيش المشترك بين مختلف مكونات المجتمع اللبناني تحت سقف اتفاق الطائف، وتثبيت السلم الأهلي الذي ترعاه القوى الأمنية الشرعية وليس الميليشيات.. وتحقيق العدالة وعدم التخلي عن المحكمة الدولية لأنها الأداة الوحيدة الصالحة للجم المجرمين ومعاقبتهم على جرائمهم واستهتارهم باستقرار لبنان ريثما يكون في لبنان هيئات قضائية قوية وقادرة على ممارسة دورها بحرية ودون ضغط.. وتضمن بيان اللقاء الإشارة بل التحذير من ممارسة السياسات الكيدية التي قد تدفع أكثرية اللبنانيين للشعور بالغبن والاستضعاف من قبل القوى المسلحة بسلاح غير شرعي وما قد يؤدي إليه هذا الأمر من تباين وتناقض وصراع بين المكونات اللبنانية قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه..
لذا يتمنى كل اللبنانيين، أو على الأقل معظمهم، أن تتداعى كافة المكونات اللبنانية لعقد اجتماعات مماثلة ومشتركة تضم مختلف هذه المكونات والأطياف للمطالبة ببناء مؤسسات الدولة كافة، وجمع السلاح غير الشرعي، وبسط سلطة القوى الأمنية على مختلف الأراضي اللبنانية.. وتحقيق العدالة.. والمساواة..لكل اللبنانيين دون استثناء تحت سقف القضاء وبرعاية المؤسسات الأمنية..لنعيش في وطن مستقر وآمن.. كما يجب أن يدرك هؤلاء، أن سياسة الضغط والترهيب والقوة والهيمنة لن تجدي نفعاً، وما جرى في مصر وقبلها في تونس، وما سوف نشهده لاحقاً في بعض عواصم الأنظمة الديكتاتورية والشمولية، يجب أن يكون درساً لهم وللجميع...
حسان القطب