المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات- نظام الحكم في لبنان ..؟؟ رئاسي برلماني.. أم مجلس رئاسي ـ حسان القطب
الإثنين 27 كانون الأول 2010
المصدر: خاص المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات...
نظام الحكم في لبنان ..؟؟ رئاسي برلماني.. أم مجلس رئاسي..؟؟
بقلم مدير المركز.. حسان القطب
نظام الحكم في لبنان ..؟؟ رئاسي برلماني.. أم مجلس رئاسي..؟؟
عندما نقرأ في الصحافة المكتوبة أو نسمع من خلال الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة اليوم، عن نشاط الرئاسات الثلاث اليومية، أو أن احد الضيوف الرسميين قد اجتمع بالرئيس، ننتظر إلى نهاية الجملة أو الخبر لنعرف من المقصود بهذا الوصف..؟؟ سواء لسماع اسمه أو لجهة مقر إقامته، لنعرف هل هو رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس الوزراء..لأننا لا نعرف بالتحديد من هو الرئيس المقصود حتى يذكر اسمه وصفته.؟؟ وقد أصبح من الطبيعي أن نسمع ونقرأ تكراراً أن الرؤساء الثلاثة اجتمعوا وتداولوا أو ناقشوا وتوافقوا أو اختلفوا..؟؟ قبل انعقاد جلسات مجلس الوزراء أو مجلس النواب أو جلسات الحوار.. لتوحيد المواقف أو لبلورتها، أو لتدوير الزوايا الحادة كما يقال في لبنان كنايةً عن تخفيف حدة الخلافات والتباينات.. وأصبح من المتعارف عليه لدى السفارات والأطر الدبلوماسية الدولية، أن أي ضيف رسمي يزور لبنان لا بد له من زيارة أو الاجتماع بالرؤساء الثلاثة.. وذلك إما بزيارة كل منهم في مقر إقامته أو اللقاء بهم مجتمعين.. لأن لا شك لدى هذه الأوساط بان لدى كل واحد من الرؤساء الثلاثة، رؤية مختلفة للأوضاع المحلية، بل وحتى خصوصية في نظرته وقراءته للسياسة الداخلية والإقليمية.. وقد أضاف بعضهم زيارة قادة أو قيادة حزب الله باعتبارها قوة الأمر الواقع التي تتمتع بحضور سياسي وعسكري وجماهيري يخولها التسيير والتفعيل أو التعطيل والإرباك إن هي شاءت من خارج الإطار الرسمي اللبناني رغم أن هذا الحزب ممثل في الحكومة كما في البرلمان.. وهكذا أصبح من الممكن إضافة رئيس رابع على السلطة التنفيذية.. بحكم ضرورات الأمر الواقع وتجنباً لمزالق ومهالك قد تؤثر سلباً على الحياة السياسية والأمنية في لبنان.. من هنا لمسنا مغزى الزيارة الخاصة قام بها الرئيس الإيراني نجاد، إلى الجنوب والضاحية الجنوبية خارج إطار الرعاية الرسمية، إضافةً إلى اللقاء بالرؤساء الثلاثة، وزيارة خاصة قام بها مبعوث الرئيس الروسي سلطانوف إلى مدينة النبطية للقاء محمد رعد رئيس كتلة حزب الله في البرلمان النيابي المعطل.. للوقوف على رأي حزب الله في الشؤون المحلية والإقليمية..بعد أن زار الرؤساء الثلاثة؟؟
خلال القرن الماضي..كان من الممكن أن نعرف من المقصود بكلمة الرئيس فوراً، حيث كان من المتعارف أن يطلق على رئيس الجمهورية لقب (فخامة الرئيس)... ورئيس مجلس النواب (عطوفة الرئيس) ورئيس مجلس الوزراء (دولة الرئيس) ولم نقرأ أو نسمع يوماً أن اجتمع الرؤساء الثلاثة هكذا دون توضيح الصفة واللقب.. لذا أصبح المواطن اللبناني والعربي يشعر وهذه حقيقة الأمر مع الأسف أننا نعيش في ظل حكم رئاسي جماعي.. يقوده رؤساء ثلاثة يتنازعون السلطة والصلاحيات..ويتجلى هذا الأمر حين يصر عطوفة رئيس مجلس النواب على تفسير النصوص القانونية وتطبيقها كما يراها تتناسب مع توجهات فريق الثامن من آذار/مارس الذي يقوده ويرأسه..دون الاستماع لآراء القانونيين والحقوقيين ودون استمزاج آراء أو مناقشة هذا الأمر مع الكتل النيابية... وحين يغلق (عطوفة) الرئيس، أبواب مجلس النواب مراراً وتكراراً ساعة يشاء وحين يشاء ولأسباب وأعذار غير دستورية على الإطلاق..وحين يتدخل (عطوفته) في فرض أو تعديل جدول الأعمال الخاص بمجلس الوزراء على فخامة الرئيس ودولة الرئيس تحت طائلة التعطيل الواقع أصلاً.. ويحدد سبل الخروج مما ورط نفسه والوطن فيه مطالباً بسياسة التصويت التي كان يرفضها سابقاً، بعد أن كان هو وفريقه يطالب بالتوافق في كل شيء، حتى نتائج الانتخابات النيابية لم يحترم فيها رأي الأكثرية الشعبية التي أنتجت أكثرية نيابية، وتم بذريعة التوافق والوفاق والحرص على مكونات الوطن تشكيل حكومة غير وفاقيه على الإطلاق بدليل ما نلحظه ونعيشه من عدم قدرتها على التجانس والعمل المشترك وحتى على الاجتماع .. وبذا تم تغييب مجلس النواب عن المساءلة والمحاسبة وعن ممارسة دوره المنوط به في الدستور وبموجب القوانين، بهذه الطريقة غير الديمقراطية التي شكلت فيها الحكومة.... أضف إلى ذلك استنكاف عطوفة رئيس المجلس عن دعوة المجلس للانعقاد لمناقشة بعض الأمور الهامة والحساسة رغم المخالفات الكثيرة التي تتم علناً وجهاراً نهاراً، كما حدث مع ممارسات وزير الاتصالات.. ووزير الداخلية.. فكيف تتمثل المعارضة في حكومة تتهم رئيسها ومعظم وزرائها بشتى أنواع الاتهامات..؟؟
لذا كانت مداخلة فخامة رئيس الجمهورية في بكركي خلال الأعياد واضحة وضرورية وفي الوقت المناسب..حين قال.. فخامة الرئيس سليمان، في ما اعتبر رداً ضمنياً على الاتهام وله ولدولة الرئيس الحريري بالتعطيل..، إن( "مصلحة البلد مسؤول عنها رئيس الجمهورية، ولا احد يحدد للرئيس أي ساعة يصوّت أو لا يصوّت". ولفت إلى أن "الدستور يشدد على الوفاق وهذه هي روحيته ورئيس الجمهورية يستكمل المعطيات اللازمة ويقيّم الوضع ويعرف متى ينتظر الوفاق ومتى يذهب إلى التصويت، ولا نستطيع تقييد رئيس الجمهورية بصلاحياته، فكل هذا من صلاحياته").
السؤال الذي يطرح نفسه اليوم بعد هذه المشاهدات غير الدستورية في لبنان... أي وطن نريد..؟
كل المواطنين وكل غيور من المسؤولين على هذا الوطن ومصالحه لا بد أن يطالب بتصحيح هذا الخلل الفاضح في الشأن الداخلي اللبناني، وليلتزم الجميع نصوص الدستور، لأن الخلل في التعاطي الرسمي على مستوى المواقع الدستورية الأساسية ينعكس سلباً على باقي المؤسسات الإدارية والأمنية وحتى على عمل الوزارات.. فأين نشاط وزارة الخارجية المغيبة منذ سنوات عن ممارسة دورها في إظهار وتظهير ورسم وتنفيذ السياسة الخارجية اللبنانية بما يتناسب مع الواقع اللبناني الحساس والمتأثر بكل التناقضات الخارجية .. فوزارة الخارجية اللبنانية غير موجودة منذ عشر سنوات على الأقل.. وأشك في أن بعض المواطنين لا يعرفون اسم وزير الخارجية الذي استسلم لمرجعيته السياسية فهي تمارس دوره دون مراجعته.. والمواقع الأمنية ورؤسائها الذين يتم النيل منهم اليوم والتهجم عليهم مراراً وتكراراً بل ويتم تعطيل بعض هذه المواقع وكأنها شركات خاصة، غير مسؤولة عن حماية المواطن والوطن والسهر على أمنه ومصالحه ومستقبل أبنائه..ومن الممكن حلها وتغيير قادتها بحسب الأهواء والرغبات والاستعمال الخاص..؟ والأمثلة كثيرة على هذا الحال.. والمواطن اللبناني يعيش معاناة هذا الواقع المرير يومياً.. وكان المطلوب تعطيل البلد ومؤسساته ليلجأ كل مواطن إلى مرجعيته السياسية والدينية لحل مشاكله وإلا فإنه سيبقى أسير أزماته وضحية انتمائه وارتباطه وقناعاته..حتى أن أزمات السير وحوادث الطرق والنقل الجوي يتم التعاطي معها بهذه الروحية..وهي بعيدة كل البعد عن هذا التوصيف..؟؟
المطلوب اللجوء لتطبيق النظام البرلماني الذي على أساسه، تشكل الحكومات، وتتم محاسبتها..واستبدالها بالتصويت على الثقة بها تحت قبة البرلمان..والخضوع لمنطق الأكثرية النيابية التي تحكم.. والأقلية النيابية التي تحاسب وتراقب وتكشف وتصحح...وقد تنقلب الأدوار وتصبح الأكثرية أقلية والعكس صحيح.. أما البقاء في إطار هذا التأرجح بين مفاهيم متعددة وممارسات متناقضة مع الفهم والذوق العام ومنطوق الدستور والنصوص القانونية والدستورية... فسيبقى الوضع على ما هو عليه وسيستمر حال التأزم الذي لن يؤدي إلا إلى تعميق الخلاف بين المواطنين ومكونات المجتمع اللبناني..واستغلال واستعمال بعض الأسماء والمواقع لإطلاق تصريحات سياسية وقانونية ودستورية وبعضها دينية، وهي ممارسات في غير محلها..ولن تزيد الواقع اللبناني إلا تشرذماً ولا المواطن اللبناني إلا قلقاً..
تصريح فخامة رئيس الجمهورية الأخير حول الصلاحيات هو في محله، ودور مجلس الوزراء التنفيذي تحت رعاية فخامة الرئيس ودولة الرئيس وبمراقبة ومتابعة ومحاسبة مجلس النواب هو الحل الوحيد لخروج لبنان من أزماته ولخلاصه مما يعاني منه...
حسان القطب