المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات - هل أصبحت حماية النظام السوري أهم من استقرار لبنان...؟
دراسات /
سياسية /
2011-04-22
الجمعة 22 نيسان 2011
هل أصبحت حماية النظام السوري أهم من استقرار لبنان...؟
المصدر: موقع بيروت أوبزرفر
حسان القطب - بيروت اوبزرفر
عندما اندلعت الثورات العربية في دول شمال أفريقيا، اعتبرت بعض القوى اللبنانية أن ما يجري من انتفاضات في تلك الدول هو انتصار لمسارها وخطها ونهجها، وان الشعوب العربية التحقت بمسيرتها، وتم التعاطي الإعلامي من قبل هذه القوى مع تلك الأحداث بتبني كامل إضافةً إلى محاولة إضفاء جو من الرعاية على هذه الانتفاضات ولو كان هذا الأمر غير صحيح على الإطلاق..الحالة الوحيدة التي يمكن أن تتبناها هذه القوى وبالتحديد حزب الله وملحقاته هي ما يجري في البحرين من اعتصام ومخيمات وحفلات إنشاد وتسويق لبعض الأفكار التي تتبناها إيران وحزب الله، وأعطى حزب الله نفسه الحق في تبني ما يجري في البحرين من مظاهرات ومطالبات إعلامياً وسياسياً وحتى تعاطف معنوي ومادي..
ولكن المفارقة هي فيما سمعناه على لسان عبد الهادي محفوظ رئيس "المجلس الوطني للإعلام" في بيان له اثر اجتماع المجلس في مقره أمس حيث قال: ("درس المجلس الوطني للإعلام هذا اليوم، بعض الملفات الإدارية، وشدد على "ضرورة أن يعي الإعلام اللبناني المرئي والمسموع، ضرورة مراعاة العلاقات اللبنانية ـ السورية وضرورة تحصين لبنان من الضرر الذي يمكن أن ينشأ عن إثارة الغرائز في سوريا، وخصوصا أن لبنان شئنا أم أبينا هو بلد الأقليات، وبالتالي هناك قابلية كبيرة للانفجار وهذا ما يفسر الآن محاولات التحصين داخل كل طائفة لبنانية")... بدايةً لا يمكن القول إلا أن المجلس الوطني للإعلام ورئيسه لم يلحظا تدخل فريق لبناني في الشأن البحريني وسائر الدول العربي ومنها مصر واليمن وغيرهما.. ولم يتنبها إلى خطورة أن لبنان وشعبه سيتعرضان لأضرار شديدة نتيجة تدخل هذا الفريق في شؤون دول أخرى، ومن يتابع شاشات هذه المحطات يدرك حجم هذا التدخل وتداعياته على مصالح المغتربين اللبنانيين في الدول العربية وغيرها من دول العالم.. ثم إن إثارة موضوع أن لبنان هو بلد الأقليات من قبل المجلس الوطني للإعلام في هذا الظرف بالذات إشارة غير بريئة للدلالة على ترابط العلاقة وتلاحم المصالح بين النظام السوري وبعض القوى اللبنانية المسلحة، ويأخذنا إلى حيث أشار العديد من حلفاء سوريا وما جرى ويجري من عمليات بناء غير شرعي في مختلف مناطق تواجد وسيطرة قوى الأمر الواقع هذه المدعومة بالسلاح والميليشيات المحلية ومن خلال العلاقة العضوية مع النظام السوري، والمشاكل الأمنية التي حصلت حين تصدت ميليشيات الأهالي للقوى الأمنية لمنعها ن تنفيذ واجباتها في حفظ الملاك العامة والأملاك الخاصة تؤكد استناد هؤلاء إلى دعم سياسي ومادي يعطي الغطاء والرعاية للمتجاوزين، وما قاله الرئيس بري لجريدة السفير: (هناك من يحملني مسؤولية ملف مخالفات البناء علما بأنني اضطررت إلى استعادة بعض سلوكيات الماضي وطلبت من عناصر حركة أمل النزول بسلاحهم في بعض المناطق لمنع المخالفات وتسهيل مهمة القوى الأمنية).
هذا الكلام الخطير للرئيس بري يؤكد استعمال السلاح في الداخل ويؤكد أيضاً عدم قدرة قوى الأمن على تنفيذ واجباتها دون دعمٍ من ميليشيات مسلحة تابعة للرئيس بري أو غيره من أصحاب الميليشيات.. وهذا التصريح يرفع منسوب القلق والتوتر لدى باقي مكونات المجتمع اللبناني ويفقدها الثقة بحماية ورعاية القوى الأمنية ويشجعها على اللجوء أو الرغبة في الحصول على أمنها الذاتي.. إذ لا يعقل أن ينفذ القانون في مناطق معينة ويتم تجاهله بل ومواجهته تحت باسم الأهالي.. الذين يمثلون جمهوراً معيناً ومكوناً محدداً من مكونات الكيان والوطن اللبناني..
وهذه الممارسات والتصرفات المتناقضة والتجاوزات المتكررة للقانون التي يقوم بها هذا الفريق لم تعد شأناً داخلياً فقط أو حكراً على سلوك محدد بعينه، بل أصبحت تشمل كل المواقع التي يضع هذا الفريق نفسه في قيادتها أو على رأسها..!! فوزير الخارجية اللبناني علي الشامي الذي استدعى السفيرة الأميركية وبصفته وزير في حكومة تصريف الأعمال، لم يرجع لحكومته ليسألها رأيها أو لمراجعتها بهذا الشأن، وذلك لتوجيه ملاحظاته هو والفريق الذي يمثله دون سواه من اللبنانيين للسفيرة، وذلك يوم الثلاثاء في , 18 يناير/كانون الثاني، 2011، بسبب زيارتها النائب نقولا فتوش.. هذا الوزير نفسه الذي تجاهل بل لم يلحظ حركة السفير السوري وقبله الإيراني، والاتهامات التي وجهها هذا السفير خلافاً للأعراف الدبلوماسية وللياقات المتبعة في العلاقات بين الدول..حيث أكد الوزير الشامي: أكد وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال علي الشامي في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي ردا على "بعض التصريحات التي دعت وزير الخارجية لاستدعاء السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي واستيضاحه بالنسبة لتصريحاته في موضوع تدخل بعض الأطراف اللبنانية بما يجري في الأحداث السورية"، أن "موضوع استدعاء السفير السوري لهذا الغرض يستلزم عقد جلسة لمجلس الوزراء، وبالتالي فإن الوزير الشامي يدعو رئيس الحكومة للدعوة إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء لمناقشة هذا الأمر واتخاذ الموقف المناسب بشأنه".
الوزير نفسه يمارس سياستين مختلفتين مع سفيرين، أحدهما، يتغاضى عن اتهاماته لفريق لبناني ومطالبته القضاء اللبناني بالتحرك دون مستندات.. والآخر يذكره بضرورة الالتزام بتعليمات وزارة الخارجية وتوجيهاتها.. كيف يمكن أن نأتمن لبنان وأبناءه ومستقبله بين يدي فريق يمارس السلطة والمسؤولية بهذا الشكل المزاجي والمتقلب وغير المبرر في كل شيء، ونحن نشاهد ونرى ونعايش هذا النوع من السياسات الخارجية، سواء مع السفراء أو الدول، خاصةً وان هذا الفريق يعتبر أن دوره في دعم ورعاية وحماية ومؤازرة قوى وأنظمة خارج لبنان أهم وأجدى وأفضل من الوقوف إلى جانب أشقائه في الداخل وإلى جانب شركائه في الوطن، فيتهم إخوانه في الوطنية ويطالب بمحاكمتهم استجابةً لطلب سفير ونظام يواجه شعبه بالحديد والنار..وكيف يمكن أن نطمئن على أمننا ونحن نسمع رئيس السلطة التشريعي يتحدث عن دور مسلحيه في مؤازرة قوى الأمن، ونحن طبعاً لم ننس دورها في السابع من أيار/مايو من عام 2008، في مخالفة القوانين وتهديد السلم الأهلي والعيش المشترك..
وكيف نصدق أن حركة أمل وحزب الله قد رفعا الغطاء عن المخالفين ومرتكبي البناء غير الشرعي على الأملاك العامة والخاصة، وهو يهاجمون القوى الأمنية ودورها ويشككون في أجهزتها وقياداتها وممارساتها ثم يطالبونها بتنفيذ القانون ومنع المخالفين بعد أن أثخنوا فيها جراح التشكيك وسواها..
يبدو أن بعض القوى اللبنانية ترى أن من واجبها حماية استمرار وبقاء النظام السوري، بتبني اتهاماته في الداخل اللبناني، وبتصعيد الوضع الأمني بين المواطنين والقوى الأمنية وباعتقال وتوقيف بعض العناصر الإسلامية التابعة لحزب التحرير الإسلامي الذي دعا إلى الاعتصام تأييداً للشعب السوري في مطالبته بالحرية والكرامة وهو ما أشار إليه أيضاً المفتي السوري أحمد حسون في كلمته أمام المعتصمين في درعا، وما يتداوله إعلام حزب الله وحركة أمل بشأن الوضع في البحرين وليبيا واليمن، إلا إذا كانت المطالبة بالحرية في سوريا تهدد وجود الأقليات ومصير لبنان وسوريا، وبالتالي يكون مصير النظام السوري أهم من استقرار لبنان ونظامه، ولذلك يجب أن يبقى الشعب السوري واللبناني يعانيان من ممارسات التسلط وسطوة السلاح غير الشرعي وعصابات البلطجية والشبيحة والأهالي وغيرهم من التسميات المشتركة في لبنان وسوريا..
حسان القطب