المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات - حماية الأملاك العامة والخاصة في لبنان أصبحت مسؤولية المواطنين..؟؟
دراسات /
سياسية /
2011-04-24
الأحد 24 نيسان 2011
حماية الأملاك العامة والخاصة في لبنان أصبحت مسؤولية المواطنين..؟؟
المصدر: خاص المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات...
بقلم مدير المركز... حسان القطب
قبل فترة وجيزة كان مسؤولي حزب الله وحركة أمل يتحدثون عن أزمة اقتصادية في لبنان، وعن عدم قدرة المواطن على تحمل أعباء المعيشة الباهظة التي ترتفع باضطراد، نتيجة الشلل السياسي الذي ينعكس على الوضع الاقتصادي والمعيشي، وما انفك هؤلاء عن المطالبة بتشكيل حكومة يكونون أسيادها وواضعي برامجها لحماية الوطن من زمرة الفاسدين والمرتزقة والمرتشين والعابثين والمستهترين بالمال العام، باعتبارهم وجمهورهم وسلاحهم ضمانة الاستقرار والشفافية، والعدالة والنزاهة والكفاءة، وسوى ذلك من المفردات والمصطلحات. ولكن دون سابق إنذار رأينا آلاف ورش البناء المخالفة حوالي (5000) التي يبنيها جمهور أشرف الناس على الأملاك العامة والخاصة، دون تردد، وبدون أن تتمكن القوى الأمنية وقوى الجيش من ردعهم أو إيقاف هذه المجزرة البيئية والوطنية بحق الممتلكات العامة وأصحاب الممتلكات الخاصة، وأخر الضحايا أرض مملوكة لدولة الفاتيكان، وأخرى تابعة للأوقاف الإسلامية السنية في لبنان، ولم يتكلف أي مسؤول من حزب الله أو حركة أمل عناء التدخل لوقف هذه الممارسات التي تحظى برعاية وعناية وتوجيه ودعم ومتابعة من السلاح غير الشرعي الذي يحمله جمهور طائفة معينة في لبنان، بحجة مقاومة إسرائيل بينما واقع الأمر يستعمل هذا السلاح لحماية مشروع السيطرة على أملاك الدولة ومؤسسات الدولة والقضاء على هيبة القوى الأمنية ودورها... هل لاحظ هذا الفريق تغيراً ما في الأفق الإقليمي، حتى تم الإيعاز لهذا الجمهور لبناء آلاف المساكن فجأة ودفعة واحدة، وهل تم حل الأزمة الاقتصادية، وتدفق المال النظيف للقيام بمخالفات تحظى بالتمويل اللازم والحماية..
وكنا قبل أيام قد شهدنا كيف انتفضت الأجهزة المخابراتية لتعتقل مجموعة من الشبان والمواطنين الذين أرادوا التظاهر دعماً للشعب السوري المظلوم لمنعهم من التحرك، وهي نفسها هذه القوى قامت بحماية مجموعات أخرى تظاهرت دعماً لانتفاضة مصر وتونس وليبيا، فما الفرق؟؟ والقوى المحتجة على هذه المظاهرة وهي بالتحديد حزب الله وحركة أمل تظاهرت قبل فترة من الزمن إلى جانب مجموعات أخرى من التابعين لها لدعم شيعة البحرين وطموحهم في السيطرة على المملكة، وبحماية أمنية رسمية، فلماذا هذه الممارسات والتصرفات المتناقضة من قبل هذه القوى على امتداد الوطن اللبناني.. وبحق باقي مكونات الكيان اللبناني؟؟ وإذا كانت هذه الأجهزة قادرة على اعتقال من تريد..لماذا لم تتمكن هذه القوى من منع أعمال البناء المخالف على أراضي الدولة وأملاك الغير..؟؟
يوم الخميس 21/11/2011، أصدر حزب الله بياناً قال فيه: ("صعدت السلطات البحرينية حملتها الغاشمة على أبناء الشعب، وتجاوزت بتطاولها على الحريات استهداف المواطنين إلى تدمير المساجد ودور العبادة وتدنيس حرمة القرآن الكريم".وأضاف البيان: "إن الممارسات المستمرة التي تقوم بها السلطات البحرينية تخطت كل الحدود، ووصلت إلى حد المساس بالمقدسات وبالحقوق الأساسية التي تكفلها كل الشرائع والقوانين السماوية والوضعية، ما يضع هذه السلطات في موقع الانتهاك الكامل لحقوق الإنسان".ودعا حزب الله علماء المسلمين والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان والشعوب إلى اتخاذ موقف حاسم من تدمير بيوت العبادة والاعتداء على حرمة المصحف الشريف وإلى العمل لوقف هذه الحملة).. كذلك يمكن القول إن الممارسات المستمرة التي يقوم بها جمهور مؤيد ومدعوم من حزب الله وحركة أمل باحتلال الأملاك العامة والخاصة ومنها احد المساجد التابع لأوقاف أهل السنة في مدينة بعلبك هو مس بالمقدسات والحقوق الأساسية التي يكفلها الدستور اللبناني والقانون اللبناني وشرعة حقوق الإنسان، !!!... ويوم الأحد، 24 نيسان، 2011، أعلنت دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية: (أن هناك بعض المواطنين الخارجين على القانون ومؤسسات الدولة، اعتدوا على أملاك وقف العلماء المسلمين السنة الملاصقة لمقام الإمام الأوزاعي في محلة الأوزاعي بالبناء عليها. ووصفت دار الفتوى هذا العمل بالعدوان على أملاك الأوقاف الإسلامية وينبغي هدم ما بني عليها، ولهذه الغاية أجرى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني اتصالات برئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وبرئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري وبقائد الجيش العماد جان قهوجي وبمدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي وأطلعهم على مجريات الاعتداء على أملاك وقف علماء المسلمين السنة في منطقة الاوزاعي، وطالبهم بالتدخل فورا وإجراء اللازم لوقف أعمال البناء التي لا تزال جارية حتى الآن على ارض الأوقاف، ووضع حد لانتهاك حرمة الدولة وأملاك الناس. وأكد مفتي الجمهورية أن أعمال البناء على أملاك الأوقاف الإسلامية والغير هي حرام ولا تجوز شرعا بأي وجه من الوجوه ويجب إزالتها في الحال). كيف أتفق أن لاحظ حزب الله ما يجري في سوريا فطالب الأجهزة الأمنية والقضائية للقيام بدورها في حماية الحدود ومحاكمة من يتهمهم النظام السوري ودون قرائن وأدلة كما يتبين، واستنفر أجهزته الإعلامية للتحريض على ثورة شعب، ولحماية نظام يقتل شعبه ويسيء إلى مواطنيه، وفي الوقت عينه يتجاهل الاستيلاء على الأملاك العامة والخاصة والأوقاف الإسلامية وأملاك دولة الفاتيكان..
المواطن اللبناني يريد أن يعرف إذا كان بإمكان الدولة اللبنانية ومؤسساتها الأمنية القدرة على حمايته من ظلم مجموعة من الميليشيات المسلحة، وعلى رعاية مصالحه في لبنان وخارج لبنان من ممارسات هذه الميليشيا وسياسات هذا الفريق الذي بات يشعر أنه فوق السلطة وانه خارج دائرة المحاسبة والمساءلة.. فالنائب اللبناني أصبح لا يأمن على نفسه من إعلام وميليشيا هذا الفريق الذي يعمل على تشويه الحقائق وتزييف الوقائع وآخرها نظرية الشيكات والاعتقالات التي أطلقها على شاشات إعلامه وهي ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، والمواطن اللبناني أصبح أكثر حذراً في تجوله وانتقاله من منطقة إلى أخرى فقد يهيئ لبعض هذه القوى أن الوقت قد أصبح مناسب لقطع طريق أو إحراق دواليب، أو قد توجه لهذا المواطن تهمة مناسبة لإرباكه أو زجه في السجن لأيام قبل تصحيح الأمور بعد المداخلات والتدخلات..
الوطن لا يبنى بهذا الشكل، والاستقرار لا تضمنه ميليشيات وقوى مسلحة، وقياداتها تتابع وتهتم بما يجري في الخارج أكثر مما تلقي بالاً لما يجري في الداخل، لأنها تعمل بإمرة الراعي الإقليمي الذي يستثمر دعمه مقابل دورها عبر الحدود..والأملاك العامة وأرواح اللبنانيين هي أكثر أهمية من الانخراط في مشاريع خارج الحدود، مهما كانت الأسباب والدوافع، وإذا كان لحزب الله دافع وهو ديني لا شك في ذلك..؟؟ فلكل مكونٍ من مكونات المجتمع اللبناني دافع لكي يكون إلى جانب هذا الفريق أو ذاك خارج حدود لبنان، وهذا ما سوف يؤدي إلى تعميق الانقسام الداخلي، وإذا كانت باقي القوى اللبنانية لم تصدر بيانات أو تصريحات دعماً لهذا البلد أو ذاك فهذا لا يعني أنها لا تتابع الوضع بدقة واهتمام.؟؟؟
بعد الذي جرى من اعتداءات ومن عجز القوى الأمنية عن معالجة هذه التعديات لم يعد تشكيل الحكومة مهماً..لأن أي حكومة لا تكون قادرة على حماية الأملاك العامة والخاصة، لا يمكن أن تؤتمن على حماية الوطن والمواطن.. المطلوب اليوم هو ضبط الوضع الأمني، وإلغاء وإزالة كل سلاح غير شرعي، والطوائف في لبنان يجب أن تكون تحت القانون، لا فوقه، ولا فرق بين هذا الفريق أو ذاك، فأشرف الناس هم من يخضعون للقانون ويحترمون القوانين وسائر مكونات المجتمع اللبناني، ويساهمون في بناء وطن لا في هدمه، والقوى الأمنية هي ضمانة الاستقرار وحدها دون سواها، فيجب رعايتها لتمارس دورها بكل صدقٍ وموضوعية..فإذا كنا نريد بناء وطن آمن ومستقر علينا الابتعاد عن سياسة التطاول على الآخرين واحترام أملاك ومشاعر وعقائد كل مكونات المجتمع اللبناني، والعمل سوياً للخروج من الأزمة التي نعيش فيها قبل أن تستفحل ويصعب معها الحل...وحتى لا تصبح حماية الممتلكات العامة والخاصة مسؤولية المواطنين اللبنانيين...
حسان القطب
hasktb@hotmail.com