المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات - اللعب على الوتر الطائفي والمذهبي في لبنان خطير جداً..؟؟
دراسات /
دينية /
2011-06-03
الجمعة 3 حزيران 2011
اللعب على الوتر الطائفي والمذهبي في لبنان خطير جداً..؟؟
المصدر: موقع بيروت أوبزرفر
حسان القطب - بيروت اوبزرفر
تتزايد الأزمات وتتعاظم أخطارها في محيطنا العربي والإسلامي بطريقة غير مسبوقة، هذا الحراك والتفاعل الشعبي الذي انتفض فجأة وبعفوية ضد عقود من الظلم والقهر والحرمان والفقر والكذب والشعارات غير الواقعية وغير الموضوعية، لا زالت نتائجه وتداعياته غير معروفة بل إن بعضها لا زال غير معروف على الإطلاق، وذلك بسبب تشابك المصالح، وتداخل النسيج الاجتماعي والديني والعرقي وشعاراته وطموحاته، مع المشاكل الاقتصادية والسياسية بحيث ضاعت أو قد تضيع العناوين والمبادئ التي على أساسها انطلقت انتفاضة هذه الشعوب وأبناء هذه المجتمعات، وبعض هذه التداعيات سببها محاولة قادة هذه الأنظمة تصوير وجودهم في السلطة على انه كان عنوان استقرار، وان خروجهم سيكون مؤشراً على حروب داخلية عبثية مدمرة، وقد حاول البعض قبل فترة وجيزة جر جمهورية مصر عقب الثورة إلى أتون الفتنة الطائفية، واليمن اليوم يعيش صراعاً أقرب ما يكون إلى الصراع القبلي والعشائري نتيجة سياسات ومواقف رئيسه علي عبد الله صالح، الذي لم يستجيب ولم يتعاون مع المبادرات المتعددة، وفي سوريا يسعى النظام اليوم إلى جر البلاد نحو فتنة طائفية وعرقية بدل أن يستجيب لمطالب شعبه المحقة، حتى باعتراف النظام، وبالأمس أكد حليف النظام السوري نصرالله هذا التصور الذي دأبت بعض وسائل الإعلام المؤيدة له بترويجه..حين أكد في كلمته:( أنه «على القيادات السياسية أن تدرك أنها تتحمل مسؤولية كبيرة جداً ومن الخطأ التعامل مع الأوضاع الأمنية والسياسية في لبنان بمعزل عن أوضاع المنطقة، مع العلم أن ما يجري حولنا خطير جداً، السودان قسم وحتى شماله معرض لمؤامرة تقسيم جديدة، اليمن وليبيا مهددان بالتقسيم، وإذا أخذت الأمور منحى سلبياً في سوريا ما يحضر لها هو التقسيم، وما كان يحضر للعراق هو تقسيم، وعندما تقسم هذه الدول سيصل هذا التقسيم إلى السعودية)..
عندما انطلقت الثورات في العالم العربي لم يتحدث نصرالله عن خطر التقسيم ولكن عندما وصلت رياح التغيير إلى سوريا أصبح التقسيم خطراً داهماً كما يبدو، كما ربط نصرالله الوضع اللبناني بالوضع في محيطنا العربي ولكنه يقصد بالتحديد في سوريا، لذا فاليوم تتفاقم الأزمة السياسية في لبنان وتتعمق، وتتسع هوة الانقسام بين القوى السياسية اللبنانية، وإذا كان الخلاف السياسي هو عنوان الصراع بين القوى السياسية، فإن العمق الديني والمذهبي ليس بعيداً أبدا عن حلبة التنافس بين القوى المتصارعة، إذ ليس من باب الصدف أن تتوجه قوى سياسية تحمل طابع وختم وعنوان المقاومة والممانعة والتحالف مع سوريا وإيران ومرتبطة بولاية الفقيه ورؤيته ونظامه وسياساته ومشروعه كما قال نصرالله بالأمس في معرض حديثه بمناسبة وفاة الخميني في حفل أقامته السفارة الإيرانية في لبنان..، بسهام الاتهام إلى قيادات ومواقع ومناصب تحتلها قيادات من الطائفة السنية في لبنان، بدايةً من تعطيل عمل الحكومات المتعاقبة التي ترأسها قيادات سنية، وصولاً إلى استهداف مواقع سياسية وإدارية وأمنية يتبوأها لبنانيون من أهل السنة، وكان أخرها استهداف مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، ومدير عام هيئة اوجيرو، ورئيس شعبة فرع المعلومات في قوى الأمن العقيد وسام الحسن..وكان قد سبق هذا الأمر ولا يزال مستمرا إلى الآن استهداف مجلس الإنماء والأعمار، والهيئة العليا للإغاثة، وحتى على مستوى موظف عادي طالما انه من الطائفة السنية أو من حلفاء قادتها، وعندما اندفع جمهور حزب الله وحركة أمل للقيام بحملة بناء غير شرعية وغير قانونية على أراضي وأملاك عامة وخاصة، وبتغطية سياسية ولوجستية من هذا الفريق السياسي، حاول هذا الفريق تبرير هذه الممارسة بادعاءات كاذبة عن أن قرية أبناءها من الطائفة السنية قد باشرت البناء..
وهذا ما دفع النائب كبارة للقول: («أن الطائفة السنية تتعرض لهجوم مبرمج تقوده ميليشيا «حزب الله» في العلن مرة وبالتلطي خلف الآخرين مرات»، مطالبا بمحاكمة النائب العماد ميشال عون «بسبب ما قاله حول السنة إذا كان في لبنان مكان لمحاكمة غير السنة»)..,وبهذا الرد ندخل في دائرة التجاذب والاتهامات المتبادلة على خلفيات طائفية ومذهبية لندخل في دوامة خطيرة، لذا لن ندخل في تعداد الادعاءات والافتراءات والأكاذيب، ولكن لا بد من الإضاءة على خطورة ما يمارس إعلامياً وسياسياً من تحريض ودس وافتراء وما يؤدي إليه هذا الأمر من تأجيج للمشاعر واستغلال للغرائز..لأن هذا الأمر خطير جداً وقد تجاوز في استهدافه المحظور والمقبول:
- إعلامياً: من الواضح لكل من يشاهد وسائل إعلامية تابعة لهذا الفريق مستوى ارتفاع منسوب التحريض ضد قيادات إسلامية سنية وحلفائها من المسيحيين وباقي الطوائف، وتتوزع هذه الاتهامات من التحالف مع المشروع الصهيوني – الأميركي، إلى محاولة استهداف المقاومة ورموزها وجمهورها، إلى التعاون مع انتفاضة سوريا وأبنائها والتدخل في شؤون بلد شقيق، إلى اتهام الأصوليات الإسلامية السنية بكل الجرائم غير المعروفة نتائج تحقيقاتها والمجهولة المرتكبين، إلى اتهام أهل السنة في لبنان بتشجيع توطين الفلسطينيين، هذا إلى جانب الحديث عن فساد كل مؤسسة يرأسها مسلم من أهل السنة، وصولاً إلى أن يتجرأ احدهم من حلفاء هذا الفريق الذي يتصدى لكيل الشتائم بحق كل أركان الطائفة في كل حين لينعت أبناء هذه الطائفة بأنهم (حيوانات) كما ذكرت إحدى وثائق (ويكيليكس)..ويقوم هذا الإعلام أيضاً باستحضار بعض الأشخاص من المعممين وغير المعممين ممن لا حيثية لهم سواء كانت سياسية أو دينية أو شعبية لكيل الاتهامات وتمجيد وتبجيل سيد المقاومة ووليها الفقيه وطبعاً قائد سوريا الذي يمعن في شعبه القتل والتنكيل..
- سياسياً: يتعمد هذا الفريق خرق كل الأعراف والتقاليد والقوانين التي تحكم عمل مؤسسات الدولة وإداراتها وأجهزتها، لتحقيق مآربه وطموحاته ورغباته في السيطرة والهيمنة على الوطن ومقدراته وشعبه، وآخر هذه الممارسات الشاذة هي دعوة نبيه بري مجلس النواب للانعقاد رغم عدم توافق مكتب مجلس النواب على هذا الأمر ورغم مناشدته من قبل نواب وحقوقيين ومفكرين قانونيين لجهة عدم قانونية أو دستورية أي جلسة ستعقد، وكان سبق ذلك إسقاط الحكومة في 25/1/2011، بعد أن تم تعطيلها قبل ذلك بأشهر بهدف تعطيل أعمال ومصالح اللبنانيين في لبنان والخارج طمعاً بالإمساك بالسلطة عبر تكليف شخصية مرتبطة بهم وبمحورهم وطموحاتهم..
إن اللعب على الوتر المذهبي والطائفي خطير جداً في لبنان أو حتى في المنطقة، ويجب على هذه القوى أن تعيد النظر بسياساتها وممارساتها وأداء إعلامها وتصريحات قادتها، حتى لا تصل البلاد إلى نقطة اللاعودة، لأن الانجراف نحو صراعات سياسية تحمل في طياتها وفي عمقها بعداً دينياً وارتباطاً بمحور إقليمي يلعب على هذا الوتر لحماية نظامه أو لتوسيع نفوذه قد يؤدي إلى نتائج كارثية وإلى حالة يكون من الصعب معها على الجميع ضبطها أو حتى توقع نتائجها، فالمطلوب هو العودة إلى الحوار الهادئ، وسحب فتائل ومبررات التفجير سواء كانت إعلامية أو سياسية
حسان القطب