المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات - شبيحة سوريا وفرق موت العراق وميليشيات لبنان عنوان لمشروع واحد..؟؟
دراسات /
سياسية /
2011-07-08
الجمعة 8 تموز 2011
شبيحة سوريا وفرق موت العراق وميليشيات لبنان
عنوان لمشروع واحد..؟؟
المصدر: موقع بيروت أوبزرفر
حسان القطب - بيروت اوبزرفر
يقوم البعض في مجتمعنا اللبناني برسم وكتابة مسار التاريخ بطريقة تتناسب مع مشروعه، وتخدم أهدافه وتعزز من حقيقة وطبيعة دوره الحالي والمستقبلي المفترض في الشأن السياسي اللبناني المحلي والإقليمي، وفي غزوه للإدارات الرسمية الإدارية مها والأمنية، ليمسك بمفاصل البلاد كافة ويقوم بتوجيه مسار هذا الوطن الصغير نحو خدمة مشاريع كبيرة تتجاوز حجمه وقدرته، ولكن ينسى هذا البعض المأزوم في فكره، ودوره، والذي يعاني من مشاكل داخلية، وأزمات أمنية، ومن ممارسات استدعت توجيه الاتهامات لبعض أعضائه من قبل المحكمة الدولية الخاصة بالشأن اللبناني والجرائم التي ارتكبت على أرضه واستهدفت شعبه وقياداته مهما كانت مستوياتها وأدوارها ومواقعها..أن تاريخ هذه المرحلة مثبت في أذهان اللبنانيين وأحداثه وتفاصيله يتناقلها الأبناء عن الآباء والجميع يعرف ماذا جرى منذ عام 1982، وقبل هذا التاريخ من أحداث، ومن هم أبطالها ومن هم شهداؤها..
للخروج من الأزمة الصعبة ولتغيير مسار الأحداث ونقل أنظار بعض اللبنانيين وليس جميعهم نحو عناوين وشعارات المؤامرة والعمل على مواجهة المخاطر لتغطية هذا الواقع الصعب والمؤلم الذي يعيشه هذا الفريق، فقد لجأ أحد أهم مفكريه وكبير باحثيه النائب في حزب الله علي فياض لإعادة كتابة التاريخ بما يخدم محاولة حزبه، نقل لبنان من مرحلة التعاون مع المحكمة الدولية وتسليم المطلوبين لمحاكمتهم لإثبات براءتهم أو لتجريمهم، إلى حالة المواجهة مع المؤامرة المستمرة منذ عهود وعقود، وآخرها مؤامرة المحكمة الدولية، فقال فياض: ( لقد سهي عن بال الكثيرين أن المقاومة ولدت رداً على اجتياح العام 82، ولادتها هي رد على هذا الفراغ في العدالة الدولية لأن الاجتياح حصل بغطاء أميركي ودون تحرك المجتمع الدولي ولم يكن من مناص وخيار أمام شعبنا إلا أن يقاوم لذلك ولدت المقاومة بهذه اللحظة بسبب الفراغ في العدالة الدولية، وللمفارقة انه بعد مرور عقود من السنوات تلجأ هذه العدالة الدولية المنحازة والمشوهة والمرتهنة إلى فتح مواجهة مع المقاومة التي ولدت لمواجهتها في لحظة من اللحظات كي تثأر منها وكي تنتقم منها).. إن هذا الكلام فيه تحريف بالغ وصريح وخطير لتاريخ هذا الوطن والشعب وكافة قواه السياسية والشعبية..
لأن المقاومة اللبنانية ولدت قبل ذلك بكثير وانخرط الشعب اللبناني في مواجهة العدوان الإسرائيلي دفاعاً عن سيادة لبنان ولمؤازرة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وحقه في تحرير أرضه والعودة إليها.. أول جهد مقاوم رسمي وشعبي كان مع بدايات الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عام 1948، وتجلى ليلة رأس السنة مع نهاية عام 1968- 1969، حين اعتدت إسرائيل على مطار بيروت ودمرت الأسطول الجوي اللبناني المدني، وعام 1972، حين اجتاحت إسرائيل أجزاء من الجنوب اللبناني ووصلت إلى مشارف بلدة جويا الجنوبية وانسحبت نتيجة مقاومة الجيش اللبناني، وأبناء القرى اللبنانية ومناضلي الحركة الوطنية اللبنانية، والمقاومة الفلسطينية، وعام 1978، حيث اجتاحت إسرائيل جنوب لبنان وصولاً إلى نهر الليطاني بعد أن واجهت مقاومة عنيفة من كافة القوى اللبنانية المخلصة والمؤمنة بالسيادة والاستقلال إلى جانب المقاومة الفلسطينية ووقف جيش دولة الممانعة السورية الموجود في لبنان، متفرجاً على معاناة الشعب اللبناني وعذاباته ولم يتدخل في معركة المواجهة لأنه كان منشغلاً في إخضاع الشعب اللبناني إعلامياً وسياسياً وامنياً وذلك عقب اغتيال الزعيم الدرزي كمال جنبلاط، ومحاصرة الأشرفية وبعض المناطق اللبنانية في بيروت وغيرها بعد الاشتباك مع الجيش اللبناني الموجود في ثكنة الفياضية خلال عهد الرئيس الراحل (الياس سركيس)، ومنهمكاً في عملية ترويض منظمة التحرير الفلسطينية وزعيمها ياسر عرفات، وتدخلت حينها الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي الذي أصدر القرار 425، طالباً الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، والذي نفذ في عام 2000، بعد مقاومة مشرفة خاضتها كافة القوى اللبنانية دون استثناء، قبل أن يحتكر حزب الله عنوان المقاومة وشعاراتها برعاية سورية وعناية إيرانية، ليصل إلينا اليوم علي فياض ساعياً لإجهاض دور قوى لبنانية أساسية في معركة التحرير بإعلان تاريخ محدد لانطلاقة المقاومة، وهو تاريخ حزبه، ويحتكر نتائج تضحيات آلاف الشهداء والجرحى ومعاناة الشعب اللبناني بكافة أطيافه، لتصبح المقاومة شيعية، حسينية، تخدم ولاية الفقيه وتنتصر برعايته.؟؟؟ وتتجاهل تضحيات الحزب الشيوعي اللبناني والحزب القومي الاجتماعي والجماعة الإسلامية، والمرابطون، وعدد كبير من التنظيمات والقوى اللبنانية والفلسطينية التي قاومت وضحت لتحرير لبنان من الاحتلال....
هذا الفريق اللبناني، الذي يزيف التاريخ ويحتكر دماء الشهداء، ويمارس سياسة التهويل والترهيب حتى في المجلس النيابي وبحق نواب الوطن، وأمام المشاهد اللبناني والعربي الذي يتابع المناقشات مباشرةً على شاشات التلفزة، الجدية منها، والمهاترات الهزلية والتهديدات والنعوت الوضيعة التي يطلقها بعض أركان هذا الفريق بحق نواب وممثلي الشعب اللبناني، تدفعنا للتساؤل عن مدى ارتباط هذا الفريق بقوى تمارس الدور عينه وترفع الشعارات نفسها في دول مجاورة، شبيحة سوريا يحظون بحماية النظام الأمني في سوريا ورعايته لدورهم في قمع المتظاهرين والتنكيل بهم دفاعاً عن نظام الممانعة والمقاومة في سوريا وهو ليس كذلك بالتأكيد، وباهتمام ودفاع إعلام الفريق الذي يخدم نظام سوريا أكثر مما يخدم مصالح الشعب اللبناني ويعالج مشاكله، وهذا ما تبين لنا بل ما شاهدناه على شاشات التلفزة حين استفز كلام أحد النواب اللبنانيين بحق نظام سوريا وممارساته، فاندفع المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، النائب علي حسن خليل ليدافع عن دولة شقيقة وصديقة في حين أن إعلامه يهاجم دولة البحرين الشقيقة..؟؟ وكيف يتهم أحد نواب حزب الله (نواف الموسوي) النائب نهاد المشنوق، بأنه عميل ولا أدري لأي جهاز أو دولة، لأنه لم يقم بتسمية معينة، وفي الوقت عينه يقوم حزب الله بدعم نظام العراق الذي يقوده المالكي برعاية أميركية وعناية إيرانية، ومتابعة مباشرة من بعض قيادات حزب الله وإرشاداته، الذي لم يقم مرة واحدة بإدانة فرق الموت العراقية وممارساتها وهي التي أمعنت في سياسة القتل والترهيب والتهجير، ولم يذكر حزب الله مرة واحدة أن الوزير العراقي (بيان جبر) حيث يروى وعلى لسان مقربين من حزب الله، أنه كان يتمتع بحماية حزب الله ورعايته في لبنان حتى سقوط نظام صدام حسين على يد لأميركيين وانتقاله لتبوأ موقع وزاري في حكومة إبراهيم الجعفري، ونوري المالكي الذي يقال أيضاً أنه كان يعيش في لبنان لمدة لا بأس بها ساعدته ليكتسب خبرات كافية لإدارة أزمة العراق على الطريقة اللبنانية التي نراها اليوم..ومع ذلك لا يتهمهم حزب الله بالعمالة على الإطلاق، بل يتهم نظام البحرين والسعودية والكويت بذلك والعديد من الدول الأخرى..
من الممكن القول أن هناك من يسعى للعبث بتاريخ وذاكرة الشعب اللبناني وكذلك الشعب السوري والعراقي، والممارسات القمعية والدموية التي تمارسها القوى المسلحة القادمة من خارج السلطات الأمنية الرسمية هي لخدمة مشروع سلطوي، ديكتاتوري، يهدف لإخضاع هذه الشعوب وترويضها لتستكين، ودفعها للخنوع لسلطة دولة إيران التي تدعم وترعى هذه القوى مجتمعة، ويبدو أن هذا هو القاسم المشترك فيما بينها وهو ما يدفعها للدفاع عن ممارساتها أو على الأقل تجاهلها وعدم الإضاءة عليها، والذي يتابع إعلام حزب الله، يدرك عمق الترابط والتلاحم بين هذه القوى الثلاث، ويلحظ عمق التشابه في ممارسات هذه القوى بحق شعوبها، والعناوين المشتركة في شعاراتها.. في لبنان بدأ التاريخ في عام 1982، أي مع انطلاقة حزب الله، وفي سوريا، تم سطر الملاحم مع بداية عهد حافظ الأسد، وولده بشار، فلم تعد سوريا جمهورية، بل سوريا الأسد حصرياً.. وفي العراق تم تعطيل تشكيل حكومة من الأكثرية النيابية التي فازت في انتخابات نيابية شعبية برئاسة إياد علاوي، تماماً على الطريقة اللبنانية، إلى أن تم تغيير شكل وواقع الأكثرية لتشكيل حكومة برئاسة المالكي، حليف إيران وحزب الله. لذا يمكن القول أن التشابه بين هذه القوى الثلاث متقارب إن لم يكن متطابق..ونحن شعوب هذه الدول ضحايا هذا الواقع المؤلم وهذا المشروع الإقليمي المترابط عبر الحدود.
حسان القطب