المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات - ما هو الدور رسمته سوريا إلى جانب حزب الله لحكومة ميقاتي ..؟؟
دراسات /
سياسية /
2011-07-11
الإثنين 11 تموز 2011
ما هو الدور رسمته سوريا إلى جانب حزب الله لحكومة ميقاتي ..؟؟
المصدر: خاص المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات...
بقلم مدير المركز... حسان القطب
لقد فهم النظام السوري أن انسحاب السعودية من متابعة الشأن اللبناني عندما سحبت المملكة مبادرتها عقب الاتصال الذي أجراه العاهل السعودي بالرئيس السوري، أنه إطلاق يد الأسد في معالجة الوضع الداخلي اللبناني، وبالتالي أصبح من الممكن تشكيل حكومة لبنانية موالية تخدم المصالح السورية الإستراتيجية الإيرانية في المنطقة..واستنبط الزعيم الدرزي وليد جنبلاط من خبايا هذا الموقف أن الوقت قد حان لينقل بندقيته وتصريحاته ومواقفه من جبهة قوى 14 آذار/مارس السياسية، إلى جبهة قوى 8 آذار/مارس المقابلة وهذا ما كان. وفي حين كان حزب الله يسعى لتكليف رئيس وزراء سني يكون في خدمته وخدمة مشروعه، كان النظام السوري الذي استفاد من تجربة تكليف الرئيس الحص الفاشلة بين عامي 1998- 2000، في عهد إميل لحود، ليعمل على إقناع الميقاتي بتشكيل هذه الحكومة ليكون رئيس وزراء لبنان، وفي الوقت عينه في خدمة السياسة الخارجية السورية العاجزة عن اختراق الساحة الدولية، لما له من علاقات دولية في قطاع المقاولات وبعض المؤسسات الأخرى ومن دوره كمستشار في مجموعة الأزمات الدولية التي أفاد مكتب الميقاتي أنه عضواً في فريقها وهي بالمناسبة تضم مجموعة من كبار السياسيين الحاليين والمتقاعدين ورجال المال والأعمال والمصرفيين، حيث ورد في السيرة الذاتية للرئيس ميقاتي عن عضويته الذي وزعته مجموعة (غاما للتواصل والمعلومات) أنه ما يلي:
- عضو المجلس الاستشاري لمجموعة الأزمات الدولية
- عضو الهيئة التنفيذية للغرفة التجارية العربية – الأميركية
- مؤسس ورئيس منتدى استشراف الشرق الأوسط
- عضو المجلس الاستشاري لكلية هاريس في جامعة شيكاغو
بالطبع النظام السوري كان يظن انه بتكليف ميقاتي سيكون أكثر قدرةً على التحاور مع المجتمع الدولي وإقامة علاقات إيجابية معه باعتبار أن الميقاتي قادم من نادي رجال الأعمال الذي انطلق منه الحريري الأب وكذلك الابن..ولذا لن يكون تأثيرات سلبية لعملية التغيير السياسي في لبنان التي جرت بإشراف سوري وبمبادرة مباشرة من حزب الله ونبيه بري، الذي ظن انه قد وجه ضربة قاضية لموقع الرئاسة الثالثة، وأصبح من موقعه على رأس المجلس النيابي يتحكم بلعبة تسمية رؤساء الوزراء كما بتسمية الوزراء وتحديد الحقائب مستنداً إلى تحالفه الوثيق مع وليد جنبلاط المعلن في مرحلة الاحتلال الإسرائيلي وما بعد الاحتلال الإسرائيلي، وغير المعلن خلال الوجود السوري وما بعد الانسحاب السوري.. ولكن شهوة التوزير والرغبة في الاستيلاء على اكبر عدد من الوزارات أخرت تشكيل حكومة الميقاتي حتى وصلت الحالة السورية إلى ما وصلت إليه من تدهور وتراجع وانعدام التوازن، نتيجة الانتفاضة الشعبية العارمة في الداخل والحصار السياسي شبه الكامل للنظام السوري الذي يعاني اليوم من عزلة دولية نتيجة سياساته القمعية، ومن عقوبات دولية بدأت تترك أثرها على الواقع السياسي السوري وعلى الحالة الاقتصادية التي بدأت تشهد تدهوراً وتراجعاً ملحوظاً..وكذلك على دور وتأثير النظام السوري على الدول المحيطة وعلى الواقع السياسي اللبناني.. خوف النظام السوري من أن تصيبه العزلة الدولية بالشلل، دفعه للتدخل للتسريع في تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة الميقاتي على الشكل الذي أعلنت عنه حين أخذت الثقة النيابية، ويمكن قراءة الدور السوري في طبيعة وشكل الحكومة، على النحو التالي:
- إعطاء الطائفة السنية وزير إضافي على حساب الطائفة الشيعة فيما يظهر أنه تضحية من جانب بري، والتصريح بأن الطائفة السنية في لبنان ليست مستهدفة. في حين أن الحكومة تحت السيطرة الكاملة لهذا الفريق.
- إعطاء مدينة طرابلس عدد غير معتاد من الوزراء إلى جانب رئيس الوزراء في محاولة لشق صف الطائفة السنية ومحاولة ابتداع صراع مناطقي بين أبناء الطائفة السنية، وهي سياسة متبعة من نظام سوريا وأعوانه في لبنان، وهو ما فشل ولم ينجح في جر أبناء هذه الطائفة للتقاتل على المغانم والخسائر..
- إعطاء ميشال عون حصة وازنة من الوزراء، لإعادة الاعتبار لتيار ميشال عون المتراجع ولإعطائه جرعة منشطات، أمام الجمهور المسيحي، الرافض لتحالفاته مع حملة السلاح والميليشيات التي تستولي على الأراضي العامة وتفرض هيمنتها على القوى الأمنية وكافة مرافق الدولة، وهو ما يتناقض مع مبادئ تياره المعلنة.
الدور المطلوب من حكومة ميقاتي لخدمة نظام سوريا فهو:
- خدمة السياسة الخارجية السورية باستغلال علاقات ميقاتي الدولية كما أسلفنا، بعدما عجز وزير خارجية سوريا عن لعب أي دور بناء خلال الأزمة الحالية في سوريا.
- أن يكون لبنان وبإشراف الحكومة الميقاتية بوابة التملص الخلفية من العقوبات الدولية وبالتحديد الأوروبية على نظام سوريا الذي بدأت معاناته..خاصةً وان الدول الأخرى المجاورة لسوريا ستلتزم بالقرارات الدولية..
- أن يكون لبنان وتحت سلطة حكومة حازت على ثقة البرلمان اللبناني نتيجة تحالف الأقليات النيابية اللبنانية، حليف وثيق لنظام سوريا يتجاهل القرارات الدولية بتأثير سلطة ميليشيات حزب الله وحركة أمل ووليد جنبلاط، الذي يريد الاستقرار على حساب العدالة.
أما الدور المطلوب من حكومة ميقاتي لخدمة توجهات وطموحات ورغبات حزب الله وأتباعه فهي:
- تجاهل قرارات المحكمة الدولية وعدم التعاون معها وهو ما أعلنه نائب حزب الله محمد رعد في المجلس النيابي.
- بعد تعطيل التعيينات الإدارية لسنوات، جاءت الفرصة المناسبة لإطلاق عجلة التعيينات الإدارية وهو ما سيعطي حزب الله وحلفائه، فرصة الاستيلاء على مفاصل هامة في الإدارة العامة لسنوات قادمة بموافقة وتوقيع دولة رئيس مجلس الوزراء، وفخامة رئيس الجمهورية..؟؟
- تجاهل معالجة مشكلة آلاف الأبنية غير الشرعية التي تم بناؤها على أراضي عامة وخاصة خلال فترة تصريف الأعمال للحكومة السابقة التي منعت من قبل ميليشيات الأمر الواقع من قمع هذه المخالفات ووقفها.
- تشريع سلاح حزب الله وحلفائه، وان يكون قرار السلم والحرب بيد حزب الله من داخل الحكومة، طالما أن سلاحه ومسلحيه يحظون بالرعاية القانونية بموجب البيان الوزاري، وخضوع موقع رئاسة الوزراء للراعي الإقليمي والقوة المهيمنة الداخلية..
- وضع قانون انتخابي يتناسب وطموحات حزب الله وفريقه في الهيمنة على المجالس النيابية القادمة، تماماً كما جرى حين أبقي على بعض الدوائر مرتبطة بدوائر أخرى خلال الانتخابات النيابية الماضية ليستطيع من خلالها بري وحزب الله من الهيمنة على انتخاب بعض النواب..
- بدء مرحلة من الحملات الكيدية ضد بعض القيادات السياسية، لدفعها لمغادرة البلاد أو اعتزال العمل السياسي بهدف تغيير وجه لبنان وقياداته السياسية سواء بالترغيب أو بالترهيب بالطرق القانونية وتحت سقف القانون..؟؟ المرحلة القادمة ستكون صعبة وقاسية، وأي قرارات كيدية أو تعيينات غير مدروسة ستكون لها انعكاسات وتأثيرات بالغة الخطورة على الواقع الداخلي اللبناني، كما أن رفض القرارات الدولية سواء تلك الصادرة عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، أو تلك المتعلقة بالشأن السوري سيجعل لبنان في مهب العقوبات الدولية، وستكون الحكومة اللبنانية حكومة مارقة وخارجة على الشرعية الدولية، وسيتسبب هذا الأمر بضرر كبير يطال اللبنانيين كافة والقطاعات التي تشكل مصدر الدخل القومي اللبناني وأهمها المصرفية والسياحية وكذلك التحويلات القادمة من المغتربين اللبنانيين، إضافة للتهديدات الإسرائيلية للكيان اللبناني بسبب التعديات على حقوق لبنان في الغاز الطبيعي والنفط المتوافر في البحر الأبيض المتوسط، مما سيجعل لبنان مكشوف دولياً وعربياً وداخلياً ..