نكبة فلسطين ، 15 أيار 1948- دروس و عِبَر
لقاءات /
سياسية ثقافية /
1999-05-15
نكبة فلسطين ، 15 أيار 1948
دروس و عِبَر (1)
* * *
أودّ بداية أن أتوجّه بخالص الشكر و التقدير إلى رئيس و أعضاء المركز الثقافيّ الفلسطينيّ لدعوتهم لي للمشاركة في هذا اللقاء الثقافيّ ـ السياسيّ ، و للحديث في هذه المناسبة ، مناسبة ذكرى أليمة قاسية في ذاكرتنا التاريخيّة ، ذكرى الهزيمة الأولى للأنظمة العربيّة و جيوشها على أرض فلسطين في 15 أيار عام 1948 ، أو كما تسمّى في الأدبيّات السياسيّة " الحرب العربيّة الإسرائيليّة الأولى " و ذلك بعد انسحاب قوات الانتداب البريطانيّ وإعلان في ذلك اليوم رسمياً قيام دولة الكيان الصهيونيّ و دخول الجيوش العربيّة النظاميّة إلى فلسطين ...
في الحقيقة ، عندما طُلب منّي أن أشارك في هذه النّدوة مع الصديق الأستاذ سهيل الناطور، ترددّت في بداية الأمر ، و ذلك لسببيْن إثنيْن:
الأول ، لانهماكي الكلّي و انشغالي اليوميّ في الشؤون الجنوبيّة على وجه الخصوص، السياسيّة منها و الوطنيّة و الثقافيّة ...
السبب الثاني ، و لا أخفيه عنكم ، لتهيي من أن أتحدث ، أنا ، عن القضية الفلسطينيّة، وفي القضية الفلسطينيّة ، أمام جمهور فلسطينيّ كريم ، وأمام مثقّفين فلسطينيين وكادرات فلسطينيّة، جميعهم متمرّسون بالنضال والعمل الفلسطينيّ ، ومن أجل القضية الفلسطينيّة ، فهم يتابعونها عن قرب ويعيشونها يومياً ، فكرياً وسياسياً ، وفي جزئياتها التفصيليّة ، أين أنا منها الآن …
ولكن ، في الوقت الذي كدت فيه أن أعتذر عن عدم إمكانيّة المساهمة في الحديث في هذا الموضوع المطروح للنقاش والحوار ، فقد قلت نعم ، ووافقت وبطيبة خاطر .. لماذا ؟…
أولاً ، تلبية للرغبة الداخليّة والدفينة في نفسي من أجل التواصل والانفتاح والحوار مع المنابر الفلسطينيّة ، السياسيّة والوطنيّة والثقافيّة على وجه الخصوص ، والتمهيد لعقد لقاءات حواريّة مشتركة لاحقاً ، هنا في عين الحلوة أو عندنا في مركزنا الثقافيّ في صيدا ، وذلك لبحث ومناقشة وتبادل وجهات النظر حول قضايانا المشتركة الوطنيّة ، اللبنانيّة والعربيّة على حد سواء… ولا سيّما أنّ هناك مثقّفين كُثُر ، كما نعلم جميعاً ، ومن شتّى الاختصاصات العلميّة والأدبيّة والفنيّة ، غاية في الأهميّة هنا في عين الحلوة ، فيجب الاستفادة منها وتنشيطها عَبْر الحوار والنقاش المتواصل وفي مختلف الميادين ...
يضاف إلى ذلك ، ثانياً ، رغبتي أيضاً في إعادة تلك العلاقة بطلابي الفلسطينيّين ، وهم كُثُر أيضاً ، ومناضلون ملتزمون… وهي علاقة قديمة وحميمة ، تمتدّ في الزمن إلى السبعينات ، سواء كان ذلك في ثانوية المقاصد في صيدا أو في الجامعة اللبنانيّة… فرغبتي الحقيقيّة ، بعد هذا الانقطاع الطويل ، هي محاولة إعادة ذلك التواصل ، كما كان في السابق ، التواصل السياسيّ والوطنيّ والفكريّ والثقافيّ ، خصوصاً وأن " الهمّ " العربيّ ، السياسيّ والوطنيّ ، إنّما هو ، في نهاية المطاف ، همّ واحد ، والقضايا هي قضايا مشتركة ، والمصير العربيّ هو مصير واحد ...
القضية الفلسطينية
والتاريخ الوطني في صيدا والجنوب..
هنا ، أسمح لنفسي بأن أتوقف قليلاً وأعود إلى ذاكرتي التاريخيّة وذلك بمثابة مقدّمة لموضوعنا ، واسترجع تلك العلاقة التاريخيّة ما بين القضيّة الفلسطينيّة والتاريخ الوطنيّ لصيدا والجنوب ، فأقول باقتضاب وأشير إلى نقطتين :
النقطة الأولى : موقع القضيّة الفلسطينيّة في تاريخنا الوطنيّ العربيّ الحديث .
النقطة الثانية : وهي ما لها علاقة بتجربتي الشخصيّة …
أولاً : تحتل القضيّة الفلسطينيّة المركز الأساس والعروة الوثقى في التاريخ الوطنيّ الحديث لمدينة صيدا والجنوب على وجه الخصوص ، وللبنان واستقلاله وتحرّره من الانتداب الفرنسيّ بصورة عامة … فلا يمكن أن نتحدّث ، حقيقة وفي العمق ، عن التاريخيّ الوطنيّ العربيّ الحديث لصيدا ـ إذا كان لي أن أخصّص حديثي هنا عن مدينتي صيدا ـ دون أن نتوقف ملياً وطويلاً، للحديث عن التفاعل القوميّ العربيّ ، الوحدويّ والشعبيّ مع القضية الفلسطينيّة والصراع ضد العدوّ الإسرائيليّ . فالعدوّ المشترك واحد :
* فهو يتمثل ، من جهة في الحركة الصهيونيّة العالميّة والكيان العبريّ الإسرائيليّ في فلسطين ،
* ومن جهة ثانية ، في الانتداب الفرنسيّ في لبنان والانتداب البريطانيّ في فلسطين . فالمعركة الوطنيّة واحدة ، والنضال التحرّريّ لمواجهة الاستعمار الغربيّ بجميع صوره وأشكاله إنّما هو أيضاً نضال واحد مشترك…
هنا ، لا يمكن الحديث عن التاريخ الوطنيّ لصيدا والجنوب ، كما أشرت ، دون أن يأتي في صلبه الحديث عن القضيّة الفلسطينيّة وتطوّرها ، وتأثيرها في التطوّر السياسيّ والقوميّ في مجتمعاتنا المحليّة … فهناك تفاعل بينهما عميق ، وعلاقات اجتماعيّة واقتصاديّة وحياتيّة ، كما هناك بالنتيجة ذاتها تأثير بين القضيتين الوطنيتين : القضيّة العربيّة في فلسطين والقضيّة العربيّة في لبنان وفي الجنوب اللبناني على وجه التحديد …
ومن جهة ثانية ، اسمحوا لي أن أتوقف قليلاً في هذا السياق لأشير أيضاً إشارة عابرة إلى تلك العلاقة التفاعليّة ، العلاقة العضويّة وعلى شتّى المستويات ، المستوى الحضاريّ ـ الثقافيّ ، القوميّ العربيّ ، الدينيّ الإسلاميّ ، بين كلية المقاصد الإسلاميّة في صيدا ومن ثمّ ثانوية المقاصد والقضيّة الفلسطينيّة بصورة عامة … فهناك ترابط تفاعليّ حقيقيّ بين المقاصد في صيدا والقضيّة الفلسطينيّة : فالتظاهرات الاستقلاليّة النضاليّة التحرريّة ، العدائيّة للانتداب الفرنسيّ ومعه الانتداب البريطانيّ ، والتظاهرات الاحتجاجيّة الاستنكاريّة لجرائم اليهود الصهاينة في فلسطين ، فجميع تلك التظاهرات وعلى مدى ما يقرب من الربع قرن ، كانت تنطلق من ساحة كلية المقاصد أو من ساحة ضهر المير أو من الجامع العمريّ الكبير ، وهي الأماكن الثلاثة المجاورة بعضها لبعض الآخر ، فمعظم تلك التظاهرات كان يُحضّر لها ويُنظّمها ويُقودها ويلقي الخطابات الحماسية فيها طلاب المقاصد…
في هذه الأجواء الوطنيّة التحرريّة ، الاستقلاليّة ، العربيّة والقوميّة ، كنّا قد عشنا، وعاشت الأجيال تلو الأجيال الصيداويّة السابقة واللاحقة ، فيها (في هذه الأجواء) عاش جيلي ، جيل الخمسينات والستينات ، هذا الجيل الذي أسميه جيل الطموح الوطنيّ التحرريّ ، جيل الأمل القومي العربيّ الوحدويّ (2 )…
إنّني لا أزال أذكر تماماً ، وفي هذه الأجواء أو قبلها بقليل ، كيف كنت قد شاركت ، وأنا لا أزال في المرحلة الابتدائيّة الأولى ، في مسرحية تحت عنوان : فلسطين الجريحة… وقد لعبت فيها دور فلسطين الجريحة ، فلبست ثوباً أبيض ، ناصح البياض ، مرسوماً عليه خريطة فلسطين وملطخاً بالدماء ... فالتعبيرات والاستشهادات والجمل الخطابيّة التي كنت قد حفظتها ، أو الموضوعات الإنشائيّة التي كنّا نكتبها ، هي التي ، مع الأجواء السياسيّة العربيّة العامة ، كوّنت شخصيتنا الوطنيّة، وصاغت هويتنا التحرريّة وحدّدت انتماءاتنا العروبيّة . فهي مازالت في الأعماق منقوشة في ذاكرتنا الوطنيّة ، في ذاكرتنا الجماعيّة ، والتي لا يمكن أن تُمحى ...
15 أيار: دروس وعِبَر
إنّني أعتذر إذا كنت قد أطلت قليلاً وتطرقت إلى جوانب وإشارات وطنيّة محليّة، وتوسعت في قضايا شخصيّة لها معانٍ في نفسي وفي ذاكرتي التاريخيّة الذاتيّة ، ولكنني أردت فقط أن أضع الموضوع الذي هو موضوع حديثنا في هذه الأمسية، في سياق التاريخ المحلي الصيداويّ والجنوبيّ، وكما عشته في طفولتي ، وذلك حتى أصل الآن إلى موضوع هذه النّدوة وعنوانها : 15 أيار ، دروس وعِبَر…
طبعاً وكما أشرت في ما سبق ، لن أدخل في تفاصيل الأحداث وتسلسلها التاريخيّ ، وإنّما سأحاول أن أركّز حديثي على استخلاص بعض النقاط أو العِبَر الأساسيّة تمهيداً للنقاش في ما بعد ، إذا كان المجال يسمح بذلك ، تلك العِبرَ التي يمكن استخلاصها من قرار تقسيم فلسطين وانسحاب جيش الانتداب والإدارة البريطانيّة ، ودخول الجيوش العربيّة النظاميّة الرسميّة ، وإعلان الدولة الإسرائيليّة رسمياً وإقامتها على الأرض الفلسطينيّة ، ومعها رفض الجماهير الشعبيّة العربيّة والإسلاميّة لها ، وفي كلّ مكان في الأرض العربيّة…
أولاً ، إنّ قرار تقسيم فلسطين في دولتين : عربيّة وإسرائيليّة ، الصادر عن هيئة الأمم المتحدة بتاريخ 29 تشرين الثاني 1947 ، كان قد رفضه الشعب العربيّ والشعب الفلسطينيّ جملة وتفصيلاً.
فهل كان في الإمكان أن يحصل غير ذلك ، بعد تلك الثورات المتتالية ، الثورات الشعبيّة والانتفاضات الجماهيريّة ، في فلسطين وفي الوطن العربيّ ، وذلك لمنع هذا التقسيم الجائر و منع الاستيطان العنصريّ الصهيونيّ ، بدعم من دول الغرب و في طليعتهم بريطانيا و الولايات المتحدة الأميركيّة ؟!…
كذلك و تحت هذا الضغط الشعبيّ العربيّ العام ، هل كان أحد من الحكام العرب آنذاك ، طبعاً آنذاك ، آنذاك و ليس الآن ، أن يتجرأ ويقبل تقسيم فلسطين علناً و صراحة ، و إن كان بعض الحكام أو جميعهم يوافقون عليه ضمناً و في السر ، حفاظاً على مواقعهم في السلطة و الحكم ، ويجرون لذلك و منذ زمن بعيد محادثات سريّة ـ أصبحت الآن معروفة للجميع ـ مع بعض الحكومات الغربيّة ، البريطانيّة على سبيل المثال ، و مع قيادات الحركة الصهيونيّة العالميّة ، بطرق وقنوات كثيرة ، ملتوية و خفية ؟!…
فهل كان من الممكن أن يقبل ، أو أن يرضى ، أو أن يصمت الشعب العربيّ و الإسلاميّ عن تلك الجريمة الاستعماريّة الاستيطانيّة النكراء ؟!… ذلك أنّه ما يُبنى على جريمة ، فهو أيضاً جريمة بحقّ الشعب الذي اُغتصبت أرضه و حقوقه المشروعة … فمنذ تشرين الثاني 1947 ، تاريخ تقسيم فلسطين ، و الحرب المؤامرة الدوليّة ـ العربيّة في عام 1948 ، هناك ظلم بشع نازل بشعب فلسطين و الشعب العربيّ و الإسلاميّ ، فيجب فضح دائماً و أبداً هذا الظلم .
ففي هذا المجال يؤكد هنري كَتَن في كتابه المهمّ جداً و عنوانه : فلسطين في ضوء الحقّ والعدل ، فيقول : " إنّ إسرائيل مخلوق غير شرعيّ ، و غير طبيعيّ ، و إنّ إقحامه وسط خِضمّ عربيّ كبير ، محض مغامرة جنونيّة … فكما ينبذ الجهاز الإنسانيّ جسماً غريباً عنه .. ( فالشعب العربيّ ) قد نبذ هذه الدولة العنصريّة " الشوفينيّة التوراتيّة المتغطرسة "..
فهناك وهم ، و في المدى البعيد ، وهم كبير القول و التشديد على إمكانية " قبول الشعب العربيّ بالأمر الواقع سنة 1948 ...". فالاحتلال الإسرائيليّ الاستيطانيّ الاستعماريّ للأراضي الفلسطينيّة ، يضيف هنري كَتَن ، و هو الفقيه الدستوريّ و القانونيّ العام : " لا يستند إلى قواعد شرعيّة و لا إلى قانون دوليّ و لا إلى قرار الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني 47 .. و إنّما هو كيان اغتصابيّ ، أقيم بالقوّة على أرض الغير ، فليس له حدود معترف بها أو مقرّرة شرعاً ..". وهو يؤكّد مرّة أخرى أنّ " كلّ سلام لا يقوم على قواعد الحقّ و العدل ، فهو وهم في وهم : كأن تحاول تشييد بناء دائم على فوهة بركان "...
طبعاً ، كان هناك رأي و مازال سائداً حتى الآن ، قد انتشر في دول الغرب الاستعماريّ بدايةً وانتقل إلينا فيما بعد ، يقول: إنّ العرب دائماً يقبلون متأخرين كثيراً ما كانوا يرفضونه في السابق ... والواقع ، فهل كان من الممكن أن يحصل قبول تقسيم فلسطين في تلك الظروف السياسيّة والقوميّة السائدة آنذاك ، على الصعيد الشعبيّ ، خصوصاً على الصعيد الشعبيّ ؟!.. إنّنا نعرف ، على سبيل المثال لا الحصر ، الأزمات الداخليّة لبعض الدول العربيّة وموجات الاعتراض بل و الاعتداءات الشخصيّة التي تعرضت لها و عانتها بعض الأحزاب السياسيّة من جراء قبولها ولو مرغمة قرار التقسيم …
و إنّنا نعلم أيضاً كيف سادت موجات الاستنكار و الاعتراض الصاخبة الغاضبة التي تعرّض لها الحبيب بورقيبه ، رئيس الجمهورية التونسيّة آنذاك ، عندما صرّح عام 1964 ، فيما أذكر، ودعا الحكومات العربيّة إلى قبول قرار " تقسيم فلسطين " ، و لو تكتيكياً !!… إنّنا نعرف كيف ثار الشعب العربيّ في كلّ مكان ، ومن ثمّ الطريقة التي رماه فيها و قذفه بالبيض و البندورة في شوارع بيروت!!…
* * *
هذا و إذا كان لنا أن نوجز نتائج الهزيمة العربيّة الأولى في فلسطين عام 1948 ، فإنّنا نستطيع أن نقول : إنّ قيام الدولة العبريّة الصهيونيّة قد أدّى إلى تغيّرات جذريّة و تحولات تاريخيّة عميقة ، على صعيد الاجتماع السياسيّ وموازين القوى العسكريّة و صراعات الدول الكبرى في الساحة العربيّة وفي منطقة الشرق الأوسط ، بصورة سافرة و مباشرة ، سياسياً و عسكرياً واستراتيجياً واقتصادياً ... كذلك بالنسبة إلى لبنان بطبيعة الحال وبعد مضيّ خمس سنوات فقط على انتزاع اسقلاله من الانتداب الفرنسيّ ، فقد شكل قيام الكيان الصهيونيّ في جنوبه وعلى تخومه ، أول تحدِ كبير للتجربة السياسيّة اللبنانيّة و بالتالي للوفاق الوطنيّ في لبنان ...
و يمكن هنا ، في هذا النطاق أن نشير ، جراء إنشاء الدولة العبريّة ، إلى أبرز التأثيرات التالية :
1) قيام الانقلابات العسكريّة والأنظمة الرديكاليّة " الاشتراكيّة "، " الثوريّة " في المنطقة العربيّة انطلاقاً من انقلاب آذار 1949 في سوريا ...
2) الحافز المباشر :
* من جهة لنشوء بعض الحركات القوميّة ، والتيّارات التقدميّة العربيّة في كلّ مكان .
* من جهة ثانية ، دفع أو إعطاء دفع قويّ وعام لحركة التحرر العربية من مشرقها إلى مغربها ..
3) تحويل البلاد العربيّة إلى ساحة صراع حاد بين الغرب و الشرق ، بين الولايات المتحدة الأميركيّة ومعها الدول الغربيّة ، والاتحاد السوفياتي ومعه منظومة الدول الاشتراكيّة آنذاك .
4) إذكاء مسألة الأقليات الدينيّة والعرقيّة و الإتنيّة والثقافيّة وإثارة إشكالياتها في العالم العربيّ.
5) دخول المشكلة الفلسطينيّة ومن بعدها العنصر الفلسطينيّ المنظّم سياسياً وعسكرياً في المعادلة الصراعيّة ، التناقضيّة ، الداخليّة للبنان
6) إعادة طرح ، ومرة أخرى من جديد ، منطلقات وأسس ومقومات السياسة الخارجيّة العربيّة والدوليّة للبنان ، والموقف الرسميّ كما الشعبيّ من الصراع العربيّ الإسرائيليّ .
ثانياً : يمكننا كذلك أن نستخلص بعض الدروس والعِبَر حين نقول : إنّ إنقاذ فلسطين وتحريرها لا يتمّ إلاّ بتحقيق الثورة الاجتماعيّة الشاملة ، حقيقةً و فعلاً ، في المجتمع العربيّ ، وتنفيذ الثورة السياسيّة والاقتصاديّة والعلميّة والثقافيّة وبالتالي العسكريّة ، انطلاقاً أيضاً من تغيير الذهنيّة القبليّة و العقليّة العشائريّة والعائليّة المتخلفة ... (3)
وكان قد أكّد في هذا الصدد أيضاً ، ومنذ ذلك الحين ، أحد المفكرين السياسيّين العرب بقوله :" فلسطين ، لا تنقذها الحكومات العربيّة ، بل الشعوب ...." وتلك مقولة تبقى صحيحة حتى وقتنا الحاضر ...
ثالثاً : أهمية توافر الإرادة الشعبيّة ، الإرادة الحقيقيّة ، التنظيميّة الواعية في عمليّة الإنقاذ والتحرير ، تحرير شعب فلسطين و الشعب العربيّ معه. والشاهد على ذلك هو عندما دخلت "الإرادة" الشعبيّة المنظّمة القادرة في عمليّة التحرير ، تقهقرت الآلة العسكريّة الإسرائيليّة . يتجلّى ذلك في مَثَل المقاومة الوطنيّة اللبنانيّة المدعومة من بعض الفصائل الفلسطينيّة وسوريا والاتحاد السوفياتي آنذاك، بعد الاجتياح الإسرائيليّ على لبنان في حزيران 1982 ، وخصوصاً المقاومة الشعبيّة ، مقاومة النساء والأطفال والشيوخ في الجنوب اللبنانيّ في مواجهة جيش الاحتلال الإسرائيليّ ...
هنا ، في ما أرى ، فإنّ العمل الشعبيّ العفويّ المقاوم من قِبَل جماهير الجنوب اللبنانيّ وخصوصاً من قِبَل المرأة الجنوبيّة ـ ذلك الصراع العنيف وتلك المواجهة الدائرة والمعركة ضد الملالات الإسرائيليّة والجنود الإسرائيليّين يوم عاشوراء في النبطية عام 1984 ـ قد كانت هذه المقاومة الشعبيّة التلقائيّة الاندفاعيّة ، هي البداية أو المَثَل و النموذج لثورة الحجارة في فلسطين ، ثورة الحجارة الرائعة وذات المعاني و العِبَر الكثيرة في هذا المجال ...
لذا ، فإنّ التوقف طويلاً حول الانتفاضة الشعبيّة في فلسطين ، يأخذ هنا كلّ أهميته الكبرى. فمنذ صعودها المطّرد وانتشارها الواسع وانتصاراتها المتتالية في مواجهة الآلة العسكريّة الإسرائيليّة، دخلت حينذاك عملية " إجهاض الانتفاضة " تدريجاً في خطّها التنفيذيّ… وإنّ عملية الإجهاض هذه هي التي تفسّر إلى حدّ كبير وحقيقيّ ما حصل من تتابع للأحداث السياسيّة ومفاوضات دبلوماسيّة في ما بعد حول الصراع العربيّ ـ الإسرائيليّ عموماً ، والصراع الفلسطينيّ ـ الإسرائيليّ تحديداً وما تبع ذلك من تنازلات تلو التنازلات في مفاوضات متعدّدة الأطراف ، أو مفاوضات سياسيّة سلميّة ثنائيّة ومباشرة مع العدو الإسرائيليّ ، وهي مازالت مستمرّة حتى الآن …
فحول معاني الانتقاضة ودروسها ، يمكنني أن أشير إلى مقتطفات مقتضبة من كتابات نايف حواتمة ، الأمين العام للجبهة الديمقراطيّة لتحرير فلسطين ، فهو يقول في هذا المجال :
* الانتقاضة ، انتقاضة أطفال الحجارة ، خلقت وضعاً جديداً : فلسطينياً ، عربياً ، عالمياً ، وأدخلت القضيّة الفلسطينيّة إلى كلّ بيت أميركيّ ـ كما أسرّ جورج بوش إلى غورباتشوف. فكلمة الراعي الأميركيّ تقع هنا في مكانها …
* ذلك أنّ الانتفاضة خلقت طوراً جديداً ، نوعياً ، من الإبداع ، إبداع الشعب ، أطلق عليه السوفيات ]آنذاك[ صفة :" أعمق وأشمل انتفاضة ديمقراطيّة عرفتها حركة تحرّر وطنيّ منذ الحرب العالميّة الثانية ".
* أمام هذا الواقع الصراعيّ الجديد ، وصل جنرالات إسرائيل وساستها إلى نتيجة حاسمة وهي:" أن لاحلّ عسكرياً للانفاضة ، فيجب البحث عن حلول سلميّة…" لذا وصلت إدارة بوش (1987- 1988) إلى ضرورة تنشيط الحلول والمفاوضات السياسيّة السلميّة الثنائيّة المباشرة…
من هنا، ينهي حواتمة قوله ، ابتدأ الصراع والتعارض داخل منظّمة التحرير والحركة الوطنيّة وفي صف الشعب الفلسطينيّ والساحات العربيّة…
* طبعاً ، وكما نعلم ، وبهدف إجهاض الانتفاضة الشعبيّة أو ثورة الحجارة في فلسطين، فقد حصل حدثان مهمان جداً في هذا السياق : الحدث الأول انعقاد مؤتمر الوفاق الوطنيّ لإنهاء الحرب الأهليّة في لبنان "مؤتمر الطائف" عام 1989 ، في المملكة العربيّة السعوديّة ومشاركة الولايات المتحدة الأميركيّة في رعايته والتحضير لـه مع الملوك والرؤساء العرب.
أما الحدث الثاني فهو انعقاد مؤتمر (مدريد) بعد ذلك مباشرة ، عام 1990.
رابعاً : إذن المقاومة الوطنيّة والمقاومة المدنيّة في الجنوب اللبنانيّ ، وثورة الحجارة في فلسطين، هما مقدمتان ضروريتان وممهّدتان لقيام المقاومة الإسلاميّة الباسلة ضد الاحتلال الإسرائيليّ في الجنوب اللبنانيّ والبقاع الغربيّ … فلا يجوز ، في ما أرى ، الفصل بين هذه الحركات الثلاث لمقاومة العدوّ الإسرائيليّ … وربط ذلك كلّه بالثورات المتعاقبة في فلسطين ، الثورات الشعبيّة منذ الاضراب التاريخيّ عام 1936، الذي استمرّ ستة أشهر .. حتى ثورة الحجارة ، التي أُجهضت كما غيرها من الثورات الشعبيّة .
إذن الآلة العسكريّة التكنولوجيّة المتطوّرة التي هزمت الجيوش النظاميّة العربيّة التي واجهتها بآلة حرب تقليديّة : الدبابة مقابل الدبابة ، الطائرة مقابل الطائرة ، المدفع مقابل المدفع ، هذه الآلة العسكريّة الإسرائيليّة المتطوّرة تكنولوجياً ، قد انهزمت أمام الإرادة الشعبيّة ، إرادة القتال الحقيقيّ والتصميم على إرادة القتال… سواء في فلسطين عبر الانتفاضة الشعبيّة ، أو في الجنوب اللبنانيّ بفضل المقاومة الشعبيّة المسلحة الباسلة .
خامساً : فلا سيادة ناجزة ، ولا استقلال بمعناه الصحيح الشامل ، ولا إصلاح حقيقياً للخطأ الأساسيّ وإعادة حقوق الشعب إلى نصابها ، طالما الاحتلال الإسرائيليّ رابض على صدورنا ، على صدور أهلنا في فلسطين وفي الجنوب اللبنانيّ والبقاع الغربيّ ، يهدّدهم في وجودهم وحياتهم اليوميّة... فلا تحرير للأرض من الاحتلال الاستيطانيّ الإسرائيليّ ، عن طريق المفاوضات الدبلوماسيّة أو السياسيّة وحسب ، دون دعم الانتفاضات الشعبيّة المنظّمة داخل فلسطين المحتلة أو خارجها ، دون دعم شعبنا في مقاومته لهذا الاحتلال ، مقاومته السياسيّة والمدنيّة ودون تقديم قوافل الشهداء الأبرار ودون التضحيات الجسام .
لذلك فإنّ المقاومة في الجنوب اللبنانيّ هي التي فرضت على العدوّ الإسرائيليّ التنازلات المتتالية وأرغمته على التراجع التكتيكيّ المناور وخلقت في نظامه السياسيّ والعسكريّ بلبلة واضطرابات وتناقضات بنيويّة وفجرت أزماته الداخليّة الحادة ومآزقه العميقة .
سادساً : وأخيراً فإنّ النتيجة أو العبرة التي يمكن أن نستخلصها من كلّ ذلك هي أنّ الصراع العربيّ ـ الإسرائيليّ قد بدا لي ، وبأجلى صوره ومعانيه ، ومنذ البداية ، أنّه صراع حضارات.هنا أستفيد من أطروحة شاعت أخيراً حول "صراع الحضارات" لأطبقها على المنطقة العربيّة فأقول : بأنّ الصراع العربيّ الإسرائيليّ ومن وجهة نظري ، إنّما هو في الحقيقة والأعماق صراع ما بين الحضارة العبريّة التوراتيّة الصهوينيّة العنصريّة الاستطانيّة في فلسطين وامتداداً إلى المنطقة كافة ، مدعومة من الغرب الأمبرياليّ وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركيّة من جهة ، وما بين الحضارة العربيّة الإسلاميّة من جهة أخرى …
ففي هذا الصدد ، يهمني أن أشير ، في ختام حديثي ، إلى مقاطع وردت في الرسالة المطوّلة التي كنت قد أرسلتها ، في نيسان 1994 ، عن طريق المطران بشارة الراعي ، إلى حاضرة الفاتيكان، على أثر الإعلان 1992 ـ 1994 عن وثيقة السينودس الصادرة عن الأمانة العامة تحت عنوان : " الخطوط العريضة لمجمع الأساقفة الكاثوليك من أجل لبنان ، في قسمها الرابع "… وقد جاءت هذه المقاطع البارزة في الرسالة وعنوانها " قراءة نقدية في وثيقة السينودس : وجهة نظر ديمقراطية ، كما يلي :
* هناك لغط كثير وتخوّف كبير من ربط فكرة عقد السينودس وانعقاد هذا المَجْمَع الكنسيّ الكاثوليكيّ ، بالاستراتيجيّة الدوليّة ، وبما يجري حالياً من مفاوضات السلام بين الدول العربيّة ودولة إسرائيل ، ومن التحضيرات لإقامة ترتيبات أمنيّة ونظام إقليميّ جديد بمباركة الولايات المتحدة الأميركيّة .
* ثمّ ، ومن جهة ثانية ، لماذا التركيز دائماً في وثيقة السينودس على القول :" الحوار مع الله يعني الحوار مع أيّ إنسان أو أيّ جماعة… ولا شك أنّ أبناء الديانة اليهوديّة هم جرء من هذا الحوار ؟!... وكذلك التذكير في المنحى ذاته بأنّ اليهود كانوا طرفاً مهماً من الحضارة العربية !!...
* هنا في الإعلان عن اتخاذ تلك المواقف ، لا يجوز في الواقع أن نعزل الاعتبارات السياسيّة والمتغيّرات الدوليّة ، في إعادة قراءة النصوص المقدّسة لضرورة الحاضر ، وتفسيرها من جديد بحسب موازين القوى العالميّة والإقليميّة والمتغيّرات السياسيّة ـ الاستراتيجيّة الدوليّة . ذلك أنّ العلاقة مع الديانة اليهوديّة أو مع الصهيونيّة العالميّة والدولة العبريّة القائمة على أسس دينيّة توراتيّة عنصريّة ، لا يجوز أن تجرّد هكذا عن الواقع المعقد ، الواقع الدينيّ والتاريخيّ والحضاريّ والقوميّ والسياسيّ ، والواقع الإقليميّ والدوليّ والصراع العربيّ الإسرائيليّ .
* إنّنا نأمل من الكنيسة الكاثوليكيّة في العالم وفي لبنان على وجه الخصوص ، أن تكون على حذر ، و على حذر شديد في موضوع الصراع العربيّ ـ الإسرائيليّ ، و " الحوار " مع الدولة الإسرائيليّة أو مع الديانة اليهوديّة ، في ما يتعلق بشؤون المنطقة العربيّة أو بشؤون لبنان ... ذلك أنّنا نرى أنّه من الخطأ أن نُدخل الاعتبارات الدوليّة و إعادة تنظيم شؤون المنطقة كعامل مؤثر وفاعل أساسيّ في إعادة ترتيب البيت اللبنانيّ ...
* كما أنّنا نودّ أن تكون مواقف الكنيسة الكاثوليكيّة العالميّة ، وحاضرة الفاتيكان بالذات ، حذرة وحذرة جداً بالنظر إلى الصراع العربيّ الإسرائيليّ ... فمن الخطأ التاريخيّ الكبير أن تًتخذ المواقف السياسيّة و الدبلوماسيّة و تكون واقعة تحت تأثير الاعتبارات و المتغيّرات الاستراتيجيّة العالميّة و الإقليميّة المتناقضة أصلاً و المتصارعة منذ سنين طويلة ، و هذا يتوقف انطلاقاً من الزاوية التي تنظر منها الكنيسة إلى هذا الصراع العربيّ الإسرائيليّ ، ذي الأبعاد التاريخيّة و الدينيّة و القوميّة والحضاريّة ، المعقّدة أشدّ تعقيد ...
فهل الكنيسة سوف تنظر إلى هذه القضيّة من الزاوية الرسميّة الحكوميّة ، أم من زاوية شعوب المنطقة العربيّة ؟!… هذا هو السؤال الكبير !!...
العلاقات الدينية و الأقليات :
* يبدو أن ما يُرسم لمستقبل " منطقة الشرق الأوسط " وما يخطّط لها من نظام جديد تكون قاعدته في المدى البعيد أو إحدى أسسه وركيزته ، إنّما هي العلاقات الدينيّة : اليهوديّة والمسيحيّة والإسلام !!... ذلك أنّ هذا هو ما تسعى إليه إسرائيل من جملة ما تسعى إليه : فتصبح الدولة العبريّة الدينيّة التوراتيّة ، أقليّة من ضمن أقليات المنطقة قاطبة : الأقليات الدينيّة والمذهبيّة والعرقيّة والقوميّة والأثنيّة أو جميعها . هذه نظرة ضيّقة جزئيّة تحريفيّة تنطلق من اعتبار المنطقة كلها كأقليات...
* ولكن ، مهما كانت صيغ التطبيع مع الدولة الإسرائيليّة و أشكاله المستقبليّة ، فإنّ أيّ نظرة للقضيّة ، نظرة تاريخيّة قوميّة دينيذة ، نظرة فاحصة و عميقة ، ومن مختلف الأبعاد وعلى شتّى المستويات ، تُظهر لنا ـ وتطوّر العلاقات المصريّة ـ الإسرائيليّة ، وموقف البطريركيّة القبطيّة منها ، خير شاهد على ذلك ـ أنّ الصراع العربيّ الإسرائيليّ قد تحوّل صعوداً وانتقل من العنف العسكريّ ـ السياسيّ ، أو السياسيّ ـ العسكريّ المسلح ، إلى صراع حضاريّ : صراع قوميّ دينيّ ثقافيّ ، طويل المدى ومتعدّد الوجوه والأبعاد، ولسوف يستمر اتساعاً أكثر بكثير من حقب الصراع السياسيّ ـ العسكريّ السابقة… ذلك أنّ الشعوب هذه المرة ، شعوب المنطقة العربيّة ـ الإسلاميّة ، من ضمنها لبنان ، هي التي سوف تكون في حياتها اليوميّة ، عناصر هذا الصراع الحضاريّ الجديد ، وذلك على مستوى العلم والاقتصاد والاجتماع ، والثقافة والتربية والتعليم والثروات الطبيعيّة وفي أيّ مجال من مجالات الحياة …
بل نستطيع أن نتنبأ ـ بالاعتماد على المعطيات الواقعيّة ، الماديّة والتاريخيّة ـ أنّ هذا الصراع سيكون حاداً مستقبلاً ، وعنيفاً هذه المرة ، بين الحضارة العبريّة ، مدعومة من قِبَل اليهوديّة والصهيونيّة العالميّة ، والغرب عموماً وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركيّة من جهة ، والحضارة العربيّة ـ الإسلاميّة من جهة أخرى .
أين هي سياسة الفاتيكان ، في التحليل الأخير ، والكنيسة الكاثوليكية في المنطقة وفي لبنان، وما هو موقفها في خضمّ هذا الصراع الحضاريّ المقبل وطويل المدى ؟!… هذا هو السؤال المقلق والملح والإجابة عنه لا يمكن أن تكون في جمع التناقضات وتفاقمها وتراكمها : خشية أن تكون النتيجة إغضاب الجميع، دون إرضاء أحد (4).
* * *
هذا ما أحببت في هذه المناسبة أن أستخلص بعض الدروس والعِبَر من نكبة فلسطين عام 1948… طبعاً هناك دروس وعِبَر أخرى ومتنوّعة كثيرة وكثيرة جداً ، تحتاج هي أيضاً لاحقاً إلى وقفات أطول ونقاش وحوار أعمق وأوسع …
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) مداخلة الدكتور مصطفى دندشلي ، نكبة فلسطين ، 15 أيار 1948 ـ دروس وعِبَر ، في المركز الثقافيّ الفلسطينيّ ، عين الحلوة ، وذلك بتاريخ 15 أيار 1999 .
2) ولكن، للأسف، هذا الجيل هو نفسه، كما السابق عليه واللاحق به، قد أصبح الآن، بسبب هزائم القيادات والأنظمة العربية المتتالية، والمؤامرات الداخلية والخارجية المتعاقبة،وتحوّل إلى ما يمكن تسميته: جيل الخيبة والهزيمة، جيل الإحباط واليأس، جيل الاستسلام والقبول بالأمر الواقع المفروض قسراً وإرهاباً …
3) أنظر في هذا الموضوع رأي و ملاحظات ، وهي ذروة في العمق الاجتماعي ـ السياسي آنذاك ، التي نشرها المؤرخ العربي الكبير قسطنطين زريق في كتابه المهم الصادر سنة 1949 و عنوانه: " معنى النكبة"، و أعاد طباعته فيما بعد مرة ثانية ، بعنوان " معنى النكبة مجدداً "...
4) طبعاً هذا الموضوع يحتاج إلى وقفات أطول وأبحاث أوسع وأعمق. ولكن من الأهميّة القصوى بالنسبة إلينا الآن الإشارة إليه فقط ، دون الدخول في التفصيل ، على أن يكون في المستقبل ، إن أمكن ، موضوع حوار أو حوارات متعدد وبأصوات متنوّعة…