النهار - كلام أمبراطوري" على شاطئ المتوسط
إعلام وصحافة /
إعلامية /
2010-10-15
الجمعة 15-10-2010
"كلام أمبراطوري" على شاطئ المتوسط !
من ملعب الراية في الضاحية الجنوبية الى ساحة بنت جبيل، "مرورا" بالقصر الجمهوري في بعبدا، كان من الطبيعي ان يطل الرئيس محمود أحمدي نجاد على الصورة الافتراضية القابعة في منتهى أحلامه والتي طالما تحدث عنها.
ايران لا تكتفي بهزم اسرائيل ومن ورائها اميركا، بل تريد أن تهزم الاستكبار العالمي. إيران لا تكتفي بالمشاركة في ادارة العالم بل تستعد لحكم العالم!
إذاً أفسحوا الطريق للامبراطورية العائدة من عمق التاريخ، وهكذا تكتسب زيارة الرئيس الايراني لبيروت مزايا وخاصيات لا تتوافر، الآن على الاقل، في زيارة أي بلد آخر في المنطقة، ربما لأن لبنان هو "المنصة الاستراتيجية" على الشاطئ الشرقي للمتوسط، التي يمكن من خلالها مخاطبة المستكبرين على الشاطئ الغربي وما بعد بعد الشاطئ الغربي وأربابهم المحتلين في فلسطين، وبلغة النفوذ والاقتدار.
❒ ❒ ❒
ولكن الدخول الامبراطوري الى الساحة اللبنانية لا يجانب حذاقة الارث الديبلوماسي الفارسي ودقة أهل البازار، ولهذا بدا واضحا للجميع أن الزيارة، التي تحولت بريداً من الرسائل القريبة والبعيدة، تعمدت توجيه لغتين:
لغة للجمهورية اللبنانية والدولة المتهالكة، الغارقة في البحث عن جنس الملائكة، عندما تحدث نجاد في المؤتمر الصحافي المشترك مع الرئيس ميشال سليمان عن دور لبنان في المعادلات الاقليمية والتنمية والسلام والاستقرار وعن "لبنان موحد متحد واحد متطور كما تريده ايران".
ولغة الثورة التي استفاضت وسط الحشد الكبير في ملعب الراية، في الحديث ليس عن "لبنان مدرسة المقاومة والصمود أمام جبابرة العالم" فحسب، والمقصود اميركا طبعا، بل عن عالمنا الذي يقف على عتبة تغيير كبير بدأت معالمه في منطقتنا بالذات بعدما تشكلت "جبهة مقاومة الشعوب" في فلسطين ولبنان وسوريا وتركيا والعراق وايران وكل هذه المنطقة، وهو ما دفع نجاد الى الاعلان "بكل ثقة ان الكيان الصهيوني يتدحرج اليوم في مهاوي السقوط".
❒ ❒ ❒
نعم لغتان. واحدة للنظام والدولة والثانية للثورة والمقاومة. لكن العالم من لبنان الى كل العواصم استمع بتدقيق الى اللغة الثانية، فليس قليلا أن يقف الرئيس الايراني على شاطئ المتوسط ويرفع اصبعه وصوته في وجه أميركا، التي ساعدت، من حيث تدري أو لا تدري، في تقوية عضد هذه الاصبع عندما اسقطت كماشة خصومه الاقوياء بعدما ضربت "طالبان" و"القاعدة" في أفغانستان، ثم أسقطت صدام حسين في العراق.
وبغض النظر عن الكيمياء السياسية، التي يفترض توافرها لقيام جبهة فعلية لـ"مقاومة الشعوب" في هذه المنطقة، فإن الأذن الحقيقية التي أراد نجاد ان تسمعه جيدا هي الاذن الاميركية:
نحن نقف على تخوم الكيان الصهيوني. نحن نحاصركم سياسيا على الاقل في العراق. نحن قادرون على زيادة متاعبكم في أفغانستان. نحن من يقدر على اشعال قلقكم في كل المنطقة. نحن نريد دورا امبراطوريا في المنطقة. نتفاهم معكم عليه أو نكسبه بالنقاط عبر مسلسل هزائمكم!
راجح الخوري