د. دندشلي - التقسيمات الإدارية الجديدة : رؤية إنمائية مستقبلية
محاضرات /
سياسية /
2010-08-14
" التقسيمات الإدارية الجديدة : رؤية إنمائية مستقبلية "، كان ذلك عنوان المحاضرة التي دعا إليها المركز الثقافي للبحوث والتوثيق في صيدا وألقاها الدكتور خالد قبّاني قاضي مجلس شورى الدولة، في قاعة محاضرات مركز صيدا الثقافي، وحضور عدد كبير من الهيئات الرسمية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية يأتي في مقدمهم وزير الدولة نائب صيدا الدكتور نزيه البزري، ومحافظ لبنان الجنوبي الأستاذ حليم فياض، العميد عدنان الخطيب والعميد قانصوه ومدير مؤسسة الحريري في صيدا محيي الدين القطب وعضو مجلس الصناعيين في لبنان المهندس السيّد الحريري ورئيس جمعية صناعيي وتجار البناء في صيدا المهندس محمود دندشلي وصاحب مستشفى الجنوب الدكتور وهبة شعيب ...
ألقى كلمة الترحيب وأدار النقاش رئيس المركز الثقافي الدكتور مصطفى دندشلي. إستهل الدكتور محمد قبّاني كلمته بالقول : إن إعادة النظر في التقسيمات الإدارية ووضع قانون انتخاب جديد، هو أخطر وأهم ما سيواجه الدولة من تحدٍ على صعيد إثبات سلطتها وبسط سيادتها على كامل أراضيها، من جهة، وعلى صعيد الحفاظ على وحدتها وقوتها ومركزيتها من جهة ثانية، في إطار من الحرية والديمقراطية الصحيحة.
وأضاف : لقد رسم اتفاق الطائف صورة النظام الإداري المرغوب فيه ووضع أسسه ومبادئه وخطوطه العريضة، لكي تهتدي به الحكومة عند معالجتها لهذا الموضوع الذي تكتمل به الإصلاحات الإدارية... وإلاّ فإن الخطر يبقى قائماً في أن يتسلل قوى الأمر الواقع، من خلال هذا التنظيم، لكي تحقق داخل مؤسسات الدولة ما لم تستطع أن تحققه بقوة السلاح ...
وحدّد المحاضر أسس التنظيم الإداري الجديد وأهدافه في تأمين الانصهار الوطني والحفاظ على العيش المشترك ووحدة الأرض والشعب والمؤسسات وتوسيع صلاحيات المحافظين والقائمقامين واعتماد اللامركزية الإدارية الموسعة على صعيد القضاء ووضع خطة إنمائية موحدة شاملة للبلاد .
وأكد بعد ذلك إلى أن موضوع التقسيم الإداري ليس موضوعاً إدارياً أو إنمائياً فحسب، ولكن تتداخل فيه السياسة كما تتداخل فيه الاعتبارات الطائفية والحزبية والانتخابية وتتأثر به علاقات الطوائف بعضها بالبعض الآخر والتوازنات المستقرة والقائمة منذ زمن بعيد ...
وبعد أن استعرض الدكتور قباني وناقش الاقتراحات المقدمة بجعل لبنان 24 محافظة أو 9 أو 12 محافظة إلخ... قدم اقتراحاً يدعو فيه إلى العودة إلى المحافظات الخمس . وأضاف : وهذا يقضي بإلغاء محافظة النبطية وضمها إلى محافظة الجنوب كما كان الحال سابقاً ... وهو يرى أن هذا التقسيم المقترح يؤمن توازناً حقيقياً بين المناطق على الصعيد الجغرافي والديمغرافي والاقتصادي والسياسي، ويعزز وحدة الشعب والأرض والمؤسسات ويحافظ على صيغة العيش المشترك ويحيي من جديد الوحدة الوطنية ... كما أن هذا التقسيم قد رسخ في حياة الناس وأذهانهم ردحاً من الزمن وأضحت المحافظات اللبنانية نواة اجتماعية رائدة خلقت بين اللبنانيين على اختلاف طوائفهم شبكة من العلاقات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية ونمطاً موحداً من العيش والعادات والتقاليد لم تتمكن الأحداث التي مرت على لبنان من اقتلاع جذورها ... ولا يمكن أن تأتي اليوم تقسيمات إدارية مصطنعة لنغيّر في هذه المناطق ونعمل فيها تمزيقاً وتقسيماً ...
وختم الدكتور قباني محاضرته بالتأكيد على أن لا جدوى من الحديث عن مستقبل لبنان إلاّ بتدعيم الوحدة الداخلية وتحصينها، ولا استقلال ولا كيان ولا سيادة إلاّ في ظل دولة قوية تتمتع بوجدانية السلطة وتفرض القانون على الجميع دون استثناء ...
في مداخلة سريعة، أشار وزير الدولة نائب صيدا الدكتور نزيه البزري إلى أننا في لبنان بحاجة إلى مركزية قوية، نظراً لخروجنا من حرب محطمة وبسبب تدخل دولي فاضح... ولكن بشرط ألاّ تصل إلى حدود الهيمنة وفقدان الديمقراطية... ويرى الدكتور بزري أن اللامركزية الإدارية ضرورية لخلق مناخ ديمقراطي حقيقي... ذلك أن الديمقراطية في لبنان مزوّرة.. كما أن الدستور أخذ على عاتقه الحفاظ على المبادرة الفردية وعلى حقوق الملكية الخاصة .. غير أن المبادرة الفردية عندنل شبح مخيف وخطر كبير يهددنا، إذا اسيء استعمالها.. مَن يلجمها ؟ الدولة ؟ الدولة عندنا هي التي تقودها وتحميها .. إذن، لا يلجمها إلاّ المواطنون في وحداتهم الإدارية وفي تطبيق نوع من اللامركزية الإدارية الحقيقية. فلا خوف من إشراك الشعب في التنظيم الإداري.. ومما يزيد في ضرورة ذلك أن الإدارة المركزية هي وحش يجب تأهيله ومراقبته وضبطه بين فترة وأخرى..
محافظ لبنان الجنوبي الأستاذ حليم فياض ركّز في كلمته على أننا الآن أمام فرصة تاريخية لإرساء قاعدة الإصلاح السياسي، وهو لا يتمّ إلاّ على أساس صيغة جديدة للتمثيل النيابي .. وأضاف: لا أعتقد أن ثمة بديلاً من اقتحام التغيير... وهناك فرصة ذهبية يجب أن ننتهزها... وهو يرى أن الأساس الأول لبناء الشعب الواحد ليس التقسيمات أو الأنظمة الإدارية، وإنما هو التربية وذلك بأن يتمكّن الدولة من وضع مناهج دراسية موحدةفي المدارس الرسمية والخاصة، كي يفهم المواطن اللبناني التاريخ بشكل موحد ولكن لا يكون الخائن عند المسلم بطلاً عند المسيحي والعكس بالعكس أيضاً...