دفاعاً عن شعبنا وأرضنا في الجنوب
لقاءات /
إدارية- وطنية - طائفية /
1996-04-21
اللقاء الثقافيّ الوطنيّ محضر اجتماع
رقم ( 1 )
تحت شعار صباح الأحد ، 21 نيسان 1996
ـ دفاعاً عن شعبنا وأرضنا في الجنوب
ـ استنكاراً للاعتداءات الإسرائيليّة الوحشيّة
ـ دعماً للمقاومة بجميع أشكالها لتشمل الشعب اللبنانيّ بأسره
ـ مشاركة الهيئات الإنسانيّة والاجتماعيّة والأهليّة والتضامن معها في عملها لمواجهة المشاكل المعيشيّة والصحيّة والاجتماعيّة والإنسانيّة الناجمة عن التهجير الجماعيّ ونزوح شعبنا في الجنوب وتأمين لهم مستلزمات الصمود على جميع المستويات والصُعد كافة .
عقد " اللقاء الثقافيّ الوطنيّ " اجتماعه الحواريّ الأوّل في الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم الأحد الواقع فيه 21 نيسان 1996 ، في قاعة محاضرات جمعيّة الأدب والثقافة في صيدا، وبحضور ممثلين عن الجمعيات الثقافيّة والمؤسّسات الإنسانيّة والأهليّة التالية : المركز الثقافيّ للبحوث والتوثيق في صيدا ، جمعيّة الأدب والثقافية في صيدا، مركز معروف سعد الثقافيّ ، الجمعيّة اللبنانيّة لحقوق الإنسان في الجنوب ، النجدة الشعبيّة في صيدا ، جمعيّة التضامن والتنمية في صيدا ، المجلس الثقافيّ للبنان الجنوبيّ ، حركة الحوار والثقافة في لبنان ( فرع الجنوب )، نادي عين الدلب الثقافيّ الاجتماعيّ ، جمعيّة خريجي المقاصد في صيدا ، جمعيّة شبيبة الهدى في صيدا ، نادي الأشبال في القريّة ، المنتدى الثقافيّ العربيّ في كفرشوبا ، الحركة الثقافيّة الاجتماعيّة في لبنان ، منتدى القوميّ العربيّ ، وقطاعات المهن الحرّة من مهندسين ومحامين وأطباء ومثقّفين وأساتذة..( )
كلمة الترحيب ألقتها السيّدة ريما الزعزع باسم جمعيّة الأدب والثقافة مستضيفة هذا اللقاء الثقافيّ الوطنيّ العام في الجنوب .
ثمّ افتتح الجلسة وأدار النقاش قاضي شرع صيدا الجعفريّ السيّد محمد حسن الأمين وقال : يسعدني أن أشارك في هذا اللقاء الذي اعتبره واحداً من الاستجابات الحيويّة في مجتمعنا اللبنانيّ ، والاستجابات الحيّة أيضاً في مواجهة الاعتداءات الإسرائيليّة على شعبنا والتي تبغي قتل هذه الحيويّة الثقافيّة والسياسيّة التي يتمتّع بها لبنان ومنعه من أن ينهض وأن يطلق نموذجه المفارق للكيان الصهيونيّ .
وأشار السيّد الأمين إلى أن طابع القتل والمجزرة التي ارتكبها العدوان الإسرائيليّ وبهذه الفظاعة الهائلة في قانا وقبلها في النبطية والمنصوري ، ليست بدون دلالة عميقة ، إنّها نوع من المجازر التي تذكرنا بالأساس الذي تقوم عليه هذه الدولة الصهيونيّة التوراتيّة ولا يمكنها أن تستمر بدونه . إنّهم يقتلون لأنّهم محكومون بالقتل ولأنّ لعنة القتل تطاردهم وتحاصرهم ابتداء من تأسيس مشروعهم التوراتيّ وإلى الأبد .
وختم السيّد الأمين كلمته القيّمة والمقتضبة بتأكيده أنّ من بين أدوار لبنان في المنطقة هو أن يمارس عمليّة اختراق هذه البِنية الصهيونيّة الصلبة الدخيلة في المنطقة والمتقوقعة على ذاتها . وعمليّة الاختراق هذه إنّما تتأتّى هنا من نجاح لبنان في أن يحقّق نموذجه المنشود في هذه المنطقة العربيّة ، فتستحيل معه أحلام إسرائيل ويستحيل ما يسمّى بمشروع الشرق الأوسط الجديد .
بعد ذلك قدّم د. مصطفى دندشلي بعض الإيضاحات السريعة حول طبيعة هذا اللقاء الثقافيّ الوطنيّ وذلك قبل فتح باب النقاش والحوار . وأوضح أنّ طبيعة هذا الاجتماع الثقافيّ هو اجتماع حواريّ ، وطابعه عفويّ وتلقائيّ ، فليست هناك من خطّة عمل أو جدول أعمال مسبق ، إنّما كانت الفكرة في الأساس قد انطلقت من مجموعة من الأصدقاء المثقّفين للقيام بعمل ما لمواجهة هذه الاعتداءات الإسرائيليّة وللتضامن مع شعبنا في الجنوب اللبنانيّ .. فكانت اللقاءات الدوريّة تعقد يومياً تقريباً للبحث في صيغة التحرك وشكله . وكان النقاش يتمحور ويدور حول دورنا نحن كمثقّفين والهيئات الثقافيّة لم تتخذ بعد شكلاً تنظيمياً محدداً وواضح المعالم ، إلاّ أنّها وبتوافق كلّي أخذت بعض المبادرات :
1 ـ تحديد المبادئ الأساسيّة العامة لتحرك هذه المجموعة من المثقّفين في نقاط ثلاث :
ـ دفاعاً عن شعبنا وأرضنا في الجنوب
ـ استنكاراً للاعتداءات الإسرائيليّة الوحشيّة
ـ دعماً للمقاومة لتشمل الشعب اللبنانيّ بأسره
2 ـ إعطاء لهذا التحرك اسماً عاماً وهو " اللقاء الثقافيّ الوطنيّ ".
3 ـ الإعلان عن موقف هذا اللقاء الثقافيّ في بيان يُلقى في المؤتمر الوطنيّ العام الذي عُقد صباح يوم الخميس في 18 نيسان 1996 في فندق الكسندر في الأشرفيّة . ( ملاحظة : لم يُلق هذا البيان لطبيعة المؤتمر السريع ، أنظر النص مرفقاً ).
4 ـ التوافق على عقد مؤتمر ثقافيّ وطنيّ عام في صيدا ، صباح هذا اليوم الأحد 21 نيسان 1996 ، يشارك فيه مختلف الهيئات الثقافيّة في الجنوب ولبنان .( ملاحظة : نلاحق الأحداث والاعتداءات الإسرائيليّة وعزل الجنوب عن باقي المناطق اللبنانيّة تعذر عقد هذا المؤتمر الثقافيّ ).
5 ـ لتعذر عقد المؤتمر بالصيغة التي تصوّرناها سابقاً استعيض عنه بهذا اللقاء الثقافيّ الحالي، وهو يضمّ مختلف الهيئات الثقافيّة والأهليّة في منطقتنا والتي استطعنا في هذه العُجالة وبشيء من الصعوبة للاتصال بها ودعوتها للمشاركة .
وأشار أخيراً د. دندشلي إلى الهدف من هذا اللقاء الثقافيّ ، هو أن نتحاور ونتناقش بحريّة وديمقراطيّة وصراحة ، حتى نرى ما يمكن أن نقوم به كهيئات ثقافيّة وأهليّة وكمثقّفين في هذه الأوضاع الصعبة نتيجة الاعتداءات المتكررة التي ترتكبها إسرائيل بحقّ شعبنا في لبنان انطلاقاً من الجنوب . إنّ النقاش مفتوح أمام الجميع ، للبحث في المواقف العمليّة التي ينبغي علينا اتخاذها وكيفيّة تحركنا ممارسةً في المرحلة الراهنة . وللإجابة عن هذا السؤال المطروح علينا جميعاً وهو التالي : ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه وتقوم به الهيئات الثقافيّة مجتمعة في المرحلة الحالية ؟.. وكيف ؟..
المحامي نعمة جمعة : أشار في مداخلته إلى ما تقوم به الهيئات الثقافيّة في لبنان، ووجودها صحّة وعافية تدفع باتجاه تقوية المجتمع المدنيّ وتحصينه . ودعا إلى توحيد الجُزر الثقافيّة في هذه اللحظات حتى نستطيع أن نرفع من مستوى الوعي الذي هو عاملٌ أساسيّ من عوامل المقاومة والتضامن في هذه المعركة . ورفض عمليات الاستسلام والتطويع التي تُمارس علينا بالإرهاب ومختلف وسائل القهر . وحدّد المشكلة في أنّها مع الولايات المتحدة الأميركيّة مباشرة التي تُعطي الضوء الأخضر لإسرائيل في اعتداءاتها المتكررة . فرهاننا والحالة هذه يجب أن ينصبّ على الشعوب ، لا على الحكومات والأنظمة العربيّة . ودعا إلى توسيع عمل المقاومة بأشكالها المختلفة . وما اجتماعنا اليوم ها هنا إلاّ شكل من أشكال المقاومة دون حمل البندقيّة .
ثمّ قدّم بعض الاقتراحات أهمّها: إصدار بيان عن هذا اللقاء الثقافيّ، والتحضير لعقد مؤتمر ثقافيّ عام يبحث لاحقاً ، ودعوة المؤسّسات الدوليّة الإنسانيّة والهيئات الحقوقيّة في العالم والجمعيات العربيّة واللبنانيّة لحقوق الإنسان أن تقوم بإعداد برنامج كامل يضمّ الأعمال الإجراميّة التي قامت بها إسرائيل بحقّ شعبنا يعاقب عليها القانون الدوليّ وذلك لمحاكمتها شعبياً .
د. فايز فيّاض : رأى أنّنا نواجه ثلاثة أعداء :
العدو الأول وهو عدو عاقل ، العدو الإسرائيليّ .
العدو الثاني وهو العدو الداخليّ ، وهو عدو لا يجوز أن نتركه دون مساءلة أو محاسبة ، أعني به النظام الذي يقوم على إرهاب الفكر والعقلاء فيه. وهو أوصل هذا البلد إلى ما هو هليه من الفقر والجوع والاحتلال والتهجير. وهذا أمر لم يعد من الجائز على كلّ مثقّف منّا أن يسكت عنه إطلاقاً ، بل يجب عليه أن يطرد من قلبه ومن عقله عقدة الخوف.
العدو الثالث هو أنفسنا ، في كلّ واحد منّا عدو يكمن في ذاته ومن الداخل وهو يتحدّد بالأنانيّة والأنا والمصلحة الخاصة .
ودعا أخيراً المثقّفين على عقد اللقاءات اليوميّة والجديّة في سبيل اتخاذ الخطوات اللاّزمة لمواجهة المشاكل والأوضاع الصعبة والمؤلمة التي استجدت علينا .
د. محمد جمعة : كرّر دعوته للحركات الثقافيّة للاجتماع واللقاء والتواصل ، لأنّ التحدّي الذي نواجهه في هذه المرحلة بالذات هو التحدّي الحضاريّ . وتساءل قائلاً : من هو أجدر من المثقّف والهيئات الثقافيّة في مواجهة هذا التحدّي ؟.. وفي كيفيّة هذا التحدّي ؟.. كما أنّ لقاء الهيئات الثقافيّة أمر ضروريّ ، ذلك أنّ أيّ حركة ثقافيّة بمفردها لا تستطيع أن تفعل شيئاً . لذلك وجب عليها أن تجتمع وتلتقي حول منطلقاتها الحضاريّة المتمثلة بالإبداع والحريّة والديمقراطيّة وحقوق الإنسان ، بهدف تطوير المجتمع ودفعه إلى الأمام . واقترح تشكيل لجنة لمواصلة العمل واستمراريّة اللقاءات وذلك عن طريق وضع برنامج وورقة عمل بهدف عقد لقاءات متنوّعة مع الهيئات الثقافيّة في لبنان . فمزيد من التضامن بين الهيئات الثقافيّة التي هي معول عليها في مواجهة التحدّي الحضاريّ وبناء الدولة العصريّة الحديثة .
الأخت نبيهة عفيف : بداية أبدت أسفها لعدم تمثيل واستطاعة مشاركة الهيئات النسائيّة والشبيبيّة في هذا اللقاء الثقافيّ وذلك بسبب انشغالها التام في العمل اليوميّ المتواصل . ونحن من تلك الهيئات الأهليّة قد أحببنا أن نشارككم هذا اللقاء الثقافيّ ، ذلك أنّ هذه الهيئات إنّما هي امتداد للنسيج الثقافيّ الفعليّ لمجتمعاتنا كافة . واعتبرت الأخت نبيهة أنّ مثل هذا اللقاء الثقافيّ الوطنيّ العام ، إنّما هو بمثابة رفع الصوت والتعبير عن هذا النسيج الاجتماعيّ الواحد . كما أكدت أنّ الكارثة التي وقعت حالياً قد أظهرت طبيعة هذا التضامن الشعبيّ ونوعيّة الأصالة الثقافيّة لجميع فئات الشعب اللبنانيّ ، وتلك الأصالة الاجتماعيّة والتضامن والتحرك والاستنفار التام لدى جميع الهيئات الاجتماعيّة والنسائيّة والشبيبة . إنّ هذا الاستنفار العام ملفت للنظر بصورة واضحة وبشكل فعّال ، ولربما تكون هذه هي المرة الأولى التي عشنا فيها هذه الوحدة الوطنيّة العامة .
ثمّ أبدت الأخت نبيهة تمني وهو أن يكون هذا اللقاء الثقافيّ الوطنيّ عرّاب أمرين إثنين :
1 ـ أن يصدر عن هذا اللقاء الثقافيّ بيان يسمع الصوت الثقافيّ الجنوبيّ من صيدا ، صيدا التي احتضنت ، وذلك من طبيعة أصالتها التاريخيّة ، أكبر عدد ممكن من المهجرين والنازحين بكثير من الانفتاح والتضامن الشعبيّ الذي نحن نعيشه على الأرض يومياً . واقترحت أن يوزّع هذا البيان على هيئات ثقافيّة وأهليّة وإنسانيّة في العالم ، وذلك من أجل دعم الموقف اللبنانيّ وحقّنا في المقاومة وحقّنا في العيش بكرامة .
2 ـ إنّ وجود هنا في صيدا، شهداء قانا في " البراد " في منطقة بستان الكبير، هي مناسبة أن يقوم هذا اللقاء الثقافيّ الوطنيّ وبأخذ المبادرة بدعوة إلى مسيرة سلميّة إحياء لشهداء مجزرة قانا أو اعتصام صامت لا يرفع فيه صوت سوى آيات من القرآن الكريم ، ولا يحمل إلاّ العلم اللبنانيّ والقرارات الدوليّة .. وكذلك دعماً لصمود أهلنا في الجنوب الذين لا يزالون في قراهم وأيضاً دعماً لصمود النازحين الذين يعيشون مآسي اجتماعيّة كبيرة جداً وأعداد كبيرة منهم موجودون هنا في صيدا .
د. ميشال سيقلي : شدّد في مستهل كلمته على هول الكارثة التي نحن فيها ، ذاك أنّ الواحد منّا يدرك تماماً مدى القهر والعذاب والألم الذي يعيشه المهجر والنازح بعيداً عن أرضه وبيته. لذلك فقد اقترح د. سيقلي نقطة رابعة تضاف إلى المبادئ الثلاثة الشعار وملخصها دعماً للنازحين وصمودهم .. وأبدى خشيته من أن لا يستمر هذا اللقاء الثقافيّ إلاّ في الظروف الراهنة ، ممّا يستدعي وضع أسس وطريقة للاستمرار .
واعتبر أنّ الوحدة الوطنيّة قد تجلت ضدّ الوحشيّة البربريّة التي تقوم بها إسرائيل وضدّ العنف العسكريّ العشوائيّ الذي يصيب الأبرياء من نساء وشيوخ وأطفال . ويتساءل هنا أين هو التضامن والوحدة الوطنيّة في المشروع السياسيّ ، بمعنى أنّ الوحدة الوطنيّة لم تظهر وتتجلى الآن في حالة وطنيّة عامة ، إلاّ في مواجهة العدو الإسرائيليّ والاعتداءات الإسرائيليّة . وإذا لم يكن هناك من نقص لدينا في الشعور الإنسانيّ والاجتماعيّ في مواجهة الكوارث التي تخلفها الاعتداءات الإسرائيليّة ، إلاّ أنّ هناك نقصاً في الشعور الوطنيّ السياسيّ والوحدة الوطنيّة السياسيّة ، فليس هناك من اتفاق عام حول هذه الأمور .
بعده قدّم السيّد رغيد مكاوي باسم جمعيّة خريجي المقاصد في صيدا تثنيته على ما تقدّمت به الأخت نبيهة عفيف حول المسيرة الصامتة أو الاعتصام إحياء لذكرى الشهداء في مقرّ جمعيّة خريجي المقاصد .
السيّدة ريما الزعزع : قدّمت ثلاثة اقتراحات عمليّة :
1 ـ من واجبات الهيئات الثقافيّة والمثقّفين استنباط شكل أو أسلوب بهدف تثمير هذه الوحدة الوطنيّة وهذه الحالة الوطنيّة التي تجلّت على المستوى الشعبيّ ، ذلك أنّ صعوباتنا الاقتصاديّة والاجتماعيّة ، الصحيّة والإنسانيّة هي بحجم كبير وكبير جداً . فيجب علينا نحن كهيئات ثقافيّة واجتماعيّة أن نبحث ونستفيد عملياً ومستقبلاً من وحدة الحال الوطنيّة هذه المواجهات التحدّيات الكبرى .
2 ـ من واجب الهيئات الثقافيّة أن توضّح للرأي العام الخلفيّة العقائديّة ( الدينيّة ) لتسمية الاعتداءات الإسرائيليّة والمعركة العسكريّة الأخيرة على لبنان انطلاقاً من الجنوب بـ"عناقيد الغضب التوراتيّة ". فمسؤوليتنا إذن كمثقّفين هو توضيح ماذا تعني عناقيد الغضب توراتياً .
3 ـ أهميّة التواصل في ما بيننا كهيئات ثقافيّة واجتماعيّة وإنسانيّة ولتكن هذه المناسبة وهذا اللقاء الثقافيّ الوطنيّ اليوم هو البداية ونقطة الانطلاق وطرح مشاكلنا المتنوّعة والمختلفة على بساط البحث والحوار والنقاش من قِبَل المثقّفين والهيئات الثقافيّة والاجتماعيّة .
الأستاذ عماد الحرّ : شدّد على أن مواقفنا كمثقّفين وكهيئات ثقافيّة منذ ثلاثين سنة ، إنّما تقوم على أساس من ردّات فعل معيّنة ، لحدث ما سياسيّ أو عسكريّ . وأوضح أنّ هناك مستويين من العمل : مستوى ثقافيّ ومستوى اجتماعيّ . ولا يجوز أن يتداخل أيّ مستوى من هذين المستويين بالمستوى الآخر . فلا المثقّف ينبغي عليه أن يقوم بعمل " الاجتماعيّ " ولا الاجتماعيّ عمله أن يقوم بعمل الثقافيّ . فكثيراً عندنا ما تقع هذه الازدواجيّة ، فيقوم الواحد بمهام الآخر .
وتساءل الأستاذ الحرّ : بعد أن أجمع المتحدثون على أهميّة التواصل ، حول معنى هذا التواصل وقال : نتواصل على ماذا ؟.. ما هو الاقتراح العمليّ الذي يمكن أن نجتمع حوله نحن كمثقّفين وكمراكز ثقافيّة ؟.. هل ننتظر مجزرة أخرى حتى نجتمع ونستنكر !.. وهنا يعتبر أنّ اجتماعنا الآن هو اجتماع حول " الجثة ". أمامنا جثة ونحن نجتمع حولها في سبيل أن نبكيها وأن نرفع صوتنا عالياً غضباً أو أيّ شكل آخر من الاستنكار .
وهنا يقدّم الأستاذ الحرّ اقتراحاً ويعتبره عملياً وهو أن يكون هذا اللقاء الثقافيّ بداية يجتمع حوله المثقّفون والمراكز الثقافيّة من أجل طرح مسألة إعادة " قراءة حالنا ". إذ أنّ ليس من عمل المثقّف أن يقوم بخطاب سياسيّ وليس أيضاً من عمله أن يقوم ويوزع هبات على المهجرين . هناك تنظيمات إنسانيذة تقوم بذلك . ويؤكد في هذا المجال أنّ دور المثقّف هو أن يعيد " إنارة حياتنا "، " إنارة دواخلنا ". لا أريد أن أتكلم سياسة ، وإنّما أريد أن أتحدّث بحديث : حضاريّ ، ثقافيّ ، وتاريخ. ففي هذه اللحظة لدى المثقّف الشيء الكثير الذي يمكن أن يعطيه من أبحاث ودراسات اجتماعيّة وتحت عناوين معيّنة ، منها مثلاً : إعادة قراءة الصهيونيّة مرة أخرى ، إعادة قراءة تاريخنا أيضاً .. هذا هو عمل المثقّف ، " شغلته " أن يبيّن .. لا أن يقف ويبكي ويستنكر . فهذا الدور الاستكاريّ الذي يقوم به المثقّف عندنا الآن ، هو دور احتفاليّ في الحقيقة . كثيرون من المثقّفين يدخلون ويلعبون الدور الاحتفاليّ ، إنّما الصعوبة هي في أن نُعيد قراءة حالنا بطريقة ما . وشدّد أخيراً على دور الباحث ، وهو دور كبير في الظرف الراهن ..
د. إحسان عسيران : شدّد على أهميّة إعطاء الاهتمام الكلّي والضروريّ واللازم لصحّة النازحين وتأمين الدواء والغذاء والكساء والسكن الكافي لهم .
د. عبد الأمير العسيلي : اقترح أخيراً توسيع هذا اللقاء ووضع برنامج للتواصل بين المثقّفين والهيئات الثقافيّة ، وإصدار بيان عن هذا اللقاء الثقافيّ الوطنيّ العام .
وفي الختام أعلن د. مصطفى دندشلي عن تضامن بعض الجمعيات الثقافيّة في لبنان مع هذا اللقاء الثقافيّ الوطنيّ : الرابطة الثقافيّة في طرابلس ، والحركة الثقافيّة في أنطلياس ، والمجلس الثقافيّ لقضاء زحلة . ثمّ قرأ البرقية التالية التي أرسلتها الشاعرة رقية صوّيان باسم : صالون البحر الثقافيّ ، جبيل
باسم الله والوطن والإنسان
في هذه الظروف القاهرة والمحنة التي يتعرض لها الوطن نحيّي ونؤيد أيّ دور فاعل في شجب أو ردء هذا العدوان السافر ، فنحن معكم في وقفتكم المشرفة قولاً وفعلاً .
صالون البحر الثقافي ، جبيل
الشاعرة رقية صوّيان
ثمّ تألفت لجنة صياغة البيان الختامي والمتابعة قولمها : د. مصطفى دندشلي ، المحامي نعمة جمعة ، د. فايز فيّاض ، المهندس محمد دندشلي ، د. ميشال سيقلي ، السيذد هاني النقوزي ، المحامي محمد حديب ، د. محمد جمعة ، السيذدو ريما الزعزع والأستاذ أحمد عبد الله .
وصدر عن هذا " اللقاء الثقافيّ الوطنيّ "، البيان الختامي الذي وزّع على الصحف ( أنظر النص مرفقاً ).
وفي الختام تقرر عقد اجتماع في الساعة الخامسة من مساء يوم الاثنين الواقع فيه 22 نيسان 1996 ، في مقرّ جمعيّة الأدب والثقافة لتقويم الاجتماع السابق ولوضع خطوات العمل المستقبليّة .
اللقاء الثقافيّ الوطنيّ بيان صحفيّ صباح الأحد ، 21 نيسان 1996
عقد اللقاء الثقافيّ الوطنيّ اجتماعاً حوارياً موسعاً ، ضمّ مختلف الهيئات والشخصيات الثقافيّة في صيدا والجنوب ، في قاعة محاضرات جمعيّة الأدب والثقافة في صيدا ، صباح يوم الأحد الواقع فيه 21 نيسان 1996 ، وقد شارك الحضور في النقاش والحوار حول النقاط الأساسيّة التالية :
ـ دفاعاً عن شعبنا وأرضنا في الجنوب
ـ استنكاراً للاعتداءات الإسرائيليّة الوحشيّة
ـ دعماً للمقاومة لتشمل الشعب اللبنانيّ بأسره .
ـ مشاركة الهيئات الإنسانيّة والاجتماعيّة والأهليّة في عملها لمواجهة المشاكل الاجتماعيّة والإنسانيّة والصحيّة الناجمة عن التهجير الجماعيّ ونزوح شعبنا في الجنوب ، وتأمين لهم مستلزمات الصمود على جميع المستويات والصُعد كافة .
وأخيراً قدّم الحضور بعض الاقتراحات التالية :
1 ـ تكوين لجنة متابعة .
2 ـ تنظيم اعتصام ، استنكاراً لمجازر العدو الإسرائيليّ وذلك في مقر نادي خريجي المقاصد في تمام الساعة الحادية عشرة من نهار الاثنين الواقع فيه 22 نيسان 1996 .
3 ـ إصدار بيان لاحق يحدد مواقف الهيئات والمشاركين في هذا اللقاء .
اللجنة التحضيريّة
باسم اللقاء الثقافيّ ، الوطنيّ الديمقراطيّ ، الذي عُقد في مدينة صيدا مساء أمس ، أحمل إلى مؤتمرِكم الوطنيّ العام ما اتخذه من توصيات وهي التالية : ( )
1 ) الإعلان عن دعم المنطلقات السياسيّة والمواقف الوطنيّة والديمقراطيّة التي كانت وراء الدعوة إلى عقد هذا المؤتمر الوطنيّ العام ، وتأييد ما يصدر عنه من مقرّرات تصبّ في منحى العمل المنظّم والديمقراطيّ المتواصل لمواجهة ـ بكلّ الوسائل الممكنة ـ الاعتداء الإسرائيليّ للبنان ، انطلاقاً من جنوبنا، وفضح القوى الدوليّة والإقليميّة التي تساند هذا الاعتداء الغاشم على شعبنا ، نساءً وشيوخاً وأطفالاً ، ورفض سياسات الاستسلام ومواجهتها ، خصوصاص تلك التي نمارسها بالضغط والإكراه والابتزاز ، الولايات المتحدة الأميركيّة ، ومَن يدور في فلكها دولياً وإقليمياً وعربياً ...
2 ) الطلب من جميع أجهزة الدولة ومؤسّساتها الاقتصاديّة والاجتماعيّة والصحيّة والإنسانيّة، أن تتحرك بفاعليّة أكثر وأشمل وأكمل، وأن تكون فعلاً ، لا قولاً ، على مستوى المعركة وصمود شعبنا والأحداث المؤلمة ، نتيجة الاجتياح الإسرائيليّ ، التي تواجهها جماهيرُنا بعزم وصلابة وقوّة... فلا تحيّز ولا تمييز، عندما يكون الأمر في مواجهة معركة من معاركنا الوطنيّة والمصيريّة ...
3 ) العمل بجميع الوسائل الممكنة : السياسيّة والفكريّة والثقافيّة والإعلاميّة على تعميم ، في مختلف هيئات شعبنا اللبنانيّ وفئاته ومناطقه ، هذا الشعار : " كلنا مقاومة " لمواجهة العدوّ الإسرائيليّ ، في كلّ زمان ومكان ، ذلك أنّه هو الخطر الداهم ، في الماضي والحاضر والمستقبل ، لوحدة شعبنا واستقلاله وسيادته ...
4 ) لقد أظهرت الدولة الباغية إسرائيل من خلال اعتداءاتها البربريّة المتواصلة ، صلابة شعبنا وتلاحمه وتعاضده وتعاطفه في الملمات ووقوفه كالبنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضاً ... إنّ ما يجري على الأرض من تكاتف وتضامن وتعاطف يدلّ على عظمة شعبنا الكبير ... كما أظهرت هذه الاعتداءات الإسرائيليّة الغاشمة مرة أخرى ، وَهْمَ مفاوضات التطبيع وخرافتها : فالمعركة بيننا وبين الصهيونيّة هي معركة حضاريّة وقوميذة طويلة النفس وبعيدة المدى : فخسارة معركة أو معارك لا يعني إطلاقاً أنّ الحرب الدائرة والنهائيّة قد انتهت ...
5 ) أخيراً ، دعوة المؤتمرين ، جميع المؤتمرين ها هنا ، لتأييد لقاء صيدا الثقافيّ الوطنيّ الديمقراطيّ ، ودعمه في تحضيره لعقد مؤتمره الوطنيّ العام في الجنوب ، يكون تعبيراً وعلى الأرض لصمود شعبنا ومشاركته في تصميمه القويّ والعنيد لمواجهة الاعتداءات الإسرائيليّة التي هي خرق فاضح لأبسط مبادئ حقوق الإنسان والأعراف الدوليّة ...
صيدا في 18 نيسان 1996 اللجنة التحضيريّة
للمؤتمر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ) المشاركون في هذا " اللقاء الثقافيّ الوطنيّ " السادة التالية أسماؤهم ( مع حفظ الألقاب ): السيّد محمد حسن الأمين ، مصطفى دندشلي ، فايز فيّاض ، نعمة جمعة ، الأخت نبيهة عفيف ، ريما الزعزع ، رئيف البساط ، عماد الحرّ ، محمد جمعة ، محمد دندشلي ، محمد حديب ، علي جمعة ، هاني النقوزي ، عادل البعاصيري ، ميشال سيقلي ، حسين صفي الدين ، إحسان عسيران ، مصطفى قرقدان ، عبد الأمير العسيلي ، أحمد عبد الله ، حسن القادري ، صابر القادري ، جهاد دياب ، حسين عبد العال ، سلمى الأمين ، ريمون نقولا ، فادي جبور ، مارون سميا ، الياس خطار ، رغيد مكاوي ، ماجد عبد الجواد ، سليم عيد ، نبيل مكاوي ، نقولا أبو ضاهر ، محمد حمزة نحولي ، نزيه شاهين ، مها عبد العزيز .
[1] ) نصّ البيان الذي قدّم إلى اللقاء الوطنيّ لمواجهة الاحتلال الإسرائيليّ ، المنعقد بتاريخ 18 نيسان 1996، في فندق الكسندر / الأشرفية .