لقـــاء صيـدا الثـقافــي الأول تجارب ذاتية طرحت ... والأفكار تفعّل المشاركة * - كمال بيطار
لقاءات /
ثقافية /
1989-02-06
لقـــاء صيـدا الثـقافــي الأول
تجارب ذاتية طرحت ... والأفكار تفعّل المشاركة
67 جمعية وهيئة ثقافية التقت يوم الجمعة في لقاء صيدا الثقافي الأول والذي دعا إليه ونظمه المركز الثقافي للبحوث والتوثيق في صيدا تحت عنوان :"الثقافة والمؤسسات الثقافية بين الواقع والمستقبل : تجربة ذاتية".
خطوة جديدة تضم إلى خطوات الهيئات الثقافية والتي تسعى منذ مؤتمر انطلياس في أيار 1988 إلى إيجاد هيئة موحدة أو جبهة عريضة للمثقفين اللبنانيين .
افتتح اللقاء بكلمات ترحيب استهلها رئيس المركز الدكتور مصطفى دندشلي ثم تحدث النائب الدكتور نزيه البزري عن التفاعل الثقافي لصيدا المناضلة مع الحدث المقاوم في الجنوب اللبناني باعتبارها بوابة الجنوب ، وربط الدكتور أسامة سعد بين إبعاد المواطنين وتفريغ الشريط الحدودي من المثقفين والدور الثقافي الوطني لمدينة صيدا . وتحدث القاضي محمد حسن الأمين عن الدور التوحيدي لعاصمة الجنوب وعن الأهمية التي يجسدها مثل هذا اللقاء الثقافي بجمعه أركان الهيئات الثقافية في لبنان .
بعد الافتتاح أقيمت حلقة صباحية فيها تجارب اتحاد الكتّاب اللبنانيين ـ الرابطة الثقافية في طرابلس ـ الحركة الثقافية في انطلياس والأمسيات العاملية في صور . وتغيبت دار الفن والأدب ...
وفي جلسة المساء طرحت تجربة النادي الثقافي العربي ولمحة عن دار الندوة المؤسسة حديثاً وندوة الدراسات الإنمائية والمجلس الثقافي للبنان الجنوبي واختتمت الحلقة بالمركز الثقافي للبحوث والتوثيق في صيدا بعد أن أضيفت إلى جدول أعمال الحلقة المسائية تجربة "المنتدى" والتي تحدثت باسمه مديرته السيدة فائقة عويضة . في حين تغيب المجلس الثقافي للبنان الشمالي .
ويطرح السؤال هنا ... لماذا هذا اللقاء وهل حقق غايته ...!!
أوراق الدعوة حملت أهداف محددة لهذا اليوم الثقافي الطويل في محاولة للإسهام الفعلي والمشاركة العملية مع باقي المؤسسات والجمعيات الثقافية في :
1 ـ تحريك العمل الثقافي العام وتنشيط دوره في ظروفنا الراهنة .
2 ـ تبادل الخبرات الثقافية من خلال الممارسة العملية .
3 ـ محاولة توضيح خطوات نشاطات الهيئات الثقافية المستقبلية .
وهذا يفرض بالدرجة الأولى أن تكون معالجة الموضوع من خلال ثلاث نقاط متكاملة تتجسد في طرح مفهوم الثقافة والعمل الثقافي لدى كل مشارك في هذا اللقاء واستخلاص النتائج من نشاطات المرحلة السابقة للمؤسسات بحيث تبرز الصعوبات والإيجابيات . وأخيراً بلورة تصور نظري أو ورقة عمل لمشروع ثقافي مستقبلي للهيئات الثقافية المشاركة. فهل استطاعت الهيئات المشاركة أن تؤدي هذه المهمة الملقاة على عاتقها ...
رغم إيجابية هذا اللقاء والتي تكمن في تواجد أغلب الهيئات الثقافية الناشطة من الشمال إلى الجنوب ، فإن الدور الفعلي للحوار بين الهيئات لم يأخذ مجراه لسببين وهما: أولاً : أسلوب تنظيم بحيث اختيرت عشر هيئات لطرح تجاربها فاستفاض الطارحون في استخدام مفاهيمهم الثقافية وطرح نظرياتهم الفكرية أكثر من معالجة الموضوع بدقة وتكثيف مما أضاع الوقت كله في سماع المحاضرين واكتفى باقي ممثلي الهيئات بالاستماع مع بعض تعليقات طفيفة في نهاية كل جلسة . في حين لو كان التنظيم على شكل طاولة مستديرة أي أشبه بالمؤتمرات بحيث يناقش ممثل واحد عن كل هيئة في نقاط محددة للوصول إلى نتيجة حولها ... مثل 1ـ سبل التوحيد المطلوبة للهيئات الثقافية .
2 ـ معالجة الصعوبات التي تتعرض لها كل هيئة .. لأن قراءة تاريخ الهيئات في جلسة أو أثنين لا يعني الكثير ويطيل الوقت بلا مبرر .. فالمطلوب والمرغوب فيه هو مناقشة المشاكل لتذليلها وإيجاد سبل تنسيق مشتركة .
ثانياً : عدم التمثيل الكامل للمؤسسات فنلاحظ غياب البقاع ثقافياً عن المحاضرين الأساسيين . وغياب المجلس الثقافي للمتن الشمالي رغم فعاليته في منطقته عن الحضور بل ولم توجه له الدعوة في الأصل وبالتالي غاب اسمه على لائحة المشاركين . وكذلك غياب منطقة الجبل والشوف ثقافياً فلا مؤسسة ولا نادي ولا أي هيئة ثقافية مدعوة للقاء.
أضف إلى تلك الأسباب أن هناك العديد من الهيئات اعتقدت أنها تستطيع أن تطرح وجهة نظرها أو تصورها لكي يخرج اللقاء بقوة وفعالية ... لكنها فوجئت بأن التوصيات أو البيان الختامي أعد سلفاً من قبل بعض الهيئات خلال استراحة الغذاء وكان منفصلاً تماماً في توجهه والمسائل التي طرحها عن هدف اللقاء ...
فلا يشار إلى التجارب التي طرحت في الندوتين ولم نخرج بنتيجة تقدمنا خطوة جديدة على طريق توحيد الهيئات ... فكما كانت عادة هؤلاء المتولين أمور القيادة الثقافية بالتنصيب لا بالاختيار كانت خطوتهم هذه المرة ... في اختيار المتحدثين وفي تهيئة البيان الختامي وفي تحويل جهد نهار كامل إلى خطاب رنان يتسابق كل تنظيم سياسي عبر غطائه الثقافي لإدراج وإضافة فقرات الدعم والتأييد والاستنكار والتضامن والتحالف مع كل الخطوات السياسية التي يرغبون فيها .
باختصار شديد ... لقاء ناجح على الأرض وخائب في النتائج والقرارات... وكان يمكن أن يكون أفضل لو أن أولياء الثقافة عندنا يفسحوا صدورهم أكثر لمن هم يمارسون الثقافة فقط وليس من باب التنظير السياسي والتنظيم الذي ينتمون إليه . ولعل الإيجابية الوحيدة في ختام هذا اللقاء ما ذكره الدكتور مصطفى دندشلي رئيس المركز الثقافي الداعي للقاء حول اعتزامهم كمركز ثقافي في صيدا لإقامة هيئة تنسيق على مستوى الجنوب لتنشيط الفعاليات الثقافية والنوادي والجمعيات ولا سيما في القرى والمناطق النائية في الجنوب ...
وما دمنا في صدد الحديث عن الجنوب نتوقف قليلاً مع ورقة عمل جمعية تقدم المرأة في النبطية والتي قدمتها رئيسة الجمعية السيدة سلمى علي أحمد حيث ما زالت الجمعية تعمل وحيدة على الصعيد الثقافي منذ سنوات في منطقة النبطية في ظل توقف وشلل الفعاليات الأخرى ولا سيما نادي الشقيف ..
وأخيراً ... نقول ... إن اللقاء الثقافي الأول في صيدا كان إشراقة نور مميزة في الجنوب نأمل أن تترجم عبر نشاطات ثقافية مشتركة في كافة المناطق اللبنانية فهي النتيجة الأجدى لمثل هذه اللقاءات .
كمال بيطار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ* ) جريدة الديار بتاريخ 6 شباط 1989