د. دندشلي - مـقـابـلـة مـع نسيم سفرجلاني
مقابلات /
سياسية /
1972-12-11
مـقـابـلـة
مع الأستاذ نسيم سفرجلاني
الزمان والمكان : 11 كانون الأول عام 1972 ، صيدا ـ لبنان
أجرى المقابلة : د. مصطفى دندشلي
* * *
في الواقع ، إنّ الفئات التي قامت بحركة 28 أيلول عام 1961 كانت نوعين : فئة لا تريد الانفصال وإنما تسعى إلى تصحيح الأوضاع مع المحافظة على كيان الوحدة ، وفئة أخرى كانت تسعى فعلاً إلى إحداث القطيعة بين مصر وسورية ...
إنّ الشعور العام الذي كان يسود صفوف البعثيين على مختلف اتجاهاتهم هو النقمة على الأوضاع السياسيّة التي كانت سائدة في سورية : كان البعثيون محاربين محاربة شديدة ، ويعانون معاناة قوية من ضغط واضطهاد أجهزة الوحدة عليهم . ولعدم وجود تنظيم حزبي يربطهم ويوحِّد مواقفهم . كانت مواقفهم فردية انفعالية ، بل حاقدة على عبد الناصر وعلى حكمه ، ولكن هناك فئات كثيرة منهم تخشى في الوقت نفسه على ضياع الوحدة ، التي هم صنعوها .
في أواخر الوحدة ، نضجت فكرة إعادة التنظيم ضمن إطار الوحدة . وبالفعل فقد تكونت بعض الخلايا ولكنها في الحقيقة بقيت بدايات تنظيميّة ... في تلك الفترة أيضاً عقد اجتماع سمّي باجتماع الخمسين ( أي لكون المجتمعين يبلغ عددهم الـ 50 ) في بيت رياض المالكي ، ضمّ كل القياديين البعثيين السابقين على مختلف اتجاهاتهم السابقة أو اللاحقة من مجموعة أكرم الحوراني وصلاح الدين البيطار وميشال عفلق ورياض المالكي ، أو الناقمين عليهم ، إلخ ... وكان رئيس الاجتماعات حافظ الجمالي ... وهنا حصل اختلافات في وجهات النظر عميقة حول ، في الدرجة الأولى ، التنظيم وشكل التنظيم والموقف من عبد الناصر وكيان الوحدة والشكل الذي يجب أن تأخذه معارضة النظام في الجمهورية العربية المتحدة . (وفيما يبدو أنّ هناك اتجاهاً كان يدعو إلى قيام الانقلابات الحزبيّة في سورية وفي مصر ومعارضة البعث يجب أن تنطلق من سورية ومن مصر سواء بسواء . في هذا الجوّ ، لم يكن من الممكن أن يؤدّي هذا الاجتماع إلى أيّ شيء ... وبعدها بقليل وقع الانفصال ...).
ـ منصور الأطرش عند أكرم الحوراني ليلة الانفصال ، ولكنه لم يلاحظ عليه أي اضطراب... ويؤكد نسيم السفرجلاني بأنّ أكرم الحوراني كان على علم بحركة الانفصال ... وأنّ صلة الوصل بينه ومجموعة من الضباط كانت تتم بواسطة عبد الكريم عيسى ...
ـ دعوة صلاح البيطار إلى اجتماع في مقر الحزب في دمشق يوم حدوث حركة الانفصال . وقد تجمع بالفعل عدد كبير ، وكان الجوّ العام والعاطفي بين البعثيين هو ضدّ حركة الانفصال . وكانت الفكرة القيام بتظاهرة مهما كانت النتائج لمنع الانفصال .
ـ الاتصال ببعض العسكريين ...
أمين النفوري وأحمد عبد الكريم اتصلا بالبعثيين وأخبرا أخيراً هؤلاء الحزبيين بأنّ أيّ مظاهرة أو حركة عدائيّة للانقلاب ، ستقاوم بالعنف وبالرصاص ومهما كانت النتائج ، هذا مع العلم بأنّ حركة 28 أيلول 1961 لم يكن الغاية منها في البداية أحداث انفصال بين القطرين .. وهكذا ألغيت المسيرة البعثيّة ... ثم دخول البيطار في محادثات مع رجال السياسة في سورية، وعندئذ كان رأي البيطار : إنّ الحادث قد وقع وليس هناك أيّة إمكانية لمنعه ، كذلك يجب أن يعالج بشكل يضع هذا الحدث في الطريق الصحيح . ولسنا قادرين على إلغاء الانفصال أو عودة الوحدة في الظروف الحالية .
* اجتماع صلاح الدين البيطار وزير الخارجية السوري بمحمود رياض قبل الوحدة . وعلى أثر مجيء الأخير من القاهرة قال : إنّ محمود رياض أخبره أنّ في القاهرة تردُّداً في شأن الوحدة ، ذلك أنّ هناك تياراً في الجيش السوري معاد للوحدة ... وهناك معلومات لدى الرئيس عبد الناصر تؤكد ذلك ... إلخ ، إلخ ... وعلى أثر ذلك ، حصل اجتماع بين البيطار والعسكريين وقد أُخبروا بذلك... ( عندئذ قاموا بما قاموا به ...).
* بشير صادق وفريد هنيدي ضابطان بعثيان قديمان ... محاولة تنظيم الحزب في فترة الانفصال من قبل العراقيين واتصالهم ببعض العسكريين ... وجود البعث في الجيش وجود قديم ، ولكن لم يأخذ شكل التنظيم . وذلك منذ اعتصام قطنا حيث وُجدت نواة اللجنة العسكرية ... في الحقيقة، فقد أهمل الحزب التنظيم العسكري . لا بل أكثر من ذلك ، فقد كان هناك استهتار البعثيين بالجيش وعن قصد ...
بعض أعضاء اللجنة العسكرية من البعثيين : أحمد المير ، صلاح جديد ، محمد عمران ، عثمان كنعان ، عبد الكريم الجندي ، سليم حاطوم وغيرهم ... وكان هؤلاء على اتصال بما يسمّى بمحور حمص ، اللاذقية ، دير الزور . وقد تأثر الضباط بعوامل عدة منها : تكتل عبد البر ، الغانم، مصلح سالم ، وكذلك أيضاً بالأرسوزي ... لقد سُرِّح من الجيش ما يقرب من 300 أو 200 ضابط أو صف ضابط بعثي ... الجوّ العام بين ضباط البعث : نقمة ضدّ القيادة المدنية على مختلف اتجاهاتها وهي التي تتحمل مسؤولية إيصال الحزب إلى الهاوية التي وقع فيها ، النقمة على عبد الناصر ونظام الوحدة ، لقد لعبوا دوراً بارزاً في حركة 28 آذار ، وقد اعتقل على أثرها كثير من الضباط البعثيين أو سرحوا من الجيش ...
بقي في اللجنة أعضاء قلائل ثم دخل فيها مزيد هنيدي ، عثمان كنعان ...
حافظ أسد كان يعمل على التعاون بين البعثيين والناصريين والاتصال بالحزب القومي باسم اللجنة العسكرية .
عبد الكريم الجندي يتصل بالوحدويين الاشتراكيين بواسطة سامي الجندي ، أحمد المير ومزيد هنيدي بالقطريين .
اتصال سليم حاطوم بالقيادة القومية ... تردُّد القيادة القومية .
ظهور تكتل أو زعامة زياد الحريري وأخذ ذلك أهمية كبرى . وهذا التكتل هو الوحيد الذي كان يستطيع أن يقوم بانقلاب ، فهو وحدوي مستقل . فهو أقرب إلى البعث منه إلى الناصريين . أما الكتل الأخرى من البعثيين والناصريين لم يكونوا على مستوى القيام لوحدهم بحركة عسكرية ... الحريري قائد الجبهة ومن الضباط البعثيين في الجبهة مع الحريري ، سليمان الحداد وسليم حاطوم ... وقد تم الاتفاق على القيام بحركة الانقلاب في 8 آذار 1963 ، بين الحريري والبعثيين والناصريين ولؤي الأتاسي ( الدور الذي لعبه في عصيان حلب).
ـ السلطة والأجهزة الأمنية على علم بحركة 18 تموز سنة 1963 وذلك بواسطة محمد نبهان أحد العسكريين البارزين الناصريين مع علوان والصوفي .