د. دندشلي - مـقـابـلـة مـع د. سامـي الجنـدي
مقابلات /
سياسية /
1964-12-22
مـقـابـلـة مـع
د. سامـي الجنـدي
الزمان والمكان : 22 كانون الأول عام 1964 ، باريس
أجرى المقابلة : د. مصطفى دندشلي
* * *
ـ جرى الحديث عن الفترة التي سبقت تأليف حزب البعث ومما ظهر لي ، من خلال أحاديثه ، أنّ هذه المرحلة تمتاز بالحركة الفكريّة والقوميّة والسياسيّة ، وأنّها في الوقت نفسه ، تتصف بالغموض وبالبحث ومحاولة تحديد المفاهيم السياسيّة ... في هذه الفترة ، كثرت الأحزاب والتجمعات والجمعيات الفكريّة ... ولا تلبث " المنظمة " أن توجد حتى تزول ... ثم يُعاود من جديد لتأليف حركة جديدة وهكذا دواليك ... من أجل ذلك ليس من السهل ـ لعدم وجود المراجع والكتب التي تهتم بهذه المرحلة ـ فهمها بوضوح وتفصيلياً ... والاتصال ببعض الأشخاص الذين شاركوا في هذه الحركات ضروري ولا بدّ منه ... مع أنّ كلّ واحد ينقل صورة ذاتية عن تلك المرحلة ... يخفي أشياء ويبالغ في أشياء أخرى ، مضافاً إلى ذلك عدم إمكانية تذكر التواريخ بشكل صحيح وأكيد ...
ولكن مع ذلك يمكن الاعتماد على بعض الأشياء كمؤشرات وردت على لسان الجندي، والتي هي أقرب إلى تحديد بعض المعالم العامة للصورة .
أهمّ النقاط التي تطرق إليها الجندي :
1 ـ عقد في قرنايل لبنان ، مؤتمر عام لعصبة العمل القومي في 24 آب سنة 1933 وقد صدر في نهاية المؤتمر البيان الذي يحدد المفهوم القومي العربي لهذا الحزب . وهو يمتاز بالنفحة القومية العربيّة الجياشة ...
2 ـ زكي الأرسوزي لعب دوراً كبيراً في الحركة السياسيّة والفكريّة في تلك الفترة ... وكان له نشاط كبير في تأسيس بعض الحركات السياسيّة القومية . (رأي مبالغ فيه...) ومما لا شكّ فيه أن المحاولات لسلخ اللواء عن سوريا ، كان له أكبر الأثر في نفسه واتجاهه القومي ... فقد قام بتأسيس كثير من الحركات منها : حركة اللواء في الاسكندرونة برئاسته ، ثم حزب العربي القومي في اللواء ( مبالغة كبيرة )، وقد أقيم مؤتمر عام حضره جمع غفير من الشباب العربي المثقف في حمص سنة 1933 .
ـ بعد ظهور ونشاط عصبة العمل القومي وازدياد تأثيرها على الشباب المثقف ، انضم معظم الشباب تحت لوائها ـ زكي الأرسوزي أحد قادتها ـ وفي أواخر وجودها ، كان صبري العسلي أمينها العام . ومما يجدر ذكره أن في حمص وحدها ، بلغ المنتسبون إلى عصبة العمل القومي 8000 عضو سنة 1938 .
ـ زكي الأرسوزي من القياديين الفكريين لهذه الحركة ... وقد سبب موقفها من المعاهدة السوريّة ـ الفرنسيّة ، انشقاقاً في صفوفها عام 1936. فانسحب أمينها العام صبري العسلي وانضم إلى الكتلة الوطنيّة وفاز في الانتخابات البرلمانيّة على قائمتها . ولكن عندما دخل صبري العسلي الوزارة سنة 1937 ، اعتبر كثير من المؤيدين أن هذا مناف لما كان متفقاً عليه بينهم بعدم الاشتراك بأية حكومة . فحُلَّت في الوقت نفسه الذي حلت فيه أيضاً بقية الأحزاب .
وفي ما يتعلق بالأستاذ ميشال عفلق ، فإنه في تلك الفترة كان مهتماً بالقصة والشعر ... كان يكتب عن الأدب الأفرنسي وخصوصاً Gide و Proust ، كما أنه كان يجاري الاتجاه الشيوعي على طريقة Jean Jaurès . وفي تلك الفترة كان يكتب في مجلة الطليعة ... إلى أن تعرف في سنة 1936 على أوساط عصبة العمل القومي وبالأخص زكي الأرسوزي .
وفي سنة 1938 ، أرسل ميشال قزما من قبل الجاليات الأرجنتينية إلى سوريا ، وقد دُعي إلى مؤتمر عام ضمّ كثيراً من الشباب المثقف في مدينة حمص . ولكن المؤتمرين قد اختلفوا فيما بينهم حول تسمية الحزب ، هل يطلقون عليه اسم الحزب الشيوعي أم لا ، مما أدّى هذا الاختلاف إلى فشل المؤتمر وعدم إعطاء أيّة نتيجة عملية فيما بعد . وفي سنة 1938 ، تكوّنت مجموعة من الشباب ، فيما يظن بعد فشل مؤتمر حمص الذي ورد ذكره عالياً ، تضم سعيد فتاح الأمام ، محايري ، زكي الأرسوزي ، قزما ، عفلق ، البيطار ...
ولكن في سنة 1939 حصل خلاف بين عفلق والأرسوزي ، مما دعا زكي الأرسوزي إلى تأسيس حزب البعث العربي (!!!) ضمّ : جمال الأتاسي ، سامي الجندي ، عبد الحليم قدور ، محمد كساب ، نظام ضاهر ، علي حيدر ، وهيب الغانم ، صدقي إسماعيل ، يحي السوقي وهو من أبرزهم ... وقد أسس عفلق والبيطار حركة في تلك الأثناء تحت اسم "الأحباء العربي"، وكانا يصدران بيانات تحت اسم : البعث العربي ـ نزيه الحكيم من أذكى وأنشط الشباب ـ وفي سنة 1942 استقال من التدريس عفلق والبيطار ليتفرغا للعمل السياسي .
وعندما قامت ثورة العراق سنة 1941 ، أنشأ حركة لمساعدة الثورة في العراق تحت اسم نصرة العراق ، وبقي عملهما السياسي حتى سنة 1943 تحت اسم نصرة العراق . عام 1943 ـ 1944، اختلاف في وجهات النظر بين ميشال عفلق وصلاح الدين البيطار من جهة وزكي الأرسوزي من جهة أخرى ... أول اجتماع ضمّ جمعاً غفيراً من الشباب لحركة البعث قد كان في سينما "عايدة " في 17 نيسان 1946 بمناسبة جلاء آخر جندي إفرنسي عن سوريا ، ورداً على تحدّي الحزب الشيوعي السوري ...
* منذ نشوء البعث ، كان فهمه للاشتراكيّة متأثراً بالاشتراكية الوطنيّة ، وتبنيه لها إنما كان في الدرجة الأولى بهدف سد الطريق أمام انتشار الحزب الشيوعي ... وفي رأي الجندي أنه لولا وجود حزب البعث كقوّة سياسية ما بين 1954 ـ 1958 ، لأصبحت سوريا شيوعية ، أو لكان الحزب الشيوعي القوّة السياسية الرئيسية .
* بعد الاندماج الذي حصل ما بين حزب البعث والحزب العربي الاشتراكي ، أثناء مقاومة حكم الشيشكلي ، كان من رأي ميشال عفلق 1954 ـ 1955 أن لا يتدخل الحزب في السياسة ، في حين أن أكرم الحوراني كان يرى العكس .
* في الفترة التي سبقت وحدة مصر وسوريا ، كان محمود رياض يتصل بكل القوى والتجمعات والأحزاب السياسية في سوريا ، وتظاهر عبد الناصر بعدم تحمسه الشديد والسريع لهذه الوحدة ، إنما كان ذلك عملاً تكتيكياً .
* اقتراح أمين الحافظ وتحمسه للوحدة لا للاتحاد عام 1963... في 5 تشرين الأول من العام نفسه ، صدر البيان الأول لحركة الوحدويين الاشتراكيين ضد الشركة الخماسية . ومبادئ هذه الحركة هي مبادئ البعث . ولكن عدم اعتراف عبد الناصر بها ...