المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات- المعارضة اللبنانية لا تملك برنامجاً للحكم ـ حسان القطب
دراسات /
سياسية /
2010-11-22
الإثنين 22 تشرين الثاني 2010
المصدر: خاص المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات...
المعارضة اللبنانية لا تملك برنامجاً للحكم
بقلم مدير المركز.. حسان القطب
منذ العام 2005، تاريخ إنتاج قوى الثامن من آذار/مارس.. الموالية للنظام السوري والإيراني، والتي تعطي نفسها صفة المعارضة اللبنانية، وتطلق على نفسها ألقاب أخرى متعددة، جميعها أي هذه الأسماء،تفيد أن دورها معارض للنظام اللبناني بكيفيته الحالية ولباقي قواه السياسية والحزبية.. رغم أنها في صلب الحكم اللبناني وشريك أساسي لهذه القوى في كافة القرارات التي تتخذ سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو إدارية أو أمنية، وموجودة أيضاً في عمق المؤسسات الإدارية والحكومية والأمنية، وجزء لا يتجزأ بل وأساسي في كافة الحكومات التي تم تشكيلها خلال الفترة الممتدة بين عامي 2005- 2010، وأمسكت هذه القوى بوزارات أساسية وخدماتية بشكل خاص.. ومع ذلك لم نر منها أداءً يميز دورها وحضورها، ولم نستطع أن نستشف من ممارساتها وسياساتها أو من تصريحات رموزها ووزرائها ونوابها ومن يدور في فلكها أنها تملك رؤية متكاملة للحكم، بل وحتى مشروعاً من الممكن أن يشكل أرضية صالحة ليس للحكم بل حتى للنقاش على الأقل حول جدواه ومدى نجاعته وصلاحيته لقيادة البلاد والعباد نحو أفق جديد ومستقبل مختلف..؟؟ وإدعاء هذه القوى أنها قوى معارضة رغم شراكتها الواضحة في الحكومة هو محاولة للتنصل من مسؤولية الفشل الذي تسببه ممارساتها الميليشيوية والفئوية وتعطيلها الدائم والمستمر لعمل الحكومة.. والوزارات المعنية..
منذ العام 2005، وحتى يومنا هذا ونحن لا نسمع من ممثلي هذه القوى سوى شعارات وعبارات ومصطلحات التشكيك والتخوين والتهويل..ولم نلمس منهم سوى استخدام سياسة الاتهام بالفساد وهدر المال العام.. وهم ممن يمسك بوزارات الخدمات وأهمها الكهرباء والماء والنفط والطاقة والعمل والصحة التي تتمتع بالميزانيات الأكبر من بين سائر الوزارات..!! فهم يتحدثون عن الدين العام وعن خطورته دون التحدث عن كيفية معالجته، ولا عن مسبباته..!! وهي الحرب الأهلية التي امتدت على مدى سبعة عشر عاماً، وعن حروب ثلاث مع الكيان الإسرائيلي..1993.. 1996.. 2006.. وما تطلبه ذلك من إعادة أعمار ما دمرته تلك الحروب، وما تكبدته الدولة اللبنانية والمواطن اللبناني الذي يدفع الضرائب من مبالغ مالية، باعتبار أن ليس كل اللبنانيين يدفعون ضرائبهم كما يجب، واللبنانيون يعرفون الكثير عن الفئة التي لا تدفع الضرائب..؟؟ وكذلك يتجنب هؤلاء الإشارة إلى تكاليف إعادة بناء البنية التحتية للشريط الحدودي بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000، ويتجاهل هؤلاء المبالغ الطائلة التي دفعها المواطن اللبناني لتغطية وجود القوى العسكرية السورية على مدى 30 عاماً حتى انسحابها..عام 2005...
كيف ستعالج هذه القوى لو قدر لها أن تمسك بالحكم منفردة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والإدارية التي تعصف بالبلاد..ما هي رؤيتها وما هي خططها الطموحة للانتقال بالبلاد من واقع تؤكد هذه القوى أنها ترفضه ولا تستطيع التعايش معه.. إلى واقع مستقر ومزدهر.!! لو استعرضنا بعض تصاريح قادة هذه القوى لوجدناها لا تخرج عن إطارها المعروف منذ سنوات..فقد قال نائب حزب الله محمد رعد: (الذين يبحثون عن السيادة والاستقلال في أروقة الدبلوماسية الغربية والاستكبارية إنما يرهنون لبنان لإرادة تلك الدول والقوى الطامعة في سلبنا خيراتنا وفي التحكم بمصيرنا، لكن الذي يراهن على إرادة أبنائه المقاومين هو الذي يستطيع أن يفرض المعادلة لمصلحة شعبه في لبنان وفي المنطقة)• كلام تعبوي تحريضي لا يقدم تحريراً ولا يصلح واقعا اقتصاديا ولا علاجاً للحال السياسي.. أما السيد نصرالله فقد اتهم في احتفال حاشد في الضاحية الجنوبية لبيروت في الذكرى الثامنة لانسحاب إسرائيل من الجنوب "محاولة تشويه" حقيقة الحزب من خلال الإعلام. وقال: ("يتصورون أنهم يهينوننا عندما يقولون حزب ولاية الفقيه. افتخر أن أكون فردا في حزب ولاية الفقيه"). هذا الكلام لا يقدم حلاً للمشاكل السياسية ولا للحالة الاقتصادية.. وتعريف ولاية الفقيه كما أورده أحد المواقع الإلكترونية:(أن ولاية الفقيه تمثل القيادة بالنيابة عن الإمام المهدي(عج) في حال غيبته، فالفقيه العادل الجامع للشرائط هو ولي أمر المسلمين وإمامهم، ومن تجب على الجميع طاعته، بما في ذلك المجتهدون والعلماء. فلو كان يرى نفسه أعلم فقهياً من القائد فيمكنه أن يتبع نفسه بتنفيذ ما يراه واجباً من الأحكام التي يستنبطها في مجال العبادات ولكن يجب عليه أن يلتزم إطاعة ولي أمر المسلمين في الأحكام السياسية والأمور التي ترتبط بالقيادة وبالشأن العام وهذه الولاية إنَّما تتجسّد الآن بالإمام القائد المرجع السيّد الخامنئي قدس سره). ومنذ أيام تحدث النائب ميشال عون، فأشار إلى أن " الأزمة اللبنانية ليست ناجمة عن المحكمة الدولية كما يحاول البعض تصويرها، إنما لها مكونات أخرى منها الاقتصادي والمالي والسياسي". لم يطرح النائب عون أية رؤية لمعالجة الأزمة الاقتصادية اللبنانية أو الواقع المالي اللبناني ولا حتى السياسي.. سياسة الاتهام والاستعراض هي أسهل الطرق للهروب إلى الأمام والتنصل من المسؤولية.. والأزمة اللبنانية التي طرحها عون في باريس، هي نفسها العاصمة التي عقدت فيها مؤتمرات باريس واحد واثنين وثلاثة لمساعدة لبنان للخروج من أزمته، والقوى التي تشتكي في باريس وفي بيروت من هذه الأزمة هي عينها القوى التي عطلت ولا تزال مفاعيل كل هذه المؤتمرات واللقاءات وأوقفت المساعدات، والتي استعاضت عنها بخطابات لي الأذرع وقطع الأيادي والأعناق.. ثم تتحدث عن الوحدة الوطنية والعيش المشترك والسلم الأهلي، وتتفادى هذه القوى مناقشة أي مشكلة محلية أو نقطة خلافية بالطريقة التي أطلق فيها الرئيس بري تصريحه الأخير في معرض تعليقه حول الانسحاب الإسرائيلي من قرية الغجر..رأى رئيس مجلس النواب نبيه بري( "إن المقاومة لا تزال تمثل حاجة وطنية وقومية في مواجهة العدوانية الإسرائيلية.. ونقطة على السطر". انتهى كلام بري ولا نقاش ولا ضرورة للنقاش وإلا فخيارات محمد رعد حاضرة.. لماذا تعقد طاولة الحوار إذاً ؟ هل لوضع النقطة على السطر أم لمراجعة التصريحات التهديدية التي تطلق يومياً.. كما ورد أعلاه..!!
بناء الدولة ليس شعاراً بل هو رؤية وقراءة ومشروع يتم تداوله ومناقشته والحوار حوله بموضوعية وشفافية ومنهجية، وتوضع خطوطه العريضة بمشاركة الجميع لخدمة جميع أبناء الوطن دون استثناء ولتنمية البلاد برمتها.. ومن يبقى على سلوكه في إطلاق الاتهامات والسباب والشتائم فهذا معناه انه لا يرغب في إصلاح الأمور وانه يسير في ركاب مشروع لا ندري إلى أين سيقود البلاد وان نظرته لشركائه في الوطن هي نظرة دونية، والتعامل معهم يكون بفوقية استعراضية على طريقة ما قاله رعد...: (خياراتنا ستكون حازمة إذا ما أخطأ الآخرون التقدير) وهذه الخيارات ليست سياسية ولا اقتصادية ولن تكون تنموية بل ستكون عسكرية وأمنية ومخابراتية، وصولاً لتحقيق الديكتاتورية الكاملة على الأراضي اللبنانية، فلا إعلام حر ولا سياسيين أحرار، ولا أحزاب سياسية سوى تلك التي تستمع لتوجيهات وإرشادات مسؤوليها في قوى الأمر الواقع المدجج بالسلاح وبالتعبئة ضد كل من يخالفها الرأي..
ومع ذلك نعود لنسأل: من هي هذه القيادات والكفاءات التي تقدمها هذه القوى لإدارة شؤون الوطن ومعالجة ازماته، لأن ما من نراهم ونسمع تصريحاتهم لا يوحون لنا بالثقة أو بالاطمئنان على أن لهم المقدرة على تقديم شيء جديد يغير من هذا الواقع اللبناني على كافة المستويات.. وما هي رؤية هذه القوى التي رسمت لنفسها إطاراً طليعياً ودوراً وطنياً وإقليمياً بل وحتى دولياً، ووضعت جمهورها في دائرة التعبئة والتحريض، للنهوض بالوطن والانتقال به إلى مرحلة جديدة مختلفة.. لا شيء من هذا القبيل حتى الآن وما نراه ونسمعه من وئام وهاب ونواف الموسوي وإميل رحمة ومحمد رعد وميشال سماحة وحسن فضل الله وناصر قنديل وميشال عون وسليمان فرنجية وغيرهم لا يخرج عن دائرة الاتهام والتهديد والتخوين.. ولكن لا مشروع ولا قراءة موضوعية للأزمة، ولا حتى قدرة على إدارة دفة البلاد وشؤون العباد وهذا يقودنا للقول أن المعارضة اللبنانية إن صحت تسميتها بالمعارضة قادرة على التعطيل وليس على الحكم.. ونقطة على السطر...
حسان القطب