المركز اللبناني للأبحاث والإسِتشارات- بعد ست سنوات كيف سنقرأ عهد الرئيس ميشال سليمان ـ حسان القطب
دراسات /
فكرية /
2011-02-25
الجمعة 25 شباط 2011
المصدر: موقع بيروت أوبزرفر
بعد ست سنوات كيف سنقرأ عهد الرئيس ميشال سليمان ..؟؟
عقب نهاية كل عهد رئاسي في الجمهورية اللبنانية، تطلق الأوصاف والنعوت والألقاب على عهد الرئيس الذي انتهت ولايته ويتم إعطاء عنوان لولايته المنصرمة.. الرئيس بشارة الخوري وصفت فترته بأنها جمهورية الاستقلال، والرئيس كميل شمعون، وصف عهده بأنه كان رمزاً للنمو الاقتصادي والبحبوحة المالية، رغم انتهاء عهده بحرب أهلية محدودة، والجنرال فؤاد شهاب، وصفت ولايته بأنها مرحلة بناء مؤسسات الدولة الحديثة، والرئيس شارل حلو، وصفت ولايته بأنها مرحلة هيمنة قادة المكتب الثاني،(مخابرات الجيش) على الساحة السياسية اللبنانية، ولكنها كانت أيضاً مرحلة بداية الفلتان الأمني، وفي عهد الرئيس سليمان فرنجية، انتقلت البلاد إلى مرحلة الحرب الأهلية الشاملة وبداية التدخل السوري الرسمي في الشأن اللبناني، فإضافةً للدمار الواسع الذي خلفته الحرب الأهلية بين اللبنانيين، لا يمكن إنكار أن بداية عهد الرئيس فرنجية شهدت نمواً اقتصادياً مهماً، وانتعاشاً مالياً ملفتاً، إلى أن جاءت الحرب الأهلية لتقضي على كل شيء..إلخ.. من انتخابات ورؤساء، إلى أن تم انتخاب الرئيس ميشال سليمان في 25/5/2008، نتيجة التوافق الذي تم بين القوى اللبنانية كافة في لقاء الدوحة الذي انتقل فيه الصراع بين القوى السياسية اللبنانية من الشارع إلى البرلمان.. وتوقفت فيه لغة السلاح التي استعملها حزب الله ونبيه بري في شوارع بيروت وغيرها، لتبدأ لغة تغليب منطق الحوار حول طاولة الحوار الوطني، برئاسة فخامة الرئيس سليمان.. في كلمة ألقاها مؤخراً الرئيس ميشال سليمان في حاضرة الفاتيكان، أمل فيها.. (رئيس الجمهورية "العمل على المستويات الرئيسة الأربعة، وهي أولا على الصعيد المسيحي - المسيحي وداخل الطوائف، اعتماد لغة المنطق ونهج الحوار وأسلوب التخاطب الحضاري واحترام الرأي الآخر بل احترام الأخر وحقه في الاختلاف من ضمن الثوابت الوطنية...وعلى صعيد النظام الذي نريد العيش بكنفه، دعا إلى "المضي قدما بتنفيذ اتفاق الطائف في بنوده المتكاملة".وختم: "التاريخ لا يسجل الحروب والمآسي التي نجحنا بتلافيها، بل يخبر دائما عن الحروب التي وقعنا في شركها، ويبقى علينا أكثر من أي وقت مضى واجب تلافي النزاعات قبل حدوثها والمحافظة على استقلال لبنان وسلامته ووحدة أبنائه وأراضيه، مهما كانت التضحيات والمضي قدما في سبيل تقدمه وعزته وإبائه")...
الرئيس سليمان كان واضحاً في كلمته لجهة إشارته للقلق الذي يساوره على الوطن والكيان والعيش المشترك والسلم الأهلي، والفقرة الأخيرة من كلمته، كانت دلالاتها واضحة، في الإشارة إلى الواقع المؤلم الذي نعيشه إلى الآن بعد حوالي ثلاث سنوات من توليه السلطة، أو انه هكذا قرأ عهده... ولا زالت الأولوية لتجنب النزاع لا للبناء. فالرئيس الذي انتخب ليكون توافقياً يجمع بين اللبنانيين كونه رأس السلطة التنفيذية ورمز وحدة الوطن، أصبح هدفاً يرشقه بالسهام كل لاعب بمصير الوطن على الساحة السياسية، وممن يتم تكليفهم بالتهجم وإطلاق الإشارات السلبية وإيصال الرسائل وتوتير الأجواء من أمثال، وئام وهاب، وسواه، ممن لا حيثية سياسية ولا إعلامية لهم ولا حضور شعبي يستندون إليه، لكنهم في المقابل يملكون علاقات طيبة ورعاية جيدة من نظام سوريا وحزب الله مما يعطيهم الغطاء لتصعيد المواقف وإطلاق الاتهامات عند الطلب، دون الالتفات إلى مخاطر ما قد تؤدي إليه هذه السياسات غير الموضوعية، وما تنفخه في روح الطائفية والمذهبية من حقد وضغينة، تهيئ الأرضية لصراعات لا تحمد عقباها..وفي هذا السياق نلحظ جملة من التصريحات التي تطال رئاسة الجمهورية وموقعها ودورها ورئيسها بطريقة غير لائقة.. حيث رأى عضو تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ناجي غاريوس: أن "الرئيس سليمان جاء إلى رئاسة الجمهورية بوصفه توافقياً، ولكن في الممارسة تبيّن أنّه "يحاربنا" كتيار وطني، وهو أمر بدا واضحًا سواءً في الانتخابات النيابية أو البلدية"، وأضاف: " ولكن على الرئيس سليمان أن يعلم أنه أصبح طرفاً ولم يعد توافقياً.) وهاجم وئام وهاب رئيس الجمهورية.. ميشال سليمان واعتبر أنه مرتبطٌ بمسار سياسي معين، وأنه أمام واقع جديد يجب أن يُفكر جيداً في هذا الواقع مذكّراً بالظروف التي أتت به إلى سدة الرئاسة...وعزى وهاب عبر صحيفة "الأخبار" هجومه على سليمان إلى جملة قضايا أهمها: أنه لم يطرح شيئاً ونجح فيه، معتبرا انه لا حاجة لبقائه. وأن الرئيس "يصول ويجول" في العالم في رحلات لا طائل منها، وتُطرح مواضيع مسيئة للمقاومة في لقاءاته في الخارج". مؤكداً أن "اتفاق الدوحة تجاوزه الزمن..")..
"الأكثرية الجديدة هي ستدير وجهة الحكم بلبنان".. هذا ما قاله احدهم وهذا ما يسعى إليه هذا الفريق المتسلط على البلاد والعباد بقوة سلاحه وميليشياته.. الرئيس ميشال سليمان، الذي شارف على إنهاء عامه الثالث في السلطة، يعاني من عقبات وعوائق وعراقيل كثيرة جاءت ولا تزال جميعها من قبل فريق واحد بعينه وهو الفريق الذي يقوده حزب الله ونبيه بري برعاية سورية – إيرانية.. وهل يصح أن يقال بعد ثلاث سنوات من الآن أي مع نهاية عهد الرئيس ميشال سليمان، انه لم ينجز شيء في عهده، وانه الرئيس الذي عاش تجربة مرة ومريرة مع مجموعة قوى لا يهمها سوى خدمة سوريا ومصالح إيران في لبنان، وعلى حساب الشعب اللبناني.. وخلال هذا العهد وإلى الآن مر بنا جملة من الأحداث:
- رفض هذا الفريق حضور جلسة مجلس الحوار الوطني الذي كان مقرراً بدعوة من رئيس الجمهورية.. وانتهت الدعوة إليه بعد تعطيله.. ومن ثم تعطيل عمل مجلس الوزراء وصولاً لإسقاط الحكومة.. في سابقة خطيرة، واستقالة وزير محسوب على رئيس الجمهورية لأسباب معروفة...؟؟؟
- نقلت صحيفة "الأخبار" عن سياسيين في "حزب الله" قولهم إن "رئيس الجمهورية ميشال سليمان كان قادراً على التمسّك بالدستور والقول إنه لا يُمكن التأجيل (تأجيل الاستشارات النيابية لتسمية الرئيس المكلف لتأليف الحكومة)، وبذلك تدخل قوى 8 آذار في نفقٍ مظلم". ولكنك مع الأسف لم تفعل يا فخامة الرئيس..وعندها انتشرت في شوارع مجموعات ميليشيوية منظمة ترتدي ثياباً سوداء، حضورها وانتشارها ترك أثراً أسود قاتم على موازين القوى السياسية، وترك جرح عميقاً في العلاقات بين الطوائف اللبنانية ..
- يرفض ميشال عون وفريقه أن يكون لرئيس الجمهورية حصة وزارية في الحكومة التي يقوم بتشكيلها رئيس الحكومة المكلف من قبل حزب الله الرئيس نجيب ميقاتي.. بهدف تعطيل عمل المحكمة الدولية والانقلاب على الدولة..
- يتطاول المتطفلين على العمل السياسي، على كلٍ من: رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة الحالي، وحتى المكلف، والمرجعيات الدينية والسياسية، دون احترام لموقعهم ولما يمثلون ومن يمثلون..
- التشكيك المتواصل بالقوى الأمنية ومؤسساتها، وبقادتها، ومحاولة الفصل في العلاقة بين هذه المؤسسة وتلك وبين هذا الموظف وذاك.. إضافةً إلى التشكيك في القضاء اللبناني، ووزير العدل، وسائر أجهزة القضاء وذلك حين يقول وئام وهاب أن دور الحكومة الجديدة هو، تطهير الإدارة والقضاء والأجهزة الأمنية..
النمو الاقتصادي والانتعاش المالي الذي عاشه لبنان خلال العام الماضي والذي سبق رغم التشنج السياسي، قد تبخر الآن، واتهام احد المصارف اللبنانية من قبل الإدارة الأميركية بأنه يستغل من قبل منظمات ومجموعات لتبيض الأموال وسوى ذلك مؤشر خطير قد يدمر هذا القطاع الناجح والمنتج إذا ما تعرض لحملة من هذا النوع.. تماماً كما يتعرض قطاع التعليم اليوم لحملة خطيرة حين نقرأ ونسمع ما يقوله الطلبة السوريون في لبنان عن المضايقات التي يتعرضون لها على يد حلفاء سوريا في لبنان، والمطالب المخزية التي تسيء للقطاع التربوي الذي يشكل دعامة الاقتصاد اللبناني، حيث أشار تقرير لإحدى المحطات إلى أن هدف هذا الاعتصام الذي قام به الطلبة السوريين هو إيصال رسالة عبر السفير السوري إلى المعنيين اللبنانيين والمسؤولين عن واقع الجامعة اللبنانية. وأضاف التقرير أن "هؤلاء الطلاب يعانون من الضرب ومن فرض الخوات عليهم، ومن التهديد بعدم قبول طلب تسجيلهم نهائياً في الجامعة اللبنانية، من قبل بعض الطلاب المحسوبين على مجلس فرع الطلاب والمحسوبين على حزب قوي جداً في مجمع الحدث وتحديداً في كلية الحقوق والعلوم السياسية - مجمع الحدث".
يا فخامة الرئيس.. بعد هذا كله هل نستطيع أن نقتنع أن هذا الفريق يريد فعلاً إصلاح المؤسسات الإدارية والقضائية والأمنية والتربوية كما يقول وئام وهاب وميشال عون وحسن نصرالله... أم انه يريد الاستيلاء على الدولة والكيان.. لذا نربأ بك أن ينتهي عهدك من حيث بدأ..لأن الأجيال المقبلة سوف تقرأ هذه المرحلة وتقيّم عهدك.. نتمنى عليك وأظن أن معظم اللبنانيين إلى جانبك أن تتخذ الخطوات اللازمة لمنع الانقلاب على المسلمات والثوابت الوطنية، لأن الفشل ممنوع والسقوط في براثن هذا الفريق مرفوض كلياً..
حسان القطب