المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات- المعارضة السورية يجب أن تتمثل في الحكومة الجديدة ـ حسان القطب
دراسات /
سياسية /
2011-04-15
الجمعة 15 نيسان 2011
المعارضة السورية يجب أن تتمثل في الحكومة الجديدة
المصدر: موقع بيروت أوبزرفر
حسان القطب - بيروت اوبزرفر
تشكيل الحكومات الجديدة في الدول الديمقراطية يتطلب استشارات وتداول آراء وأسماء بين القوى السياسية الفاعلة، وعقد تحالفات وتشكيل جبهات بين عددٍ من الأحزاب السياسية التي تتجانس في مواقفها السياسية أو في برنامجها الاقتصادي والاجتماعي وسياساتها الخارجية، أو أن رأس البلاد سواء كان رئيساً أو ملكاً، يقوم بتكليف الحزب الفائز بالانتخابات التشريعية لتشكيل حكومة تمثل توجهات وتطلعات الأكثرية الشعبية التي انتخبت ممثليها للبرلمان لتنفيذ برنامجها وطموحاتها.. وخلال الأزمات الكبرى التي تصيب أي دولة سواء كانت أزمة داخلية، أو حرب خارجية، غالباً ما تقوم هذه الدول بتشكيل حكومات اتحاد وطني تتمثل فيها كافة القوى والأحزاب والتيارات السياسية وحتى بعض الشخصيات الاجتماعية والوطنية، التي تحظى باحترام وطني واسع ومن جمهور المواطنين، وحين تفشل هذه الحكومات في تنفيذ برنامجها أو يتبين أن مشروعها السياسي أو الاقتصادي لا يحقق ما كان يرجوه من المواطنين أو حتى الحزب الحاكم نفسه، تستقيل هذه الحكومة، وتفسح في المجال أمام إجراء انتخابات تشريعية حرة ونزيهة ليقول الناخب كلمته في إسقاط هذا الحزب أو ذاك.. وإعطاء الفرصة لفريق سياسي آخر لتشكيل حكومة جديدة..
ما جرى في سوريا في الآونة الأخيرة مغاير تماماً، إذ أنه وأمام زخم التحرك الشعبي ومطالبة الجماهير الوطنية السورية، بتحقيق العدالة الاجتماعية، والدعوة لمزيد من الحريات السياسية والإعلامية في سوريا، أقال الرئيس السوري بشار الأسد حكومة ناجي العطري، وكأنها المسؤولة عن الفشل في تنفيذ سياسات حكومته التي تم تعيينها من قبله شخصياً وبقرار رئاسي منذ العام 2003، وليس نتيجة انتخابات نيابية حرة وديمقراطية، وقد ورد خبر الإقالة يوم الثلاثاء في 30/3/2011،على شكل استقالة: (قبل الرئيس السوري بشار الأسد استقالة حكومة ناجي عطري في أعقاب المظاهرات المناهضة للحكم في البلاد، وقال المسؤول أن الحكومة التي يترأسها محمد ناجي عطري منذ عام 2003 قدمت استقالتها الثلاثاء وسيتم تشكيل حكومة جديدة "خلال 24 ساعة".
ويأتي هذا الإجراء بينما يواجه نظام الأسد ضغوطا شعبية لم يسبق لها مثيل خلال فترة حكمه، وأعلنت الحكومة سلسلة من الإصلاحات لتهدئة الاحتجاجات)..وورد هذا الخبر من دون أية إشارة إلى أن استشارات أو مداولات قد تمت بين القيادات السورية أو بين القيادة السوري ومجلس الشعب السوري، وبعد أيام وفي 3/4/2011، ورد الخبر التالي: (أعلن التلفزيون السوري، الأحد، أن الرئيس بشار الأسد كلف (عادل سفر) بتشكيل الحكومة السورية الجديدة وذلك بعد أقل من أسبوع على استقالة حكومة محمد ناجي عطري، في وقت تشهد فيه سوريا احتجاجات تنادي بالإصلاح. وكان سفر من أبرز المرشحين لرئاسة الحكومة السورية الجديدة، حيث كان يشغل منصب وزير الزراعة في الحكومة المستقيلة). منذ ذلك الحين لم نسمع أن الرئيس السوري المكلف قد قام بأية استشارات أو مداولات، أو حتى انه قد تبادل وجهات النظر مع هذا الفريق أو ذاك، حول تشكيل أو شكل الحكومة ودورها، ومن سيتمثل فيها، ولم نقرأ أن مسؤولاً سياسياً يصر على تولي حقيبة الداخلية أو الدفاع، أو أن هذا الفريق يريد وزارة المالية، أو وزارات سيادية، ولم يعترض أحد على تغييب الطائفة الدرزية، وتهميش الطائفة السنية وعن حقوق الأقليات ودور الطائفة العلوية، وعن تشتيت المسيحيين، ولم نلحظ أي إشارة إلى دور وحضور المعارضة السورية التي يتحرك الشارع السوري اليوم دعماً لها في تشكيل الحكومة الجديدة..
هذا المشهد الذي تحدثنا عنه، هو ما يروج له أنصار النظام السوري في لبنان، وبالأحرى هم ليسوا أنصارا، بل مستفيدين من رغبة سوريا في لعب دور إقليمي، يحمي نظامها من الانهيار، وقد أبدوا استعدادهم لمساندة هذا النظام ورئيسه في كل ما يقوم به لحمايته وحماية أنفسهم ومشروعهم، ويتجاهلون كل المواقف والمبادئ والعناوين السياسية التي يطرحونها في لبنان، ويعلنون لولاء لنظام سوريا الأسد على ما هو عليه، مناقضين أطروحاتهم، ومتجاهلين مصالح اللبنانيين جميعاً المؤيدين لهم والمعارضين على حدٍ سواء. والأسئلة التي تطرح نفسها:
- لماذا لا يجري الأسد انتخابات حرة في سوريا، يتم على أثرها تشكيل حكومة تمثل أكثرية الشعب السوري وتطلعاته وتكون أكثرية شعبية حقيقية لا وهمية، كما دأب على مخاطبتنا نحن اللبنانيين، الأسد نفسه، ومن خلفه في لبنان نصرالله، ونبيه بري،ونعيم قاسم، ووليدجنبلاط، وميشال عون وسواهم..؟؟
- ولماذا لا تتمثل المعارضة السورية في الحكومة الجديدة، لتتشكل حكومة اتحاد وطني تتمثل فيها كافة أطياف المجتمع السوري ومكوناته السياسية والدينية، تماماً كما يحرص الأسد وفريقه اللبناني على القول لنا نحن اللبنانيين، لتعزيز اللحمة الداخلية ولمواجهة لمؤامرات والتحديات..؟؟
- ومتى وأين أجرى ويجري الرئيس السوري المكلف استشاراته ومع أية قيادات وأي جهات..؟؟
- لماذا يتحدث الإعلام السوري عن سلاح يصادر من أيدي المعارضة السورية، رغم أن المعارضة السورية تنفي هذا الكلام، وكذلك كافة القوى اللبنانية وغير اللبنانية ممن اتهمهم الإعلام السوري والإعلام غير الوطني الصادر من لبنان..؟؟ في حين أن هذه القوى التي تبكي مستقبل النظام السوري، ولا تتألم لضحاياه، تتسلح وتعلن ذلك على الملأ..؟؟
الحل الوحيد للنظام السوري للخروج من أزمته هو في الاستماع والاستجابة لمطالب شعبه وجمهوره ومواطنيه، وعدم الالتفات إلى ما تقوله الأبواق الإعلامية التي تعلن تأييدها له، ودعمها غير المحدود لسلطته.. وما جرى مع العقيد القذافي غير بعيد أبداً، وذلك حين أعلنت معظم القوى التي كانت تؤيده في لبنان، حين كان في عنفوانه وجبروته ويقدم لها الدعم المالي والسياسي، عزوفها عن تأييده بل أعلنت إدانتها لسياساته وممارساته بحق شعبه ومواطنيه..إنها مجموعة من القوى الانتهازية التي تتصيد الفرص للحصول على الدعم والكسب ولو على حساب دماء المواطنين العرب سواء في سوريا أو أي بلد آخر..؟؟ ومن سبق له وأعلن في سوريا الأسد، أن حكومته الجديدة سوف تشكل في غضون 24 ساعة ولم يستطع تشكيلها حتى الآن في سابقة هي الأولى من نوعها في بلدٍ ديكتاتوري مثل سوريا، لن يستطيع حلفاؤه تشكيل حكومة في لبنان، لأن رعايته غير متوافرة، وغضب الجمهور اللبناني على هذا الفريق يتزايد في الداخل كما في بلاد الاغتراب من الخليج إلى ساحل العاج وباقي إفريقيا ودول العالم من سياسات هذا الفريق المتغطرس، فمن يتحمل خطأ تهميش واستهداف أكثرية اللبنانيين بالاتهام والتحريض والإساءة.. وتشكيل حكومة من لونٍ واحد..؟؟ وحسناً فعل الرئيس المكلف نجيب ميقاتي حين أعلن: (بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال سليمان أنهما قررا إعطاء مهلة إضافية لتشكيل حكومة تحفظ الاستقرار، وتبعد الفتن وتعمل تحت سقف الدستور، وتكون ميثاقيه، بكل ما للكلمة من معنى، وليس فقط ميثاقيه على صعيد الطوائف، بل ميثاقيه بجمع كل الأطياف اللبنانية"). لأن مشهد سقوط الديكتاتوريات لا يقلق الأنظمة فقط، بل الأحزاب أيضاً وتحديداً في لبنان