المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات- المفاوضات السورية – السعوديةِ ـ حسان القطب
دراسات /
سياسية /
2011-01-10
الإثنين 10 كانون الثاني 2011
المصدر: خاص المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات...
المفاوضات السورية – السعودية..
معناها الاعتراف بالمحكمة وبتورط فريق..؟؟
بقلم مدير المركز... حسان القطب
جميع اللبنانيين دون استثناء في لهفة لمعرفة بنود الاتفاق أو التوافق السوري - السعودي وبانتظار إعلان بنود الاتفاق الذي يهدف لاحتواء تداعيات مرحلة ما بعد صدور القرار الظني.. معظم المواطنين في لبنان يتمنون التزام المسؤولين بنود هذا الاتفاق وتطبيقه بعد الإعلان عنه دون مواربة أو تملص لإعادة فتح مسارات العمل الحكومي والنيابي المعطلة بقرار من قوى الثامن من آذار/مارس، بهدف الضغط على باقي اللبنانيين من سياسيين ومدنيين للرضوخ والخنوع لشروط هذا الفريق الجائرة بعد أن فشل في إخضاعهم بأساليب أخرى، وقد فات هذا الفريق أن الضغط الاقتصادي والاجتماعي إلى جانب السياسي يصيب كافة اللبنانيين دون استثناء بمن فيهم فريقه وجمهوره وأتباعه، لأن المصالح مشتركة والوطن واحد..
ويبدو أن سياسة هذا الحلف أو الفريق تهدف لزرع الفتنة بين أبناء الفريق الواحد وتحقيق شرخٍ بين القيادات السياسية المتحالفة لبناء لبنان والحفاظ عليه، وحتى بينها وبين جمهورها.. بتصوير أن هناك من يفاوض عنها دون علمها أو دون مشورتها.. وان القبول أو الانخراط في تسوية تحفظ لبنان وأهله، هي تراجع عن المواقف والثوابت التي سبق وأعلن عنها، وليس بهدف الحفاظ على ما تبقى من العيش المشترك في لبنان ولتثبيت السلم الأهلي بين اللبنانيين الذي كاد أن يتداعى أكثر من مرة.. ولخدمة هذا التوجه وهذه السياسة كتب أحد الصحافيين التابعين لهذا الفريق في جريدة الأخبار..4/1/2011... ما يلي: (هل يجرؤ رئيس الحكومة سعد الحريري على عقد تسوية في ملف المحكمة الدولية، تعاكس كل رغبات جمهوره؟ وهل بإمكانه أن يخطو تلك الخطوة مع ما يصل إلى مسامعه من خلافات مسؤولي الصفين الأول والثاني في تياره السياسي).. هذا الكلام الوارد بقلم هذا الصحافي يناقض ما سبق أن روج له إعلام حزب الله وفريقه من أن قوى الرابع عشر من آذار/مارس تقود جمهورها رغماً عنه بتعبئته مذهبياً، وتفرض عليه مواقف سياسية تتناقض مع قناعاته..؟؟؟ هذا الكلام يدل على أن جماهير اللبنانيين أكثر راديكالية وتشدد في مطالبها من قياداتها السياسية، بل وتتجاوزها في فهم طبيعة المرحلة وطبيعة الصراع.. وأنها تعتبر المحكمة الدولية خشبة خلاص اللبنانيين من شبح الاغتيالات والتهديد بها.. وان سلاح الدولة هو السلاح الشرعي الواحد الأوحد.. الذي يجب أن يكون الوسيلة الوحيدة لحماية الوطن وسيادته..وان مؤسسات الدولة يجب أن تعمل في خدمة جميع المواطنين دون استثناء..للنهوض بالوضع الاقتصادي وتحسين الحال المعيشي للبنانيين.. وان قرار الحرب والسلم هو قرار مصيري تتخذه السلطة اللبنانية وليس شخص أو فرد أو حزب.. فأين العمالة والخيانة في هذه التوجهات وهذه القناعات..كما ويؤكد كلام هذا الصحافي المرتبط بتوجهات المحور السوري- الإيراني.. أن جمهور اللبنانيين أو بالأحرى جمهور الأكثرية اللبنانية يحاسب قيادته ويطالبها بمواقف حاسمة لحماية ورعاية وتنفيذ خياراته.. وليس المساومة عليها.. لذلك أطل علينا نائب حزب الله حسن فضل الله ليقول.( إن إنجاح المسعى السوري - السعودي الذي هو فرصة للبنان، فكيف سنستطيع مواجهة المشكلات المعيشية والحياتية والاقتصادية، ولذلك أي عرقلة أو إبطاء أو تأخير لهذا المسعى يؤدي إلى مزيد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية وإلى تفلت الأسعار وإلى اهتراء قطاع الخدمات للمواطنين في لبنان")..هذا التهديد الواضح كما أنه إعلان مسؤولية في الوقت عينه ومفاده بل مضمونه هو أن (تعطيل الاتفاق معناه المزيد من المعاناة)..إذاً من يعطل الاتفاق ويسعى لنسفه إن لم يكن يراه على شاكلته... سوى هذا الفريق المتسلط بقوة سلاحه ..؟
ويتبع حزب الله حملته هذه بجملة كتابات وتصريحات ومواقف تدين المحكمة الدولية وتصفها بأبشع النعوت على صفحات النشرات الإعلامية التي يصدرها وإحداها التي يصدرها تجمع العلماء المسلمين الذي يديره حزب الله.. وتدعى (الوحدة الإسلامية) حيث ورد في العدد 109، الأخير، العديد من المقالات التي تدين وتهاجم المحكمة والمفارقة أنها جميعها بأقلام معممين من الطائفة السنية ولا ادري إذا كانت هذه المقالات تفيد الوحدة الإسلامية قيد أنملة أو أنها تخفف من الاحتقان بين الفرق اللبنانية المتناقضة بل المتصارعة....فكتب أحدهم مقالاً بعنوان..(المحكمة من اجل الجريمة أم الجريمة من اجل المحكمة).. لقد فات صاحبنا هذا أن هناك سلسلة جرائم وليس جريمة واحدة.. وعنوان المقال يوحي بأن المحكمة أخطر على لبنان من الجرائم التي ارتكبت.. وكتب أخر وهو صديق ولا شك..مقالاً بعنوان..(محطات ثلاث لتعرية مؤامرة المحكمة الخاصة بلبنان).. فإذا كانت المحكمة الدولية مؤامرة... فبماذا يمكن أن نشرح لجمهور اللبنانيين والعرب طبيعة وأهداف الجرائم التي ارتكبت.. هل هي لبناء لبنان الجديد..؟؟؟ وما هي السبل المناسبة برأيه التي يجب أن نتبعها لتعرية ومعاقبة المجرمين الذين ارتكبوا الجرائم..؟؟ رغم أن المفاوضات حول القرار الظني وتداعياته تجري بوتيرة متسارعة بين دمشق والرياض..وهذا معناه اعتراف بالمحكمة وقراراتها.. فكيف يعريها حزب الله في حين يلبس النظام السوري ثوبها؟؟ وكتب أخر مقالاً بعنوان ..( إسرائيل وقرار المحكمة الدولية الظني.. مفارقة التوأمة والمحاكاة)... واختتمت المجلة صفحتها الأخيرة بكاريكاتير عنوانه ( فلنتحد ونرجم الشيطان الأكبر ومحكمتها صاحبة الفتن الكبرى) فأصبح التهجم والهجوم وإدانة المحكمة الدولية بحسب هذه المجلة التي يصدرها التجمع المدعوم من إيران وحزب الله شرطاً أساسيا من شروط الوحدة الإسلامية بين السنة والشيعة، وليس أمور أخرى أكثر أهميةً وعمقاً وإلحاحاً...
إن مجرد انخراط القوى الإقليمية في المفاوضات حول المحكمة الدولية أو حول التداعيات المفترضة لقرارها الظني على الداخل اللبناني، هو اعتراف صريح بتورط قوى محلية، في الفوضى السياسية والأمنية والحالة العبثية التي سادت في المرحلة الماضية.. وان التفاوض بين الفريقين بتفويض من المجتمع الدولي هو ليس للتبرئة بقدر ما هو للاحتواء.. وهذا ما يثبت أن الاستقرار الهش الذي ساد عقب اتفاق الدوحة، كان بإرادة من يضبط إيقاع فريق التسلط على اللبنانيين تحت عناوين ومصطلحات شتى.. وإلا كيف استقرت الأمور وهدأت أدوات التخريب واختفت مخيمات التعطيل وغاب الاغتيال السياسي عن المسرح اللبناني..؟؟ كما أن من المفيد الإشارة إلى أن تفويض دمشق المفاوضة عن هذا الفريق يؤكد ترابط مصالح دمشق مع هذا الفريق، إضافةً إلى انه يؤكد استغلال نظام دمشق لهذا الفريق طوال الفترة الماضية، ليعود إلى الساحة الدولية والإقليمية من خلال أخطائه وممارساته غير الصحيحة، وإلى لعب دور المروض للقوى الخارجة عن السيطرة أو عن أوامر الإذعان والانضباط.. باعتبار أن دمشق هي الممر الإجباري للمساعدات والتجهيزات والأوامر...كما أصبح من المؤكد أن مسار التسوية يتضمن تغيراً في المعادلات السياسية التي نعيشها اليوم لا بد أن نشهد تداعياتها خلال الفترة الزمنية القادمة.. وإلا فكيف تقرأ هذه القوى مضمون هذا الخبر الذي ورد من واشنطن ومفاده ...( أعلن مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأميركية لوكالة الأنباء الفرنسية أن مسؤولا عن مجموعة اليهود الأميركيين التقى مؤخرا الرئيس السوري بشار الأسد، مؤكدا بذلك خبرا أورده موقع "بوليتيكو". وقالت متحدثة الاثنين أن مالكولم هونلاين نائب رئيس مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأميركية "التقى مؤخرا الرئيس السوري الأسد"... وكان هونلاين صرح لموقع بوليتيكو انه بحث خلال اللقاء "مسائل إنسانية" بدون أن يوضح ما إذا كان تطرق إلى قضية الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي تحتجزه حركة حماس منذ أكثر من أربع سنوات في قطاع غزة)... القنوات المفتوحة مؤخراً بين سوريا والمجتمع الدولي وعودة السفير الأميركي إلى دمشق خطوات ضرورية، يجب أن تسبق بلا شك تنفيذ الاتفاقات التي عقدت أو التي سوف تعقد مع دمشق.. على حساب الأقوياء.. والأقوياء في لبنان هم من يعطلون الحياة السياسية والاقتصادية ويروجون للفتنة التي نتمنى أن لا تحدث على الإطلاق.. كما نتمنى أن لا يكون أي فريق لبنان متورط في الاغتيالات...!!
حسان القطب