اللواء - عيد الفطر مع الفلسطينيين ضاع فيه الإسم بين عين ترى وقلب مملوء بالحسرة والحزن
إعلام وصحافة /
إقتصادية /
2010-09-21
الثلاثاء, أيلول 21 2010 الموافق 12 شوال 1431 هـ
<اللـواء> تفتح ملف الحقوق الفلسطينية في لبنان تحصيناً لمواجهة التوطين في إنتظار العودة
عيد الفطر مع الفلسطينيين ضاع فيه الإسم بين عين ترى وقلب مملوء بالحسرة والحزن
تقصير المنظمات في تسديد الرواتب زاد من حدة الأزمة
كتب هيثم زعيتر: يعيش الفلسطينيون في لبنان لاجئين منذ 62 عاماً، تاريخ نزوحهم القسري عن بلادهم بعد الإحتلال الإسرائيلي لها منتصف العام 1948، حيث تواصل توافدهم إلى لبنان على عدة دفعات، وبالتالي فإن طريقة تعاطي الدولة اللبنانية و<الأونروا> متفاوتة بين من يُعترف بهم من لاجئين نزحوا في العام 1948 وصولاً إلى العام 1958، فيما هناك من نزحوا بعد إحتلال قطاع غزة في العام 1967، وكذلك من عرف بفاقدي الأوراق الثبوتية••
يتوزع الفلسطينيون في لبنان على مخيماتٍ أنشأتها وكالة <الأونروا>، بقي منها 12 مخيماً ودمرت 3 مخيمات، ووجدت تجمعات سكانية جديدة يتوزع عليها الفلسطينيون الذين لا يوجد إحصاء دقيق حول عددهم الحقيقي، وإن كانت إحصاءات <الأونروا> تُشير إلى حوالى 450 ألف نسمة، بعضهم حصل على الجنسية اللبنانية على عدة مراحل أو جنسيات أجنبية، والبعض الآخر لا يحمل أوراقاً ثبوتية أو هاجر إلى خارج لبنان••
الفلسطينيون في لبنان واقعون بين مطرقة مقولة ومشاريع التوطين المتعددة النغمات، وبين آمال العودة غير البادية في الأفق، فكيف يُمكن أن يعيشوا بما يُطمئن اللبنانيين من عدم توطينهم ويكفل لهم حق العودة؟
من هنا تبرز التساؤلات:
- لماذا الإصرار على التعاطي مع الملف الفلسطيني من الزاوية الأمنية، ووصف المخيمات بـ <الجزر الأمنية>، فيما أكد كل من تسنى له زيارتها، أنه لا يُمكن لأي كان الإقامة فيها نظراً للواقع المعيشي والإجتماعي الصعب، فضلاً عن الواقع الصحي والتعليمي المتردي، وتقليص وكالة <الأونروا> لخدماتها، وإكتظاظ ما يُسمى بمساكن على أهلها؟
- هل أن إقرار منح الفلسطيني إجازة عمل بدون رسوم، هو <الترياق> الذي انتظره الفلسطينيون كل هذه السنوات، والتي يبقى مدى حسن تنفيذها خاضع لاستنسابية وزير العمل، بينما لم يسمح له العمل بالمهن الحرة، وما زال محروماً من حقوقه الانسانية والإجتماعية والمدنية والسياسية، ولم يعد له حق تملك شقة التي كان معمولاً بها الى ما قبل 10 سنوات، ولم يوطن الفلسطيني خلال 50 عاماً، وبالتالي ما زال محروماً من توريثها لأولاده؟
- لماذا توقيت إقرار هذا الجزء اليسير من الحقوق الآن، وما هي الإعتبارات التي أملت التسوية، وأليس الأجدى أن تُعالج الحقوق كمسألة حقوقية وليس سياسية، حيث اعتبر ما أقر•• بين انجاز شكلي وخطوة منقوصة، ولكن على طريق الألف ميل؟
- لماذا تتعاطى غالبية أطياف المجتمع اللبناني الممثلة في المجلس النيابي مع الحقوق الفلسطينية <بإزدواجية>، فتتبنى الحقوق خلال اللقاءات المغلقة، وتتخذ مواقف مغايرة لدى اعلان مواقفها؟
- ما هي العقبات التي تحول دون تسمية وزير دولة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين بدلاً من استمرار وضع الملف ضمن مديرية اللاجئين؟ - ما هي حقيقة ما يتم تداوله عن نية البعض ربط إقرار الحقوق الفلسطينية بمصير السلاح الفلسطيني وادخاله ضمن المقايضة؟ - كيف يُمكن أن يواجه الفلسطيني مشاكله مع عدم إعطائه حقوقه ومطالبته بواجباته؟ وما هي النظرة المستقبلية للتعاطي مع الملف الفلسطيني؟ وهل يكون للتحركات نتائج تُترجم عملياً بما يضمن العيش الكريم للفلسطينيين ويطمئن اللبنانيين، في ظل سعي المجموعات الإرهابية المتطرفة، التغلغل داخل المخيمات، على غرار ما حصل في مخيم نهر البارد يوم خطفته، ونفذت اعتداءً على الجيش اللبناني، ولم تكتمل عملية اعادة بنائه، بحيث تستوجب مواجهة هذه المجموعات تعاوناً لبنانياً وفلسطينياً؟
- هل هناك من هو متضرر من الرفض الفلسطيني للدخول في أتون الخلافات اللبنانية الداخلية؟
- لماذا توقيت الموقف الذي أعلنه نائب وزير الخارجية الإسرائيلية داني ايالون، بالإشادة بقرار الحكومة اللبنانية إعطاء حقوق العمل للاجئين الفلسطينيين في لبنان، ودعوته <أن تحذو دول عربية أخرى حذو لبنان والتوصل لإعطاء الفلسطينيين الذين يعيشون في بلادهم حقوقهم الكاملة>، واعتباره <أن هذه ليست سوى خطوة صغيرة طال انتظارها على طريق اعطاء الجنسية للفلسطينيين وتوطينهم في لبنان، وفي أماكن أخرى حول العالم>، والتي تعزز الهواجس التي أبداها البعض وبررها برفضهم اقرار الحقوق الفلسطينية؟
لقد أجمعت مختلف القيادات والقوى الفلسطينية على مختلف مشاربها، من أن الفلسطيني لن يُشكل خطراً على لبنان•• وترى أن اقرار حقوقه عبر قوانين في مجلس النواب اللبناني، هو المدخل الطبيعي السليم لتحسين العلاقات اللبنانية ? الفلسطينية، لأن اقرار هذه الحقوق يُساعد على الصمود ومواجهة مشاريع التوطين أو التشتيت، أو أن يكون له وطن بديل عن فلسطين، فهو ضيف مؤقت في لبنان الى حين العودة الى وطنه فلسطين••
ولهذا، فإن الحوار اللبناني - الفلسطيني كفيلٌ بإزالة الهواجس، وخصوصاً أن استمرار المضايقات والحالة <المزرية> التي يعيشها الفلسطينيون لجهة الوضع الإنساني والاجتماعي، لا يُمكن أن تستمر طويلاً، كما أن ذلك يسيء الى صورة لبنان مثلما يسيء للفلسطينيين الذين لا يريدون أن يكونوا جزءاً من النسيج السياسي والسيادي اللبناني، مع تأكيدهم على التمسك بحق العودة وفقاً للقرار الدولي 194، لأن الحقوق الانسانية يجب أن تحل <رزمةً> واحدة ودون تقسيط••
وفي موازاة ذلك، فإن الوحدة هي مطلب فلسطيني، وهو ما يستوجب تعزيز العلاقات الفلسطينية ? الفلسطينية، ويبدأ ذلك بالحوار بين جميع الفصائل والقوى الفلسطينية، لأن لغة الحوار تُكرس الديمقراطية في الحياة السياسية، بحيث يُساهم الموقف الفلسطيني الموحد في تحقيق المصلحة الفلسطينية ومعالجة المشاكل الأمنية التي تهدد الفلسطيني كما اللبناني، مع العلم بأن الإختلاف في وجهات النظر لا يمنع الحوار الديمقراطي البنّاء، فالخلاف لا يعني الفراق والإقتتال، بل يُمكن أن يتم تكثيف الجهد لتنسيق الموقف توطئةً لتوحيده•• <اللـواء> تفتح على عدة حلقات ملف الهاجس الكبير للواقع الفلسطيني في لبنان•• وتلقي في الحلقة العاشرة الأضواء على كيف استقبل وأمضى أبناء مخيم عين الحلوة عيد الفطر المبارك••
تفاقم المعاناة بقليل من الفرح وكثير من الأمل استقبل أهالي مخيم عين الحلوة عيد الفطر المبارك، الذي أتى هذا العام في ظل ظروف معيشية صعبة وقاسية، لم تختلف ظروفه العامة عن سابقه عن الأعوام إلا بمزيد من الحرمان والفقر، واشتداد المحنة، وخصوصاً في ظل اقتصار اقرار مجلس النواب اللبناني لقانون العمل، دون أن يشمل ذلك حق العمل لذوي المهن الحرة، فضلاً عن الحقوق المدنية والإجتماعية وعدم إقرار العودة لحق التملك الذي كان معمولاً به الى العام 2001•
وما زاد في أزمة العيد هذا العام أن أبناء المخيم استقبلوه بفرحة ناقصة•• وجيوب فارغة•• وأفواه جائعة•• وإمعاء خاوية، وما فاقم المعاناة، الواقع الإجتماعي وحلول عيد الفطر بعد شهر رمضان المبارك وموازنته المثقلة عن الأشهر الأخرى، فضلاً عن الإستعدادات للموسم الدراسي، وإن كانت غالبية الطلاب في مدارس <الأونروا>، ولكن الاستعداد للموسم الدراسي يستلزم متطلبات عديدة، من القرطاسية الى المريول وبعض الثياب والأحذية، إضافة الى مصاريف النقل• كما أن تأخّر حركة <فتح> و<منظمة التحرير الفلسطينية> بدفع الرواتب لمنتسبيها في مؤسساتها الإجتماعية والطبية والخدماتية والإدارية والعسكرية، زاد <الطين بلة>، هذا فضلاً عن أن العديد من أبناء المخيم الذين يعملون في الخليج العربي وبعض الدول الأجنبية، كانوا قد غادروا بعد انتهاء اجازاتهم•
وقد انعكس هذا الواقع على أبناء المخيم وخصوصاً الأطفال، وسط إجماع بأن <عيدنا هو يوم عودتنا الى فلسطين الحبيبة>، فتكون الفرحة والبهجة وليس في الشتات حيث تزداد المعاناة يوماً بعد آخر، وتثقل الأعباء المعيشية كاهل رب الأسرة الذي أصبح يتشارك في اعالتها مع زوجته وأفراد العائلة••
ما وحّد الجميع هو المشاركة في صلاة العيد صبيحة أول أيامه، والتزاور والتلاقي وزيارة أضرحة الشهداء والموتى، والتي أيضاً تشكّل معاناة للشتات الفلسطيني، فموتاهم مشتتون أيضاً بين مقبرتي المخيم وفي صيدا القديمة والجديدة في سيروب، فيما آخرون ما زالوا مفقودي المصير يوم اختطفوا في مثل هذه الأيام قبل 28 عاماً• ناهيك عن الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية، والموقوفين في السجون اللبنانية، والمطلوبين والمطاردين، وهي صورة تكاد تُسجّل في كل مسكن من مساكن المخيم المكتظ بأهله، والذي يكتم على حكايات وروايات قلما نشاهد مثلها في التاريخ•
أطفال المخيم الذين يفتحون عيونهم على معاناة ومأساة تتفاقم يوماً بعد آخر مع نموهم، ربما شعروا بمأساة الأهل، فبعضهم استخدم ألعاب قديمة من أعياد سابقة وربما لأخوة لهم، والعيديات لم تكن على مستوى الإحلام والتوقّعات والحاجات، مما أوقع الأهل في حيرة من أمرهم في تدبر مستلزمات العيد، وسط حزن يُخيّم عليهم نتيجة العجز عن رسم البسمة على شفاه أطفالهم في ظل ضغط الأعباء الحياتية والمعيشية والإقتصادية التي أرهقت كاهلهم••
قلة من الأطفال ممن خرجوا من المخيم الى صيدا وبحر عيدها أو مدينة الملاهي، ولكن كثراً منهم حافظ على عيديته ليخرج ويشاهد <عرس المدينة> المجاني في صيدا••
مراجيح العيد في المخيم تختلف عنها في أماكن أخرى، فربما تكفي بضع قساطل حديدية صدئة لتشكّل مع بعض الألواح الخشبية نواة مرجوحة، وهو ما حصل في أكثر من مكان يتسع لتواجد بضع أشخاص بين المنازل، ولا غلو إن كان بعضها أُقيم فوق أقنية أو بالقرب من مجاري الصرف الصحي المكشوفة، أو تكاد تلامس هذه الحدائد أسلاك التيار الكهربائي••
غياب بهجة العيد شادي بشير (شاب عشريني - استفاد من مساحة مسكن قيد الإنشاء في <تجمّع بستان القدس> للجهة الشمالية للمخيم فحوّله الى ساحة للعب ولهو الأطفال)، ولكن المرجوحة والدويخة المنصوبتين لم تجذباً الكثير من الأطفال••
لدى سؤاله عن سير العمل والأحوال، أجاب: العيد هذه السنة ليس له بهجة الأعياد السابقة، فالأطفال يأتون الى مكان اللعب ومعهم قليل من النقود ليلهوا بها، ثم يبقى الأطفال طوال النهار يتفرّجون على الألعاب يلهون مع رفاق لهم بألعاب يصنعونها من الخشب• وأضاف: شعوراً منا مع الأطفال، رخصنا التسعيرة، ورغم ذلك فإن الأمور لم تتحسّن كما يجب، فالأهالي لم يتمكّنوا من إعطاء أبناءهم العيدية، لأسباب عديدة نظراً لقلة فرص العمل وضيق الحالة الإقتصادية، والبعض لم يقبض رواتبه من <منظمة التحرير الفلسطينية>•
ويختم بشير بالقول: العيد بالنسبة لنا كفلسطينيين هو يوم عودتنا الى أرضنا ووطننا فلسطين، في العودة يكتمل العيد ويكون له بهجة وفرحة حتى لو لم تتوفّر الأموال•
على مقربة من ساحة ألعاب شادي تجلس أم خالد (وهي صاحبة دكان أضافت إليها زاوية للهدايا وألعاب الأطفال)، فأشارت الى <أن سوء الأحوال الإقتصادية وعدم تمكّن الشباب من العمل لقلة فرصها في ظل وجود القوانين المجحفة، أثّر ذلك على حركة البيع والشراء للناس في العيد، كذلك عدم دفع <منظمة التحرير الفلسطينية> رواتب منتسبيها كان له تأثير كبير، هناك عشرات الآلاف يستفيدون من رواتب المنظمة ومنهم أسر شهداء وحالات إجتماعية وطلاب وشبيبة ومنتسبي فصائل المنظمة، بينما في الأعوام السابقة كانت الأمور أفضل بكثير>•
أما وليد أبو يوسف، فجلس على مقربة من مرجوحته التي جهّزها قبل العيد وأجرى عليها الصيانة اللازمة استعداداً للعيد، لكن توقّعاته لم تتطابق مع واقع الحال•
ويرد وليد الركود الإقتصادي وضعف حركة البيع والشراء وصولاً الى تدني الإقبال على ألعاب التسلية والترفيه الى <البطالة التي يُعاني منها معظم أبناء المخيم، وتأخّر رواتب <منظمة التحرير الفلسطينية>، وانتهاء فصل الصيف وشهر رمضان، وقرب بدء العام الدراسي وما يترتب عليه من مستلزمات، وعودة المسافرين من أبناء المخيم الى أماكن عملهم في دول الخليج>•
بلال زيدان (في العقد الرابع من عمره)، يهز مرجوحته بعدد من الأطفال ذهاباً وإياباً ومنادياً <صارت الركبة بالمرجوحة عنا بـ 250 ليرة يا بلاش>•
ويرى <أن بهجة العيد هذا العام باهتة، وفرحة الأطفال ناقصة، وجيوب الصغار خاوية إلا ما قل من النقود>•
وأضاف متسائلاً: من أين يأتي رب الأسرة بالمال لأولاده إذا كان عاطلاً عن العمل منذ عدة أشهر، فالأمر صعب على رب الأسرة الذي يرى الغصة في عيون أطفاله الذين انتظروا العيد طويلاً لتمتلىء جيوبهم بالنقود لتحقيق أحلامهم التي خططوا لها، وكيف سينفقون العيدية في أماكن اللعب والتسلية•
وختم زيدان بالقول: نحن الكبار نعتبر أن العيد الحقيقي يكون بعودتنا الى فلسطين، فحينها يصبح للعيد بهجة ورونق، أما العيد في بلاد اللجوء والشتات فيبقى منقوصاً ولا بهجة حقيقية له•
عيد ناشف أبو ناصر الشاويش (رجل ستيني لا يكل ولا يمل سعياً وراء لقمة العيش، فهو محاصر بفقره وحاجته الدائمة للعمل رغم تقدّمه بالسن، وما يزيد من معاناته عدم امتلاكه أوراقاً ثبوتية، فقد قدّم الى لبنان مع الثورة الفلسطينية في العام 1970 وحطه ترحال الزمن والتحوّلات خلف عربة لبيع الفول)، ورغم قساوة العيد يلاقيك بإبتسامة، مرحّباً: إنها الحياة يوم حلوة ويوم مرّة•
وأضاف: العيد هذا العام ناشف لا بهجة فيه، هذا ما أراه في عيون الأطفال الذين يتلهون في الأزقة، لكن حال جيوبهم وعيونهم تقول أشياءً أخرى عن الحرمان وخيبة الأمل في عيدية كانت حلماً منتظراً قبل العيد•
ويختم الشاويش بالقول: الأطفال كانوا في السابق يشترون بـ 1000 ليرة لبنانية أو على أقل تقدير بـ 500 ليرة، أما اليوم فقلّة هم الذين يشترون بـ 500 ليرة، ويأتي الطفل ومعه 250 ليرة، وبعضهم لا يملك هذا المبلغ، فحالة الناس صعبة جداً•
في سوق الخضار محلاتٌ تُكدست فيها البضائع الخاصة بالعيد، ولكن غاب عنها المشترون، فالحركة الإقتصادية ضعيفة•
يقف حمادة عباس (في العقد الرابع من عمره وهو صاحب بسطة مواد غذائية في الأيام العادية حوّلها الى بسطة ألعاب في الأعياد)، ويقول: وضع الناس صعبٌ جداً، معظمهم لا توجد معهم سيولة نقدية، نتيجة البطالة، وقلة فرص العمل، وأسبابٌ أخرى• كما أن الأيام التي سبقت العيد لم تكن فيها الحركة الإقتصادية في المخيم جيدة، بل أن الناس كانت تشتري الضروريات وبكميات قليلة جداً• في غمرة العيد ترى أطفالاً يعملون من أجل المساعدة لإعالة عائلاتهم، أو تأمين بعضاً من مصاريف العيد، فهذا طفلٌ يحمل فناجين قهوة ليبيعها الى الزبائن، علّه يُؤمن بعض المدخول ليصرفه في العيد•• وذاك يقف على بسطةٍ لبيع الألعاب علّه يجني ما يُحقق به لهوه في وقتٍ آخر•
في الأزقة الداخلية للمخيم لا يختلف المشهد كثيراً، تجد تجمعاتٍ للأطفال يتناولون أطراف الحديث عن أعيادٍ سابقة، وكيف كانت الجيوب عامرة بالنقود، ولو ليس كما يجب•
وفي زقاقٍ ضيق وقف طفلان يتقاسمان اللعب بدراجة هوائية صغيرة، يُحافظان عليها برموش العيون، فهي فسحة اللعب واللهو أمام مسكنهما، الذي تمر بمحاذاته مجارير الصرف الصحي المتداخلة مع قساطل مياه الشرب•
شادي الناطور (13 عاماً) تحلق حوله أصدقائه من الأطفال، ويبدو منذ الوهلة الأولى أنه ميسور الحال، يحمل بندقية بلاستيكية من النوع الجيد، ويضع على وسطه مسدساً بلاستيكياً، يصف العيد بأنه <جميل وممتع، وخصوصاً الأطفال الذين يمكنهم الذهاب الى أماكن اللعب والتسلية>•
ولكن يضيف: ما يمغص عليّ فرحة العيد، أن ليس بمقدور أصدقائي الذهاب معي دائماً الى المراجيح والملاهي، لأنهم لا يملكون النقود الكافية، فإضطر أحياناً كثيرة الى أن أقرضهم بعض المال أو أن أدفع عنهم•
وختم الناطور قائلاً: العيد بالنسبة لي جميل، ولكن الأجمل أن يأتي العيد المقبل علينا في بلدنا فلسطين•
نُغادر مخيم عين الحلوة <عاصمة الشتات الفلسطيني>، والذي يعيش حالة استتباب أمني، تعود الى التوافق بين جميع الفصائل والقوى والأطر الموجودة داخله، على الرغم من الإختلاف بتوجهاتها السياسية، حيث يفرض <الكفاح المسلح الفلسطيني> بقيادة العقيد محمود عبد الحميد عيسى <اللينو> ومعاونة <اللجنة الأمنية - الإجتماعية المشتركة> في المخيم، الأمن والإستقرار والهدوء••
لقد مر عيد الفطر على المخيم في ظل ضيق حال، وصعوبة الوضع الإقتصادي الذي فرضته ظروف حياة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وساهم فيه حرمانهم العمل في العديد من المهن، إلا أن الفلسطيني الذي تأقلم مع كل الظروف، بعدما عانى أقصاها وأمرّها، ما زال يتمتع بفسحةٍ أمل، متسلحاً بحقه في العودة الى أرضه ووطنه•• وكله أمل أن لا يعود العيد المقبل بقساوته على الفلسطيني، الذي يُرهق كاهله يومٌ بعد آخر بمزيد من الأعباء•